>

الجمعة، 29 أبريل 2011

شرح الباب الخامس من كتاب التوحيد ( باب تفسير التوحيد وشهادة ان لا إله إلا الله ) الجزء الأول

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد ان محمد عبده ورسوله
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً{70} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً{71}
اما بعد
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلاله وكل ضلالة فى النار
 
موعدنا اليوم مع شرح الباب الخامس من كتاب التوحيد
وهو باب تفسير التوحيد وشهادة ان لا إله إلا الله
هذا الباب من أهم الأبواب فبعد أن ذكر الشيخ وجوب الدعوة إلى التوحيد فقد نجد عند الكثيرين حماسه للدعوة وتقتضى هذه الدعوة الحاجة إلى استيعاب وفهم لشرح هذه الأبواب
حتى لا يُضل أو يضل وهنا يكمن أهمية هذا الباب
 
وهو تفسير التوحيد والتفسير هنا بمعنى الكشف والإيضاح ومنه تفسير القرآن الكريم وفى هذا الباب تفسير لكلمة التوحيد وهى لا إله إلا الله  وهى الكلمة التى طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من معاذ عندما أرسله لليمن أن يعلمهم إياها  ويبين لهم معنى الشهادتين
«إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله (وفي رواية : إلى أن يوحدوا الله)
وكان هذا فى الباب السابق فإن الذي يدعو إلى شيء ويطلب من الناس أن يفعلوه لابد أن يبينه ويوضحه لهم توضيحا تاما
وأن يكشف لهم الشبهات التي تلحق بهذه المصطلحات وبهذا
لا يُكتفي أن نقول للناس لا إله إلا الله وفقط أو أدخلوا في الإسلام وفقط فإذا بينا ووضحنا لهم ذلك ففي المرحلة الثانية نبين ونوضح لهم ما يناقض هذا الأمر من أنواع الردة والشرك
فلابد أن نعلم الناس معنى هذه الكلمة وتوابعها من علم وعمل
وأضدادها ونواقضها حتى يعلموا المعنى الحقيقي للا إله إلا الله وأن محمد رسول الله
فلو دعوناهم إلى شيء مبهم فقد يضلون فلو قلنا للناس لا إله إلا الله وقلنا أن معناها لا معبود بحق إلا الله ولم نبين لهم أكثر من ذلك فمن الممكن أن يفعل أشياء هي من الشرك الأكبر الذي يخرجه من الملة كأن يطوف حول القبر ويقول أنا أعظم هذا القبر ولكن لا اعبده من دون الله فهو لا يدرى أن مجرد الطواف هي عباده من دون الله وبهذا نجد أهمية تفسير وتوضيح معنى التوحيد وكلمة لا إله إلا الله ومقتضاها ونواقضها
 
وكما قلنا فى الباب الذى قبله {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }يوسف108
 
وكما قلنا أن البصيرة هي العلم بما يدعو به ومعرفة معنى ما ندعو إليه لأننا سندعو ونعلم الناس فيجب أن يكون هذا على بصيرة
 وهنا سؤال لماذا عقد المصنف هذا الباب ؟
أراد المصنف أن يفسر معنى التوحيد الذي يجب أن تدعوا الناس إليه
فما علاقة هذا الباب بما قبله ؟
 أن المصنف ذكر في الأبواب الأولى ذكر وجوب التوحيد وأن المرء لا يكتفي بالحذر من الشرك بل يجب عليه أن يحقق التوحيد في خاصة نفسه ثم يدعو إليه والمقصود في هذا الباب أن يفسر الكلمة التي يدعو إليها وما يناقضها
وإذا نظرنا إلى المتن الموجود في هذا الباب نجد أن شيخ الإسلام ذكر في الباب أربع آيات وحديثا واحدا
الآية الأولى {أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً }الإسراء57
 
الآية الثانية {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ }الزخرف26
 
 الآية الثالثة وقوله: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }التوبة31
 
الآية الرابعة {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ }البقرة165
 
وفى الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من  قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله )
إذا نظرنا الى
  الآية الأولى {أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً }الإسراء57
 
هذه الأية تتكلم عن مسالة التوسل وهى المسألة الأولى فى تفسير التوحيد
والوسيلة نتوصل بها إلى شيء فالدعاء هو العبادة ولا يدعى إلا المولى عز وجل وكأن التوسل هو ركن من أركان التوحيد
 
الآية التي بعدها الآية الثانية {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ }الزخرف26
هذه الآية تتكلم عن الولاء والبراء وهو الركن التانى فى تفسير التوحيد
 
الآية الثالثه وقوله: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }التوبة31
وهى تتكلم عن حاكمية الشرع وعملية التحليل والتحريم
(إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ )
 
الأية الرابعه {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ }البقرة165
 
هذه الآية تتكلم عن المحبة وهو الركن الرابع فى تفسير التوحيد
 
وفى الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم قال :  (من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله )
 
إذا من أركان التوحيد أن من يقل لا إله إلا الله يقر بها ويكفر بما يعبد من دون الله هذا معصوم الدم والمال لعظم هذه الكلمة وعظم معناها
إذاً هذه هي الأشياء الأربعة التي يفسر بها التوحيد
 
وإذا نظرنا الى أول آيه {أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً }الإسراء57
 
 هذه الآيه نزلت فى قوم كانوا يعبدون المسيح وأمه وعزير فبين الله سبحانه أن هؤلاء الذين تدعونهم هم عبادي يدعونني وهم فقراء إلى يدعونني ويتقربون إلى بالطاعة فمن كان عبدا لا يصلح أن يكون معبودا لأنه ليس هناك من في السموات والأرض إلا وهو عبد لله
لقوله تعالى {إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً }مريم93
وقال تعالى {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً }النساء172
ولذلك قال سبحانه {قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً }الإسراء56
 هذه الآية تعجيز للمشركين وتعجيز أيضا لآلهتهم التي يعبدونها من دون الله  
إذا في هذه الآية الأولى دلالة على أن التوحيد هو دعوة الله وحده دون ما سواه وهذا وجه مطابقة الآية للترجمة وهذا من باب تفسير الشيء بضده
 
والتوحيد يتضمن البراءة من الشرك ويتضمن البراءة من كل من يدعوا مع الله أحدا فالذين يدعون الملائكة أو الأنبياء أو الأولياء هؤلاء لم يبرءوا من الشرك وعلينا أن نتبرأ منهم يقول تعالى {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ }الزمر38
إذا هم لا يملكون كشف الضر إذ لا يملك كشفه إلا الله
 مسألة التوسل
الوسيلة  معناها في اللغة رغب وتقرب
ومعناها في الشرع : هو التقرب إلى الله عز وجل بطاعته وعبادته وإتباع رسوله صلى الله عليه وسلم بكل عمل يحبه ويرضاه
والتوسل هى عبادة يراد بها التوصل إلى رضوان الله والجنة
(وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ) أي السبب الذي يوصل إلى المقصود
 والوسيلة هي الطاعة والقربى
إذا الملائكة والانبياء عليهم السلام يعبدون الله عز وجل بالطاعة أيهم اقرب اى كل واحد منهم يرجو أن يكون أقرب إلى الله عز وجل ولكن بأى شىء يتقربون إلى الله ؟ يتقربون إليه سبحانه بطاعته يرجون رحمته ويخافون عذابه
ومن يرجو رحمة ربه ويخاف من عذابه فهذا فقير إلى الله
لأن الفقير هو الذي يرجو ويخاف ويحتاج إلى رحمته وعفوه ويخاف عقابه وعذابه ، إذا كل مايُعبد من دون الله لايستطيعون ان يجلبوا لأنفسهم نفعا ولا يدفعوا عنهم ضرا
إذا فلماذا يعبد المشركون هؤلاء ؟
القبوريون مثل بعض الصوفيه وليس كلهم يقولون أن الوسيلة معنى آخر فما معناها عندهم ؟ معناها عندهم أن يكون بين الإنسان وبين الله شخص ما هو الذي يرفع الحوائج إلى الله أي الوسيلة عندهم بمعنى الواسطة فهم يقولون أن العبد مليء بالذنوب والله عز وجل هو العلى الكبير فكيف بهذا المذنب أن يصل إلى ربه هكذا فلابد أن يكون بينه وبين الله واسطة شفيعا له عند الله فهذه الواسطة هو هذا القبوري
وهذا الأمر باطل  لماذا؟
 لأنهم جعلوا بين الله وبين عباده واسطة
وادّعوا أن الله عز وجل لا يتعامل إلا مع الأولياء ولا يقبل من الفسقة والمذنبين فهم يتوجهون بالدعاء إلى الأولياء ثم هم  يرفعون حاجتهم عند الله عز وجل وهذا نوع من التخاريف وفى حقيقة الأمر هذه هي الوسيلة عند المشركين قديما وحديثا
ونجدهم يبررون هذا الأمر لأنفسهم بضربهم مثال يقولون فيه
هل الله أفضل أم أي ملك في الدنيا ؟ فنقول طبعا ربنا أفضل فيقولون عندما تريد أن تدخل على ملك في الدنيا ماذا تفعل؟ نقول لابد أن نستأذن من الحاجب أو نعطى للحاجب ما نريد وهو يوصله للملك هذا ملك الدنيا فما بالك بملك  الدنيا والآخرة  الوزير  بالنسبة له هو الولي الذي يرفع حاجتنا اليه سبحانه فهذا هو مايقال عند هؤلاء وقد قال الله تعالى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }البقرة186 أى إذا دعاني ولم يقل دعا او وسط غيرى كما ادعى القبوريون وغيرهم
وتعالوا بنا نعرض ماهو المترتب على أخذ هذا الواسطة أو الولي وسيلة؟ أصبحوا يريدون رضاء هذا الولي حتى يتقبل منهم ما يدعون به ويوصله إلى الله فهم بالملايين يدعوه فأي شيء سيرفعه أولا إذا هم يريدون أن يتقربوا منه اكثر  فيذبحون وينذرون لهم من دون الله حتى يتقبل منهم الدعاء ويوصله لله عز وجل  بل ولا يكتفون بهذا ولكنهم يطوفون بالقبور ويتمسحون بها وبالجدران وهناك من يسجد لهذه القبور وهذه انتكاسه عظيمه فى الفهم وهذا تنّقص لله عز وجل
 ويقول تعالى {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ }الزمر3 فهم جميعا ادعوا أنهم يتخذونهم للتوسط إلى الله ولكن ماذا كانت النتيجة ؟ إنهم عبدوهم من دون الله فصرفوا بذلك عبادتهم لله إلى عبادتهم لهؤلاء الوسطاء إذا ليس هناك فرق بين شرك الأوليين وشرك هذا الزمان
 
إذا عندما نتكلم عن التوحيد فنحن نحرر به العبد من أن يكون اسيرا للخرافات ، نحرره من أن يكون عبدا لعبد أو عبدا لميت أو حيى إنما نوجهه لأن يكون عبدا للحى الذي لا يموت
 
إذا عندما نتكلم عن التوسل هو أمر مهم لتفسير التوحيد لابد أن نتعلمه فالتوسل هي الوسيلة  والوسيلة هي القربى نتوسل بها إلى  رضوان الله عز وجل والوسيلة هي الطاعة والعبادة لله عز وجل بلا واسطه لماذا ؟ لاننا تعلمنا ان الله عز وجل قريب يسمعنى ويرانى وهومجيب ويعلم السر وأخفى قال تعالى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }البقرة186 اذا نحن نرفع عبادتنا إلى الله عز وجل مباشرة دون وسيط
إذا ما هو السبب الذي يجعلني اجعل بيني وبين الله واسطة؟!!
  فبابه سبحانه مفتوح ليل نهار هو قريب من عباده في كل وقت وحين لا يغيب عنهم أبدا ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ينزل كل ليله إلى سماء الدنيا حتى يبقى ثلث الليل الآخر فيقول المولى عز وجل:( هل من سائل فأعطيه ، هل من داع فأستجيب له ، هل من مستغفر فأغفر له ، هل من تائب فأتوب عليه ) فالله سبحانه وتعالى ليس بحاجة أن نتخذ واسطة بيننا وبينه لا من نبي ولا صالح ولا ملك
إذا هذه الآيه فيها من معنى لا إله إلا له أنه لا يدعى إلا الله وأنه لا يتخذ بين الله وبين العباد وسائط من الخلق فمن اتخذ بينه وبين الله واسطة فقد اخل بمعنى لا إله إلا الله
ومعنى الآية أن  لا يصرف التقرب والدعاء والعبادة إلا لله ولا يوجد واسطة بين العبد وربه إلا في شيء واحد  فما هو ؟
هو تبليغ الوحي الذي نزل علينا بواسطة ألا وهى الرسل
هل يوجد واسطة بين الله وبين عباده في رفع الحوائج؟
يقول شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله: هناك واسطة من جحدها فقد كفر وهناك واسطة من اقر بها فقد كفر
فما هي الواسطة التي من جحدها فقد كفر ؟ هي الرسل لأنهم واسطة بين الله وبين عباده فى تبليغ رسالاته وأوامره ونواهيه
وهناك واسطه من أقر بها فقد كفر  فما هى؟ أن يجعل الإنسان بينه وبين الله واسطة في رفع حاجاته ويتقرب إلى هذه الواسطة بالعبادة
قلنا من قبل ان الوسيلة هى  الرغبة والتقرب
وفى الشرع  الوسيلة الى التقرب من رضوان الله وجنته فالوسيله هى القربى
فما هي أقسام التوسل ؟
التوسل ينقسم إلى قسمين:
1-      توسل شرعي 2- توسل بدعي  (الممنوع )
التوسل الشرعي هو ما كان ثابتا بالشرع أي عليه دليل من الكتاب والسنة
التوسل البدعي هو ما ليس عليه دليل من الكتاب والسنه وقد يكون هناك دليل ولكنه ضعيف فهذا لا يسمى دليلا
  أقسام التوسل الشرعي :
 كما قلنا التوسل الشرعي هو ما كان ثابتا بالشرع و المراد به اتخاذ وسيلة لإجابة الدعاء أى يجعل في دعائه ما يكون سببا في قبوله وهذا لا يكون إلا عن طريق الشرع مثل
1-التوسل إلى الله عز وجل بذاته أو صفاته أو أفعاله
الدليل:
قال تعالى {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأعراف180
وقال صلى الله عليه وسلم فى الدعاء(أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ.. )  فهذا دليل على هذا النوع من التوسل  وعندما نقول ياغفار اغفر لى او اللهم برحمتك ارحمنى فهل هذا جائز ؟ نعم فما معنى برحمتك هنا؟ معناها اى اننى أتقرب وارغب وأتوسل الى الله بصفه من صفاته واتيت بها من قوله تعالى {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأعراف180
إذا يجوز التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته وذاته
  2-      التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة
فما هو الدليل ؟  قال تعالى {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }البقرة127
ومن السنة قصة أصحاب الغار اللذي توسلوا بأعمالهم الصالحة العمل الأول بر الوالدين والثاني ترك الفواحش والثالث أداء الحقوق فاستجاب الله لهم
ونحن فى حياتنا عندنا الكثير من المشاكل سواء كان مع الأب أو الزوج أو الأبناء فلو صلينا ركعتين وتوجهنا الى الله ودعوناه بعمل صالح تقربنا به إليه سبحانه ودعوناه بالغفران أو التيسير فسوف يفرج عنا سبحانه بإذنه  هذه الأمور فالله سبحانه وتعالى يستجيب لعبده أذا توسل إليه بعمل صالح
 
3-      التوسل بدعاء الصالحين
والدليل قوله تعالى فى قصة يوسف واخوته قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ }يوسف97
هذا توسل بدعاء الرجل الصالح ومن السنة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى عكاشة بان يجعله الله من السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب
 التوسل الثاني التوسل الممنوع
هو التوسل بشخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته أما التوسل فى حياته بدعائه فهذا مشروع
فما الدليل
 أن الصحابه رضوان الله عليهم عندما كانوا في عهد عمر لم يطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم ان يسقى لهم  وقد مات بل استسقى عمر رضي الله عنه بالعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم وهو حي
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا قَالَ فَيُسْقَوْنَ
 والتوسل هنا بدعائهم وهذا أيضا دليل على مشروعية التوسل بدعاء الرجل الصالح


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق