>

الخميس، 28 أبريل 2011

درس الإخبات

"الإخبات"

قال الله تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} ثم كشف عن معناهم فقال: {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [الحج: 35 ] وقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
قال سبحانه وتعالى " وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ "
_ قال ابن عباس في تفسير المخبتين : هم المتواضعون
فالمكان المنخفض من الأرض يسمى الخبت في اللغة
_ وقيل إنه المطمئن في قوله تعالى: " وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ " أي : بشر المطمئنين؛ لأن معنى الخبت المكان المطمئن من الأرض.
_ القول الثالث  : بشر المخبتين أي الخاشعين ,
وقيل هم الذين لا يظلمون وإذا ظلموا لا ينتصرون.
_ هذه الأقوال كلها تدور على معنى التواضع والسكون إلى الله عز وجل , ومعنى الإنابة ,ومعنى الطمأنينة .
فالإنسان المتردد إلى أي شيء يحتاج ؟
يحتاج إلى الإخبات ؛ لأن التردد فيه غفلة وفيه إعراض .
الإنسان يكون في الطريق .. المفترض أنه مسافر إلى الله تعالى.. المفترض أنه يريد طاعة المولى سبحانه وتعالى  فأحيانا يحدث له غفلة  وإعراض فيأتيه التردد..
التردد بين حق وباطل.. التردد بين أشياء كثيرة
, فالإخبات كما قلنا فيه تواضع أو خشوع أو سكون فهذا التواضع والخشوع والسكون يزيل هذا التردد .
_ كما قال أهل العلم :
الإخبات على ثلاث درجات :
1_ الدرجة الأولى :أن تستغرق العصمة الشهوة وتستدرك الإرادة الغفلة ويستهوي الطلب السلوى.
تستغرق العصمة الشهوة
يعني: إن أي إنسان يريد أن يسير في الطريق إلى الله سبحانه وتعالى  تعرض له غفلة
ما هي الغفلة؟  أنا أريد أن أصل إلى جنة عرضها السموات والأرض  ..هذا هو المراد .
الإرادة بهذا الأمر المراد تضعف أحيانا
تضعف بماذا؟
بأي نوع من الشهوة قد تضعف بشهوة الكلام ,وقد تضعف بشهوة السماع, وقد تضعف بشهوة البصر, وقد تضعف بشهوة الفرج, كل هذه الشهوات تصد العبد عن المراد بل تجعله راجعا للخلف لا متقدما للأمام .
_ وعندما نضرب مثالا لذلك : من أراد أن يذهب لجنة عرضها السموات والأرض فمن المفترض ألا يتكلم إلا بالخير ,عندما  يتكلم بشر تضعف هذه الإرادة؛ لأن الشر غذاء ضار بالإرادة.
فعندما يسمع شراً كأن يسمع سراً لأحد الناس لا يجوز له أن يسمعه, هذا السماع يضعف هذه الإرادة التي توصله إلى الجنة التي عرضها السموات والأرض.
_ فهذه الشهوة تضعف هذه الإرادة
فكل شهوة تعارض الإرادة تضعفها , فتصد عن المراد  ويعود بها الإنسان إلى الخلف عوداً قهقرياً
_ فكل منا يجب عليه أن ينتبه ..ينتبه من ماذا ؟
ينتبه إلى أنه ذاهب إلى مولاه , يريد منه أن يتوب عليه , وأن يعفو عنه, وأن يغفر له.
كل هذه إرادات ,وهذه الإرادات يحبها الله عز وجل ويرضاها في نفس الوقت ,وأنا أريد هذه الإرادات  هناك عوارض ..هناك حواجز مانعة .. هذا الحاجز المانع  شهوة ..شهوة النظر .. أنظر إلى شيء محرم
 فإذا نظرت إلى هذا الحاجز لن أستطيع أن أقفز من فوقه لأنني انشغلت بعينه ..انشغلت بما فيه من منكرات
هذا الانشغال جعل هذا الجسد الذي يريد الله عز وجل والدار الآخرة ضعيفا لا يقوى على القفز .
_الكلام الكثير الذي يترتب عليه  منكرات كثيرة
هل الإنسان الذي يتكلم كثيرا ويترتب على كلامه منكرات كثيرة هل يستطيع أن يقفز من فوق هذا الحاجز لكي يصل إلى المراد ؟ لا لن يستطيع ؛ إذا لن يستطيع أن يقفز من فوق هذا الحاجز إلا العبد القوي ,وهذا العبد القوي يعلم ما يريد يبذل كل الأسباب المتاحة لأن يصل إلى ما يريد
فعندما يبذل هذه الأسباب  المتاحة لكي يصل إلى ما يريد يصبح حينئذ بعد تعلقه بالله سبحانه وتعالى وإخلاصه له قويا يقفز من فوق أي حاجز ؛لذا تجد بعض الناس قوياً في دينه لا يخاف في الله لومة لائم , ونجد آخرين لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر ويحاولون أن يشعروا الناس أن هذا حياء وهذا والله  ليس بحياء ولكنه خذلان من الله للعبد
 ما الذي جعل الأول قويا في دينه ؟ أنه يبذل الأسباب الموصلة  لهذا المراد.
وما الذي جعل الآخر ضعيفا  في دينه ؟ أنه لم يبذل الأسباب الموصلة إلى المراد .
_ إذا عندما أقول أن تستغرق العصمة الشهوة
العصمة: هي الحماية والحفظ, الشهوة: هي أن أميل إلى مطالب النفس .
إذا هناك شيء يحميني وهناك نفس تطلب مني أن أسير على رغباتها ,
ما الذي يحميني ؟ الذي يحميني هو طاعتي لله سبحانه وتعالى بذلي لربي سبحانه وتعالى ,توفيق ربي لي , حبه لي ,إخباتي لربي , كل هذا يحميني ويحفظني  كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – (احفظ الله يحفظك) ..حماية.
_ إذا الحماية أن أحفظ الله عز وجل في سمعي وفي بصري وفي لساني ويدي وفرجي.
هذه حماية ..إذا اعتنيت وأخذت بأسباب هذه الحماية  ساعتها.. أن تستغرق العصمة الشهوة.
_ كلمة تستغرق أي: تحتوي وتحيط ,كأن كرة من زجاج داخلها شهوات وداخلها أسباب هذه الأسباب هي التي تحمي من الشهوات, فهذه الأسباب التي تحمي من الشهوات عندما تكون كبيرة وقوية تحيط بالشهوات , الشهوة لا تستطيع أن تخرج منها أبدا .
وأكبر مثال على ذلك مثال الإنسان عندما يريد أن يتكلم, عندما يريد مثلا أن يغتاب أحدا..
تجلسين في مجلس وهناك أخت هذه الأخت تتكلم عنك كلاما سيئا ولا تحبك وتقول كلاما في غاية الصعوبة , وفي نفس الوقت هناك شهوة أن أتكلم عنها ,وهذه فرصة ربما لاتعوض لأن كل الذين يجلسون معك  في هذا الوقت كلهم لا يحبون هذه الفتاه, فالشهوة أن أتكلم عنها بأي حجة  ..حجة المصلحة .. بيان ظلمها ..بيان فسقها ..إلى آخره من الحجج الغير قوية.
وفي نفس الوقت أخاف أن أتكلم عنها ؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول " أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ".
فالأمر في غاية الصعوبة , وقول النبي عليه الصلاة والسلام (من قال في مؤمن ماليس فيه  أسكنه الله ردغة الخبال..)
شيء مخوف..
 فهناك شيء يحفظني وهو حبي لديني ,ولا أريد أبدا تحت أي ظرف كان  أن هذه الشهوة تغلبني ,لماذا ؟ لأن هذه الشهوة لو غلبتني هذه المرة , ما الذي سيحدث؟  ستغلبني مرة ثانية وثالثة ورابعة وخامسة .
ماذا ستكون النتيجة؟ تكون النتيجة أنني أكون حينها عاصياً لربي, مستمرئا للمعصية ,مستمرا على المعصية, إلى غير ذلك من الأشياء التي تعيدني مرة أخرى إلى أن أسمى عاصيا لله عز وجل بعد أن كنت طائعا لله سبحانه وتعالى.
_ إذا هناك شهوة وهناك عصمة ,هذه العصمة إذا استغرقت الشهوة كلها فهذا دليل على أن الإنسان مخبت, وعندما نقول أن هذا مخبت أي مطمئن.
فبدل أن أفكر أن أغتاب هذه المرأة أم لا ؟ أصلا لن يأتي على بالي هذا التفكير,  لن أتردد في هذا الأمر , بل لن أفعله مطلقا؛ لأنه لن يفعل ذلك إلا العصاة  وأنا لست من العصاة _ أي في ذلك الأمر_ .
إذا في هذه الحالة لن يكون هناك تردد أُقبل أم أُدبر ..أفعل أم لا أفعل ؟
_ الجزء الثاني من الدرجة الأولى : وتستدرك الإرادة الغفلة
الإرادة: هي عبارة عن إنسان خرج مسافراً إلى ربه إذاً هو إنسان مريد فخرج مسافراً إلى ربه وفي نفس الوقت حدث له غفلة وهو في طريقه  في السفر ..هذه الإرادة كلما قويت تحيط بغفلته , كما أن العصمة أحاطت الشهوة ؛ لذلك الإرادة تستدرك الغفلة.
كم أخت لم تصلي الفجر في هذا الشهر ؟
وكم أخت لم تصلي السنن لهذا الشهر؟
وكم أخت تكلمت عن حماتها بكلام سيء؟
وكم أخت أغضبت زوجها؟
وكم أخت تعاملت مع أولاد ها بما لايجوز شرعا ؟
كل هذه من الغفلات..
أحيانا يأتي إنسان ويقول أنا لن أفعل ذلك أبداً , وتكون إرادته قوية في ذلك, ما الذي يحدث؟
هذه الإرادة تستدرك هذه الغفلة,  فبعد أن كانت لا تصلي الفجر أصبحت تصلي الفجر وبانتظام, بعد أن كانت تتكلم عن حماتها بشكل سيء لا تذكرها إلا بخير , بعد أن كانت  تغضب زوجها أصبحت تطيعه دائما .
إذا هذه الإراة القوية في السير إلى ربي سبحانه وتعالى , وأني أريد جنة عرضها السموات والأرض ..هذه الإرادة القوية استدركت هذه الغفلة .
_ أما استهواء الطلب السلوة (والسَّلوة : رخاء العيش)
فالإنسان يهوى رخاء العيش ولكن طلبه إلى محبة ربه سبحانه وتعالى  والسير في طريقه إلى المولى سبحانه وتعالى يقهر فيه وارد السلوى.
فخلاصة الموضوع : أن عصمة الإنسان وحمايته تقهر شهوته, وإرادته تقهر غفلته ومحبته تقهر سلوته.
وهذه هي الدرجة الأولى من درجات الإخبات .
هذا الأمر يحتاج إلى تدبر  وتفكر, لماذا؟
لأن الإنسان _بطبعه_ الشهوة تغلبه ,والغفلة تحيط به ,والهوى, ورخاء العيش خصوصا يتمناه.
كل هذه الأشياء تباعد بينه وبين الإخبات, تباعد بينه وبين الطمأنينه, تباعد بينه وبين قوة الإرادة.. قوة الحماية.. قوة المحبة.
فالإنسان عندما يتدبر هذه الامور يتذكر.
هل تريدون عيشا هنيا؟
الكل يريد عيشا هنيئا ,هذا العيش الهنيء لو كان سببا في ضعف الإخبات عند العبد نقول  لا ,نحن نتمنى الإخبات.
_ الدرجة الثانية : ألا ينقض إرادته سبب ولا يوحش قلبه عارض ولا يقطع عليه الطريق فتنة.
أي إنسان صادق الإرادة ممكن وهو في الطريق إلى ربه سبحانه وتعالى يعرض له سبب هذا السبب يضعف من عزمه ومن إرادته ووحشته خصوصا حينما يكون منفردا في سيره إلى الله, هذه الوحشة تعرض له في الطريق فأيضا تضعف هذا العزم وهذه الإرادة .
_ وفتنة :وهو في الطريق تخرج عليه فتنة تقطع عليه الطريق .
إذا كان الإنسان مخبت ومطمئن ,هذا المخبت المطمئن له إرادة قوية , ويسير بقوة وبجَد وجِد, فلن نجد سببا يضعف العزم والإرادة ,فلا وحشة تضعف العارض,  ولا فتنة تقطع عليه الطريق .
_ وتفسير هذا الكلام
ألا ينقض : النقض هو الرجوع ,إذاً الإرادة هي القدوم.
إنسان متقدم  يريد أن يذهب  إلى شيء هو حدده بنفسه .. النقض أن يرجع مرة أخرى.
إذاً الإنسان يريد أن يسافر مرة أخرى .. إذا نقض ما يريد إذا سيعدل عن السفر إلى القاهرة  ممكن يسافر إلى مكان آخر ..يسمى هذا انحرافا , وممكن  أن يعود أدراجه  مرة أخرى إلى بلده الأصلي  يسمى هذا رجوعا .
فإما أن يرجع وإما أن ينحرف  وكلاهما لم يوصل إلى المكان الذي يريد.
ولا يوحش قلبه عارض
العارض: ( الشواغل ) شواغل القلب.
شواغل القلب هي التي تجذب الإنسان عن الطريق
الطريق إلى الله تعالى طريق مستقيم  ,هذا الطريق المستقيم  هناك شواغل عليه وجواذب على أنحاء الطريق
هذه الجواذب _كما قلت_ شهوة البطن, شهوة النظر , شهوة الكلام , شهوة السمع , شهوة الفرج , شهوة البطن...إلى آخر أي شهوة من هذه الشهوات تجذب الإنسان عن الطريق وهذا اسمه عارض .
من ضمن الشهوات الرياء , محبة التصنع , محبة ثناء الخلق
فهذا الطريق المستقيم يحتاج إلى أناس مستقيمين
فعندما يريد الإنسان  أن يتصنع للناس , أن يجد ثناء من الناس,  هذا اسمه عارض مشاغل للقلب , جاذب عن المكان الذي سأذهب إليه 
 والعارض يكون مخالف , يعني أني أريد أن أذهب إلى طريق طلب العلم , العارض هو الانشغال عن طلب العلم ..عدم محبة طلب العلم ..الزهد في طلب العلم.. كل هذا من العوارض.
_ من أقوى العوارض أن يمشي الإنسان متفردا يمشي بمفرده
ولا يقطع عليه الطريق فتنة.
الفتنة هي التي ترد على القلب, تمنع القلب من مطالعة الحق وقصده, كالتي نحن فيها الآن.. فتن كثيرة تموج بنا موج البحر.
_ الدرجة الثالثة من درجات الإخبات : أن يستوي عنده المدح والذم ، وتدوم لائمته لنفسه . ويعمى عن نقصان الخلق عن درجته .
_ أن يستوي عنده المدح والذم: الذي يستوي عنده المدح والذم هذا  الشرط الأول له أن يكون عالي الهمة.
فعالي الهمة لا يفرح بمدح الناس ولا يحزن بذمهم؛ لأنه منشغل بطاعة ربه ليس منشغلا بطاعة الخلق ولا بالقرب منهم ولا بالعمل لهم
بل يفعل الفعل رغبة في أن يغفر الله له , طلبا للأجر والثواب
ليس منشغلا.. أنا أكنس المسجد تواضع أو رياء ..هذا لا يشغلني مطلقا ,ولو سمعت من الناس كلام لا ألتفت إليه؛ لأن الملتفت إلى هذا لم يصل قلبه إلى مرحلة الإخبات ,المخبت لا يلتفت لهذا ؛لأنني ما فعلت ذلك إلا ابتغاء  مرضاة الله سبحانه وتعالى.
مثلاً: أقول درس فبكيت, لماذا بكيت ؟ بكيت خشية من الله سبحانه وتعالى
لا أنشغل بمدح الناس لي ولا أنشغل بذمهم لي _ يقولون إنه يبكي رياء أو يفعل ذلك رياء
_ في المسجد.. قالوا نريد أن ندفع أموالاً للأخوة في ليبيا, فأخرجت قطعة من الذهب أو  مبلغاً من المال ووضعته في الصندوق .. لا أنشغل بأن يقول عني الناس بأني متصدقة, ولا أنشغل بأن يقول عني الناس بأني مرائية بهذا التصدق طالما أني فعلت ذلك لله.
_ الذي يستوي عنده المدح والذم في هذه الحالة وصل لمرحلة الإخبات.. حلاوة الإيمان دخلت القلب.
الأخت التي تقف عند مدح الناس وذمهم ,هذه علامة على انقطاع القلب وخلوه من الله سبحانه وتعالى.
يعني: أن الإنسان ليس عنده حلاوة التعلق بالله والطمأنينة  إليه, يقف عند مدح الناس وذمهم .
إذا مدحوه كانوا أصحاباً وأصدقاءً,  وكانوا جيدين ,وممتازين , وأصحاب دين...إلخ
وإذا ذمو ه كانوا أعداء, وكانوا فرقاء ..وكانوا وكانوا ..وهؤلاء هم كذا وكذا ,وهذه الأخت فيها كذا وكذا ..
هذا قلب منقطع عن ربه, لماذا ؟
بينه وبين ربه علامات الانتظار, ما هي علامات الانتظار؟ نعم منتظر إما مدح أو ذم ..خائف أن يذموه ومنتظر أن يمدحوه.
هذه العلامات تدل على انقطاع بين القلب وبين المولى سبحانه وتعالى
أما المتصل بربه ,عمله لله إذا حاول الناس مدحه لا يلتفت إليهم, وإذا حاولوا ذمه لا يلتفت إليهم , لماذا ؟لأن الصلة بربه قوية.
من منا عنده ذلك؟ " أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ "
_ في نفس الوقت أن تدوم لائمته لنفسه
يعني: أنه رغم أنه يعمل هذا العمل لربه سبحانه وتعالى ومخلصا فيه لربه يلوم نفسه ويبغض نفسه ولا يرضى أبد عن نفسه , يقول أنا في من السوء كثيراً ويدعو الله عز وجل أن يستره.
وكذلك العكس..
نرى الأخت تتكلم كثيراً  وعندها غيرة شديدة ,ومن الممكن أن تقع أحيانا في الغيبة وفي حب الدنيا , وإذا تكلمت عن نفسها تشعر الناس أنها صاحبة اليقين, وصاحبة الطاعة, وهي من فعلت وفعلت..
نسألها سؤال ..هل أخطأت ؟
لا يمكن أن تعترف بالخطأ , وإن اعترفت تعترف مرة أو اثنتان أو ثلاث ..هذا إن اعترفت أصلا.
فهي دائما على حق, وهي دائما صاحبة النية السليمة الصحيحة. أما غيرها فهذه تريد كذا وتنوي كذا وتفعل كذا ..ولا حول ولا قوة إلا بالله.
_ إذاً الإنسان دائما لابد ان يلوم نفسه
يلوم نفسه وهو يعمل لأن هناك من الناس من يلوم نفسه وهو لا يعمل
خلاصة الأمر: من يبذل إلى الله عز وجل بصدق  تدوم لائمته لنفسه . لماذا؟لأنه يحب ربه سبحانه وتعالى ويحب دائما ان يفعل ما يحبه ربه سبحانه وتعالى
وطبعا لأن الإنسان غير معصوم فكثيرا ما يذنب وأحيانا تقع منه الهفوات والمعاصي , فيقول هل هذه نفس تحب الله ؟ لا , فيمقتها مع أنه طول النهار يعمل أعمالا صالحة كثيرة , ولكن لعمل واحد أو لنظرة واحدة أو قول واحد  هو رآه محرما كان أو مكروها , يمقت نفسه التي بين جنبيه
الميزان يقول أن ميزان الحسنات أكبر بكثير عنده من ميزان السيئات ولكن يسأل نفسه سؤالا من الممكن أن تكون هذه السيئة منعت من قبول هذه الحسنات
_ لكن هناك أناس العكس ممكن أن يعمل حسنة مقابل عشرات السيئات ويظن نفسه مقبولا بل طائعا لله سبحانه وتعالى
مثل من تقول  الحمد لله أنا أرتدي النقاب ومن يقول الحمد لله أنا أصلي
هذه حسنة وباقي السيئات هل نسيت؟ لا طبعا
إذا كما قال ابن القيم (فالنفس جبل عظيم شاق في طريق السير إلى الله عز وجل. وكل سائر لا طريق له إلا على ذلك الجبل. فلابد أن ينتهي إليه، ولكن منهم من هو شاق عليه ومنهم من هو سهل عليه. وإنه ليسير على من يسره الله عليه.
وفي ذلك الجبل أودية وشعوب، وعقبات ووهود، وشوك وعوسج، وعليق وشبرق، ولصوص يقتطعون الطريق على السائرين. ولا سيما أهل الليل المدلجين. فإذا لم يكن معهم عدد الإيمان، ومصابيح اليقين تتقد بزيت الإخبات، وإلا تعلقت بهم تلك الموانع. وتشبثت بهم تلك القواطع وحالت بينهم وبين السير)
الموانع والقواطع عبارة عن أودية وشعوب، وعقبات ووهود، وشوك وعوسج، وعليق وشبرق
كل ذلك شبيه باللصوص
_ إذا نريد إخباتا لله سبحانه وتعالى..نريد القرب منه سبحانه وتعالى
ننتبه إلى ما يحفظنا وفي نفس الوقت ننتبه إلى هذه الشهوات  التي تحيط بنا لعل الله سبحانه وتعالى  يطلع علينا فيغفر لنا ويرحمنا.

_ والله المستعان


ملحوظة
سبق نشر موضوع  على المدونة اسمه (الأخبات) وهو مقطع  لابن القيم رحمه الله  من كتاب مدارج السالكين وقد تناوله  الشيخ  في هذا الدرس بالشرح
http://alghorabaa.blogspot.com/2011/04/blog-post_1908.html
نفعنا الله  بالجميع 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق