>

الأحد، 10 أبريل 2011

فوائد من باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلاّ الله


- باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلاّ الله
 
وقوله تعالى (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ)(يوسف: من الآية108
 
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال : «إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله (وفي رواية : إلى أن يوحدوا الله) فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تُؤخذ من أغنيائهم فتُردّ على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم ؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب » أخرجاه .

ولهما عن سهل بن سعد ر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر : «لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه» فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يُعطاها، فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسم كلهم يرجو أن يُعطاها . فقال : «أين عليّ بن أبي طالب؟» . فقيل : هو يشتكي عينيه. فأرسلوا إليه فأُتِيَ به فبَصَق في عينيه ودعا له؛ فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية فقال: «انفذ على رِسْلِك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهديَ الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمْر النَّعَم . يدوكون : أي يخوضون .
 
فما مناسبة هذا الباب لما قبله ؟
بالنسبه لمناسبة هذا الباب لما قبله من الأبواب
أن الباب الأول معرفة التوحيد والثانى فضل التوحيد والثالث فضل من حقق التوحيد والباب الرابع معرفة مايضاد التوحيد وهو الشرك والخوف منه فإذا ألم طالب العلم بهذه الأبواب وعرفها معرفة جيده فقد تاهل بهذا للدعوة إلى الله عز وجل فليس له أن يكتم العلم بعد أن عرفه إنما يجب عليه نشره وتعليمه لغيره وكأن المصنف ذكر وجوب التوحيد وفضله وحث على تكميله وذكر الخوف من ضده ، ولا يكمل العبد نفسه  إلا بالدعوة إلى الله ، بالدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله
وهذا  كله يسمى مراتب التوحيد
ومعنى الدعاء فى هذا الباب اى الدعوة
 
قال تعالى {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ }آل عمران110
 
وقال تعالى { وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }آل عمران104
إذا يجب على من تعلم أن يعلم وينشر الخير خصوصا علم التوحيد أو علم العقيدة لحاجة الناس الشديده إلى هذا العلم وأنه لو ترك ذلك فقد ترك واجبا عظيما ويعرض نفسه لغضب الله
 
قال تعالى( وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)
ومعنى الدعاء فى هذا الباب اى الدعوة
 
 
وهنا سنجد من يسال لماذا الدعوة إلى التوحيد أتت مباشرة بعد باب الخوف من الشرك؟
لأن من تمام الخوف من الشرك الدعوة إلى التوحيد لأن الإنسان بهذه الدعوه يحرص ويصون نفسه والإنسان عندما يتجه إلى الدعوة للتوحيد وحفظ الدين من الشرك والخرافات والخزعبلات هذا يعنى أنه ينهج نهج الأنبياء والمرسلين
 
قال الله تعالى( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ{1} قُمْ فَأَنذِرْ{2}
وقال تعالى {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }التوبة122
 
وتبليغ سنة النبى صلى الله عليه وسلم إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور الأعداء لأن تبليغ السهام يفعله كثير من الناس  أما تبليغ السنن فلايقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم فى أممهم
 
فما حكم الدعوة إلى التوحيد؟
الدعوة إلى التوحيد واجبه لأن النبى صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال«إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله (وفي رواية : إلى أن يوحدوا الله)
 
إن التوحيد هو أصل الأصول فلم يطلب النبى صلى الله عليه وسلم من معاذ أن يعلمهم شيئا آخر مثل قراءة القرآن مثلا ولكنه جعل اول شىء يعلمه للناس التوحيد فالتوحيد هو أصل الأصول وأول مايبدأ به  ويجب على الانسان أن يدعوا إليه بداية وكل انسان لا يستطيع أن يدعوا إلى مفصلات التوحيد إلا إذا كان طالب علم أما مجملات التوحيد فيستطيع كل منا الدعوه إليها
 
قال الله تعالى :
وقوله تعالى (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ)(يوسف: من الآية108
 
هذه الآيه فيها أمر من الله سبحانه وتعالى للنبى صلى الله عليه وسلم لأن يعلن للناس بوضوح عن بيان منهجه ومنهج الداعى
 
فما هو هذا المنهج ؟
هذا المنهج هو الدعوة إلى الله على بصيرة ومن لم يدعو على بصيره فهو لم يحقق إتباع النبى صلى الله عليه وسلم وإن كان عالما وفقيها لذلك قال تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم ( قل هذه سبيلى ) والسبيل معروف انها الطريقة التى أسير عليها أدعوا إلى الله
أى إلى توحيد الله عز وجل وإفراده بالعباده وترك عبادة ماسواه وكذلك أدعوا إلى بقية شرائع الدين فتكون الدعوة للكفار بالدخول فى الإسلام وتكون الدعوة للعصاه للتوبة إلى الله عز وجل ونحذر من الوقوع فى الشرك وترك المحرمات
 
إذا الدعوة ليست قاصرة على الكفار ولكنها ايضا للمسلمين كل بحسب حاله
 
(أدعو إلى الله) فيه التنبيه على الإخلاص فيجب أن يبتغى المسلم بدعوته وجه الله عز وجل لا مدح الناس له  وتعظيمه ، وأن يكون قصده منها إقامة شرع الله عز وجل وهداية الناس وأن يستوى عنده مدح الناس أو ذمهم له
 
والإنسان الذى يترك الدعوة فإنه يترك واجبا عظيما والإنسان الذى لم يخلص فى الدعوة يقع فى محظور عظيم ، ويجب على صاحب الدعوه أن لا يحابى أحدا فى دعوته وأن لايخشى إلا الله وهدايه الناس للحق فيما أشكل عليهم أو تشابه لهم
 
ثم قال تعالى(أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ )
 
البصيرة هى العلم وأعلى درجات العلم هى البصيرة وهذا دليل على أنه يشترط فى الداعيه أن يكون على علم إلى مايدعوا إليه أما الجاهل فلا يصلح للدعوة  فعندما يتناقش الإنسان مع غيره يتعرض إلى شبهات وقد يحدث بينه وبين الناس مناظرات فإذا وقف فى وجهه معارض أو معاند سيفشل فى إقناعه فيقوى شوكة المعارض ويظن بنفسه القوه  وبنظيره الضعف أما إن كان على علم وجادله بالتى هى أحسن  فسيختلف الموقف فإما يهتدى المعارض إلى الحق أو يعترف بضعفه
 
إذًا شرط فى الداعية أن يتاهل بالعلم
 
فماهى أسباب تحصيل البصيرة ؟
 
هناك أسباب لتحصيل البصيره
 
1- فلا يحققها إلا من كان صادقا ومؤمنا بالله ورسله
لقول الله عز وجل {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأنعام122
 
2-العلم النافع  بما جاء به النبى صلى الله عليه وسلم وتقدم الإيمان على العلم لمافعله الصحابه رضوان الله عليهم فقد قالوا (تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القرآن فأزددنا به إيمانا)
 
3-العمل الصالح لأن من عمل بما علم رزقه الله علم مالم يعلم وكما قال على بن أبى طالب (العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا أرتحل) .
 
4-صدق إتباع السنه ظاهرا وباطنا لأن هذا هو تحقيق الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم ولزوم السنه فى الأقوال والاعمال يفتح القلوب .
 
5-كثرة تلاوة القرآن وفهمه وتدبره وكثرة الإستدلال به .
 
6-كثرة العبادة خاصة فى الصلاة وإطالة السجود بين يدى الرب المعبود .
 
7-غض البصر وحفظ الفرج وتجنب محارم الله عز وجل
 
الآيه( أنا ومن إتبعنى ) أى أنا وأتباعى ندعوا إلى الله على بصيرة فهذا يدل على ان من لم يدعوا إلى الله لم يحقق إتباع النبى صلى الله عليه وسلم
فمن لم يدعوا لم يحقق الاتباع ومن دعى إلى الله على جهل أيضا لم يحقق الإتباع
لماذا ؟
لأنه أدخل نفسه فيما ليس من شانه بل صار خطرا على الدعوة
والنبى صلى الله عليه وسلم قال ( المتشبع بما لم يعط  كلابس ثوبى زور )
كالذى يدرس التجويد ويقول انه يجب ان يكون المخارج والتجويد على أعلى مستوى ولكن إن سال عن المثماثلان مثلا أو المتقاربان قد لايعرف
لماذا ؟
لانه لم يدرس إلا بعض الأشياء فى التجويد وظن أنه من أهل التجويد أو من أهل القراءات فيتكلم كلاما هو اكبر من حقيقته كالظل الخادع الذى يرى حجمه فيه كبير مخالفة لحجمه الأصلى
 
الدعوة إلى التوحيد فى قول الله عز وجل (وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) فيها دليل على ان أى إنسان يجب أن يتبرأ من الشرك وهذه من الدعوة إلى التوحيد
قال تعالى {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }النحل120
قال تعالى {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }النحل123
يعنى أن يقطع الإنسان الموده والمحبه بينه وبين المشركين 
لماذا ؟
لأن المشركين هم أعداء الله وأعداء رسوله فلا يجوز لأى إنسان أن يتواد مع هؤلاء حتى لو بقلبه قال تعالى {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ... }الممتحنة4
وننتبه بانه هناك فرق بين المعامله والمشاعر  فنحن لا نتودد اليهم ولا نحبهم ولكن نعاملهم بالمعروف  ونعطيهم حقهم ولكن  كدين فإنا برءآء منهم إلا أن يؤمنوا بالله وحده
علامة المؤمنين  قال تعالى {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }المجادلة22
 
قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ }الممتحنة1
وعبد الرحمن إبن أبى بكر عندما كان كافرا كان يقول لأبيه يا أبت إنى كنت فى بدر أختبئ منك حتى لا أراك فأقاتلك فيقول له أبو بكر رضى الله عنه والله يابنى لو رأيتك لقتلتك
 فما فعل ذلك الا بحبه لله ورسوله وتغليب  هذا الحب وهذه الطاعه والإتباع على اى حب آخر حتى ولو كان حبه لإبنه
 قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }المائدة51
إذا من اصول الدعوة إلى الله أن يتبرأ الداعى من المشركين وإلا فإنه ليس بداعى متبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأن الكفر بالطاغوت مقدم على الإيمان بالله
قال تعالى (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )
 
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال : «إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله (وفي رواية : إلى أن يوحدوا الله) فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تُؤخذ من أغنيائهم فتُردّ على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم ؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب » أخرجاه .
وجه الشاهد فى هذا الحديث ومناسبته للناس
1-هو بيان أن أول مايدعى إليه هو التوحيد والتوحيد ملخص فى شهاده لاإله إلا الله وأن محمد رسول الله وهو نقطة البداية سواء كان للتعلم أو التعليم
ولما كان الكفار يعوون جيدا معنى التوحيد ومعنى لا إله إلا الله وأنه لامتبوع بحق إلا رسول الله رفضوا النطق بهذه الكلمة ورفضوا العمل بها وفى ابى طالب عم النبى صلى الله عليه وسلم أوضح مثال على هذا الامر
 
2-بيان مشروعية إرسال الدعاه إلى الله عز وجل
 
3- بيان فضل معاذ رضى الله عنه ومكانته وعلمه ولهذا أرسله النبى صلى الله عليه وسلم فقد قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ( إن معاذ هو أعلم أمتى بالحلال والحرام
 
4- العمل بخبر الواحد فالذى سيذهب إلى اليمن ليعلم الناس التوحيد والإيمان هو معاذ رضى الله عنه فعندما يقول لهم إنى أرسلت إليكم من عند رسول كريم  هو محمد صلى الله عليه وسلم أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فهذا يدل على أنه يعتمد خبر  الواحد ولا يشترط أن يكونوا أثنين أو أكثر كما يقول بعض الجهال او النقاد الذين لايقبلون خبر الواحد ويقبلون بالتواترفقط فنقول لهم أن هذا الكلام خطأ والدليل فعل النبى صلى الله عليه وسلم مع معاذ فى هذا الحديث
 
5- مراعاة حال المخاطبين فعندما ندعوا قوما اهل كتاب ندعوهم بطريقه وتختلف هذه الطريقه إذا كانت الدعوه لقوم إلحاد وتختلف ايضا إذا كنا ندعوا قوما فسقه أو فجره فلكل منهم طريقه معينه بالدعوة ومضمون بداية الدعوه مع كل منهم فالهدف هو الدعوة الى التوحيد ولكن الطريقه ونقطة البدايه تختلف من فريق لآخر
 
6- هذا الحديث ذكر فيه أنك تأتى قوما أهل كتاب وهم اليهود والنصارى
فلماذا سمى اليهود والنصارى باهل الكتاب ؟
لان الله سبحانه وتعالى أنزل عليهم التوراه والإنجيل فالتوراه أنزلت على موسى عليه السلام والإنجيل أنزل على عيسى عليه السلام وقد سمى أتباعهم أهل الكتاب لكى يكون هناك فارق بينهم وبين الوثنيين فالوثنين ليس لهم كتاب ولايؤمنون بالرسل مثل عباد بوذا أو الحجر أو الشجر والبقر أو الأصنام
النبى صلى الله عليه قال لمعاذا انه سيذهب إلى أهل كتاب لكى يتأهب ... لماذا ؟
لان أهل الكتاب عندهم علم فيمكن لهم المناقشه أو المجادله والإستفسار
فالإنسان الداعى إذا اراد أن يذهب إلى مكان للدعوه ينبغى له ان يسأل عن أهل هذا المكان حتى يخاطبهم بما يناسبهم  فعندما أرسل الله موسى إلى فرعون أختار له نوع الكلام والطريقه المناسبه مع فرعون وهى اللين
 
نجد فى قوله ( فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله )
نجد فيها  تدرج  ومعنى هذا أن الإنسان إذا أراد الدعوة فعليه ان يبدا بالأهم فالمهم وهذه طريقة الرسل ومن سار على نهجهم  فالرسل يرسلهم الله إلى الكفار
فيبدأون بالدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله لماذا؟ لان هذا الاصل والأساس
 فإذا أرسينا الأساس نبدا فى البناء أما الذين يبنون على أرض ليس فيها أساس فسرعان ماتنهدم هذه البناية أو لا يستطيع أن يبنى عليها إلا دورا أو أثنين أما من يريد أن يبنى بناءا حقيقيا راسخا وثابتا أصله ثابت وفرعه فى السماء ويؤتى أكله كل حين بإذن ربه فهذا هو الاساس القوى الراسخ الذى يبنى على معنى الشهادة
 
وقد نجد بعض الناس يقولون إن البداية بالتوحيد ستكون صعبة على بعض الناس فلنبدأ بشىء آخر فنقول لهم لو قمنا بتعليم بعض الناس فبدأنا مثلا بالصلاة أو الصيام كما كان يصلى ويصوم النبى صلى الله عليه وسلم فدعوناهم  إليه وهم كانوا  عندهم شرك فهل من المناسب أن نعلمهم الصلاة والصيام وغيره ثم نعلمهم التوحيد ؟ لا يجوز هذا الأمر لأن اى عمل بدون توحيد لله يحبط ولا يقبل منه فمثلا لو صلى إنسان وصام وأدى زكاته ولكنه يطوف حول القبور وينذر لها ويذبح لها فهل يقبل عمله ؟ لا لا يقبل عمله  هل تنفعه هذه العباده ؟ لا لن تنفعه لماذا ؟ لأن الله تعالى
قال {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً }النساء48 قال تعالى {ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأنعام88
 وإذا فعل إنسان العبادات من صلاة وصيام وزكاة ومع ذلك كان يذبح لغير الله فما جزاؤه ؟ جزاءه أن الله عز وجل حرم عليه الجنة
قال تعالى (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ }المائدة72)
 
أما إذا دعوناهم إلى التوحيد والبعد عن الشرك وماتوا على ذلك مع إقترافهم للذنوب والمعاصى فسيكونون تحت المشيئه إن شاء الله عذبهم وإن شاء غفر لهم وأدخلهم الجنه إذًا الدعوة إلى التوحيد هى دعوة للنجاة من النار والخلود فيها
والأصل الذى يبنى عليه الدعوة وإرسال الرسل هى الدعوة لعبادة الله وإجتناب الطاغوت قال تعالى {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ }
فمعنى أعبدوا الله أى وحدوه والطاغوت هو المضاد لتوحيده سبحانه وتعالى فنحن نفعل ما فعله الرسل ونبدأ بما بداوا بالدعوة إليه وهو التوحيد
( فإن هم أطاعوك لذلك) أى أنهم  إذا طاعوك ووحدوا الله وعبدوه وتركوا ماهم عليه من شرك وعبادة غير الله (فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ) ثم إن أطاعوك( فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تُؤخذ من أغنيائهم فتُردّ على فقرائهم)
إذا هناك أمور أصليه وامور فرعيه فالبداية تكون بأصل الأصول تعليم الناس التوحيد وترك كل المنكرات الشركيه من ذبح ونذر واستعانه بغير الله وخلافه ثم ندعوهم إلى الواجبات ممثل الصيام والزكاة والحج وبر الوالدين إلى غير ذلك من اعمال
إذا الشاهد أن نتعلم من الحديث أن اصل الدعوه هو الدعوة إلى التوحيد وترك الشرك
 
فى الحديث الثانى
عن سهل بن سعد ر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر : «لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه» فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يُعطاها، فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسم كلهم يرجو أن يُعطاها . فقال : «أين عليّ بن أبي طالب؟» . فقيل : هو يشتكي عينيه. فأرسلوا إليه فأُتِيَ به فبَصَق في عينيه ودعا له؛ فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية فقال: «انفذ على رِسْلِك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهديَ الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمْر النَّعَم . يدوكون : أي يخوضون .
 
الشاهد من هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم ثم أدعهم إلى الإسلام أى أدعهم إلى الإسلام والإيمان فالإسلام إذا أفرد دخل فيه الإيمان والعكس
والإسلام هو الإستسلام لله بالتوحيد والإنقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله وأصل الإسلام هو التوحيد وهو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وهذا الحديث رد على الخوارج الذين كانوا يكفرون على بن أبى طالب والنواصب الذين يبغضون على ويسبونه وقد قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله وهذا فضل عظيم لعلى بن أبى طالب كما قال تعالى ( فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ )
ومن المهم أن الذى يدعوا إلى الإسلام لابد أن يعى ويعرف ماهو الإسلام الذى يدعوا إليه ولا يعمل بعكسه كالذى يدعوا إلى الإسلام ثم يطلب الشفاء أو الرزق أو الحماية من البدوى مثلا فمثل هذا قد وقع فى الشرك الأكبر لماذا ؟ لأن الذى يملك هذه الأشياء هو الواحد الذى لا شريك له هو بهذا قد جعل لله سبحانه وتعالى ندا وجعل له شريك حتى وإن كان عن جهل  أو إعتقادا بانه بهذا يقربه من الله عز وجل فقد وقع فى الشرك الأكبر لانه كيف يتقرب إلى الله بسؤال غيره أو بإتخاذه واسطه  بينه وبين ربه وهذه الافعال ليست من الإسلام
قال تعالى {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }غافر60 قال تعالى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }البقرة186
إذا يجب الدعوة إلى الإسلام الصحيح الناصع الخالى من أى شركيات
 
الأمر التالى فضل الدعوه إلى التوحيد او الدعوة إلى الإسلام (لأن يهديَ الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمْر النَّعَم) وحمر النعم هى الإبل الحمراء وهى من أنفس النوق العربية واغلاها ثمنا وهذا يوضح الخير الكثير بالنسبه للداعى المترتب على دعوته الى الله وهداية الناس
قال صلى الله عليه وسلم (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لاينقص ذلك من أجورهم شيئا)
 
الواجب
1-قل هذه سبيلى أدعو إلى الله )فيها تنبيه على الإخلاص والدعوة إلى الإسلام ...إستخرجى ذلك من الآيه
 
2- مامعنى البصيره وماهى اسباب تحصيل البصيرة ؟
 
3-من هم أهل الكتاب؟ ولماذا سموا بذلك؟ وهل لهم أحكام تخصهم عن غيرهم؟
 
4-مامعنى قول النبى صلى الله عليه وسلم لمعاذ (فليكن أول ماتدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وما مناسبة هذا الحديث للترجمة ؟
 
5-ما معنى الإسلام ؟ وإلى أى إسلام ندعوا؟
 
6-اذكرى ثلاثة احاديث فى فضل الدعوة إلى الله عز وجل ؟
جزى الله خيرًا الاخت التي كتبت لنا  الدرس وجعله في ميزان حسناتها
وننبه ان التفريغ لم يراجع من المحاضر
 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق