>

الأربعاء، 13 أبريل 2011

فوائد من درس الغفلة

بسم الله الرحمن الرحيم


الغفلة

قال تعالي  "وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلّ  أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ  "
وقال تعالي "  إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ" الغفلة هي عدم إدراك الشيء مع وجود ما يقتضيه
فالغفلة هي اشد ما يفسد القلوب لان القلب الغافل قلب معطل عن وظيفته لان وظيفة القلب هي التفاعل الحراك والتأثر والاستجابة فأي إنسان يسمع آيات الله عز و جل يتأثر ويستجيب فالقلب الذي لا يتأثر ولا يستجيب يسمي قلب غافل
 فالإنسان تمر به دلائل الإيمان والهدي فمثلا لو تفكرنا أن هناك طفل يولد وانسان يموت في نفس الوقت  في أي مكان بالعالم وأمر تواصل الأجيال وعمارة الأرض وأن الله هو المدبر يتأثر بمثل هذا الحدث
 وكذلك عندما يجلس أمام البحر وينظر للمياة لو أنها زادت مترا واحدا لأغرقت الدنيا وما فيها فالله عز وجل قدير عليم وحكيم
فكل هذه الأمور موزونة كل بمقدار المطر والرياح والجبال والأنهار والمخلوقات فكل شئ في الكون موزون بشكل معين ونسبة معينة لأنه سبحانه وتعالي هو الخبير الحكيم فمثل هذه الأشياء تجعل الإنسان يتأثر ولكن الغافل لا يستجيب ولا يتأثر أو قد تكون استجابته ضئيلة جدا فبمقدار التأثر يكون الغفلة فكلما قل التأثر كانت الغفلة متمكنة في القلب والقلب المعطل عن وظيفته هو القلب الغافل

من أسباب الغفلة

·       البعد عن منهج المولي سبحانه وتعالي
·       عدم تقبل ما جاء  به الرسول صلي الله عليه وسلم
·       التجرؤ علي ارتكاب المعاصي والمحرمات لأنه لا يخشى الله عز وجل ولا يستحي منه سبحانه وتعالي
·       الانكباب علي الشهوات وملذات الدنيا المباح منها والمحرم
·       عدم تذكر الموت و القبر والآخرة بل يمشي وراء كل ما يلهيه
·       الانجراف وراء أهل الفسق وأصدقاء السوء
·       هجر كتاب الله عز و جل وسنة النبي عليه الصلاة والسلام

ماذا نفعل مع من تمكنت الغفلة من قلبه

لابد أن ننذر الإنسان أولا ونذكره و ننهاه عما يضره لان الإنذار قد يوقظ الغافل والمستغرق في الغفلة قال الله تعالي "  لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ" فهم في غفلة شديدة والإنذار لن يخلق قلبا إنما يوقظ القلب الحي المستعد للتلقي أما القلب القاسي الغير مهيأ  للإيمان لا يوقظه الإنذار لأنه هناك حائل وسدود كما قال تعالي "كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ "و الران كالقطران الأسود السميك المتماسك فلا يسمح للإنذار أن يمر فهو لن ينفع إلا القلب المهيأ للإيمان كما قال تعالي " إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ ۖ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ" هذا الصنف هو الذي يستحق الإنذار لأنه هو من سينتفع بالإنذار ومن ينتفع بشره بمغفرة لماذا لان الغافل يقع في المعاصي لكن لا يصر عليها فيقع في الغيبة والنميمة ولكن لا يصر علي ذلك عندما يتذكر يتوب إلي الله عز وجل لأنه يخشى الرحمن وأحيانا يغفل نتيجة إصابة قلبه إما بالكبر أو البغض أو الحسد أو غير ذلك هو الذي يجعله غافلا لكنه في الأصل يخشى الله أما صاحب القلب الغافل غفلة شديدة عندما نذكره بالله تأخذه العزة ويقول ماذا افعل إني لا افعل حرام

لعلاج الغفلة

لابد أن ينتقل إلي بيئة الذاكرين والمقبلين علي طاعة ربهم والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر فهذه البيئة  تمنع الإنسان من الغفلة المميتة لكن أي إنسان لابد أن يصاب بغفلة لأنه ليس معصوم ولكن لابد من الاستيقاظ سريعا ويشغل نفسه بطاعة المولي سبحانه وتعالي وفي نفس الوقت ليس عنده أي استعداد لان يضيع نفسه من اجل الآخرين ولا يسمح لنفسه بتكرار المعاصي كثيرا بل ينتقل بنفسه للإمام ويبعد عن المنكرات ما استطاع إلي ذلك سبيلا ويصبر  كما يقول تعالي "  وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا " فهي أمر من الله عز وجل بالتقرب من الصالحين والبعد عن الغافلين المهتمين بالدنيا فقط لأنها سيطرت علي قلوبهم فأصبحوا في غفلة وانشغلوا عن السبب الحقيقي لوجودهم في الدنيا كما قال تعالي "  وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ "
أما والله لو علم الأنام.. ... ..لم خلقوا لما غفلوا و ناموا
لقد خلقوا لما لو أبصرته.. ... ..عيون قلوبهم تاهوا وهاموا
مماتٌ ثم قبرٌ ثم حشرٌ.. ... ..وتوبيخ وأهوالٌ عظامُ
فهو غافل عن ذكر ربه ولا يجد غير طريق الشيطان أمامه دائما يوسوس له و يزين له المعاصي قال تعالي " وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ " فوظيفة قرناء السوء أن يصدوا قرناءهم عن سبيل الله والكارثة أنهم يحسبون أنهم مهتدون فهم في غفلة شديدة " وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ"  وقال تعالي " قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا "
فالإنسان خلق لعبادة الله عز وجل وعليه أن يعمل لذلك فالذي يعيش بلا إيمان بالله يعيش في خوف واضطراب في كل حين كما هو حال الكفار ودائما متعرضون لغضب الرحمن كما يحدث في اليابان وغيرها الآلاف يموتون
قال تعالي "  أَمَّنْ هَٰذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَٰنِ ۚ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ "فمن الذي يدفع بأس الرحمن غير الرحمن نفسه
أَمَّنْ هَٰذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ ۚ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ " فالله عز وجل هو الرزاق ولابد أن يعرف الجميع ذلك بلا استكبار ولا إعراض عن ذلك
وعلي الإنسان الغافل التوبة إلي الله
ومن علاج الغفلة
التأمل في الكون وفي أنفسنا وفي آيات الله وشكر الله علي كل هذه النعم فكم من جاحد لا يشكر نعمة الله ولا يوفيها حقها بل يغفل ويقابلها بالمعاصي قال تعالي " وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ " وقال تعالي {إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ }فالله لا يعطينا كل هذا عبثا بل هي فرصة الحياة للابتلاء والعمل ثم الجزاء يوم القيامة
  {قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }
ولكن دائما يتبع أعمال الدنيا غفلة لأن نفس الإنسان جامحة يحب امتلاك كل شيء فهو يحب امتلاك كل ملذات الدنيا إن استطاع حتى إن كان فيها ما هو محرم وكل هذا يحتاج مثابرة وصبر لدفع الشهوات فالإنسان ينسي أعمال الدين لكن لا ينسي أعمال الدنيا فيقع في المعاصي نتيجة الغفلة ونتيجة غفلته عن عقوبة المعصية في الآخرة فأي إنسان يقع في المعصية لكن إن عرف أن لكل معصية جزاء عقاب لبعد عن هذه المعصية وتركها  

فعلاج الغفلة ذكر الله عز و جل قال تعالي {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ }
 وعلي قدر ذكر العبد لربه يكون قربه منه ومحبته لله عز و جل
كما قال صلى الله عليه وسلم : " مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت " . متفق عليه
و يقول ابن القيم : " إن الذكر ينبه القلب من نومه والقلب إذا كان نائماً فاتته الأرباح والمتاجر وكان الغالب عليه الخسران فإذا استيقظ وعلم ما فاته في نومته شد المئزر و أحيا بقية عمره واستدرك ما فاته ، ولا تحصل يقظة إلا بالذكر ، فإن الغفلة نوم ثقيل".
ومن علاج الغفلة
البعد عن رفقاء السوء :يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: إن مجالس الذكر مجالس الملائكة، ومجالس اللغو والغفلة مجالس الشياطين، فليتخير العبد أعجبهما إليه وأَولاهما به، فهو مع أهله في الدنيا والآخرة.
إن الغفلة حجاب عظيم على القلب يجعل بين الغافل وبين ربه وحشة عظيمة لا تزول إلاَّ بذكر الله تعالى
عاقبة الغافل
وعاقبة الغافل النار لأنه يقع في المعاصي ولا يتوب وينشغل بالدنيا وملذاتها قال تعالي {إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}
وقال الله تعالي في حق الغافلين {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ }

نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الذاكرين وممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
جزى الله خيرا أختنا التي كتبت الفوائد لنا مع التنبيه انها لم تراجع من المحاضر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق