>

الأربعاء، 19 ديسمبر 2012

سورة الحجرات تفسير قوله تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)



بسم الله الرحمن الرحيم 



لازال الحديث عن آيات سورة الحجرات والوقوف على ما فيها من أحكام وفوائد
قال تعالى (
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) هذه الايه جاءت بعدما كلف الله عز وجل المسلمين تكليفا عظيما ومجهدا فقد قال عز وجل
وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ)) [الحجرات:9]) ففي الآية الأولى بيان لسبب التكليف

المذكور فى الآية الثانية فقول فقاتلوا هذا تكليف بالقتال فمن المعلومان هذا الأمر يحتاج إلى سلاح وتزهق فيه النفوس وتراق فيه الدماء وتهلك فيه الأموال وما هذا كله إلا لأننا حملنا تلك الأمانة وتلك المسئولية وفاءا بحقوق الإخوة الايمانيه فجعل كل هذا الجهد من اجل إنما المؤمنون إخوة  
ويقول الشيخ سيد قطب فى تعليقه على هذه الايه
يقول مما ترتب على هذه الإخوة أن يكون الحب والسلام والتعاون والوحدة هي الأصل فى الجماعة المسلمة وان يكون الخلاف والقتال هو الاستثناء الذي يجب أن يؤدى  إلى الأصل فور وقوعه وان يستباح قتال المؤمنين فى سبيل رد إخوانهم إلى الصف وليزيلوا الخروج على الأصل والقاعدة وهو إجراء حازم وصارم
الله عز وجل كلفنا بهذه المهمة الشاقة وهى التي فيها بذل أموال وإراقة الدماء وبذل النفيس من أجل إعلاء مادة الإخوة الايمانيه وأن من أراد أن يخدش أو يخرق هذه الإخوة فإنما يجب جره ومنعه وكفه فإن لم يكف ويمتنع بالنصح والإصلاح وجب أخذ موقف حازم معه قد يصل إلى قتاله
إن قتال أهل البيت الذين يخرجون عن الإيمان لا يجوز اخذ أموالهم ولا سبى نسائهم لان المقصود من هذا القتال هو كفهم وردعهم فمتى كفوا بالأدنى لم نحتاج إلى الأعلى
((
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)

 
أول وقفه فى هذه الايه
*أن الإخوة الايمانيه هي المحرك والسبب الذي شرعت لأجله هذه الآيات السابقة وهى قتال الطائفة الباغية بعد أن يستنفذ معها وسائل الصلح
*ثانيا: هذه الايه هي قاعدة كبيره وعظيمه تقرر أصل من أصول الإسلام فهي تقرر أمرآعلى جهة التأكيد والإلزام لا يحتمل أي تردد لذلك قال الله((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)
ولم يقل الله عز وجل (يا أيها الذين ءامنوا كونوا إخوة) ولكنه قال (
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فهذه الجملة أكدها الله عز وجل ب إنما وبالجملة الاسمية ولم يأتي بجملة إنشائية لان الجمل الإنشائية تفيد إنشاء أمر لم يكن موجودا أما الإخوة فقد اخبرنا الله عز وجل أنها من مقتضيات الإيمان ومن مقتضيات الدين وأن الله عز وجل ربط قلوب المؤمنين برباط واحد وعقد هذا الرباط ثم اخبر عن هذه الحقيقة الثابتة الواقعة وقضى بحكمه فقال إنما المؤمنون إخوة ولذلك صح عن النبي أنه قال(( المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان فى حاجة أخيه كان الله فى حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة))
وعن النبي أيضا أنه قال المؤمن مرآة المؤمن
فقول الله تقرير لهذه الحقيقة الشرعية وهذا الأمر الايمانى أن رابطة الإخوة هي رابطة تجمع بين قلوب كل من ءامن بهذا الدين


 

**أنواع  الإخوة
*قال تعالى (
وإلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً

) هذه هي إخوة النسب,فإن هود أخا عاد من أنفسهم ينتسب إليهم
* وقال عز وجل ((
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) هي إخوة الدين والإيمان واخبر الله تعالى أن أخوة الإيمان مقدمة على إخوة النسب فقال تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء
َوقال سبحانه وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ)
وأخوة النسب هذه قيدت حيث أنها تهدر وتضيع وتكون صفرا إذا ما ختار هذا الأخ الكفر على الإيمان
أما أخوة المؤمنين فأخوة عامه مطلقه ثم قال عز وجل (
(فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُم) اى قوموا بالإصلاح بينهم وهذا الأمر للمؤمنين الذين لم يتصفوا بهذه الفتنه وهى التنازع بين المؤمنين
الأخوات لو وقع بينهم مشاكاة واختلفوا وتنازعوا فما الواجب علينا؟ الواجب علينا فى قول الله تعالى (فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُم ونظير هذا المعنى الخطير والمهم (معنى الصلح) أباح الله عز وجل أمورا حرمت فى غيره فصح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال(ليس الكذاب الذي يقول خيرا أو ينمى خيرا) اى يقول خيرا ليصلح بين المتخاصمين وعن أم سلمه رضي الله عنها قالت(لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أو يَقُولُ خَيْرًا. وَقَالَتْ: لَمْ اسْمَعْهُ يُرَخِّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ إِلا فِي ثلاثٍ: فِي الْحَرْبِ، وَالإِصْلاحِ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثِ الرَّجُلِ امرأته وحَدِيث المرأة زَوْجَهَا)
هذا أمر فى غاية الاهميه
****
ما هو الواجب علينا إذا نزل الخصام بين آخين أو أختين مسلمتين
فى اغلب الأحيان نجد أن الناس تنحاز فى مواقف غير منضبطة شرعا فالأخوات يكون موقفهن كالاتى
(1)
الانحياز لأحد الطرفين على حساب الأخرى وهنا تميل الأخت إلى الأخت التي بينهما مشاكاة اى توافق فى الميول والطباع وهذا لا يرضى الله وهذا ليس عدلا ولا إنصافا
(2
) تعتزل تماما وكأنها لا تعلم شئ وتترك الأختان المتنازعتان حتى يتصالحا دون تدخل منها
(3)
تتحمل الإصلاح بين الأختين وتفسح صدرها للكلام وإزالة البغضاء والشحناء وهذه هي أفضل المنازل وهى بهذا الفعل قد وفت حق من حقوق الاخوه وهو الإصلاح بين المتنازعين

*
** 

 قول الله عز وجل) (** وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) تكرار معنى التقوى كما فى الآيات
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ())
((**
وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
تكرار التقوى فى الآيات يدل على أهميتها والتقوى هي خوف النجاة ,فلو أراد الإنسان أن تستقيم له الاخوه الايمانيه فلابد أن تقوم على أساس التقوى فإن لم تكون مؤسسه على قاعدة اتقوا الله فيدخل فيها النزاعات ويدخل فيها الهوى فتفسد هذه الاخوه بحسب ما دخل فيها من الزخم
** وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ.
قول لعل هنا تفيد الرجاء (رجاء رحمة الله)
هذا يعنى أن من اتقى الله وعمل على الإصلاح بين المتنازعين وهو يرجو رحمة الله عز وجل فهو يتعرض لها سواء كان الكلام على سياق الآيات كردع الأخت الباغية عن أختها ومنعها من الظلم فهذا يقتضى رحمة الله وكذلك الإصلاح بين المتخاصمين والقضاء على سبب الشقاق أيضا يوجب الرحمة
ونظرا لعظيم شأن الاخوه فسنتكلم عنها بشئ من التفصيل كالاتى
****الاخوه فى الله ويطلق عليها الإخوة الايمانيه والمعنى بهاتين الكلمتين إنما هو وصف رابطه تقوم بين المؤمنين وتجمع بينهم وتجعلهم كالبنيان المرصوص هذه الرابطة أتت بعقد من الله سبحانه وتعالى فالله من فوق سبع سموات هو الذي عقد عقد الاخوه واخبر الله عز وجل عن هذه الرابطة فى قول الله عز وجل(وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ)
فالتأليف بين المؤمنين والعمل بمعاني الاخوه أمر فى غاية الاهميه

 

**الاخوه الايمانيه: رابطه شريفة وشرعيه عقد عقدها رب العالمين من فوق سبع سموات فقال عز وجل((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) وقال(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض فهي تقضى على كل النزاعات التي دونها حيث ان هناك نزعه قوميه وأخرى وطنيه وأخرى إنسانيه هذه دعوات منتشره
*
النزعة القومية: إننا نعظم جدا من رابطة القوم فمثلا الرابطة العربية هي رابطه تجمع بين العرب وهنا نعلى من رابطة العروبة أعلى من رابطة الدين
*
الرابطة الوطنية وهى أن نعلى من قيمة الأرض التي تجمعنا
*
الرابطة الانسانيه: تقول أن كل البشرية نسبا أو صله حتى ولو كانوا كفار أو كانوا يحاربون الله ورسوله
الله عز وجل أهدر كل هذه الروابط واخبر ان كل هذه الروابط تنقلب على أصحابها يوم القيامة فقال عز وجل(("الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ" ...
..... يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ)
فكل ما كان لله دام وكل ما كان لغير الله انقطع
واوجب الله عز وجل فى هذه الاخوه عدة أمور
*
موالاة كل مؤمن ومؤمنه ولو كان يختلفون عنا فى اللون والجنس والبلد والفقر والغنى أو فى الهيئة والشكل
فالإخوة الايمانيه تفتح لكل موحد بابا عظيما على كل أنحاء الأرض فتشعره بهذا الشعور الجميل وهو أن كل موحد على وجه الأرض هو أخ له. له من الحقوق ما له وعليه من الواجبات ما عليه فى اى بقعة كان أو من اى شعب كان طالما انه يلتزم شريعة الإسلام كما قال القائل
**
يا أخ المسلم فى كل مكان وبلد&أنت منى وأنا منك كروح فى جسد
إن الإطار الذي يجمع المؤمنين فى إخوتهم والرابط الذي يربطهم هو اجتماعهم على أعمال كبيره على رأسها توحيد الله عز وجل وتوحيد الطواغيت وإزالتهم من على وجه الأرض حتى يتسنى للناس أن يدخلوا فى دين الله أفواجا
وثالثهما تعمير الأرض وبناء دولة الإسلام اى أن الرابطة تتضمن الاتى:
إقامة التوحيد ـــ وإزالة الطواغيت ــ وإقرار العبودية لله عز وجل فى أنفسنا وفيمن نستطيع
وقد جعل الله عز وجل للإخوة الايمانيه فضلا كبيرا فقال
(وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا
فمن نعم الله علينا ومنحه ان جعل بيننا أخوة الدين وأيضا من فضل هذه الإخوة إنها سبيل لمحبة الله
(
إن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى؛ فأرصد الله له على مدرجته ملكاً .ففي الحديث الذي رواه الإمام مسلم(
.

هذا رجل مسلم زار أخاً مسلماً في قرية أخرى، وسافر إليه، وقطع طريقاً بعيداً حتى يصل إلى أخيه، فالله سبحانه تبارك وتعالى أرصد له على مدرجته أي: على طريقه ملكاً ينتظره في هذا الطريق، (فلما أتى هذا الرجل على الملك -كان لا يعرف أن هذا ملكاً بل ظنه إنساناً أمامه يسأله- قال الملك: أين تريد؟ فقال: أريد أخاً لي في هذه القرية، فقال الملك لهذا الرجل: هل لك عليه من نعمة تربها؟ -هل لك عليه من نعمة تذهب لها وتسعى من أجلها، من مال أو مصلحة- فقال: لا، غير أني أحبه في الله، قال له الملك -وأظهر نفسه- فإني رسول الله إليك أن الله قد أحبك كما أحببته فيه) كما أنك أحببت هذا الإنسان فإن الله قد أحبك سبحانه تبارك وتعالى.

وفى الحديث الصحيح عن أبى إدريس الخولانى أنه قال دخلت مسجد دمشق فإذا فتى شاب براق الثنايا إذا الناس معه إذا اختلفوا فى شئ أسندوه إليه وصدروا عن قوله فسألت عنه فقيل هذا معاذ بن جبل فلما كان الغد هجرت فوجدته قد سبقني بالتهجير ووجدته يصلى قال فانتظرنه حتى قضى صلاته ثم جئته من قبل وجهه فسلمت عليه ثم قلت والله إني لأحبك لله فقال ألله فقلت ألله فقال ألله فقلت ألله فقال ألله فقلت ألله قال فأخذ بحبوة ردائي فجبذنى إليه وقال أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تعالى وجبت محبتي للمتحابين فى والمتجالسين فى والمتزاورين فى والمتباذلين فى ) ومن هذا الحديث يتبين لنا أن محبة الله وجبت لمن يحب أخا له فى الله أو يجالس أخا له فى الله أو يزور أخا له فى الله

ومن فضائل الاخوه حديث أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
((إن الله يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم فى ظلي يوم لا ظل إلا ظلي))
وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (
سبعة يظلهم الله فى ظله يوم إلا ظله وذكر منهم رجلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه

**ومن فضائل الإخوة أيضا أنه قد يصل المتحابين فى الله إلى منزلة يغبطهم عليها الأنبياء والشهداء فقد صح عن النبي فى الحديث أنه قال
إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلّ لأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلا شُهَدَاءَ ، يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمَكَانِهِمْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ ؟ وَمَا أَعْمَالُهُمْ ، لَعَلَّنَا نُحِبُّهُمْ ؟ قَالَ : " هُمْ قَوْمٌ يَتَحَابُّونَ بِرُوحِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، بِغَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا بَيْنَهُمْ
فضائل الإخوة أن المرء إذا حققها تحقيقا بالغا وجد بها حلاوة الإيمان

وفى
. الحديث قال صلى الله عليه وسلم (( ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْعَبْدَ لا يُحِبُّهُ إِلا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّار
والإنسان إذا سمع كل هذا اشتاقت نفسه أن يكون له أخوة فى الله ولكن النفس دائما تسخو إذا لم تكن مكلفة بشئ ولكن دائما يبتلى المرء بالحقوق فالإخوة لها حقوق وليس أن يقول المرء أنى احبك فى الله هكذا يكون الأمر دون أن يكون للأمر ضريبته

 
 **حقوق الإخوة
هناك الكثير من الأخوات بعد الالتزام تصطحب بعض الشوائب والأمراض التي تضيع من حسناتها مثل الشحناء والمراء والجدال والترفع وهذه الأشياء هي التي تؤدى إلى مشاكسة الأخت مع أختها وهنا ينصح بقراءة كتاب الإخوة أيها الإخوة للشيخ محمد حسين يعقوب وكتاب مفسدات الاخوه للشيخ هشام العقدة فلالتزام أعمق من النقاب والالتزام بالصلاة ولكن لابد من الوقوف على القلب

***
من حقوق الإخوة:
(1)
المحبة والموالاة والمداومة على ذلك طالما أن المسلم ثابت على عقد الإسلام فالإخوة واجب ديني وبناءا على هذا الحق فلا يجوز كره المسلم والحب والموالاة ليس حبا مطلقا وإنما يكون لله فبغض فيه مخالفته ومعاصيه ونواليه قدر حبه لله ونعاديه قدر ما فيه من المعاداة والشر

يعنى لو هناك أخت إنطوائيه وأخت ذات شخصيه منفتحة والأخت الانطوائية أخت متدينة فالواجب على الأخت الأخرى حب أختها مهما اختلفت معها فى الطباع ,إذا الحب و الموالاة واجب علينا
*
الموالاة أعمق من الحب حيث أنها حب باطن ونصرة ظاهره
وفى الحديث الذي رواه أبو داود من حديث أنس: أن رجلاً كان عند النبي فمر به رجل فقال: يا رسول الله! إني لأحب هذا. فقال له النبي : ((أعلمته؟)) قال: لا. قال: ((أعلمه)) قال: فلحقه، فقال: إني أحبك فى الله. فقال: أحبك الذي أحببتني له(
والمفروض على شخص إذا أحب أخ له فى الله أن يعلمه بهذا الحب
أحبك فى الله كلمة تفتح القلوب إذا كانت صدقا وليست مجرد كلمة جوفاء

(2)المواساة أحسن الصحبة وحسن العشرة)
وجوب العود بالفضل : يعنى إذا كان الإنسان له فضل يعود به على من يحتاج إليه فمن كان له فضل مال يعود به على من لا مال له ومن كان له فضل طعام وهكذا كما فى حديث أبى سعيد الخدر قال بينما نحن فى سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على راحلة له قال : فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا فقال : النبي صلى الله عليه وسلم"من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له قال: فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا انه لاحق لأحد منا فى فضل"
هذا الكلام نخاطب به من يدافعون عن العدالة الاجتماعية ليس هناك عدالة اجتماعية خارج الإسلام وخارج أحكام الدين فعن بن عمر رضي الله عنهما قال :"أتى علينا زمان وما أحد أحق بداره ودرهمه من أخيه المسلم ثم الآن الدينار والدرهم أحب على احدنا من أخيه المسلم
ورد شأن المواساة فى القرآن شان عظيم عن الأنصار قال الله تعالى " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة" وقيل إنها نزلت فى الصحابي الجليل وامرأته اللذان باتا طاويين هما وصبيانهم من الجوع ومع ذلك اطعما الضيف وأطفأ المصباح حتى لا ينتبه إلى أنهم لا يأكلون لأنهم كانوا فقراء
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ ")
المواساة من اجل حقوق الإخوة وتتضمن المواساة بالمال والمنافع حيث أنه لا يجوز أن يغلق الأخ الباب فى وجه أخيه المسلم ولا يهمله وأيضا من المواساة وحسن العشرة طيب الكلام والبشاشة ورد السلام والفرح بلقائهم

 
** وهناك نوعان للمواساة:
*
مواساة ماديه
*
مواساة معنوية حيث انه لا يجوز ملاقاة الأخت بوجه ليس ببشوش
حيث أن هناك الكثير ممن يحتاج إلى المواساة المعنوية مثل الاطمئنان والحنان وإحساس الإنسان انه مرغوب فيه حيث أن ترك هذه الأمور يترك فى الصدور وحشه
ولنا فى رسولنا قدوة حيث النبي كان كل واحد من الصحابة يشعر أنه الأثير عنده وهناك عدة أمثله لهذا المعنى
1ـحديث جابر حين سأله النبي تزوجت؟فقال نعم فقال النبي بكر ام ثيب قال ثيب فقال النبي هلا بكر تلاعبك وتلاعبها فاخذ يسرد للنبي السبب فيشعر جابر أن  النبي ليس عنده أهم منه
2ـ يلقى النبي احد الصحابة فيسأله عن دينه
3ـ عندما لقي النبي عبد الرحمن بن عوف وعليه آثر سفره(عطر) فقال تزوجت قال نعم قال النبي فما أصدقتها قال نواة من ذهب
4ـ حديث السيدة عائشة مع النبي (حديث ام زرع) على الرغم من كون النبي صلى الله عليه وسلم قائدا للجيوش ومعلم وكان يتحمل المسئولية كاملة ومع ذلك كان يجلس مع أهله حيث قالت السيدة عائشة لقد تعاقدت إحدى عشرا امرأة من الجاهلية أن لا بخفين من أمر أزواجهن شيئا فأخذت تسرد القصص عليه والنبي يستمع ويصبر عليها بل ويتفاعل معها فيقول صلى الله عليه وسلم كنت لك كأبي زرع لأم زرع غير آن لا أطلقك ومن هنا يتبين أيضا تفضيل ام زرع لأبى زرع حتى بعد زواجها من غيره
إذا كانت الأخت تمر بظروف صعبه مثل افتقاد شئ أو ظروف فى البيت أو ذنب ما فوجب علينا جبر خاطرها فمقولة جبر الخواطر على الله معناها أن الله فقط هو الذي يجبر الخواطر وأيضا معناها أننا نجبر الخواطر لله
وقد حثنا الله على هذا المعنى فى قوله
(وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا
فالمفروض الإنسان يقول التي هي أحسن فمثلا إذا كانت الأخت مكلفة بعمل ما وعندها مشاكل فلابد من مراعاة ذلك فى التعامل
وقد قال النبي (الكلمة الطيبة صدقه))
قَالَ : " ثَلَاثٌ يُصَفِّينَ لَكَ وُدَّ أَخِيكَ : تَبْدَؤُهُ فِي السَّلَامِ ، وَتُوَسِّعُ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ ، وَتَدْعُوهُ بِأَحَبِّ الْأَسَامِي إِلَيْهِ

فالوجه يعكس ما بداخل الإنسان وقال صلى الله عليه وسلم
((
لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) ومن ذلك إفشاء السلام
**
ومن المواساة وحسن العشرة (خفض الجناح ولين الجانب والتواضع وإقالة العثرات والتزاور فى الله والتهنئة وتفقد الحال فقال تعالى (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين)
*التواضع: حيث انه لا يجوز الاستعلاء من قبل ما هو أعلى فى أمر ما ولو كان هذا فى تحفيظ القرآن حيث أن الاستعلاء بحجة التباين فى المكانة الاجتماعية هي من بقايا الجاهلية
*
إقالة العثرات: فلو أن أخت غلطت فى حقا أخت لها فى الله واعتذرت لها فلا يجوز أن يكون منا سوى الصفح والعفو وهناك اثر عن السيدة عائشة أنها قالت اقيلو لذوى العثرات عثراتهم
إقالة العثرة اى قبول العذر وعدم التأنيب

ويقول الشاعر
من الذي ما أساء قط ومن الذي أحسن قط   &كفا بالمرء نبلا أن تعد معايبه

ولكن هناك من البشر من لا يعفون ولكن الله تعالى قال فى سورة النور
(
إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِه عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ) وقيل سبب نزول هذه الآية انه احد الصحابة تكلم بما سمع من قول الإفك وبلغ هذا الكلام أبو بكر فحلف ألا ينفق عليه وقد كان ينفق عليه لأنه كان فقيرا ,من هذا الكلام يتضح أن العثرة هذه ذات حجم كبير جدا ومع ذلك يقول الله عز وجل
"...وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم)................."
نريد أن تكون هذه الأيام أمام أعيننا ومن خلالها سيكون الصفح هو الحل الوحيد وإن ارتقت المشكلة الموقف فليس لها غلا الصفح
عدم الصفح وقول أن هذا الأمر مستحيل أن أسامح من فعل هذا من باب الكبر وتعظيم النفس
*(3)التزاور فى الله مع مراعاة آداب الزيارة التي علمها لنا النبي صلى الله عليه وسلم من1
ـ ستر العورات إذا رأت الأخت مذله سترتها
2- المجالس بالأمانات
3- مراعاة حرمات المنزل
وأيضا التهنئة بالزواج ,بالعيد, بالمولود,بالنجاح , بتحقيق انجازات,ختم القرآن, إجازة, اعتمرت
التهنئة بالأمور التي تدخل السرور على النفس وتفقد الحال
(اشفعوا تؤجروا ويقضى الله على لسان نبيه ما أحب)) السعي للشفاعة الحسنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم(( "
يعنى إذا طلب الإنسان منك مصلحة فاسع فى قضائها وأيضا من حقوق الأخوة
4- بذل النصيحة والمشورة
والأصل فيها قوله جل وعلا فى سورة العصر وَالْعَصْر إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْر إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ   ٍ  ِ
وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ
)) وأيضا قوله صلى الله عليه وسلم "الدين النصيحة

5-التعاون والتآزر على العمل الصالح عن طريق تكوين مجموعه للتعاون على أعمال البر من حفظ القرآن والدعوة إلى الله ولا يكون الاجتماع على أمور الدنيا فقط امتثالا لقول الله(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)
وقال صلى الله عليه وسلم ( والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه)اى إذا كان العبد فى عون أخيه سيعينه الله



ومن حقوق الاخوه
(7)
نصرة الإخوان المظلومين وصيانة الأعراض والأموال وإغاثة الملهوف والعاني الأثير
فالواجب علينا أن يعيش المرء مع إخوانه بقلبه فيفرح لفرحهم ويحزن لألمهم وينصرهم بما يستطيع قال صلى الله عليه وسلم فى حديث أنس((جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)
فالجهاد بالمال يكون عن طريق شراء الأسلحة وما يحتاجون إليه والجهاد بالنفس يكون يكون لمن يستطيع أن يصل إليهم ويعلم بحالهم ويعلم انه إذا وصل إليهم أمكنه نصرتهم وأما الجهاد باللسان يكون عن طريق نشر قضيتهم وإظهارها والدعاء لهم والنصح لهم وإظهار عوار من ظلمهم وهناك من فالإنشاد الشعر تأييدا للمؤمنين وهجاءا للمشركين والأعداء
ولقد حذر النبي من خذل المؤمن فقال فى حديث جابر بن عبد الله
(ما من امرئ يخذل مسلما فى موطن ينتهك فيه حرمته وينتقص فيه عرضه إلا خذله الله فى موطن يحب فيه نصرته وما من امرئ ينصر مسلما فى موطن ينتقص فيه من عرضه وتنتهك فيه حرمته إلا نصره الله عز وجل فى موطن يحب فيه نصرته))
وقد صح عن النبي أيضا انه قال(انصر أخاك ظالما أو مظلوما) وقيل فى نصرته وهو ظالم أن نمنعه من ظلمه 

 
 ومن حقوق الاخوه
(8
) الحقوق الاجتماعية

كقبول الهدية والإثابة عليها إذا لم يكن هناك مانع من قبول الهدية فأحيانا يكون هناك مانع من قبول الهدية كأن يكون المال حرام أو أن صاحب الهدية ممن يمنون بالعطية فقد جاء فى حديث أن رجل أهدى النبي فكافاه النبي فلم يرض)) فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَقَدْ هَمَمْتُ أَلا أَتَّهِبَ إِلا مِنْ قُرَشِيٍّ ، أَوْ أَنْصَارِيٍ
ّوالأخت هنا وجب عليها مراعاة زوجها فربما يكون زوجها لا يرضى بقبول النبي فلا تقبلها
ولقد اخرج الإمام مالك بسند حسن عن عائشة (كان الرسول يقبل الهدية)
وأيضا من الحقوق

(9)
إجابة الدعوة

فقد ورد عن النبي انه قال (
حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة المريض وإتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس)
وهناك حديث أخر
(
حق المسلم على المسلم ست قيل ما هن يا رسول الله ؟ قال إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه))



هناك تعليقان (2):