>

السبت، 5 يناير 2013

تفسير سورة الحجرات اية (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ


  
 


بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم, أما بعد
كنا قد وقفنا عند آية "
(إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)
هذا أيضا من ضمن الآداب التي أدب الله بها المؤمنين وبعد
أن استهل السورة بالتوضيح والبيان لمصدر  التلقي والقصر والحصر علي مصدر تلقي واحد وهو الوحي سواء كان قرءانا أو سنة, ثم سن بعد ذلك بتوقير  مبل للوحي وهو النبي صلي الله عليه وسلم توقيرا عاليا ومراعاة أدق الأمور  من عدم رفع الصوت بحضرته ومن عدم مناداته كنداء المؤمنين بعضهم لبعض ثم ثلث بذكر أن هذه الوصايا والنداءات إنما ينتفع بها من محصت وامتحنت قلوبهم للتقوى وصفاها الله عز وجل بمثلهم
ثم يذكر الله عز وجل الموقف وهو " إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ فمن الذين ينادون النبي؟؟
هذا الاسم الموصول عائد علي من؟؟
هذا فيه إشارة إلي الحادث الذي وقع من
وفد بني تميم,, وهذا الوفد كان فيه أعراب جفاة قليلي التحضر  وقليلي التمدن ولو يخالطوا أهل القرى يتعلموا من رقتهم ومن أدبهم
فوقع منهم أمر مؤذي ومحزن للنبي صلي الله عليه وسلم
أتي وفد بني تميم فقدموا المدينة في وقت القيلولة فسئلوا عن النبي صلي الله عليه وسلم فأُخبروا أنه في حجراته الحجرات جمع حجرة وهي بيوت نساء النبي صلي الله عليه وسلم (أماكن المبيت) وكانت حول المسجد يعني تفتح في المسجد
فوقفوا هكذا بكل جفاء ينادون النبي صلي الله عليه وسلم أمام الحجرات "يا محمد يا محمد أخرج إلينا فإن مدحنا زين وإن ذمنا شين" (هذا مجمل ما ذكره أهل التفسير في سبب نزول هذه الآية)
فأخرج الإمام أحمد في مسنده عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن الأقرع بن حابس أنه نادي علي النبي صلي الله عليه وسلم من وراء الحجرات فقال له"
يا محمد"

وفي رواية أخري "يا رسول الله" فلم يجبه
فكرر "
يا رسول الله إن حمدي لزين وإن ذمي لشين" فقال النبي صلى الله عليه وسلم  ذاك الله عز وجل
قال ابن جرير بإسناده عن البراء في قول " إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ.. أن رجلا جاء الرسول صلي الله عليه وسلم وقال "يا رسول الله إن حمدي زين وإن ذمي شين" فقال ذاك الله عز وجل
وعن زيد بن أرقم أ،ه قال اجتمع أناس من العرب فقالوا انطلقوا بنا إلي هذا الرجل فإن يك نبيا فنحن أسعد الناس به
 وإن يك ملكا نعش بجناحه قال فأتيت الرسول صلي الله عليه وسلم فأخبرته بما قالوا فجاؤا إلي النبي في حجرته وأخذوا ينادونه في حجرته يا محمد يا محمد فأنزل الله عز وجل هذه الآية "" (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)
هذه الأحاديث تجعلنا نقف علي معني مهم جدا وهي أن الأعراب يتصرفون علي سجيتهم وطبيعتهم ولكن ليس معني أن هذه سجيتهم يُتركوا ولا يحاسبوا علي هذا ولكن أدب الله عز وجل هؤلاء الأعراب بهذه  الآية وعلمهم بل لامهم وذمهم ونبههم علي خطأ ما فعلوا فهذا أولا
فنستفيد الآن أن أي أخت الآن تقول أن طبعي هكذا,, يعني يأيتها الأخت الفاضلة
"ليه بتعلي صوتك علي زوجك أو ليه بتكلمي ولدتك بهذه الطريقة؟؟" ترد وتقول بكل سذاجة "أنا طبعي كده أنا كده عصبية أصلا"
يعني إيه طبيعتك عصبية؟؟
والله أننا مش ننكر أن طبيعتك كده ولكن سنقول أن الإسلام أتي لتغيير الطباع وأتي لتعديل الطباع ولتصحيحها وأتي للتخلص من أسر العادات ولذا كان يقول ابن القيم رحمه الله : العادات من موروثات الجاهلية,, يكون الإنسان أسير العادة

مثلا الأخت تصيبهم ضائقة مالية فتكون في حالة قلق وعصبية دائمة
طيب إيه المشكلة؟؟ تقول "
والله أنا مبعرفش أعيش في هذا المستوي الاقتصادي"
طيب ماشي هذه طبيعة فماذا الجهد الذي بذلتيه لتغيير هذه الطبيعة
ومن هنا نستدل أن ليست طبيعة الإنسان وجبلته حجة له في أخطائه
لا هذه ليست حجة تنفعه عند الله عز وجل
فهؤلاء أعراب جفاة ولكن الله عز وجل لامهم في هذا التصرف
ولابد أن نقف وقفة مع كلمة الحجرات: فهيا بنا نتصور بيت النبي صلي الله عليه وسلم
الرسول صلي الله عليه وسلم وهو خير من وطئ الحصى وهو حبيب الله عز وجل
وهو أفضل من عبد الله عز وجل من الورى وهو الشافع المشفع يوم القيامة والذي هو أمته أكثر أهل الجنة ففي الحديث "ثلثي أهل الجنة"
والذي هو ترك دولة تأسست في أعوام والتي توافق في زمن الدول هذا الزمن ساعات,, فماذا تعني 12 سنة في تأسيس دولة الآن ثم تكون هذه الدولة نواة إمبراطورية كبيرة سيطرت علي المشرق والمغرب والشمال والجنوب,, وبشرنا النبي صلي الله عليه وسلم وقال إن الله ذوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن ملك أمتي سيبلغ ما ذُوي لي منها
فتخيلوا النبي صلي الله عليه وسلم ومعه أصحابه الذين كانوا علي استعداد أن يموتوا دونه,, كيف كانت عيشته؟؟ وكيف كانت حياته صلي الله عليه وسلم؟؟
كان النبي صلي الله عليه وسلم يسكن الحجرات وكان عدد نساء النبي صلي الله عليه وسلم حينها تسعة وكان لكل امرأة حجرة
فأخرج البخاري في أدب العرب عن داوود بن قيس,, وصف الحجرة الواحدة,, رأيت الحجرات من جريد النخل مغشاة من خارجها بمسوح الشعر
وعن الحسن رضي الله عنه قال: كنت أدخل بيوت أزواج النبي صلي الله عليه وسلم في خلافة عثمان فأتناول سقفها بيدي يعني تقريبا كان ارتفاعها لا يزيد عن اثنين مترا وستون سنتي مترا

ويقول الحسن رضي الله عنه وقد أدخلت في المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك (تقريبا 95 أو 98 هجري) وبكي الناس لذلك
فإذا تخيلنا مسجد النبي صلي الله عليه وسلم أنه كان محاط بحجرات نسائه وكان كل حجرة لها باب يفتح في المسجد وعندما توفي النبي صلي الله عليه وسلم دُفن في حجرة عائشة رضي الله عنها..
فبدأ الوليد بن عبد الملك بهد الحجرات لتوسيع المسجد وذلك لضيق المكان علي المصلين وترك الغرفة التي دُفن فيها النبي صلي الله عليه وسلم حيث أنه لا يمكن نفش قبر النبي صلي الله عليه وسلم لحرمته, فبذلك وسع الوليد المسجد
فهل دُفن النبي صلي الله عليه وسلم في مسجد؟؟ لا لم يدفن النبي في مسجد ولكنه دُفن في غرفة زوجه فثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال يُدفَن الأنبياء حيث يموتون وهو عليه الصلاة والسلام مات في غرفة عائشة رضي الله عنها ف دُفن فيها فهذه كانت حياة النبي صلي الله عليه وسلم
ويقول سعيد بن المسيب رضي الله عنه إذ ذاك: والله لوددت لو أنهم تركوها علي حالها ليراها النشء من أهل المدينة ويقدم القادم من الآفاق فيري ما اكتفي به النبي صلي الله عليه وسلم في حياته  فيكون ذلك داعيا إلي ترك التفاخر والتكاثر
وهنا يُخاطب النساء من باب أولي لأن النساء هم أكثر تعلقا بالدنيا وخير نساء  عرفتها البشرية هن  نساء النبي صلي الله عليه وسلم وقد عُوتبوا في ذلك فقال الله  عز وجل( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا (28) وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا ()
فلما نزلت دعا النبي صلي الله عليه وسلم عائشة أول من دعا وقال لها استأ مري أبويك فقالت يا رسول الله فيم استأمر أبوي؟؟ فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة

وبالتأكيد ليس معني اختيار الدار الآخرة أن الإنسان يبحث عن الفقر  ولكن معناه أن الإنسان يجعل الآخرة همه ويجعلها هي الأولوية الأولي في حياته,,
لحديث النبي صلي الله عليه وسلم "من أصبح والآخرة همه جمع الله عليه شمله وأتته الدنيا وهي راغمة وجعل غناه في قلبه"
فمعني تردن الله ورسوله والدار الآخرة : أن يجعلنها هي الأولوية الأولي التي يضحي من أجلها متاع الحياة الدنيا وزينتها
فالأخت التي تكون ترتيب أولويتها الحياة الدنيا قلا تخدع نفسها لأنها لا تصلح أن تكون امرأة داعية أو امرأة مجاهد أو منشغل بأمر المسلمين,, أبجا فالعلماء هم ورثة الأنبياء والأنبياء أم يورثوا دينارا ولا درهما فمن أخذه أخذ بحظ وافر
فألا تتق الله أخت تري زوجها يعمل بالدعوة وهو أيضا يواصل الليل بالنهار ثم هي تريد أن تكون مثل صويحباتها من عموم النساء.. (ليه أنا مش زيهم) فهي تمارس عليه ضغوطا ثم ينزغ الشيطان في قلبها وتبدأ أن تري أن ما مع زوجها من قرآن أو علم لا يوازي ما مع غيرهم من المال والجاه..
لا فأنت لما سلكت طريق التدين والالتزام المطلوب منك أكثر من لبس النقاب أو أداء الفروض وتعتبري أنك بذلك عملت كل ما عليك
فهل يستطيع الرجل فقط حمل هم الدين؟؟ لا والله فالنساء شقائق الرجال ويجب أن يحملن معهم هم هذا الدين ونصرته..
"نعم المال الصالح للرجل الصالح"
" {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ "
فهذا دليل علي أن ليس معني أن يجعل الإنسان الآخرة همه الأول أن يبحث عن الفقر
ولكن هو يصرف في معاشه وحياته عدة ساعات فقط من يومه فلابد أن يقتصد الإنسان من هذه الساعات حتى ينفقها من أجل الدين فكيف تنتشر الدعوة وكيف تمهد الطرق لإقامة الدين؟؟
إذن لا نريد قراءة هذه الآيات بدون التفكر فيها فعندما نسمع "(إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ
فنعرف حينئذ أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يسكن الحجرات فكل امرأة من نساء النبي صلي الله عليه وسلم كانت لها حجرة واحدة فقط تبيت فيها
وكان المكان ضيق جدا فإذا كنتن تردن معرفة ضيق المكان فنرجع إلي حديث عائشة رضي الله عنها "لما قام النبي صلي الله عليه وسلم يصلي بالليل فقالت كنت مستعرضة في القد فإذا سجد النبي صلي الله عليه وسلم غمزني فقبضت رجلي "

فبيت النبي كان شدة في البساطة كما جاء في ما ذكرنا في الأحاديث والآثار
فكل نبي يجب أن يعيش بما تيسر له فإن كان غنيا أو ثريا فليعش كما يحلو له ما لم يقترب من الإسراف ولكن الأهم أنه لا يجعل الدنيا هي أهم أولوياته في حياته
فمثال: أخت من أسرة غنية وأرادت أن تتدين وتلتزم وهي في سخونة التزامها ووقت الشباب تأبي أن تتزوج إلا رجلا ملتزما عاملا بالدين,, فيتقدم لها شاب ملتزم ومتوافق معها اجتماعيا وفكريا ودينا ولكن أولوياته مرتبة بحيث أهم ما يشغله هو العمل بالدين فبالتالي هو لن يسافر بالخارج للعمل ليأتي بالسيارة وأفخم الملابس وهكذا مما نعرفه من زينة الدنيا
فبعد فترة نجد تلك الأخت بدأت بالشكوى وتكون سريعة الضجر تفتعل المشكلات لا تصبر علي الحياة
فعندما نبدأ تجلس مع نفسها وتشخص مشكلتها فتقول أن مشكلتها أنها لا تستطيع أن تتوافق مع هذه الحياة,, فنسألها سؤال واحد: عندما تزوجتي هذا الأخ تزوجتيه وهو علي هذا الحال أم خدعك مثلا؟؟ تقول لا تزوجته علي هذا الحال.. إذن وافقتي عليه ليه؟؟ تسكت الأخت ولا تجد الإجابة..
نقول لكي نحن لما وافقتي عليه,, لأن أيامها كان مؤشر التدين والالتزام عندك عالي وكان المقام الأول في اختيارك هو الدين وهو ما كان يتوافر عن هذا الأخ,, السؤال: هل تغير دينه؟؟ لا لم يتغير دينه,, طيب هل هو متكاسل لا يوجد عنده مهنة يتكسب منها؟؟ لا عنده مهنته بالطبع,, إذن لما تغير كلامك؟؟
إذن الشاهد أن يجب ترتيب الأولويات فنساء النبي لم يكن عندهن من متاع الدنيا مثلما كان عند غيرهن ومع ذلك فهن من نساء المؤمنين وفضلهن علي الأمة عظيم
نرجع مرة أخري "(إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ " وهنا أدب جم وفائدة ضخمة: رب العالمين يتكلم ويقول " أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ " ما هذا الإنصاف الكبير من رب العالمين عز وجل فلم يقل كلهم لا يعلمون مثلا,, مثلما يحدث مثلا عندما تحدث مشكلة يقولون كل الإخوة هكذا وكل الأخوات مثلا هكذا
فلم يعمم هنا الله عز وجل ولكنه قال "َأَكْثَرُهُمْ".. الإنسان يبرأ لنفسه ولا يورط نفسه ورطة شرعية وأن يجازف ويقول كلمات يحاسب عليها أمام الله سبحانه وتعالي فلابد له أن يضبط لسانه ويكون عنده إنصاف
وما الأزمات التي نحياها الآن إلا لعموم الجور والبغي وعدم الإنصاف
فمثلا داعية شهير رأي من أخيه من الدعاة موقفا يحتمل أن يفصل تفصيل صحيح ويحتمل أن يفصل تفصيل فيه إساءة فبمنتهي الجور والبغي يأخذ التفسير الذي فيه إساءة ويثري  في عرضه  ثريا
وأعجب العجائب في هذه الأيام : أن كل أحد يكون في صدره شئ يطلع علي التليفزيون ويكلم الملايين طيب هي الناس مالها ومال الكلام اللي بيحصل؟؟ ده اسمه جور وبغي

وأيضا نوع آخر من الجور والبغي أن هذا الإنسان الذي أخطأ,, من الذي قال إنه يحل عرضه وعقوبته؟؟ ومن الذي قال أنه يصح لنا أن نقول أنه أخطأ ؟؟ فهل يصح لنا أن نتناوله بألسنتنا وأقلامنا علي المنتديات والمواقع المختلفة وشبكات النت بالتجريح وبالإساءة؟؟
حتى يُعاب علي بعض من يقود الحركة الإسلامية فليس من المفروض التعميم وقول إن كل علماني كافر ففي منهم الجاهل وفي منهم من لا يفهم حقيقة معني العلمانية وفي منهم المتأول وفي منهم اللي عنده مانع,, أيا كان لكن نعمم؟؟
فقضية  تعميم الجور دي قضية كبيرة ومشكلة كبيرة.. فماذا لو قلنا الآن مثلا كل المتبرجات ساقطات,, هل ينفع؟؟
فالخطاب هنا للأخوات ألم يسبق لكن أن التقيتن أخت متبرجة عندها من الأخلاق والقيم  ما ينقص كثيرا من المتحجبات بالحجاب الشرعي؟؟ فلماذا التعميم الظالم وده اللي بيخلي الناس تسئ الظن فينا
يعني بعد عدة حوادث مشتهرة وبعد ما الإعلام صورها وكبرها وأشهرها,, قرأت تعليق علي أحد الأخبار عن نائب مجلس الشعب وما بدر منه وطبعا نحن لا نعرف ما هو الصحيح ولكن نميل إلي أن نحسن الظن به وذلك لما اشتهر عنه من الإحسان و ليس هناك أحد معصوم,, فقرأت تعليق لواحدة لا يبدو أنها متدينة يعني عادية كاتبة: عشان طول عمركم تقولوا المتبرجات المتبرجات وإحنا كمتبرجات أفضل في الخلق وأعلي في الشرف وقعدت تمدح في التبرج,, لا يعنينا من هذه السطور المكتوبة عندها جرح في قلبها وفي كرامتها من تعامل المتدينين معها,, نظرة دونية ونظرة احتقار ,, هي طالما مش لابسة الحجاب الشرعي إذن فهي ساقطة,, لا ليست بساقطة ولكنها عاصية,,

فهناك فرق بين الاثنين فالسقوط معناه: انحطاط الخلق,,
فلو الخطاب بتاعنا اتسم بالعدل نعيش حياة سوية
فالله عز جل قال "أكثرهم" فهذا الوفد القادم في بعض التفاسير يقال إنهم 70 فالله عز وجل لم يعط السبعين حكم واحد,,
"لا يعقلون" العقل عقلان: عقل تكليف وعقل رشد
فهل معني لا يعقلون: أنهم مجانين؟؟ أنهم لو كانوا مجانين كانوا غير مكلفين وساعتها مكنش هيكون عندنا مشكلة,, لأنه رفع القلم عن المجنون حتى يفيق هذا اسمه عقل التكليف
وهناك نوع تاني من العقل وهو عقل الرشد والمنافي لإتباع الهوى والمنافي للسفه والمنافي للحمق فهذا العقل هو الذي يحجز الإنسان عن فعل ما يضره
فبعض الأحيان نسمع قول "أخت عاقلة" هل يعني هذا أن بقية الأخوات مجانين؟؟ لا ولكن العقل هنا يجعلها تنظر وتتدبر في عواقب الأمور , ليس عندها طيش, ليس عندها خفة في التعامل لكنها تتروي وتتأمل, لا تقابل الإساءة بالإساءة عندها مهارة كيف تعامل من معها من الأخوات بكافة الأنواع,, وهذا ما يكسب التدين وهو عقل الرشد,,
يعني مثلا الإنسان الذي يمارس المعصية ويصر عليها ويؤخر التوبة بل ويتركها ويصر علي المعاصي,, فهذا نقول له أنت عقلك غير مكتمل,, فلو كنت عاقل تعرف انك تضر نفسك
فالمعاصي لا تضر إلا من يفعلها فالله عز وجل قال "لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا علي أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شئ,, إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني"
ولذلك سمي فعل العبد للمعصية ظلم لنفسه قال تعالي "ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم"
"ولكن أكثرهم  لا يعقلون" يعني أغلب هؤلاء الأعراب ليس عندهم عقل رشد وليس عندهم هذا الاطمئنان النفسي والسكينة القلبية والإيمان العالي الذي يمنعهم من فعل هذه المعصية,,

فمعني آخر في الآية لا ينبغي علينا أن نفارقه: لماذا نادي هؤلاء علي النبي صلي الله عليه وسلم ؟؟ لأنه كان في وقت القيلولة
فمسألة: هلي يصح للنبي صلي الله عليه وسلم وهو ولي أمرهم ومسئول عنهم أن يحتجب عن الناس؟؟ هل يحق له أن يأخذ قيلولة؟؟
قال القرطبي: لم يكن النبي صلي الله عليه وسلك يحتجب عن الناس إلا بالانشغال بمهمات نفسه ( من نوم أو أكل أو يقضي بعض مهمات أهله أو يخيط شئ مثلا)
فكان يبذل عامة  وقته للناس  ولكن هذا لا يمنع أن يخلو بنفسه ولو لسويعات قليلة ليقض حاجات نفسه وأهله يجمع فيها شمله ويريح فيها بدنه ويصلح فيه أموره ويتناول فيها طعامه
هنا نقطة مهمة: كثير من الناس يزعل عندما يتصل بمشايخ الدعوة ويقول أنه لا يرد علي,, (هو يعني مش عارف إنه عايزه في مصلحة؟؟ لازم أكون عيازة في مشكلة) وكلام من هذا القبيل..
فمثلا أحد المتصدرين في الدعوة أو هذا الشيخ الذي يتصل عليه الناس ممكن يكون مثلا كان جالس في درس أو في اجتماع أ, ممكن يكون جالس يحضر درسه
ممكن يكون يصلي أو ممكن يكون عنده شغل ممكن يكون نائم فهناك 100 عذر
فلا ينفع طالما الإنسان تعرض للعمل العام سواء دعويا أو بذل نفسه للمسلمين مينفعش يكون ده في حسنا معناه أنه لا وقت له للخصوصية أبدا وأن لا ينبغي أن ينفرد عنا طرفة عين ومعناه أن يكون هذا الرجل وقف لنا جميعا,, فهذا الكلام خاطئ لا محالة,, لأن النبي صلي الله عليه وسلم كان يؤذيه بعض الأمور وقوم الله عز وجل المسلمين فيها
فالنبي صلي الله عليه وسلم تأذي لهذا النداء المنافي لأبسط قواعد الأدب,, فاستيقظ مفزوعا علي ندائهم وهو ينادونه بأعلى أصواتهم
وأيضا كان النبي صلي الله عليه وسلم يدعو بعض أصحابه للطعام,, فكان عندما يدعوهم للطعام يحضروا مبكرا وينتظروا إلي أن يُسوي الطعام وبعد الأكل كانوا يجلسوا ليتسامروا ويتجاذبوا أطراف الحديث بحضرة النبي صلي الله عليه وسلم,, فقال الله تعالي فيهم "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ "
فالنبي كان يستحي أن يواجه أصحابه بشئ يكرهونه,, فأنزل الله عز وجل هذه الآيات ليرفع الحرج عن نبيه,, وكان إذا صافح أحدا لا ينزع يده حتى ينزع الرجل يده من الحياء,,

وكانت الجارية الصغيرة وكأن عقلها فيه شئ تأخذ بيد النبي صلي الله عليه وسلم فتطوف به شوارع المدينة وهو لا ينزع يده من يدها
فحياء النبي صلي الله عليه وسلم كان بعض الناس تسئ استخدامه
والله عز وجل يغضب لنبيه فقال تعالي يَا أَ
يُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ.........."
ومعني هذه الآية أيضا أن النبي صلي الله عليه وسلم لما تأذي منهم وتضرر  لام الله عز وجل هؤلاء وأخبرهم أن طبيعتكم التي أنتم عليها من الجفاء والغلظة تؤذي رسول الله فما ينبغي لكم أبدا أن تنساقوا لطبيعتكم التي أنتم عليها
وهنا نأخذ من هذه الآية عدة فوائد :
1. هناك بعض الأخوات متصدرات للدعوة,, مينفعش بقي الأخوات يتقلوا علي هذه الأخت المتصدرة ويتصلوا بها في أي وقت علي اعتبار أنها متفرغة فقط للعمل الدعوي
,, فلا بد من احترام خصوصيتها 
2. من تتصل علي الأخت المنشغلة بالدعوة لا يصح أن تكلمها
بكلام ليس له فائدة وليس من ورائه طائل وألا تثقل عليها
3.
لابد من مراعاة آداب الزيارة ووقتها ومدتها ومراعاة البيوت التي تتحمل هذا والبيوت التي لا تحتمله
يقول  عز وجل "
وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
الفائدة هنا : الصبر الذي يحتاج إليه الإنسان حتما في تعديل أمور حياته وتعديل أخلاقه وفي التخلي عن المحرمات والصبر علي الطاعات,, كل هذه الأشياء تحتاج إلي صبر
ما الخير لهم في هذه الآية؟؟ هل خيرا لهم في دينهم أم خيرا لهم في دنياهم؟؟
أولا: خيرا لهم في التأدب مع النبي صلي الله عليه وسلم
ثانيا: خيرا لهم في طاعة الله عز وجل وإرضائه,, فالله عز وجل يغضب لنبيه ولا يرضي لنبيه أبدا أن يُؤذي أو يُضايق

ثالثا: أنه خيرا لهم من جهة إدراك حاجتهم فإن المرء إن كان طلبه قائم علي الأدب والتواضع والانكسار كان أدعي إلي قضاء حاجته,, وقد قيل في بعض الأقاويل أنهم جاءوا وقدموا لفكاك بعض الأسري,, فكان ينبغي عليهم كذلك أن يتلطفوا للوصول إلي ما يريدون

وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
 هذا التذييل نخرج به أن الله عز وجل غفر لهم خطيئتهم وصفح عنهم هذه الذلة
وقد قلنا قبل ذلك أن تذييل الآيات شيئا مهم جدا,, فمثلا تذييل آية حد الحرابة في سورة المائدة فننظر إلي أسماء الله عز وجل الموردة في هذه الآية "
إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ... (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
أخذ منها بعض الفقهاء أن المحارب أو قاطع الطريق ومن استوجب حد الحرابة إذا تاب قبل أن يُقدر عليه فتسقط عنه المؤاخذة ويسقط عنه حد الحرابة المجردة ولكن يؤاخذ بما أتلف من أموال الناس والأنفس ,و فقد استفادوا ذلك الحكم من آية (
إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) " فعلموا أنهم إذا تابوا قبل أن يُقدر عليهم يسقط عنهم حد الحرابة

وكذلك في سورة المائدة: "
َالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " (المائدة :38)
مر أعرابي يوما والقارئ يقرأ هذه الآية فأنهاها ب "والله غفور رحيم" فوقف الأعرابي وقال للقارئ من قال هذا الكلام؟؟ قال: الله ,, قال الأعرابي: ما قال الله هذا الكلام
فاستغرب الرجل وأعاد الآية مرة أخري وأنهاها ب
"والله غفور رحيم" فقال الأعرابي ما قال الله هذا الكلام
فعادها مرة ثالثة وقال "
وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " قال الأعرابي : هذا كلام الله
وهذا الأعرابي لم يكن حافظ القرآن,, فمن أين عرف أن هذا الرجل أخطأ في تذييل هذه الآية؟؟
قال الأعرابي له: إذا كان الله غفر له فرحم,, فلم أمر في أول الآية بقطع الأيدي؟؟
لكنه لما عز فحكم أمر بقطع أيدي السارق والسارقة
فمعني إدراك تذييل الآية مهم جدا

الفائدة في غفور رحيم أن الله عز وجل تجاوز لهؤلاء عن خطئهم الذي وقعوا فيه
وفيه أيضا فائدة أخري:
أن الأخطاء تتناسب مع أقدار من يفعلها فليس الخطأ الذي يخرج من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما "كاد الخيران أن يهلكا" كالخطأ الذي يصدر من آحاد الصحابة أو من الأعراب الجفاة الذين لم يتأدبوا مع رسول الله صلي الله عليه

فيجب أن ننزل الناس منازلهم ولا نكلف نفسا أكتر مما تقدر عليه فنقوم أخلاقهم وننصحهم ونعدل علي أخطائهم وسلوكهم ولكن لا ينبغي لما أبدا أن نعامل الناس كلها معاملة واحدة فالناس أقدرا وكل شخص له طبع خاص وقدرات خاصة
فلا يجب أيضا أن نغفل هذه القدرات ولا ينبغ أن نتغافل عنها

فالأعراب نقول لهم قد أخطأتم خطأهم ممكن يتعدل
عكس شخص آخر فعل نفس الخطأ لكنه من أهل الفضل ومن أهل العلم فيُعفي عن الخطأ

وبهذا نكون قد أنهينا تفسير آية ""
(إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم


















هناك تعليق واحد: