>

السبت، 9 أبريل 2011

مذكرات سلفي مع النظام البائد!!
(1)
في النظام البائد
أنا كنت ملف كبير علي رف خشبي
أوراق كلها معلومات وتحقيقات ومتابعات
في النظام البائد
أنا كنت مسجوناً داخل ملفي
صوري وأنا في الجامعة تملأ  ورقي
صوري بعد التخرج
وبعد الزواج
وبعد الولد الأول
وبعد سفري
وبعد نومي
وبعد خروجي من الحمام
وبعد ذهابي إلي السوبر ماركت
صوري في كل مكان
داخل ملفي!!
في النظام البائد
أنا كنت سطرًا في المقدمة
خطراً علي الأمن
وعلي البيت
وعلي الشارع
وعلي المدرسة
وعلي الأطفال
وعلي الأولاد
وعلي الشباب
وعلي الرجال
لذلك حرموني
وحرموا  أولادي  وزوجتي
وأمي  وأبي
وأختي  وأخي
وأحبابي  وأصحابي
وعملي وعمالي
من رؤيتي
من بسمتي
من طلتي
لأن خطورتي فاقت الحدود
وقد صبروا  عليَّ  بلا حدود
فكانت رؤيتهم أنني لابد لي من حدود
وقيود
فالحياة عندهم بغير القيود جمود!
وهم متشددون
فالتحرر بدعة أوربية
لا يوقفها إلا القيود الفرنسية
حيث أن قيودهم مكتوب عليها
صنع في فرنسا بلد الحرية !!
في النظام البائد
أنا لم أكن إنساناً له حرية
حيث أنني قانونياً غير مصرح به
إلا بتصريح خاص
من مكان خاص
ولمهمة خاصة
ثم أعود كما كنت
غير مصرح به !!
فلا تسافر إلا بتصريح خاص
وتمر علي جهاز خاص
وفي المطار يوقفك جهاز خاص
وعندما تعود لا تخرج إلا بعد تحقيق خاص
وبعد أيام يأتيك استدعاء خاص
ثم تحقيق خاص
إلي أن تتمني يوماً  الخلاص
فلقد كثر الخاص
مع أننا من عامة الشعب!!
ورغم ذلك
لم نسمع يوماً عن دعاة الحرية
ولا عن منتقدي القيود الفرنسية
ولا عن منظمات المجتمع الهندية!
فأين مرتادي الصالونات الثقافية ؟
وأين محبي الكاتونات الأدبية ؟
أين حقوقنا الشعبية ؟
أين حقوقنا الإنسانية ؟
لماذا سكت دعاة العلمانية
والليبرالية
ودعاة الدولة المدنية ؟
هل لأنني صاحب لحية سنية ؟
أم لأنني عشت غير آبه للديمقراطية ؟
أم لأنني لم أذهب يوما للصناديق الزجاجية ؟
أم لأنني لم أعبد يوماً غير رب البرية ؟
في النظام البائد
أنا كنت رجلا دعوياً
عندما أتكلم بالحق أجد استدعاءًا  فورياً
كيف لمثلي أن يتكلم بحرية ؟
أأنت معك رخصة قانونية ؟
أأنت تعلمت في مدارس زقزوقية ؟
وأخذت إجازة بالطريقة الطنطاوية ؟
ولكن كيف لمثلي أن يحصل علي هذه المناقب الهزلية ؟
فهذه تحتاج إلي مشاريب
ومزيداً من المعازيم
وكثيراً من المجازيب
كلهم يسبحون بالحرية
وأن الداعية في هذا الزمن
يتمتع بأكل المهلبية!!
في النظام البائد
أنا كنت رجلا ولا كل الرجالِ
يتم احترامي
وسحلي
وضربي
وتعليقي كجوز الحمامِ
لا أسمع إلا شتماً
يطوف بأذني
كأنه ضرب من الخيالِ
كنت أعامل دائماً بكل احترام
في الصيف بلا ملابس
لأن الحر قاسي
فلا داعي للكراسي
ولن يدعوني أبداً أقاسي
أمّا الشتاء
فلا داعي ايضاً للملابس
فأنا في الغرفة وحدي
فما الداعي لأن أستر نفسي باللباسِ
ولا داعي للكراسي
ولن يدعوني أبداً  أقاسي
في النظام البائد
أنا كنت دائماً حر
أخرج من غرفتي إلي صالتي
بلا  أي  تعب أو كد
وإذا  أردت  أن أتناول طعامي
كلمت مامي
وطلبت منها غذاءاً  بلا حد
وإذا شعرت بأنني أحتاج إلي المزيد
استزدت من غير قيد
فانا حر
أنا حر
في النظام البائد
أنا كنت خارجاً علي ولي أمري
لأن الخروج كان في دمي
وكان هناك شيخاً
يحاول أن يستملني
يذكرني ببيعة مصاص دمي
وأنه لا خير فيَّ
إلا أن أبايع عمي
وأن الدليل الواضح علي ذلك
أن مصر هي أمي !
واللي يتجوز أمي
نقوله ياعمي!!!!!!!!!!!!!
يتبع إن شاء الله
بقلم/ الشيخ محمد بن سعد الأزهري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق