>

الاثنين، 26 سبتمبر 2011

الدرس الاول من دروس التربية - إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ


بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله                    
- درس يوم الاثنين في تربية النفس على المعاني الشرعية سواء كانت معاني واجبة أو مستحبة.
- المقصد الأساسي من دروس التربية هي إيقاظ القلب ومخاطبة القلب
 وليس المقصود فيها  كثرة النقل  ولا المقصود فيها إيراد المسائل العلمية ..
بل المقصود فيها إيقاظ القلب ومخاطبة القلب وقرع القلب بأظافر الوعظ بحيث ننبه هذا القلب
فممكن يكون المعنى معلوم ذهنيا معلوم بالعقل
ولكن فرق شاسع بين العلم والحال !!
مثال: تقريبا كل المسلمين يعلمون أن الصدق فضيلة وأنه واجب , وأن الكذب رزيلة وأنه محرم  وهذا علم عقلي ذهني ولكن من الذي حاله هو حال الصادقين ؟!
تحويل المعنى العقلي المعرفة الذهنية إلى واقع إلى حال
حال يعنى أن أمر يحل بالإنسان
 وقيل حال لأنه ممكن  يتحول عنه  يعنى ممكن يفارقه
وبلغة أهل السلوك والرقائق أن المقصد الأعلى أن يتحول هذا الحال إلى مقام أي أن الإنسان يثبت ويقيم على هذا المعنى الشرعي الذي يحبه الله وتعالى
والمعاني الشرعية إما واجبة وإما مستحبة.
فهذا هو المقصد الأساسي من درس التربية  وهو عرض المعاني
قد تكون المعلومة ليست جديدة ولكن نريد أن نسلط عليها الضوء أو أن نستفز عواطف ومشاعر القلب للتيقظ والانتباه لاستقبال هذا المعنى العقلي ثم إيداعه في القلب ليترجم بعد ذلك إلى عمل سلوكي.
نبدأ بقول الله عز وجل  :
{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرً  {الإسراء: 9
هذه آية مكية وتحتاج منا أن نقف أمامها وقفة  تدبر  وهى أشبه بالمقدمة لما سندلف له من موضوع
إن هذا القرآن يهدى للتي هي أقوم (التي اسم موصول عائد على الطريقة التي هي أقوم)
وأقوم :أعدل وأحسن وأصوب
ـ يهدي للتي هي أقوم. أي الطريقة التي هي أسد وأعدل وأصوب،... وهذه الآية الكريمة أجمل الله جل وعلا فيها جميع ما في القرآن من الهدى إلى خير الطرق، وأعدلها وأصوبها، فلو تتبعنا تفاصيلها على وجه الكمال لأتينا على جميع القرآن العظيم؛ لشمولها لجميع ما فيه من الهدى إلى خيري الدنيا والآخرة.

يهدى إلى التي هي أقوم في الاعتقاد و تصحيح التصور وتصحيح المفاهيم التي يولع بها الإنسان ويدركها ويعرفها ويوقنها

فمثلا ما أشد شقاء النصارى الذين إبتُلوا بأن يعتقدوا بهذه العقيدة الباطلة ألا وهي عقيدة التثليث ثم يقال لهم هذا حق  يجب أن تؤمن بها هكذا دون أن يفهم معناها وبعضهم  يقول لو آمنت حق الإيمان أتاك الفهم من الروح القدس
القرآن يهدى للتي هي أقوم في باب المعبود
تخيل أن إنسان لا يستطيع أن يقتنع بأن معبوده الذي يعبده هو ثلاثة فى واحد وواحد فى ثلاثة ( والثلاثة ليس واحد وإنما بينها تناقض عجيب فى الصفات والطبائع) ويعجز أي عقل بشرى عن استيعابها

أما القرآن يهدى للتي هي أقوم فى باب العقيدة....
فى باب المعبود الذي نعبده من هو.... ما هي صفاته.... ما هي أسمائه
يهدي للتي هي أقوم في كل أمور الغيب من أمور الملائكة.... أمور اليوم الآخر ....البعث.... النشور.... القبر ذكر يوم القيامة ... في أمور القضاء والقدر  ....بالطريقة التي أعدل وأسد وأصوب
أيضا يهدي للتي هي أقوم في العبادة وكيف يصل المرء بقلبه إلى ربه
بعد أن عرفت معبودي وعرفت ما هي أسمائه وصفاته أنَّى لي أن أصل إليه أنى لى أن أتواصل مع هذا المعبود الذي أحبه حبا شديداَ
كيف لي أن أروي ظمأ قلبي كيف لي أن أحمل معاني الخير ومعاني البر والخضوع.
أيضا هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم في أبواب المعاملات في البيع والشراء والشركة والهبة وفي أمور الزواج والطلاق وأحكام الأسرة والرضاع والحضانة والنفقات ..
يهدي للتي أقوم في أبواب الحدود والجنايات ونظام القضاء وإستيفاء الحقوق
يهدى للتي هي أقوم فى إقامة دولة قوية وإقامة أمة كاملة يبنيها ماديا ومعنويا
يبنى أبنائها أرواحهم قبل أجسادهم ولا يهمل بناء دنياهم مع ما جعل قصده الأول وهو تعمير أُخراهم
 إن كان هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم
 فحق علينا أن أردنا أن ننصف أنفسنا
أن نتعامل مع القرآن على أنه مصدر الهدي حصرا وقصرا   بمعنى المصدر الحصري للهدى

إذا قرأنا الورد أو عند دراسة الفقه عندما تمر علينا آية من آيات القرآن في درس الفقه نقف مع أحكامها ونقول هذه الآية تهدي للتي هي أقوم في بابها  كل آية فى أبواب العقيدة تهدي للتي هي أقوم في بابها
كل آية فى أبواب السلوك والتربية والسيرة وتربية الأبناء وأحكام الزواج  وغير ذلك ...تهدى للتى هي أقوم
 هذا هو التعامل اللائق لكتاب الله عز وجل.

من الأمور التى يهدى إليها القرآن
الإجابة على الأسئلة الفطرية التي فطر الله عز وجل الخلق عليها
هناك أسئلة تتردد في صدر وعقل كل إنسان مؤمن كان أو غير مؤمن مثل
من أنا ومن أين أتيت؟
 وإلى أين المصير؟
 ولماذا أتيت ؟
وكيف أعبر من مبتدأي إلى منتهاي؟
أسئلة عميقة في النفس وتلح على النفس إلحاحا...

اريد أن اعرض عليكم   نموذج من واحد من الذين سألوا أنفسهم هذا السؤال ولما أنه كان شاعرا أديب فعبر عن هذا الأمر ونظمه وكيف كانت حيرته وكيف كان اضطرابه وهو شاعر شامي نصراني اسمه إيليا أبو ماضي وله قصيدة أسمها الطلاسم من ديوان الجداول وهي قصيدة مشهورة لأنها للأسف تغنى بها مغنى قديم مشهور في الستينات ونعرض القصيدة حتى نعرف بعض  الأمثلة على أسئلة النفس
جئـت لا أعلـم مـن أيـن ولكنـي أتيـت
ولقـد أبصـرت قدامـي طريقـا فمشـيـت
وسأبقى سائرا إن شئـت هـذا أم أبيت
كيـف جئـت؟ كيـف أبصرت طريقـي ؟
لست أدري !

أجديـد أم قديـم أنـا فـي هـذا الـوجـود
هل أنـا حـر طليـق أم أسيـر فـي قيـود
هل أنا قائد نفسـي فـي حياتـي أم مقـود
أتـمـنـى أنـنــي أدري ولــكــني
لست أدري !

وطريقـي مـا طريقي؟ أطويـل أم قصيـر ؟
هـل أنـا أصعـد أم أهبـط فيـه وأغـور؟
أأنا السائر فـي الـدرب أم الـدرب يسيـر
أم كـلانـا واقــف والـدهـر يـجـري؟
لست أدري !
ليت شعري وأنا في عالـم الغيـب الأميـن
أترانـي كنـت أدري أننـي فـيـه دفـيـن
وبأنـي سـوف أبـدو وبـأنـي سـأكـون
أم تـرانــي كـنــت لا أدرك شـيـئـا؟
لست أدري !

أترانـي قبلمـا أصبحـت إنسانـا سـويـا
أتراني كنت محـوا أم محالا أم ترانـي كنـت شيئـا
الهـذا اللغـز حــل أم سيبـقـى أبـديـا
لسـت أدري ..... ولمـاذا لـسـت أدري؟
لست أدري !
.........
...........
إن يك الموت قصاصـا ً أي ذنـب للطهـارة
واذا كـان ثوابـا ً ، اي فضـل ٍ للـدعـارة
واذا كـان ومـا فيـه جـزاءٌ او خـسـارة
فـلـمَ الاسـمـاء اثـــم ٌ وصـــلاح ٌ
لـــــــــســـــــــت ادري
......

ان يك الموت رقـاداً بعـده صحـوٌ طويل
فلماذا ليس يبقـى صحونـا هـذا الجميـل
ولماذا المرء لا يدري متـى وقـت الرحيـل
ومـتـى ينكـشـف السـتـر فـنــدري
لست أدري !....
أوراء القبـر بعـد المـوت بعـث ونشـور
فحـيـاة فخـلـود أم فـنــاءٌ فـدثــور
أكلام النـاس صـدقٌ أم كـلام النـاس زور
أصحيـح ٌ أن بـعـض الـنـاس يــدري
لـــــــــســـــــــت ادري

طبعا نحن ندري أيها الحائر ولكنك لست تدري ...
......
أن أكن ابعث بعـد المـوت جثمانـا وعقـلا
اتـرى ابعـث بعضـا ام تـرى ابعـث كـلا
اترى ابعـث طفـلا ام تـرى ابعـث كهـلا
ثـم هـل اعـرف بعـد البـعـث ذاتــي
لـــــــــســـــــــت ادري
.....

ولعله وصل إليكم مبلغ الحيرة التي تستبد بالإنسان فتجعله يهذى!
هذا إنسان في حيرة ومتمزق نفسيا
وكل من يقرأ الأبيات من المؤمنين يعلم الإجابات عن هذه الأسئلة
وأن الموتى ينقسمون إلى قسمين (فمنهم شقي وسعيد)

وكل إجابات هذه الأسئلة عندنا في القرآن فالقرآن يهدى للتي هي أقوم
ودينا الحنيف ولله الحمد يجيب عن هذه الأسئلة إجابات شافية ومرضية ولعل كثيرا منا لم يصب بهذه الحيرة لأنه خرج في جو ملتزم ولعل كثير وجد في هذه الحيرة والاضطراب لأنه فعلا لا يدرى ما مبتدأه ولا منتهاه ولماذا أُوجد فى هذه الدنيا وكيف يعبر
وكل هذا نجعلنا نقول أن هذا القرآن يهدى للتي هي أقوم.
وإليكم الإجابات على الأسئلة

سؤال1:من أنا ومن أين أتيت؟

الإجابة : قوله تعالى ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)
 وهذا يرد على نظرية الداروانية في كتاب أصل الأنواع  وكانت أساس تأسيس النظرية الشيوعية  بواسطة ماركس
وترد على الملحدين الذي ينكرون الكون ويرد على الخرافات التي يذكرها النصارى في أصل المنشأ وهكذا

سؤال2:إلى أين المصير؟

الإجابة:قال تعالي : (إليه المصير)
وقال (  يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ )
أن الإنسان بمجرد أنه خرج من بطن أمه فهو يسير  إلى الله ومطايا الإنسان
 ( المطية هي الدابة التي تحمل الإنسان) هي الليل والنهار تحمله ليل ويضعه نهار وكل يوم يمر على الإنسان يسقط فيه جزء من عمره ويقترب فيه خطوة من أجله
 المصير إلى الله ليجزى الإنسان بما عمل
(فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره من يعمل مثقال ذرة شرا يره)

سؤال3:لماذا خلقني الله في هذه الدنيا ؟
إذا أردنا أن نتكلم مع إنسان غافل أو بعيد عن هذا الطريق  أقول له بداية الأمر أرفع رأسك إلى السماء ماذا ترى؟  ترى سماء مترامية الأطراف وترى نجوم باهرة
{ إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب  }
أى إنسان له عقل له لب عندما ينظر إلى السماء يسأل نفسه ويقول أن الله سبحانه وتعالى أعظم من خلقه هذه السماء التي لا أستطيع أن أحيط بها نظرا كبيرة جدا فما بالك بخالقها فالله عز وجل أجل وأكبر بصفة لا أستطيع أن أدركها بعقلي القاصر فينقدح  في نفسي أنى مخلوق ضعيف أمام هذا الرب الكبير سبحانه وتعالي
واسأل نفسي لماذا خلقني الله وهو قال (ولقد خلقنا السموات والأرض بالحق)
لماذا خلقني أنا العبد الضعيف والله حكيم لا يفعل شيئا إلا بحكمة والله سبحان وتعالي لم يتركنا هكذا  نحتار أو نستنتج ولكن الله سبحانه وتعالى قال:
مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58))
 إذا الله خلقنا لعبادته وهذا الهدف الواضح المعلن الصريح
وإذا أنا علمت  أن العبادة هي وظيفتي التي خلقني الله عز وجل من أجلها إذاَ
سؤال 4: فكيف لى أن أعبر الطريق منذ أن ولدت إلى أن أموت؟
  لابد أن أحقق وظيفة العبادة ولكن بمنهج ورد تفصيلا  في أحكام الدين وأحكام الشريعة
إذا هذه الأسئلة التي تمزقت نفسيات من لا يعرفها إجاباتها موجودة بحمد لله .

أعلم أن هذا الكلام ليس جديد ولكن ما الذي حدا بى أن أذكره الآن؟؟

ما منا من إنسان رجل أو أمراة إلا وفيه بعض تعاسة وشقاء وإضطراب وقلق
وما منا من انسان  إلا ويسعى إلى السعادة وإلى الرضا وإلى الإستقرار.

ولكن ليست المشكلة أن الإنسان يشعر بالتعاسة ويسعى إلى السعادة ولكن هل هو يعرف ما سبب التعاسة وما هو طريق السعادة.؟

أقول من خلال تجارب شخصية  أو طول تأمل فيما من حولي أو من خلال ما قرأت أن فهم قضية العبودية وفهم هذه الأسئلة وفهم الحياة ووضع إطار لها أشبه بالإنسان الذي يسطر الصفحة يفهم الحدود يفهم حياته مقدمها ومنتهاها ومنهجها وطريقها وأهدافها وغاياتها وهذا هو السبيل الوحيد لتحصيل السعادة ولفهم أسباب المشكلات.
ما من إنسان إلا ويمرض ولكن المشكلة ليس في أنه مريض ولكن المشكلة أنه لا يعرف أنه مريض أو لا يعترف أنه مريض أو لا يأخذ العلاج ليداوي هذا المرض...
فمثلا
الأخت التي تشعر أن المنزل لها كالسجن لا تطيق البقاء فيه لو أنها قرأت قول الله تعالى ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى )
فعلمت أن القرار في البيت هو سمه المؤمنات وهو توجيه من رب العالمين فتعبدت بذلك  وعلمت أن هذا الأمر مطلوب منها فعله إما وجوبا أو إستحبابا  أتراها تتضايق من البقاء في المنزل ؟ أم ستحرص وتسعد بالبقاء في المنزل.؟؟
وأيضا :الأخت التي ربنا أنعم عليها ولبست الحجاب الشرعي هي الآن أشد عذاب ممكن تلاقيه أن  تُطالب بنزع الحجاب
فالأخت التي تلبس النقاب صار عندها كشف الوجه و الوجه في قول بعض  الفقهاء أنه ليس بعورة ولكنها لما تعبدت بستر وجها لله عبادة لله
 فهذا على خلاف هوى النفس لا سيما في المجتمع المنحل الذي نشأنا فيه ,المجتمع الذي تلقى فيه كثير من البنات والشباب كثيرا من الهدم سوءا من الوالدين سامحهم الله بقصد أو بدون قصد ,سوءا في المدرسة على أيدي مدرسين ومدرسات غير أمناء سوءا في الشارع مدرسة الإجرام الكبرى ..سوءا فى الإعلام أكبر مؤسسة منظمة وممنهجة لإفساد العقل والقلب الإسلامي أو سواء فى الأقارب والأصدقاء أو في محلات العمل وسائل هدم مكثفة وهذا من إعجاز الله  تحت كل هذة الضربات الهادمة يُخرج الله سبحانه وتعالي أو ينبت نبتا يستعمله في طاعته
فإذا كان هي سترت وجهها لله إمتثالا لأمره سبحانه وتعالى وتعبدا فتلذذت بهذا المنع
إذا التلذذ بالتكاليف الشرعية والتعامل معها على أنها مكافآت ونعم هذا لا يأتي إلا إذا فهم الإنسان قضية العبودية لو فهم الإنسان لماذا أتى الإنسان لهذه الدنيا ومن أين أتى وإلى أين المصير.

وظيفة العمر: العبودية من بطن الأم إلى بطن الأرض
وطبعا من بطن الأم الإنسان لا يكون مكلفا حتى يبلغ سن التكليف ولكن  هو يسير إلى هذا الأمر وتتشكل كثير من سلوكياته ومفاهيمه  وتوجهاته حتى يبلغ سن التكليف حسب البيئة التى ينشأ فيها حتى يبلغ سن التكليف يجرى عليه قلم الحسنات والسيئات عندها فقط يدق ناقوس العبودية ومهنتك أيها الإنسان ..

فما معنى العبادة؟
العبادة هو اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة  (تعريف شيخ الإسلام إبن تيمية)
تعريف أخر: هو كل ما أمر الله عز وجل به أمر إيجاب أو أمر إستحباب.

الواجب : هو ما أمر الله به أو ما طلب عز وجل فعله من المكلف على وجه الحتم واللزوم بحيث يثاب الفاعل ويأثم التارك
المستحب:هو ما طلب الله عز وجل فعله من المكلف بحيث يثاب الفاعل ولا يأثم التارك

فالعبادة معناها في اللغة مأخوذ من الذل طريق معبد يعنى طريق مذلل وأنا عبد يعنى أنا ليس لي تصرف في نفسي فأنا ليس لي حرية ليس لي اختيار ولكن تصرفي وإختيارى بيد سيدي

وقفات على تعريف ابن تيمية لمعني العبادة
تعريف ابن تيمية تعريف واسع نقف معه قليلا
هو اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة 
كل (من صيغ العموم) ما يحبه الله ويرضاه هذه الكلمة هي مفتاح الحل لترتيب حياتنا كلنا وفى الإجابة الشافية على كل الأسئلة المحيرة
ماذا أفعل عمري يضيع من بين يدي أقع كثيرا في المحرمات أو المكروهات؟
كيف  بيان ذلك؟----- بيان ذلك أقسم يومي إلى أجزاء أو ساعات  وقبل أي ساعة أسال نفسي  سؤال ما الذي يحبه الله ويرضاه في هذه الساعة
مثال: إن الأخت تنظر وهى تسمع الدرس ما الذي يحبه الله ويرضاه فى هذه الساعة  وقد يكون أمامه اختيار أخر بالخروج أو تسمع شئ أخر ولكنها تسمع الدرس فيساعدها فى إصلاح قلبها وتزاد في أمر دينها
أو أن الأخت زوجها طلب منها عدم سماح الدرس لإعداد طعام أو ضيافة أحد فهنا ما الذي يرضى ربنا سبحانه وتعالى الدرس أم طاعة الزوج؟ طبعا طاعة الزوج أولى
فعندما اسأل نفسي عن كل ساعة ما الذي يحبه الله ويرضاه  فأوصل للذي يحبه الله ويرضاه وأعمله بنفس منشرحه نفس راضية
ولكن المشكلة فى أمرين :
 المشكلة الأولي: أن الإنسان لا يعرف ما الذي يحبه الله ويرضاه ولا يشغل باله ولا نفسه  أن يبحث ما الذي يحبه الله ويرضاه وهذه مشكلة كبيرة
المشكلة الثانية :أن الإنسان بعد ما يعلم ما الذي يحبه الله ويرضاه فيغلبه هواه وتغلبه نفسه فلا يفعل ما يحبه الله ويرضاه
ولكن إذا أردت أن أكون إنسان مستقيم إنسان ملتزم ومنضبط أقسم يومي إلى هذه التقسيمات وكل ساعة تمر على أسال نفسي ما الذي يحبه الله ويرضاه
وممكن الذي يحبه الله ويرضاه ممكن يتفق مع هوى النفس مثل تعجيل الفطر في الصوم  ومنه التزين المباح المستحب للزوج فنفس المرأة  مجبولة على حب الزينة قال تعالى ( أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ) قال أهل التفسير الذهب والحرير والزينة .. والله يحب منها ذلك لبعلها  فقد يكون ما يحبه الله ويرضاه يتوافق مع هوى الإنسان ..
وقد يكون ما يحبه الله ويرضاه يخالف هوى النفس كتعارض بين رغبات النفس وما يحبه الله ويرضاه مثل الصيام  أو صلاة الفجر لمن يريد النوم
فبعض من الناس يعتقد أن طاعة الله دائما تخالف هوى النفس وهذا خطا
ولكن من يُدرب نفسه على سلوك طريق الاستقامة أو فعل الطاعات فبإذن الله ستُرود  وسيكون فعل الطاعات وسلوك الإستقامة هو محبوبها ومألوفها.

من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة :
الأقوال الظاهرة مثل تلاوة القرآن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الأذكار والدعاء.
الأقوال الباطنة هي تصديقات القلب بأركان الإيمان وبكل آية وحديث وتصديق القلب بكل ما يصل إليه.
الأعمال الظاهرة مثل الصلاة والصيام والحج والجهاد والصدقة.
الأعمال الباطنة وهى أعمال القلوب وهى المقصود الأعظم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال كما في حديث النعمان بن بشير ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب )
قال الله تعالى) لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ .. (37) ..الحج   التقوى هي عمل القلب
) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) البقرة
الأعمال الباطنة  هي ثمرة كل العبادات وكل الطاعات وما إلى ذلك.

- تعريف العبادة هذا محل خلاف كبير جدا بين أهل الدين عموما وبين العلمانيين والملحدين والليبراليين  وكل الزائغين عن الشريعة
أعداء الإسلام على نوعين
النوع الأول العلمانية  متطرف:
 هؤلاء العلمانيين المتطرفين  ليس لديهم دين أصلا ويطلقون على الدين خرافة الميتافيزيقا  ونظرتهم إلى القرآن  عكس  ما قلنا من أنه يهدى للتي هى أقوم  بل ينظرون له على أنه منتج ثقافي ويعكس الأضواء الثقافية والحالة التي عاشتها الناس أيام نزوله وأنه لا يوجد لوح محفوظ أصلا  وهذه كلها أساطير كانت تناسب البيئة البدوية  التي عاشها النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الفترة وهذا كفر لا يختلف عليه اثنان
ولا يوجد عندهم تعظيم لا للقرآن و للسنة والأحاديث. ولكن لا يريدون مصادمة مشاعر الناس  ويعملون احتفال كبير لمن استطاع منهم أن يجهر بذلك كسيد القمني  ونصر أبو زيد وحسن حنفي اليساري الماركسي  يصفونهم بأنهم شجعان لأنهم جهروا بما لم يستطيعوا هم أن يجهروا به

مهم جدا الآن أن نضع عدسه مكبرة على معنى كلمة العبودية.

النوع الثاني يسمونها  علمانية معتدلة أو جزئية :
أمثلهم طريقة وليس فيهم أمثل
كالتي طلبها اردوغان منا في مصر  أو طلب شبيها منها
هذه العلمانية المعتدلة بأن يكون التدين يكون مقصور  على الشعائر الصوم والصلاة والحج والزكاة فقط والشرائع لا تدخل فيها
مثلا لا يوجد عنده أن امرأة تتعبد بالحجاب لكن ممكن تتعبد بالصلاة !
ليس عنده أن الدولة تتعبد بإقامة نظام اقتصادي إسلامي
ليس عنده أن يكون للدولة دين  بأن يكون دينها الإسلام ويقول هو الدولة بتصوم وتصلى ؟! لايفهم أن الدين لا يقتصر على الشعائر فقط
بأن يجعل الدين والعبادة  حاجة شخصية
مثلا اسمع القرآن وغيري يسمع موسيقى .. كل له هوايته !!
هذا اختلاف تضاد واضح بين أهل الدين على مختلف مشاربهم (إخوان – سلفيين – تبليغ -  ....)  وبين العلمانيين وغيرهم في قضية العبودية



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق