>

الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

حلقات تدبر القرأن --أية 12 سورة الانعام



بسم الله الرحمن الرحيم 


إن الحمد لله تعالي نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله تعالي من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا إنه من يهديه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلاله وكل ضلالة في النار وبعد: فاليوم بإذن الله تعالي مع قوله تعالي


{ قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ }

(قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) : هذا أسلوب من أسالب التقرير في القرآن سؤال ومن ثم جواب

والسؤال: سل هؤلاء الذين كذبوا بآيات الله عز وجل   (قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)

والجواب : الله عز وجل تكفل به لأنهم سيجيبون به حتما ولكنهم سيمتنعون عن الإجابة لماذا؟ لأن الإجابة لها لوازم فلو قالوا أن ما في السموات والأرض لله عز وجل إذا من لوازم ذلك أن يعبدوه وحده لا شريك له ولكن هم يسكتون عن الإجابة لأنهم لو قالوا ذلك إذا لماذا لا تعبدون الله عز وجل؟ لماذا لا توحدونه؟ لماذا لا تصرفون له الطاعة؟

لذلك كان السؤال  (قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ)

 )كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ (: وهذا من رحمة الله عز وجل بعباده فالله سبحانه وتعالى  يقول

       لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ) الذي يخاف هو الذي يفهم معني هذه الجملة فالذي يخاف يعلم معنى هذه الجملة فكل شيء في هذا الكون هو ملك للواحد القهار ومن امتلك الكون وما فيه لماذا إذن نتسارع؟ لماذا إذا نتحارب؟ لماذا أنشغل بالحسد؟ أو أنشغل بالكلام علي الناس؟ لماذا أنشغل بأشياء لا تفيدني في الآخرة؟ وإنما كثير منها هو وبال عليَ في الآخرة حتى الجلسة التي لا يذكر فيها اسم الله عز وجل وبال عليَ في الآخرة

قال النبي صلى الله عليه وسلم( ما من قوم يجلسون مجلساً لا يذكرون الله فيه كان عليهم يوم القيامة تره( أي حسرة وندامة) إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم)

مثل جلسه نتكلم فيها عن طريقة صنع الطعام أو ترتيب المنزل وغير ذلك من الأمور كل هذه كلمات مباحة ليس فيها شيء محرم ولكن لما خلت من ذكر المولى سبحانه وتعالى كانت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم على العباد تره: أي حسرة وندامة إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم لماذا؟ لأنهم لم يذكرون الله عز وجل فيها فما بالنا وهذه المجالس التي يكثر فيها المحرمات فبعض الأخوات قد لا ترى الأخت فترة من الزمن وقد لا تجلس نعها بالشهر أو الاثنين أو الثلاثة فعندما تقابلها تسرد لها ما خفي عنها خلال الشهور الثلاثة فلانة فعلت وفلانة تزوجت وفلانة طُلقت وفلانة تلبس وفلانة تتكبر

والأرض كلها والسموات كلها لله عز وجل فالعاقل هو من انشغل بطاعة مولاه الخائف هو من انشغل بطاعة مولاه ثم بعد ذلك كتب علي نفسه الرحمة فالإنسان الخائف عندما يجد بعد ذلك الرحمة يطمئن ,قلبه يسكن وفي الحديث حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله كتب كتاب عنده فوق العرش أن رحمتي تسبق غضبي وفي رواية: أن رحمتي غلبت غضبي )

وفي حديث المرأة : النبي صلي الله عليه وسلم عندما رأت رضيع في السبي فضمته إلي صدرها فقال صلي الله عليه وسلم لمن حوله من الصحابة أتظنون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟ فقالوا : لا يا رسول الله فقال صلي الله عليه وسلم: لله أرحم بعباده من هذه بولدها)

نحن نريد أن نفهم كتب علي نفسه الرحمة : ما معنى ذلك؟

أولا عندما أقرأ هذه الآية أول سيء يخطر ببال أي إنسان هو حسن الظن بالله ومن حسن الظن بالله أن الإنسان يُحسن الظن بالناس فالإنسان إذا رأى بعض الناس على معصية أساء الظن بهم والذي يجعل العبد يُسيء الظن بالناس أنه يغلب على ظنه عندما يراهم على معصية أن الله عز وجل لن يرحمهم ثم تذهب خيالاته إلي بعيد يتخيل أن هذا لا يُوفق وهذا يُعذب في الآخرة وهذا يُفعل فيه كذا وكذا لماذا؟ لأنه غلب على ظنه أن الله عز وجل لن يرحمه ومن ثم الذي يحدث بعد ذلك ممكن أن نرى هذا العاصي كأنه عدو لذلك بعض الناس سواء كانوا إخوة أو أخوات يصدر منهم بعض الأفعال والأقوال والألفاظ نشعر معها بالغلظة والجفاء فمثلا أي إنسانه تفعل أي شيء مثلا لبسها ليس على الوجه المطلوب من الناحية الشرعية فيه نوع من الاستهتار أو التقصير , طريقة المشي , الزينة داخل البيت عندما تقابل الأخوات أو الكلام إلي آخره فمن الممكن عندما يتكلمون عنها يتكلمون عنها بغلظة وجفاء لما يرون من استهتارها بمحارم الله عز وجل وأنا أقول أننا لابد أن ننظر إلي هذا الأمر بطريقة أخرى كما أن الله عز وجل كتب على نفسه الرحمة وهو حكم عدل سبحانه وتعالي وهو شديد العقاب سبحانه وتعالي وهو الذي يملك سبحانه وتعالي ونحن ليس عندنا عقاب ولا نملك ولا في أيدينا أي شيء فنقوا أنه يجب على كل أخت أن ترحم أختها وألا تتعامل معها بالغلظة والجفاء ولا يصدر منها تجاهها غلظة ولا جفاء لأنه كما أن الله عز وجل كتب على نفسه الرحمة فمن باب أولي أن يكون الإنسان عنده رحمة ويُحسن الظن بالله ويُحسن الظن أن الله سبحانه وتعالي سيعفو عن فلانة سواء كان بالدعاء سواء كان بحسن الخاتمة سواء بأنها تُهدى إلي ما يحبه الله ويرضاه فبعض الناس عنده حالة نفسية عندما يجد بعض ألعصاه يبدأ يتكلم كلام بغاية السوء وأقول أن هذا في الغاب لأن هذه الأخت لا تُحسن الظن بربها سبحانه وتعالي تظن أنه سيعذب فلانة لا محالة وهذا من سوء الظن بالله عز وجل

قيل لأبي حازم وقد أراد أن يتبع جنازة رجل مدمن خمر : فقيل له أتتبع جنازة هذا (يعنى أنت رجل كبير معروف بالعلم وبالكلام الجميل أتتبع جنازة رجل مدمن خمر فقال كلام رائع) قال: والله إني أستحي من الله أن أظن أن رحمته عجزت عن ذنب عبد مؤمن

هذا تعامل مع آيات القران بالتدبر والتفكر تذكر قول المولي سبحانه وتعالي (كتب على نفسه الرحمة)

ثم بعد ذلك ( لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ)

والأمر لابد أن يُفهم جيدا كثير من الناس إذا شعر منك أنكِ صاحبة رحمة تعلقت قلوبهم بكِ لأن الإنسان إذا كان رحيما بالناس لا شك أنهم سيلجئن لكِ بالضبط مثل الكريم والبخيل فالإنسان إذا مر بأي مشكلة ما سيذهب إلي رجل كريم ,كريم الطبع كريم الإعطاء كريم في أي شيء أما البخيل فلن نذهب إليه أبدا لأنهم سيذهبون إليه ولن يعودون من ورائه بشيء إذا الإنسان إذا أراد أن يرحم غيره فلابد أن يتذكر أن الله عز وجل قال عن نفسه (كتب علي نفسه الرحمة)

طيب ما هو أصل الآيات؟ أصل الآيات عن المشركين ( وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ جْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ *وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُون)

هذا اسمه موقف نوع من المواجهة , نوع من المفاصلة النبي عليه الصلاة والسلام كأنه يواجه المشركين هم يعرفون أن الله سبحانه وتعالي هو الذي خلق ولكن يعدلون به إلى مناه واللات والعزى وهذه الأصنام التي لا تنفع ولا تضر لذلك يا رسول الله واجههم قل لهم لمن ما في السموات والأرض أنتم انشغلتم بأنكم عطلتم الفطرة وأغلقتموها واتجهتم إلي غير الله عز وجل اتجهتم إلي الكفر والظلم والفسق اتجهتم إلي أن أفردتم الأصنام بالحاكمية مع أن الله عز وجل هو الذي يملك وهو الذي يخلق ويرزق ويحي ويميت فهذا الكون كله وما فيه فهو لله عز وجل ورغم ذلك كتب علي نفسه الرحمة مع انه يعطيكم ويمنحكم ويهبكم ويرزقكم ورغم ذلك أنتم تعبدون غيره وبالرغم من ذلك أيضا كتب على نفسه الرحمة فمن آمن وهو في آخر حياته الله عز وجل يعفو عنه فالإسلام يجب ما قبله والله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل والرجل الذي قتل تسعة وتسعون نفسا ثم قتل الرجل المائة ورغم ذلك عندما أمن بالله عز وجل وتاب غفر الله له وأدخله الجنة من غير حساب ولا عذاب لأن الله عز وجل كتب على نفسه الرحمة تفضلا فالله هو صاحب السلطان القاهر هو القاهر فوق عباده كتب على نفسه أن يرحمهم عهدا منه لهم بمحض إرادته ومطلق مشيئته

من يتدبر هذه الحقيقة فيجب علي الإنسان أن يظل يتدبر ويتفكر الله سبحانه وتعالي ودود الله عز وجل لطيف الله سبحانه وتعالي يحب من العبد الطاعة الله عز وجل رءوف بعباده فمن كان ودودا وكان لطيفا بعباده وكان رحيما بعباده وكان رءوف بعباده هو من كتب علي نفسه الرحمة هذه الرحمة التي كتبها الله عز وجل علي نفسه لا تُوصف لأنها تفيض على البشرية كلها المؤمن والكافر في الحياة تسع جميع العباد وفي كل لحظة من اللحظات نجد هذه الرحمة مع جميع الكائنات سواء كان انس أو جن سواء كان حيوان أو إنسان كل موضع كل مظهر سنجد أن فيه رحمة الله سبحانه وتعالي خلقنا ونحن لا نعلم شيئا (الله خلقكم في بطون أمهاتكم لا تعلمون شيء) ثم بعد ذلك يعلمنا كل شيء كيف نأكل وكيف نشرب وكيف نتعلم وكيف نزرع وكيف نصنع جهل مطبق ثم إلي تكريم (ولقد كرمنا بني آدم) هذا كله من رحمة الله عز وجل بنا ومن رحمة الله عز وجل بنا أنه يرزقنا وأنه يسخر لنا كل شيء في الكون كل الطاقات الماء الهواء الزرع الشمس القمر بحار جبال أمطار مواد طبيعية معادن فنحن نتقلب في نعم الله في كل لحظة من لحظات الحياة فالله سبحانه وتعالي علم الإنسان ما لم يعلم الله سبحانه وتعالي يعفو عن السيئات الله سبحانه وتعالي يحلم على عباده الله سبحانه وتعالي يمهلهم حتى يتوبوا الله عز وجل يجازى السيئة بمثلها أما الحسنة فيجازى عنها بعشر أمثالها والله يضاعف لمن يشاء وإذا أحسن العبد محا السيئة السابقة بهذه الحسنة كل ذلك بفضل الله عز وجل وبرحمته سبحانه وتعالي الله سبحانه وتعالي يعلم منا العجز ويعلم منا التقصير لذلك جعل السيئة بسيئة والحسنة بعشر أمثالها والله يُضاعف لمن يشاء هذا من رحمة الله عز وجل الله سبحانه وتعالي من رحمته جعل العبد إذا فُتح قلبه يجد اطمئناناً عجيباً يجد أماناً عجيباً واسترواحاً عجيباً بآيات القرآن وبكلمات السنة النبوية التي صدرت منه صلى الله عليه وسلم لحظة واحدة يُفتح فيها القلب يرى الإنسان ما لا يراه طوال حياته سبحان الملك كل ذلك من رحمة الله سبحانه وتعالي بنا , الإنسان في لحظة واحدة قد يستطعم معنى آية لم يجد طعمها من قبل ويجد آثرها في قلبه ولم يجد ذلك من قبل كل ذلك من رحمة الله عز وجل بعباده في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم أن الله عز وجل جعل الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين وأنزل في الأرض جزء واحد فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه . إذا رحمة واحدة في الأرض يتراحم بها كل الخلائق إنس وجن وحيوان وفي الحديث الذي أخرجه مسلم عن سلمان الفارسي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن لله مائة رحمة فمنها رحمة يتراحم بها الخلق بينهم وتسعة وتسعون ليوم القيامة) رحمة حتى الوحش يرحم كم من رحمة الوالدة على ولدها والأب على ابنه والغنى بالفقير والقوى بالضعيف والمستطيع بالعاجز , رحمة الأم ترحم الأطفال وتحمل الطفل على صدرها لا تريد لأحد أن يلمسه وفي نفس الوقت هذه الأم ترحم أمها الكبيرة التي أصابتها الشيخوخة , رحمة الضعيف, رحمة المريض ,رحمة القريب, رحمة الصاحب , رحمة الطير, رحمة الوحش كل هذه رحمات ورغم ذلك كل هذه الرحمات التي في الكون هي من فيض رحمة واحدة من رحمات الله سبحانه وتعالي إذا(كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) الأمر يحتاج إدراكه إلي تصور كبير وضخم فكل ما يحدث في هذا الكون من رحمة واحدة الله عز وجل أنزلها إلي الأرض ليتراحم بها الخلائق وحديث عمر بن الخطاب عن امرأة من السبي امرأة من السبي تسعى قد تحلب ثديها إذ وجدت صبي في السبي فأخذتها فألزقته ببطنها فأرضعته فقال صلى الله عليه وسلم أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار قلنا: لا والله وهى تقدر على ألا تطرحه قال فالله تعالى أرحم بعباده من هذه بولدها وهذه المرأة ترحم ولدها من فيض رحمة واحدة من رحمات الله تعالي الواسعة والراحمون يرحمهم الله ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء دعوة أن الجميع يحدث بيننا نوع من التراحم الحي يرحم الحي والحي يرحم الميت بعدم ذكر مساوئه ولا يذكر إلا محاسنهم والنبي عليه الصلاة والسلام قال:(لا يرحم الله من لا يرحم الناس ) وفي الحديث(لا تنزع الرحمة إلا من شقي) وفي حديث أبي هريرة أن النبي صلي الله عليه وسلم قبل الحسن ابن على رضي الله عنهما وعنده الأقرع ابن حارث فقال الأقرع إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً فنظر إليه النبي عليه الصلاة والسلام ثم قال: من لا يرحم لا يرحم هذا كله من تعليم النبي عليه الصلاة والسلام لأصحابه الرحمة بالناس وأن المؤمن مأمور بان يتخلق بما يحبه الله ويرضاه وأيضا النبي صلي اله عليه وسلم كان يعلمهم فيقول: بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئر فنزل فيها فشرب ثم خرج (وهذا أمر ليس سهلا نزول البئر والصعود منه ليس سهلا) فإذا بكلب يلهث يأكل الثرا من العطش فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ منى فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقا (أي حتى صعد) فسقي الكلب فشكر الله تعالى له فغفر له قالوا يا رسول الله وإن لنا في البهائم لأجراً قال: في كل كبد رطبة أجر ) فالإنسان يسقي الدجاجة , الديك, الأرنب, كتكوت كل ما الإنسان يسقي هذا ماء خصوصا عند العطش له أجر هذا كله تعليم رجل سقي الكلب غفر له والمرأة البغي التي رأت كلبا في يوم حار يطيف بالبئر قد أدلع أي أخرج لسانه من العطش فنزعت له بوقها أي الخف فسقته فغفر الله لها وفي حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قرصت نملة نبي من الأنبياء فأمر بقرية النمل فحرقت فأوحى الله تعالى إليه: أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح ) كل هذا تعليم من النبي صلى الله عليه وسلمى للصحابة لهدى القرآن تذوق الرحمة يكون من خلال مزاولة الرحمة , تذوق الرحمة يكون من خلال أن نتعبد الله عز وجل بأن نرحم غيرنا , إحسان الظن بالناس من الرحمة, حب الخير للناس من الرحمة, دعوة الناس باللطف وبالهدوء وبالرفق وباللين من الرحمة فالإنسان إذا ملئ قلبه بالرحمة كانت هذه الرحمة لها أثرا عجيبا وعميقا في حياته . المؤمن إذا أصيب بالضراء إذا كانت لديه أي محنة كانت سواء محنة في الدين أو في الدنيا تعرض للابتلاء كثيرا عندها يتذكر قوله تعال (كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) حينها يملأ القلب بالثبات وبالصبر , يملأ القلب بالهدوء والراحة , يملأ القلب بالرجاء والأمل كيف وهو في معية الجليل, الحليم, الودود, الرءوف بعباده . الإنسان الذي يشعر برحمة الله عز وجل هو أكثر الناس حياء من الله لأن في الحقيقة الطمع في الرحمة ليست سببا في الجرأة على المعصية الطمع في الرحمة إنما هو يجعل الإنسان حيي من الله عز وجل لأنه عندما يعصي يشعر بأنه كيف يعصي ويبتعد بهذه المعصية عن الرحيم , عن الغفور سبحانه وتعالىَ( قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ) ذلك الجمع لا ريب فيه الله عز وجل خلقنا لأمر هذا الأمر( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) واستخلفنا في هذه الأرض لغاية أننا نعبد الناس لرب الناس فالله سبحانه وتعالى لم يخلقنا هكذا عبثا ولم يتركنا سدى الله عز وجل لم يخلقنا لكي نلعب كرة القدم أو أن نسافر على الشواطئ والمنتزهات أو أننا ننشغل بالزينة أو الأكلات أو أصناف الأكلات لا الله عز وجل خلقنا لهدف وغاية وكل إنسان يعمل ويجمع الجميع إلى يوم القيامة نهاية المطاف قف الكل يفيء إليه فمن كان كادحا في الدنيا لأجله سبحانه وتعالى يعطيه إنما توفون أجوركم يوم القيامة ومن كان مسيء يحاسبه السيئة بمثلها بخلاف الآخر يضاعف له لمن يشاء الذي يفعل الحسنة ( لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُون) في هذا اليوم لم يخسر إلا الذين لم يؤمنوا في الدنيا خسروا كل شيء خسروا أنفسهم فلا يستطيعون أن يكسبوا شيئا خلاص انتهى الوقت الدنيا كانت أيام عمل الآن حساب ولا عمل خسروا أنفسهم فلم تعد لهم نفس تؤمن وكما قلت الإنسان له أجهزة يستقبل فيها الإيمان فطرة, حياء , محبة أشياء مفطورة في القلب فالإنسان الذي لا يؤمن أو الإنسان العاصي هذه الأجهزة يحدث لها كثير من التعطل لذلك يقال عن أمثال هؤلاء ( الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُون) إذا الكل مجموع ليوم القيامة

السؤال الذي نسأله لأنفسنا هل نحن حقا التزمنا حقيقة أم لا؟ هل نحن حقا نتراحم فيما بيننا أم لا؟ هل نحن حقا نحب ما يحبه الله أم لا؟ ونبغض ما يبغضه أم لا؟ هل أهواؤنا تبعا لديننا أم تبعا لشهواتنا وملذاتنا؟ هل الأخت تحب الأخت لأنها تؤمن بالله واليوم الأخر وأنها ملتزمة في أوصافها وطعامها وشرابها وملابسها أو لأنها تعجبها لأن هواها يناسب هواها؟ وعندما أبغضت أختا أخرى هل أبغضتها لأنها تعصي أم لأنها تلبس أحسن منها أو تتزين أحسن منها أو شكلها أحسن منها أو غير ذلك؟ فيوم القيامة تظهر كل هذه الأحاسيس ويظهر كل ما في النفوس نسأل الله عز وجل أن يرحمنا وأن يعفو عنا وأن يغفر لنا فإنه ولى ذلك والقادر عليه وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين  
        

 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق