>

الجمعة، 20 يناير 2012

أسباب اكتساب حسن الخلق 2




الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد.
مازلنا في الحديث عن أسباب اكتساب حسن الخلق
7- الحذر من اليأس في إصلاح النفس:
.(.)..ذلك الأمر ضربة لازم لا تزول ، ووصمة عار لا تنمحي وهناك من يحاول التخلص من عيوبه مرة أو أكثر ، فإن لم يفلح يأس من إصلاح نفسه ،وترك المحاولة إلى غير رجعة ,وهذا الأمر لا يحسن بالمسلم ولا يليق به، أبدا فلا ينبغي أن يرضى لنفسه بالدون، وأن يترك رياضة نفسه ، زعما منه أن تبدل الحال من المحال، بل ينبغي له، أن يقوى إرادته ويشحذ عزمته، وان يسعى لتكليل نفسه وأن يجد في إصلاح عيوبه ،فكم من الناس قد تبدلت حاله وسمت نفسه وقلت عيوبه ،بسبب دربته وجاهدته وسعيه وجده ومغالبته لطبعه)
خلاصة الكلام:أن الإنسان إذا كان به عيب أو أكثر، فإنه يستطيع أن يعالجه ،ولابد أن تفهم أولا أنه ما من إنسان إلا وله عيب إلا المعصوم –صلى الله عليه وسلم- حتى الصحابة والتابعين والزهاد والمشايخ كل منهم فيه عيب.
نفترض مثلا أن العيب في الأخت ،هو كثرة الكلام أو عيب سلوكي خطير :مثل أن تسمع الأخت من أختها شكواها من زوجها في معاملته لها أو من أخيها أو أهل بيتها، فبدل من أن تضع حلولا واقعية وحقيقية للمشكلة، نجد أنها تخبب المرأة على زوجها وهى لا تدرى فتقول مثلا: كيف يفعل معك هذا ؟ أو هذا أمر صعب جدا أو ما شابه ذلك،فالأخت عندما ترد بمثل هذا تظن أنها تقف إلى جوار أختها، وأنها صديقتها المخلصة ،وفى الحقيقة هي سم زعاف ، فلا تنوى ذلك لقلة خبرتها بالواقع الذي نعيش فيه فإنه لا يخلو بيت من مشاكل.
 فالواجب على الأخت عندما توضع في مثل هذا
أولا: ألا تسمع من طرف واحد.
ثانيا: أن تكون نيتها الإصلاح وإيجاد الحلول، فإن لم تستطع هي تتصل بمن هي أكبر منها أو أكثر خبرة، وإن استلزم الأمر تتصل بأحد المشايخ ،وذلك حتى تتجنب أن تكون سببا في أن تخبب المرأة على زوجها، أو أنها تسمع فقط بدون إيجاد الحلول أو غير ذلك لأن أغلب الأخوات لا يدرين أن التعود على الاستماع عيب.

فخلاصة الكلام أن الإنسان لابد أن يبذل الجهد ليعلم ما هي عيوبه، ويحاول إصلاحها
فمثلا: نأتي بكراسة ونحدد فيها العيوب، على سبيل المثال تقول: أنا عندي عيب أنا أتكلم كثيرا... وهل الكلام الكثير عيب؟! نعم عيب لأن كثرة الكلام تؤدى إلى كثرة الخطأ
وعيب آخر، أنها تخجل أن تنكر على من يغتاب الناس أمامها، وعيب آخر، أنها لا ترضى بما قسمه الله لها من البيت أو الزوج أو الأولاد ،وعيب آخر مثلا ،شدة الأسلوب والحدة في التعامل، ولا تحسن اختيار الألفاظ، ولا تتعامل بلين مع الناس ... الخ.
منا من تقول أن الأخطاء كثيرة !! أليس هذا أفضل من أن نظل على أخطائنا؟؟!
و تقول ما الفائدة من فعل هذا ؟
الفائدة أنني لما أرى هذه العيوب، واعمل على إصلاحها أو تقليلها يحصل عندي نوع من الاستبشار،ولو لم نحاول الإصلاح وظلت الأخطاء قائمة، يحدث نوع من الاكتئاب.
ابن حزم-رحمه الله- يتحدث عن تجربته مع نفسه ومحاولته في التخلص من العيوب يقول:
(كانت في عيوب فلم أزل بالرياضة واطلاعي على مقالة الأنبياء- صلوات الله عليه وسلامه- والأفاضل من الحكماء المتقدمين والمتأخرين في الأخلاق وآداب النفس، أعانى مداواتها حتى أعان الله-عز وجل- على أكثر ذلك بتوفيقه ومنه، وتمام العدل، ورياضة النفس، والتصرف في الأمور هو الإقرار بها ليتعظ بذلك متعظ يوما إن شاء الله.....)
إذا بناءا على هذا الكلام فأول شيء هو الإقرار بالأخطاء ولا نلقى اللوم على الغير
مثل مثلا من عندها عيب أنها فظة،ولا تحسن التعامل مع الناس تقل هم لا يفهموني جيدا أو غير ذلك.
هذا أول أسباب الفشل ألا نعترف بالخطأ.
يقول : (فمنها كلف في الرضا وإفراط في الغضب...)
مثلا : لو أحبت الأخت أخت أخرى،أحبتها محبة شديدة جدا ،وارتبطا ببعضهما ارتباطا شديدا جدا ،فهذا كلف، والكلف في المحبة غير محمود وأذكركم بقول على بن أبى طالب –رضي الله عنه- قال(أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما م)ا
فالحب الشديد هذا، قد يترتب عليه بغض شديد، وتلك هي المشكلة ، لأنه قد يكون في الحقيقة ليس لله ، وإنما هو تقارب طباع، فمحبة الأخوات لبعضهن بإطار أنا أسميه إطارا مرضيا هذا ينبغي أن يعالج، حتى الزوج ،ينبغي أن نعدل في كلف المحبة له، لأنه قد يكون منشغلا ،فلا يستطيع أن يجيبها بمثل ما تريد فيحصل لها اكتئاب، لأن أغلب الأزواج من الصعب عليه أن ينطق بكلام الحب والغرام فينبغي أن أعقل هذا، وأكون متزنة في طلب هذا.
الأمر الآخر وهو الإفراط في الغضب:
فقد تفرط الأخت في بغض أخرى ،وعندما تأتى سيرتها تتكلم عنها بكلام سيء فهذا لا يليق أيضا.
يقول ابن حزم(..فلم أزل أداوى ذلك ،حتى وقفت عند ترك إظهار الغضب جملة بالكلام والفعل والتخبط وامتنعت مما لايحل من الانتصار ،وتحملت من ذلك ثقلا شديدا، وصبرت على مضض مؤلم كان ربما أمرضني وأعجزني ذلك في الرضا وكأني سامحت نفسي لأنها تمثلت أن ترك ذلك لؤم...)
سبحان الله  فالإنسان عندما يحاول أن يصلح نفسه سيجد ثقلا شديدا على النفس، لكن سبحان الله في نفس الوقت، سيجد بردا وسلاما على قلبه بعد ذلك ، وقد ضربت لكم مثالا:
أن العبد الذي يريد الجنة ،لابد أن يعمل أعمالا صالحة ، وهو يعمل قد يُبتلى بأي شيء ، فالمطلوب منه أن يصبر ويحتسب ويرضى ويشكر المولى على ذلك ، فمن لم يستطع ، تكون عقوبته النار ، لأن الجنة لن يدخلها إلا الذهب الإبريز(الذهب المصفى) فكيف يتم إبعاد الشائب عن الذهب؟! بسكرات الموت، والقبر ،وأهوال يوم القيامة  ،واقتراب الشمس من الرؤوس وغير ذلك، فإن لم يُصفى وتزال الشوائب يدخل النار ليصفى ثم يدخل الجنة..
نفس الكلام..فأنا لن أصل إلى خُلق حسن ، حتى أجد ثقلا شديدا حتى أصل إلى هذا الخلق، فمثلا لو الأخت قررت أن تصفح عمن أساءت إليها،ثم جاءت أخت أخرى ورمتها بما يسيء إليها ،
مثل أن تقول لها: (أنت حقودة حسودة ولا تحبين أحدا..) فتجاهد الأخت نفسها، والخواطر التي بداخلها ،في أن ترد عليها وتنتقم لنفسها، وتسكت مع وجود غليان في القلب والدماغ والأعصاب، لأنها تستطيع أن ترد، ولكن تمسك نفسها لأنها أرادت وجه الله والدار الآخرة.
السكوت مؤلم؟!!في غاية الألم. السكوت ثقيل؟؟!! في غاية الثقل.. فإن تكرر الموقف تستطيع أن تتحمل لأن التحمل صار طبعا.فتنزل التهم على قلبها بعد ذلك كالتي ينزل عليها بردا وسلاما.
يقول ابن حزم(ومنها دعابة غالبة فالذي  قدرت عليه منها، إمساكي عما يغضب الممازح ،وسامحت نفسي فيها ،إذ وجدت أن تركها من الانغلاق ومضاهيا للكبر. ومنها عجب شديد فناظر عقلي نفسي بما يعرفه من عيوبها حتى ذهب ذلك كله ولم يبق له والحمد لله أثر بل كلفت نفسي احتقار قدرها جملة واستعمال التواضع..)
يعنى يكلم نفسه بما يراه من عيوبها فيقول مثلا لم أنت معجبة وفيك من العيوب كذا وكذا ؟!! مثلا لا تصبر أحيا أو تحسد أحيانا وهكذا ..الخ.
فمثلا لو أن أختا تعطى درسا بالغرفة ،أو حلقة تجويد، أو عندها خبرة فتحل مشاكل الأخوات أو غير ذلك، أمثال هؤلاء ينبغي عليهن أن يكن أكثر الناس احتقارا لأنفسهن ، لأنهن يعلمن عيوبهن جيدا ،ومع ذلك الناس يعاملونها على أنها معلمة،فعندما تأتى إليها أخت مثلا وتقول : أنت من فضل الله على، و تدعو الله أن يسترها وتقول في نفسها : والله لو علموا ما بي ما جالسوني ، ولكن لأن الله سترني لم يطلع على عيوبي أحد ، فلا يعجب بنفسه إلا مغبون مريض جاهل.
يقول( ومنها حركات كانت تولدها حرارة الصبا وقصرت نفسي على تركها فذهبت. ومنها محبة في بعد الصيت والغلبة فالذي قدرت عليه هو الإمساك عما لا يحل في الديانة والله المستعان على الباقي).
مثلا كالذي يريد أن يقترب من شيخ،فيذكر له عيوب آخر فهذا سقط من عين الله.
يقول (ومنها حقد مفرط قدرت بعون الله على طيه  وستره وغلبته على جميع نتائجه أما قطعه ألبته فلم أقدر عليه)

8) علو الهمة:
يستلزم من العبد ،جد وإباء وطلب المعالي، والترفع عن الدنايا والصغائر ومحقرات الأمور.
الهمة العالية تجعل الإنسان دائما يلوم نفسه ويؤنبها، ولا يحب أن يكون في موقف ذل.فالإنسان صاحب الهمة دائما قلبه غائب في طلب الآخرة ولا يتعلم إلا ما يوصل إليها لأنه محب لدينه، ما شاء الله أصحاب الهمة في الأمة كثر، سواء في الدعاة أو المتصدقين أو طلبة العلم.
قال ابن القيم( من علت همته وارتفعت نفسه اتصف بكل خلق جميل، ومن دنت همته وطغت نفسه اتصف بكل خلق رذيل فالنفوس الشريفة لا ترضى من الأشياء إلا بأعلاها وأفضلها وأحمدها عاقبة ، والنفوس الدنيئة تحوم حول الدناءات ، وتقع عليها كما يقع الذباب على الأقذار، النفوس العلية لا ترضى بالظلم والفواحش والسرقة لأنها أكبر من ذلك وأجل، والنفوس الخسيسة على الضد من ذلك).
قال ابن الجوزى: (ما ابتلى الإنسان قط بأعظم من علو همته، فإن من علت همته يختار المعالي، وربما لا يساعد الزمان وتضعف الآلة ويبقى في عذاب).
أعازلتي على إتعاب نفسي **** إذا شام الفتى برق المعادِ
ورعى في الدجى روج السهاد*** فأهون فائت طيب الرقادِ

ما هي أسباب علو الهمة؟
1)لا تصاحبي إلا امرأة جادة ،تحترق شوقا من أجل نصرة دينها ، لأن الصاحب ساحب والطبع سراق، والإنسان بطبعه مجبول على التقليد.
2)القراءة في سير الصالحين أصحاب الهمة العالية.
3) نقرن بين أصحاب الهمة العالية والهمة الدنيئة.
4) البعد عن الكسالى ،والذين يتساهلون في المعاصي.

(فإذا توفر المرء على اقتناء الفضائل وألزم نفسه على التخلق بالمحاسن فلم يرض من منقبة إلا بأعلاها).
= لأن علو الهمة دائما يبعث على التقدم فمثلا الأخت التي تقيم الليل 11 ركعة لا تستطيع أن تقيم ركعتين أو أن تترك القيام.
قال النبي –صلى الله عليه وسلم-( إن الله تعالى يحب معالي الأمور وأشرافها ،ويكره دنيها وسفسافها.)
قال عمر بن الخطاب" لا تصغرن همتكم فإنى..()
فسبحان الله عمر بن عبد العزيز يقول (إن لي نفسا طواقة ، طاقت إلا الإمارة فنلتها ، وتمنيت أن أتزوج بنت الخليفة فنلتها ثم طاقت إلى الخلافة فنلتها  ، وأنا الآن أتمنى الجنة وأرجو أن أنالها.)
9) الصبر:
من الأسس الأخلاقية التي يقوم عليها الخلق الحسن فهو يحمل الإنسان على (التحمل – يكظم الغيظ – يكف الأذى – يحلم – الأناة – الرفق – ترك الطيش والعجلة ) وقد تحدثنا عنه أكثر من مرة قبل ذلك.
10) العفة:
وهى النزاهة والصيانة..امرأة عفيفة: تصون نفسها عن القبائح.
يقول أهل العلم العفة نوعان : عفة عن المحارم ،وعفة عن المآثم. وأصل العفة نزاهة وصيانة .
العفة عن المحارم:
(1)              ضبط الفرج عن الحرام : لأن مع وعيد الشرع وزجر العقل ، معرة فاضحة وهتكه واضحة.
 سئل المغيرة عن العفة قال :  " العفة عما حرم الله تعالى ".
(2)              كف اللسان عن الأعراض:
كثير من الناس يتكلم في الأعراض مثل : المرأة الفلانية لها علاقة بفلان،أو مشيها غير سوى أو غير ذلك نعوذ بالله من ذلك.
فالإنسان العفيف لا يمكن أن يقول هذا الكلام أو يسمعه.
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ألا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق