>

الجمعة، 20 يناير 2012

أسباب اكتساب حسن الخلق 1




أسباب اكتساب حسن الخلق


إنّ الحمد لله نحمده و نستعين به و نستغفره و نعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا و من سيّئات أعمالنا من يهده الله تعالى فلا مضلّ له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله.

أمّا بعد, فإنّ أصدق الحديث كلام الله و أحسن الهدي هدي محمد صلّى الله عليه و سلّم و إنّ شرّ الأمور محدثاتها و إنّ كلّ محدثة بدعه و كلّ بدعة ضلالة و كلّ ضلالة في النار
وبعد,

بإذن الله تعالى سنتكلّم هذه الليلة عن كتاب "سوء الخلق, مظاهره, أسبابه , علاجه" , كنّا قد قطعنا فيه شوطا و الليلة بإذن الله سنتكلّم عن أسباب اكتساب حسن الخلق, هذا الكتاب للشيخ محمد بن إبراهيم الحمد و هو كتاب جيّد ,ليت الأخوات يشترينه, و هو من دار ابن خزيمة و هي دار سعودية.

بلا شكّ أنّ مسألة تغيّر الأخلاق التي طبع عليها الإنسان هو أمر خطير ,أمر ثقيل, ليس أمرا سهلا و لا أمرا ميسورا و لكنّه في نفس الوقت ليس أمرا متعذّرا أو مستحيلا , و تكلّمنا عن ذلك في الدروس السابقة.

هناك وسائل عديدة و أساليب متنوّعة لاكتساب حسن الخلق.

1.     سلامة العقيدة:

يعني أنّ الإنسان إذا أراد أن يكتسب خلقا حسنا فلا بدّ أوّلا أن يكون سليم الاعتقاد لأنّ السلوك في الغالب يكون ثمرة لفكر الإنسان . مثلا الإنسان الغاضب أو الإنسان المتوحّش أو آكلي لحوم البشر أو أمثال هؤلاء عقيدته تكون خاربة , أكثرهم قد يكونوا ملحدين أو أنّ لهم آلهة من شجر أو حجر أو غير ذلك , لكن السلوك ,أنّه متوحش أو أنه يأكل إنسانا مثله أو أنّه يأكل الحيوانات حيّة أو ما شابه ذلك دليل على أنّ اعتقاده غير سليم و غير صحيح.

 لذلك عندما نتكلّم عن اعتقاد النصارى نجد أنّ اعتقادهم غير صحيح و باطل و هذا يترتّب عليه سلوك باطل , من ضمن السلوك الباطل اعتقاد أنّ دين النصارى دين روحيّ و هذا يترتّب عليه أنّه بالنسبة للإنسان لا توجد له أحكام يلتزم بها  في جميع مجالات الحياة  ,

 يعني مثلا في المجالات الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسيّة لا توجد أحكام  كأحكام المال لدينا أو أحكام الإيجار أو أحكام المساقاة و المزارعة أو أحكام الأخلاق بين الجيران أو بين العبد و ربّه , بين العبد و بين الحيوان , بين العبد و بين الصغير , بين العبد و بين الكبير ...كلّ هذه الأشياء غير موجودة في دين النصارى لأنّهم يعتقدون أنّ هذا الدّين هو دين روحيّ يهتم بالمعاني و لا يهتمّ بالجسوم فلمّا حدث هذا الإنفصام و هذا الإنفصال أثر هذا على السلوك ,

 الإنسان في دين النصارى ممكن يزني , يقتل, يشرب الخمر , يأكل الخنزير ,يتعامل بالربا ليل نهار, تكون له صديقة خليلة بدون زواج رسمي إلى غير ذلك ثمّ بعد ذلك ممكن في نهاية السنة و في أعياد الميلاد يذهبون إلى الكنيسة و يطلبون المغفرة من الأسقف أو من البطايرك , يطلبون منه صكّ الغفران و بذلك الله عز و جلّ يغفر لهم الذنوب . حصل انفصام بين السلوك و الإعتقاد. لمّا أصبح من ضمن الإعتقاد عندهم أنّه من السهل على الإنسان أن يذنب و أنّ الله عز و جل –تعالى الله عمّا يقولون علوّا كبيرا – قُتل و مات حتى يمسح ذنوب البشر لئلاّ يعذّب البشر لذلك أيّ إنسان نصراني سيدخل الجنّة , لا يوجد شيء اسمه عذاب لأنّ الربّ يسوع قد عذّب في الدنيا نيابة عن بقيّة النصارى في الأرض , هذا الإعتقاد الخارب كان له تأثير في السلوك.

 نفس الشيء لو تكلّمنا عن واحد من  كبراء الصوفيّة أو كبراء  الحلول و الإتحاد , يعني مثلا أحدهم يستدلّ بقصّة الخَضر مع موسى عليه السلام على أنّه هناك فرق بين الشريعة و بين الحقيقة ,الشريعة هي التي تكلّم عنها موسى عليه السلام – و هي عدم الإضرار بالسفينة و عدم هدم الجدار و عدم قتل الولد إلى غير ذلك – الحقيقة التي كان يعلمها الخضر فهم يقولون أنّ هذه الحقيقة مخالفة للشريعة , الشريعة هي الظاهر الذي يعلمه الناس أمّا الولي فهو الذي يعلم الباطن الذي لا يعلمه الناس لذلك عندهم الولي أعلى من النبي لأنّ النبيّ موسى كان يعلم الظاهر لذلك استنكر قتل الغلام و استنكر مسألة السفينة و استنكر أيضا هدم الجدار ,لماذا استنكر عليه السلام؟


لأنّ هذا مخالف للشريعة و لماذا فعل الخضر ذلك؟  لأنّه يعلم الحقيقة ,هذا كلامهم! إذا يمكن لأحدهم أن يصلّي لأنّ الشريعة تأمره بالصلاة لكن هناك أناس يصلون إلى الحقيقة التي تجعله لا يصلّي لأنّه قد وصل بقلبه إلى مولاه فأصبحت العلاقة بينه و بين مولاه لا تحتاج إلى هذه الواسطة فالصلاة واسطة و هذا الرجل التقي النقي الزاهد الورع وصل إلى مرحلة لا يحتاج فيها إلى واسطة فلذلك هو لا يصلّي ,لذلك هو لا يحجّ . الأكثر من ذلك , إلى جانب ترك الواجبات , هو يرتكب المحرّمات مثلا لو تناول المخدّرات , الشريعة تقول بأنّ تناول المخدّرات محرّم الحقيقة تقول بأنّها محرّمة فقط على أصحاب الشريعة , أصحاب الظاهر أمّا أصحاب الباطن فهذا الأمر ليس محرّما عندهم لم؟ لأنّهم وصلوا إلى أشياء لم يصل إليها أهل الظّاهر .

 لذلك في طبقات الشعراني , طبقات الصوفيّة, تجد أشياء غريبة جدّا مثلا تجد " و من كرامات سيدي فلان أنّه كان يأتي البغلة في الطريق" و هذا أمر حقير جدا و لكنّه من الكرامات عندهم ! مثلا من كرمات فلان أنّه كان يقع على امرأتين في ليلة واحدة, طبعا كلّ هذا الكلام ساقط لا معنى له , من كرامة احمد البدوي أنّه كان لا يصلّي الأربعين يوما..

ما هو سبب هذه الأخلاق الفاسدة ؟ السبب هو هذا الإعتقاد الفاسد .


هذا أمر مهمّ جدا فمثلا اليهود ()
هذه النقطة مفيدة أصلا في الحياة , مفيدة في تعلمكن العلم , مفيدة في تعليمكنّ الناس التوحيد .
التوحيد له فائدة عظيمة جدا منها أنّه يهذّب السلوك فهو يجعل هذا السلوك متّسق مع كلام الله عز و جل و كلام النبي صلى الله عليه و سلم .
على سبيل المثال , من عقيدة اليهود أنّهم شعب الله المختار و أنّ الله عز و جل اختارهم لقيادة العالم ...و أيّ شيء يخصّ غيرهم لا يأبهون له المهم اليهود فقط لذلك نجد في اليهود الكبر و العُجب و الفخر و سبب وجود هذه المراض أنّه يعتقد أنّه أفضل من غيره .إذا لم انحرفت هذه الأخلاق؟ هذه الأخلاق انحرفت لأنّه صاحب اعتقاد منحرف فالإعتقاد المنحرف يؤدّي إلى أخلاق منحرفة و هي بدورها تؤدّي إلى سلوك منحرف . لهذا بالنسبة للحيل تزداد عند اليهود لأنّهم شعب آخر غير بقيّة الشعوب فلهم أن يفعلوا ما لا يفعله الآخرون , هذه عقيدة مرتكزة داخل اليهود .
و لكنّ أن  تضربن مثالا لأيّ شخصيّة كانت تعبد أيّ شيء ستجدن أنّ سلوك هذا الشخص سيكون فيه نوع من الإنحراف ,هذا الإنحراف يكون على قدر انحراف هذه العقيدة .


إذا العقيدة الصحيحة تحمل صاحبها على مكارم الأخلاق  كالصدق ,الكرم, الحِلم , الشجاعة , المحبّة... في نفس الوقت هذه العقيدة الصحيحة تردع العبد عن مساوئ الأخلاق كالكذب, الشحّ ,الطّيش ,الجهل و ما شابه ذلك .


لذلك آداب الظواهر هي عنوان آداب البواطن , حركات الجوارح هي ثمرات الخواطر.

يعني مثلا لو اخت و هي على النت سمعت فجأة موسيقى لمدّة ثانيتين او ثلاثة , المفروض أنّها توقف هذه الموسيقى , لو بقيت تستمع إليها لمدّة دقيقة أو اثنتين او ثلاث , السماع هذه جارحة , لماذا استمعت هذه الجارحة؟ لأنّ هناك خاطر في القلب هو الذي أثمر هذه الحركة الخارجيّة  , هذا الخاطر هو حركة داخلية, لا تُرى و لكنّها تُسمع, حركة الضمير , بناء عليها كان هناك حركة للجوارح لذلك قال العلماء بأنّ الأعمال نتيجة للأخلاق .
المقصود هو أنّ العقيدة الصحيحة لها أثر على السلوك .


2.     الدعاء:

كثيرا ما يعجز الإنسان على ان يغيّر من هذه الأخلاق, يعني مثلا هناك كثير من النساء – و خصوصا من الأخوات- ممكن ان تنفعل مع الزوج بشكل مبالغ فيه يعني يكون المر ممكن أن يؤدّي إلى الانفعال و لكن هي تنفعل بشكل مبالغ فيه , ثمّ عندما تحاسب نفسها تندم و تقرّ بأنّها مخطئة و تعزم على عدم تكرار ذلك , بعدها بدقائق يحدث موقف ما فتنفعل و ربما أكثر من المرة السابقة فتجلس مع نفسها مرة أخرى و تقول: ماذا فعلت؟ أنا قد نويت أن لا انفعل مرّة أخرى ؟ أنا لن أنفعل مرّة أخرى .. الذي يحصل معها هي سلسلة من الإنفعالات المتكرّرة و هذه الإنفعالات سببها الضغط العصبي , تقول بأنّ عندها ثلاثة أو أربعة أولاد و هي لم تتعوّد على ذلك ...

 في الحقيقة , من الناحية الشرعيّة, كلّ هذا الكلام عبارة عن حجج فكلّ إنسان عنده ضغوط عصبيّة فهل معنى هذا أنّ كلّ إنسان يقع تحت ضغط عصبي ينفجر أو ينفعل انفعالا يتلفّظ فيه بألفاظ سيّئة أو ألفاظ فيها شتم أو فيها سبّ أو كذا فلا بدّ حين الانفعال أن أختار ألفاظا مناسبة لهذا الإنفعال ( فرق بين أن تقول الزوجة لزوجها أنت لا تحسّ بي أو أنت بارد مع انّ الإثنين أدّيا نفس المعنى ).

لو هناك أخت عندها هذه المشكلة او عندها نوع من الغيرة الشديدة أو هناك من الأخوات التي عندها واحد من الأمراض المتوطّنة و هي كثرة الكلام و لا تستطيع البقاء في مكان ما دون أن تتكلّم أو لا تستطيع البقاء لوحدها فتتصل بأخت لها و تقضي الساعات الطويلة على التلفون و تتكلم في مواضيع شتى, هذه الأخت تريد ان تتغيّر , تقول أودّ أن أقلّل من الكلام قليلا,المرّة القادمة لن أتكلّم .طبعا هذا امر صعب ! مرّت سنين طويلة و أصبح بينها و بين الكلام علاقة قويّة جدا, علاقة محبّة ,تضامن اجتماعي بينها و بين الكلام , بينها و بين اللسان , أصبح لسانها يتحرّك كمنبّه الساعة فهي لن تستطيع ذلك. ماهي المشكلة؟
المشكلة أنّ هذا التصرّف أصلا خاطئ فمن عنده مشكلة كثرة الكلام ليس العلاج هو عدم الكلام و أن يقول انا سأمسك نفسي و سأربّيها و لن أنطق بكلمة واحدة فالأخت ستبقى في مجلس الأخوات دون أن تتكلّم مع أنّها غن فعلت ذلك فالأخوات سيضحكن عليها و سيسألنها عن سبب هذا الصمت و إن كانت بخير .

.. لكن الذي يريد أن يتحوّل من شخص كثير الكلام إلى شخص عديم الكلام هو مخطئ و إنّما عليه أن يتحوّل من شخص كثير الكلام إلى شخص كلامه قليل كمرحلة أولى و كمرحلة ثانية كلامه أقل فأقل فأقلّ إلى أن يكون إنسانا متوازنا . الإنسان المتوازن هو الذي إن تكلّم تكلّم لمصلحة و إن سكت سكت لمصلحة , إذا أراد أن يتفوّه بأيّ كلام يعلم إن كان هذا الكلام مناسبا أم لا .

 فالأخت التي تريد أن تغيّر من اخلاقها , ليس الحل أن تمتنع مئة بالمئة ,الحلّ هو لأن تتدرّج في الإمتناع . خلال هذا التدرّج ستجد صعوبة شديدة في ذلك خصوصا التي ترفع صوتها و التي تتكلّم كثيرا و المبذّرة للمال و التي تحبّ الخروج كثيرا و التي تحبّ الظهور و الشهرة , هذه الخمسة التي ذكرتها من أكثر الأمراض صعوبة على النفس

 فالتي تتكلّم كثيرا من الصعب عليها أن تقلّل من الكلام مرّة واحدة و هكذا فهذه مشاكل كبرى و المقصد هو المحاولة و عندما نحاول نبدأ بالتدريج . مثلا الأخت في المجلس متعوّدة أن تتكلّم عشرين مرّة فتعزم على التكلم خمس عشرة مرّة فقط, هذه الخمس التي سكتت عنها ستكون صعبة عليها فالمر يحتاج إلى رياضة نفس و لكنّها سهلة إذا كانت كلّ مرّة من الخمس تهمّ بالكلام فتسكت ,المرّة التي تليها تسكت ثلاث عشرة مرّة و التي تليها اثني عشرة مرّة,

 نلاحظ هنا أنّ القفز في السكوّت  يكون كبيرا ثمّ يقلّ , السبب في ذلك أنّ الأخت في مدّة طويلة ستنتهي من الفعل خطوة خطوة لغاية أن تبلغ الوسط , خمس مرّات مثلا , فيصبح عدد الكلمات في المحلس من ثلاث إلى سبع كلمات .


و مثلا الأخت التي تخرج كلّ يوم و الزوج لا يمانع ذلك و تودّ أن تتغيّر و تخرج مرّة واحدة في الأسبوع فتبدأ في الأسبوع الأوّل تخرج خمس مرات, في الثاني أربع مرّات و في الثالث أربع مرّات أيضا , في   الرّابع ثلاث مرّات و في الخامس ثلاث مرّات أيضا و هكذا إلى أن تصبح لا تخرج إلاّ لدرس العلم أو لزيارة أمها أو حماتها.


هناك من تحاول و تنجح و هناك من تجد صعوبة في المحاولة فما الحلّ؟


الحلّ : الدعاء.


من ضمن الحلول المهمّة: اللهمّ أهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلاّ أنت و اصرف عنّي سيّئها لا يصرف عنّي سيّئها إلاّ أنت . اللهمّ جنّبني منكرات الأخلاق و الأهواء و الأعمال و الأدواء.
أن تقول مثلا في الدعاء: اللهمّ إنّي أعوذ بك من العجز و الكسل و أعوذ بك من الجبن و البخل و أعوذ بك من عذاب القبر و أعوذ بك من فتنة المحيا و الممات .


أن تقول: اللهمّ اغفر لي , اللهمّ حبّب إليّ الإيمان و زيّنه في قلبي, اللهمّ استر عوراتي و أمّن روعاتي ..

الدعاء كثيرا و لو أرادت الأخت أن تدعو بدعاء خاص بخلق معيّن عندها فلها ذلك كان تقول :

اللهمّ جنّبني الحقد , اللهمّ جنّبني الغلّ , اللهمّ عافني من الحسد , اللهمّ عافني من الرياء , اللهمّ عافني من العجب , اللهمّ عافني من الكبر, اللهمّ عافني من سوء الظنّ , اللهمّ عافني من كثرة الكلام ,اللهمّ احملني على أن لا اتكلّم إلاّ بخير , اللهمّ لا تجعلني من الذين يحبّون الظهور, اللهمّ لا تجعلني من الذين يستمعون القول فلا يتّبعون أحسنه ..

تبدأ الأخت بملاحظة المشاكل التي عندها و تدعو الله عز و جل أن يفرّج لها فيها .

من ضمن المشاكل أيضا التي تقابل الأخوات في الأخلاق هي الكلام عن الزوج ,

كأن تتصّل بصديقتها و تتحدّث عن زوجها بطريقة سيّئة جدا . من الممكن أن يكون الزوج سيّء فعلا و يفعل معها أشياء لا تقبل و لكن بالرّغم من ذلك المطلوب من هذه الأخت أنّها تحفظ السرّ و لا تنقل ما يحدث لها إلى خارج بيتها إلاّ في حالة واحدة و هي حالة الفتوى , عندما تستفتي أحدا تقول له يحدث معي كذا و كذا ماذا افعل؟ حينها فقط يكون الأمر مباح أمّا غير ذلك فهو محرّم . هذا من ضمن العيوب أن تتكلّم عن زوجها  مثلا تقول بانّه لا يفكّر إلاّ في نفسه و لا يهتم بها ,لا يفكر إلاّ في الأكل و الشرب و الملبس و لا يهتم بها و لا بأولادها , أنّه جاف جدا في الطبع , في الأخلاق , أنّه يتركها طول اليوم وحيدة في البيت و يرجع لبيته لينام, هذه مسائل يومية تحدث في البيت , و هذا خلق سيّئ , أن تسرّب الأخت مثل هذه الأشياء إلى خارج البيت . ما المطلوب منها؟

المطلوب منها أن تسأل الله عز و جلّ أن تكون من الحافظات , أي ليس من الحافظات للقرآن فقط بل من حافظات السرّ فلا يخرج منها سرّ فأسرارها لا يعلمها إلاّ الله عز و جل  و هي و زوجها أو أولادها فلا تقول مثل هذا الكلام خارج البيت .
هذه الأخلاق السيّئة تحتاج إلى نوع من أنواع المجاهدة و الدعاء.


3.     المجاهدة:


القاعدة التي علينا أن نتعوّد عليها :"  وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ "
الخلق الحسن هداية من الله سبحانه و تعالى
 .
كيف يحصل الإنسان على هذه الهداية ؟

حتى ييسّر الله له سبل الهداية, منها المجاهدة ,الإنسان الذي يجاهد نفسه في بعض الأشياء الله سبحانه و تعالى يعطيه خيرها . مثلا لو جاهد الإنسان نفسه على أن يتحلّى بالفضيلة و جاهد نفسه على أن يتخلّى عن الرذيلة . نحن قلنا أنّ الأذن تحبّ السماع , هناك سماع للخير و سماع للشرّ , هذه هي طبيعة الأذن .

عندما يكون المرء له وقت فراغ كثير يسمع قران و يسمع السنة ثم يحصل له نوع من الملل ما الذي يحصل بعدها؟
 يحبّ أن يسمع شيئا آخر فماذا يسمع؟
 يسمع مباحات , يسمع أناشيد , كلام عادي, كلام عن الأكل , عن الشرب , عن الطبخ , عن الملابس, عن السجاد إلى غير ذلك و من الممكن أيضا أن يسمع غيبة و نميمة و ظلم و بهتان ...أريد أن أعوّد نفسي على أن تكون اذني كالمصفاة أوّل ما يصلها الكلام يجد مصفاة فلا يستطيع المرء أن يسمعه فأوّل ما يصل هذا الكلام للأذن ينكره اللسان و لو لم يستطع اللسان أن ينكر ذلك ينكر القلب إنكارا شديدا و يهتزّ لكن كيف ذلك؟


 مثلا لو كان هناك امرأة كبيرة في السن و قالت لك كلمة فيها غيبة أو نميمة و أنت لا تستطيعين الردّ عليها لئلاّ يترتّب على ذلك مفسدة كبيرة , ما الذي يحصل؟

 يجب أن يحمرّ وجهك , يجب أن تنكر عيناك, كيف سينكر القلب؟

إنكار القلب يظهر على الجوارح . الإنسان عندما يتعجّب من الممكن أن يفتح عينيه أو يرفع يديه أو يرفع حاجبيه , أيضا عندما نسمع منكرا نتعجّب من هذا المنكر

 فكيف لامرأة تؤمن بالله و اليوم الآخر أن ترتكب هذا المنكر ! أو هناك أخت تريد أن تستفيض معك في الكلام و تودّ مثلا أن تتكلّم معك في العلاقات الخاصة , هذا أمر لا يُسمح به مطلقا ,فلنفترض أنّها تكلّمت معك عن أمر خاص بذلك ماذا ستفعلين و انت لا تستطيعين الردّ عليها لأنّها مثلا أوّل مرّة تزورك أو أنت خائفة ان تفقديها في الدعوة مثلا ؟ يجب أن يظهر على عينيك و يديك و حاجبيك و أذنيك أنّ هناك أمر منكر , هناك أمر منكر حصل معاك لم؟ لأنّه هناك مصفاة على القلب و مصفاة على الأذن و  مصفاة على النظر و مصفاة على الشمّ  و مصفاة على اللسان .


نحتاج إذا إلى المجاهدة . المجاهدة لا تعني ان يجاهد الإنسان نفسه مرّة أو اثنين أو ثلاث , لو أنّك تريدين الصيام مثلا و تتعودي على الصيام فتقرّرين الصيام سبعة أيّام متتالية. هل تظنّين أنّه بذلك سيصبح الصيام خلقا عندك أو عادة؟ لا إذا ما الحل؟ تصومين لمدّة سنتين الإثنين و الخميس ,بعدها يصبح صيام الإثنين و الخميس عادة بالنسبة لك . لو ستصومين يوما و تفطرين يوما , يتأتي فترة يكون هناك مانع شرعي يمنعك لذلك من الصعب أن يكون صيام يوم بيوم عادة لك .


 لذلك أجاهد نفسي في الذي قد يصبح عادة عندي و هو صيام الاثنين و الخميس و هذا نوع من المجاهدة, بالنسبة لقيام الليل المواظبة عليه قد تحتاج فترة تتراوح بين أربع أو خمس سنوات حتى يصبح قيام الليل بالنسبة إليه طبع يتطبّع به , لا يستطيع أن ينام و لا يغمض له جفن قبل أن يصلّي . كيف يصل إلى هذه المرحلة؟ بالمجاهدة , يجاهد نفسه جهادا كبيرا .
المجاهدة في حدّ ذاتها عبادة , يعني الإنسان عندما يجاهد نفسه يكون في عبادة. بعض الأخوات تحتاج مثلا لتعلّم العلم الشرعي و يريد أن يقرأ كثيرا. هذه الأخت ماذا تفعل؟ يكون عندها كتب و تريد أن تقرأها قبل النوم , قبل الأكل , بعد الآكل و هي في المطبخ , في أيّ مكان تحاول القراءة . تريد أن تكون قراءة القرآن الكريمة عادة بالنسبة لها و تقرأ وردها كلّ يوم و هي مستريحة و لا تجد عنتا في ذلك .كيف يتأتّى لها هذا؟ هذا يحتاج إلى وقت !


أكبر مشكلة تواجه الأخوات أنّهنّ يحاولن أسبوعا و أسبوعين و ثلاث فيفشلن فيتركن العمل لم؟ هي تظنّ انّها بذلك تجاهد نفسها لكن هذه ليست مجاهدة لأنّ المجاهدة تحتاج إلى وقت طويل .
مثلا لو أنّ أختا ترى أنّ وزنها زاد قليلا , حتى تخسر وزنا معيّنا الأمر يحتاج إلى مدّة معيّنة و بعد ذلك إمّا أن تكمل أو تتوقّف , إن توقّفت يرتفع وزنها مرّة أخرى . إذا عليها أن تبقى دائما تأكل القليل . لو أنّها استمرّت على ذلك لسنتين أو ثلاث يصبح طبعا لها.


كلّ شيء يحتاج إلى وقت بل غلى وقت طويل لماذا؟ لأنّ الطبع من الصّعب أن يتغيّر بسهولة . ايّ إنسان فينا يحبّ أن يدخل الجنة, أن يتحلّى بالفضائل , يحبّ أن يتخلّى عن الرذائل و هذا الأمر ليس سهلا خصوصا أنّ الأغلب تربّى في بيئات غير ملتزمة . هذه البيئات يمكن أن نجد فيها بعض الناس الذين لا يجدون حرجا في التكلم عن المسائل الخاصة و هذه مصيبة , كثير من الناس لا مشكلة لديهم إن تكلّموا عن النّاس . و هناك بيئات راقية لا تفعل مثل هذا لكنّ مصائبها من نوع آخر .كلّ بيئة من البيئات لها مشاكلها الخاصة . البيئات الراقية فيها نوع من التفسّخ, من الحريّة الزائدة فكلّ بيئة لها أمراضها. فنحتاج للمجاهدة حتى نتغيّر من مكان إلى مكان آخر.


4.     المحاسبة:

أيّ إنسان حتى يربّي نفسه يجب عليه أن يحاسبها و المحاسبة تقتضي المراقبة.

قال سبحانه و تعالى :" وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا "

 لا يغادر صغيرة و لا كبيرة .

الله عز و جل يقول:" يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ  "

في اليوم شتمت كم مرة دون ان أشعر, اغتبت كم مرّة؟ نظرت نظرة محرمة كم مرة؟ كم مرّة سكتت عن الباطل؟ كم مرّه لم أنصر الحق؟ كم مرة لم انصر المظلوم؟ كم مرّة لم اقف موقفا شرعيا من الشيء الفلاني او العلاني؟ كثير ! أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ" وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا " الله عز و جل لا ينسى اما العبد فينسى لذلك هو اسمه الانسان من النسيان

يقول الله عز و جل:" وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ " 
إذا أيّ مسلم لا بدّ أن يضع المحاسبة نصب عينيه لم؟ لأنّ غدا هناك سؤال , غدا هناك أهوال , غدا هناك ميزان . نحن في الدنيا نجعل المحاسبة هي الميزان . نستخدم هذا الميزان حتى نصحح المسار و نعدّل السلوك .

من الممكن أن تقع كثير من الأخوات في مشكل من مشاكل تغير السلوك و قد ضربت مثال سلوك العصبيّة .

هناك أيضا سلوك يظهر بعد فترة من الزواج و هو سلوك النديّة . أن يكون هناك رجلان في البيت أحدهما ليس بعاقل و الثاني كان امرأة. الرجل ليس بعاقل لماذا؟ لأنّ المرأة عندما تشتدّ و ربما تتكلم بكلام سيء من الممكن أن يتغافى عنه مؤقّتا في حالة العصبية أو في حالة الضغط الشديد حتى لا يتولد من هذا الضغط ضغطا اخر و من الكلمة عشرة لذلك الرجل ليس بعاقل.و الثاني رجل كان امرأة . المرأة هي شخص فيها هدوء نفسي , فيها نوع من المحبّة لزوجها, فيها نوع من الرومانسية إلى غير ذلك .هذه المرأة تحولت إلى رجل, ندّ. هذه أخلاق في غاية السوء لماذا؟ لأنّها تتحوّل بعد فترة إلى مزيد من الشقاق , مزيد من العصبيّة في البيت و مزيد من المشاكل.

الأخوات اللائي لم يتزوجن لهنّ مشاكل أخرى . من المشاكل التي موجودة بكثرة هي مسألة الصديقة التي لا تفارقها ليلا و لا نهارا ,كأذكار الصباح و المساء تتكلم معها ليلا و نهارا و في أوقات كثيرة .
 هذه الأخت التي تصادقك و تصاحبك  لفترة طويلة  إن لم تسال عنك يوما ما أو إذا مرضت و لم تزرك من الممكن أن تنقلبي عليها فتنقلب هذه المحبة عداوة .

 من الخلق السيّئ ان أخت خاصمت اختا  ففجرت اخت في الخصوم فتفشي اسرارها و كلّ هذا من ضعف التربية و من ضعف الخلق الحسن.

لو نفترض ان هناك اختين بينهما اسرار لا يعلمها الا الله و حدث بينهما حادث و تغيّرت القلوب , بعدما كانت هذه الاخت من احب الناس اليها اصبحت لا تطيق سماع اسمها و لا رؤيتها و ان علمت انها موجودة في مسجد لم تذهب الى هذا المسجد و لو علمت انها موجودة في مكان ما لا تريد الذهاب الى هذا المكان ,

 من المتربّية من الأختين؟ هي التي ستحفظ السرّ و لن تفشي سرا بينهما تحت ايّ ظرف من الظروف . هذه هي التربية.


لذا نقول أنّه لا بدّ أن يحاسب الإنسان نفسه لكن لا يبالغ في ذلك . الأصل أن يحاسب نفسه و أن ينتبه إلى كلّ كلمة صغيرة كانت أو كبيرة , ينتبه إلى كلّ حركة , حتى الحركات يعني كيفية تصرّفها و كيفية تحركها و كيف تنظر بعينها , لا بدّ للإنسان أن ينتبه إلى نفسه و هو يقوم بهذه الحركات.

لكن في نفس الوقت هو مطالب بأن لا يبالغ في محاسبة النفس لم؟ لأنّ هذا يؤدي إلى الانقباض و الانكماش و الاكتئاب .ما معنى ذلك؟ يعني لو أنا أحاسب نفسي محاسبة دقيقة جدا , أتكلم خمس مرات في اليوم و كلّ مرة لا تزيد عن خمس دقائق فالأخت عندما تتكلم في التلفون تكتب المدة التي تكلمت فيها بالدقيقة و بالثانية . كلّ يوم تحاول و لا تصل إلى المطلوب فينجرّ عن ذلك نوع من الإكتئاب لأنّها فشلت في المحاولة .

يجب أن يكون هناك تدرّج و في نفس الوقت لا نبالغ في المحاسبة , لا نبالغ في العتاب, لا نبالغ في الكلام إلى غير ذلك فهذه مسائل تنجر عنها مشاكل كثيرة جدا.


5.     التفكّر في الآثار المترتّبة على حسن الخلق:


 كلّما تذكّر الإنسان الثمرات المترتّبة على حسن الخلق و استحضر العواقب المترتّبة عليها حصّل بذلك أكبر الدواعي على فعلها و على السعي إليها.

و كنا قد ضربنا مثلا لذلك الحديث الصحيح و هو :" إنّ الله حرّم على النار كلّ هيّن ليّن سهل "

فأنا مثلا أريد أن اكون ليّنا , هيّنا , سهلا يعني أن لا أكون صعب المراس, إذا طلبت أكون موجودا وسط الناس , إذا طلب منّي أحدهم خدمة أقدّمها , أن أبتسم في وجوه الآخرين

 و في ذلك نصوص كثيرة من بينها " تبسّمك في وجه اخيك صدقة " فانا أريد فعل هذه الأشياء, لم؟ لأنّي إن فعلت ذلك حرّم الله عليّ النار غذا الثمرة علوّ في الدنيا بحسن الخلق و علوّ في الآخرة.

لو علم الإنسان كيف أنّ النفس ترتفع ارتفاعا كبيرا جدا بحسن الخلق , و الله, ما ترك التمسّك بالوصول إلى حسن الخلق .

لو أخت مثلا علمت انّه بحسن الخلق قد يهدي الله بها أناسا كثيرين أو علمت أنّه بحسن الخلق قد يحبّها زوجها حبّا شديدا أو أنّها قد تكون مستودع سرّ النّاس و هذا يعني انّ الله سبحانه و تعالى جعلك من أهل الأمانة فهذا رفعة في الدنيا و عندما تستودعين هذه الأسرار و لا تنقليها لأحد تحت أي ظرف كان تُرفعي في الدنيا و الآخرة لأنّك أصبحت ممّن يحفظون السرّ .

لو أخت عرفت ثمرة الصمت , فالإنسان لو كثر صمته كبر عقله و قلّت معاصيه فالإنسان يجتهد حتى يكون كثير الصمت و لا يتكلّم إلاّ بخير .

من حسن الخلق أن يأمر الإنسان بالمعروف و أن ينهى عن المنكر فيكون من الخيرية ,قال الله عز و جل:" كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ "

عندما يتذكّر الإنسان بانّه ليس بكاذب و ليس بنمّام و ليس بمغتاب و لا ينظر النظر الحرام و لا يتكلّم إلاّ بخير , عواقب هذه الأشياء في الدنيا أقلّها انشراح الصّدر و زوال الهمّ و الغمّ و الحَزَن .
إذا اجتهد انسان في الفضائل و التمسّك بالفضائل و ابتعد عن الرذائل و تخلّى عنها قلبه انشرح .

تخيّلي إنسانا جالسا في مكان ما و قلبه منشرح لماذا؟ للعبادة, منشرح للمصحف, منشرح لقول الحقّ , منشرح للذكر , هذا الإنسان من الممكن أن يفعل الأعاجيب .

أليس من الممكن أن يقول في أذكار الصباح و المساء سبحان الله و بحمده مائة مرة و من الممكن أن يقول لا إله إلاّ الله و حده لا شريك له له الملك و له الحمد و هو على كلّ شيء قدير  مائة مرة أو أكثر ؟
 لماذا أناس كثيرون لا يقولون هذه الاذكار؟

نحن لا نقول انّها فرض هي مستحبّ و لكن هناك أناس لا تستطيع قولهم لماذا؟

 لأنّ قلبه لم ينشرح لذلك ,لماذا؟

 ممكن لكثرة معاصيه و من أين تاتي هذه المعاصي الكثيرة؟ لأنّه لا يكتسب الفضائل و لا يتخلّى عن الرذائل , حسن الخلاق , من اين تاتي هذه الخلاق؟

 هي نتيجة سلامة العقيدة و سلامة العقيدة عنده أثّرت على سلوكه فتعلّم علما نافعا هذا العلم النافع تحوّل إلى سلوك , هذا السلوك أثّر على الجوارح فأصبح يحبّ الفضائل و يتحلّى بها و يبغض الرذائل و متخلّي عنها فهذا مكّنه من انشراح الصّدر و انشراح الصدر مكّنه من أن يقول اذكار الصباح و المساء كاملة وعوض أن يقولها مائة مرّة يقولها الف مرّة.


لم كثير منّا عنده لا شعوريا ذكر يومي كان يقول لا حول و لا قوّة إلاّ بالله أو سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلاّ الله و الله أكبر أو ربّي اغفر لي و تب عليّ إنّك أنت التوّاب الرحيم ؟

 لأنّ صدره ليس منشرحا ما هو السبب في ذلك؟
 كم تكلّمنا من مرّة اليوم؟
 ما هو عدد المكالمات الهاتفيّة التي أجريناها؟
 كم مرّة كلّمنا الزوج؟
 كم مرّة خرجنا ؟هل صلّينا الصلاة في أول وقتها؟
 هل اغتبنا أحدا؟
 هل كان هناك موقف كان عليّ أن أقول فيه كلمة حقّ و لم أقلها؟


 فمن الممكن أن ينقضي اليوم و لي رذائل كثيرة أو عدد من الرذائل و هناك تخلّ عن عدد من الفضائل . بعد هذا اليوم المليء بالمآسي من الممكن أن أجد صعوبة في قيام الليل ,لم؟ اللسان الذي اغتاب و نمّ  و تكلّم بسوء و غير ذلك لا يستطيع أن ينطق و يقرأ القرآن . من كثرة سماع الغيبة و الشتم و السب و غيره الأذن ملئت من بول الشيطان فلو نمت لا تستطيعين النهوض للصلاة . أريد أن أقول ذكرا مثلا ربّ اغفر لي و ارحمني إنّك أنت التوّاب الرحيم أكرّها خمس, عشر, خمسة عشر مرّة و فجأة أجد نفسي لا أستطيع استكمالها ,لم؟ اللسان اليوم تكلّم في غير طاعة الله كثيرا فغلبته المعصية. حتى الجسم نفسه , تحرّك في غير طاعة فلا يستطيع أن يقوم و يركع ركعتين .

إذا هذه مشكلة كبيرة. هناك آثار لكلّ شيء و لا يمرّ شيء مرور الكرام يعني انسان يغتاب و يفعل ما يفعل ثمّ يقول أستغفر الله ربّي اغفر لي و تب عليّ إنّك أنت التوّاب الرحيم ,هذا أمر جميل و هو التوبة لكن غدا ماذا ستفعلين؟ ستتوبين أم ستقولين ذلك ثانية؟ ستتوب ثمّ تقول ذلك مرّات عدة بعدها فهل هي تعتقد أنّ هذه الغيبة ليس لها أثر؟ لا بدّ أن يكون لها أثر طبعا . هل تعتقدين أنّ الكلام فيما لا يعني ليس له أثر؟ له أثر طبعا .

العبارة عبارة عن ماذا؟ عن مصفاة, إن كثر فيه القطران ,و القطران لا ينزل من المصفاة,  لن يعرف معروفا و لن ينكر منكرا .


كلّ أخت تسأل نفسها هذا السؤال المهمّ : لماذا قد يكون لك ذنب أو اثنين او ثلاث و أصبح الأمر عندك عاديّا

 سواء كان الذنب في اللسان أو السماع أو الشمّ أو اللمس أو البصر أو في التخيّل , في الضمير؟

قبل ذلك عند الوقوع في هذا الذنب كنت أرتعش و كنت أبكي طول الليل و كنت أصلّي حتى يغفر الله لي ذنبي أمّا الآن فالأمر تغيّر , ما السبب؟ عندما نذنب كثيرا لا يتوب الله عليك في كلّ مرّة . من الممكن أن تذنبي مائة مرة و الله سبحانه و تعالى يتوب عليك ثم إذا أذنبت بعدها لا يتوب عليك و لا تجدين أثرا للمحاولة , ترفعين يدك للسماء فلا تجدين أثرا لهذا الدعاء . أتتك فرص كثيرة و أنت فرّطت فيها. كثرة الذنوب استهزاء من العبد و العبد لا بدّ له أن ينتبه لذلك , أن لا يكثر من الذنوب و إلاّ يكون هذا استهزاء بربّه , استهزاء برحمته و بحكمته فيخاف على نفسه ألاّ يُفتح له باب التوبة مرّة أخرى و هذا هو الأمر المرعب الحقيقي الذي قد يقابلنا جميعا .


خلاصة الكلام أنّ القلوب لن تنشرح إلاّ بالوصول إلى هذه الأخلاق الحسنة


 لأنّه من ثمار الأخلاق الحسنة الإنشراح. بعد الإنشراح تفتح أبواب الخير و الطاعات . صاحب الأخلاق السيّئة كيف سينشرح صدره؟ من أين يأتي له الإنشراح؟ الذي قلبه ليس منشرحا و عنده دائما مشاكل متى يكون عنده هدوء و أنّى يتأتّى له الإنشراح؟ من الصبر الجميل .الصبر هو خلق حسن.و من الممكن أن تصلي بالصبر على  مشاكل الأولاد الكثيرة إلى التدبر في المعاني و تستطيعين أن ترفعي يدك إلى السماء و تشتغلين في الدعوة و تعلّمين النّاس و تحلّين مشاكل الأخوات و تساعدين كلّ فقير و كلّ يتيم و أيّ بنت في  مدرسة ما تحتاج إلى مساعدة في المصاريف تساعدينها ...

ستقومين بمجهود لا تتخيّليه هل تعرفين لماذا؟ لأنّه أصبح هناك انشراح للصدر , لأنّ هذا الخلق انطبع عليك و عندما انطبعت بهذا الخلق أصبحت كالإسفنجة تستطيعين امتصاص هذا الضيق الشديد من الأولاد.


ما هو العيب الذي هو عند النساء خصوصا؟ هو أنّها تريد دائما ان تخرج مافي صدرها مباشرة. إذا حدث معها أيّ شيء تقوم بأيّ حركة حتى تعبّر عن مشكلتها , سواء الأولاد أو طلبات الزوج التي لا تنتهي أو الخت التي تضايقها إلى غير ذلك فالأخت قد ترفع من صوتها أو تقول كلاما سيئا أو تبكي . هناك كثير من الأخوات يعوّضن ردود الفعل بالبكاء . كلّ هذا في الحقيقة ينافي الصبر الجميل .  ماذا يفعل الصبر الجميل في الإنسان؟ يجعله يمتص أيّ مشكلة تحدث معها سواء سببها الأولاد أو زوج أو انّها لم تتزوج . هناك من تقول سننفجر إذا؟! هذا لن يحصل لماذا؟ لأنّ هذا الإمتصاص سببه أنّ الله سبحانه و تعالى قال "  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ " إذا سبب صبري هو انّ الله عزّ و جلّ أمرني  بالصبر, إذا لم أفعل ذلك إلاّ ابتغاء لمرضات الله سبحانه و تعالى . ما هو الفرق بين الناس؟ الفرق هو أنّ الله عزّ و جلّ امر فهناك ناس التزموا بالأمر بنسبة عشرة بالمائة و هناك آخرون التزموا بنسبة خمسين بالمائة و هناك من التزم بنسبة سبعين بالمائة و هناك من التزم بنسبة مائة بالمائة فأصبح هناك فرق كبير جدا بين من التزم بعشرة بالمائة و من التزم بتسعين او بمائة بالمائة. و هناك اناس لم يلتزموا اصلا بأوامر الله  بل فعلت عكسها . لذا أنت سترتفعين و تكونين فوق ما تتخيلي لأنّك تمتصين هذه المشاكل التي أمامك لأنّ الله أمرك بالصبر فصبرت , الله أمرك بالعفو فعفوت , الله أمرك بالحلم فحلمت , الله أمرك بكظم الغيظ فكظمت . لو أنّ أختا لم تلتزم بهذا الأمر مثلا بنسبة خمسين بالمائة فهي أحيانا تصبر و أحيانا لا تصبر و إذا لم تلتزم بنسبة تسعين بالمائة أصبح الغالب عليها أنّها لم تصبر , و إذا لم تلتزم بنسبة مائة بالمائة فأيّ موقف يحصل يكون ردّ فعلها الغضب الشديد أو علوّ الصوت و قد يصل إلى الشتم أو البكاء المستمرّ .

المقصود إذا أن نعرف ماهي آثار الخلق الحسن و هذه مسائل مهمّة جدا و درس اليوم يجب أن يحوّل إلى فعل حينها يحدث الفرق لأنّه حينها تصبح الأخت منشرحة و من الذين يطبّقون و من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه و لم تعد من الذين يقولون ما لا يفعلون و لم تعد من الذين يأمرون الناس بالبرّ و ينسون انفسهم فتخلّت بذلك عن الرذائل و تمسّكت بالفضائل. هذا الشعور يجب أن يكون في قلب كلّ اخت تسمع الان . هذه الأخلاق الغاية منها ليست أن يقال عن الأخت أنّها صاحبة خلق حسن و هي أخت ممتازة ,بل الغاية أن يترتّب عن هذا الكلام أهمال تظهر على جوارحها.


إذا المشكلة ليست في كثرة الأولاد, و ليست في الزوج , يعني هذه المسائل لا تعتبر المشكلة التي تحوّل الأخت من شخص ملتزم بطاعة الله و بأوامره إلى شخص عصبي , يردّ الفعل , كثير البكاء و أخلاقه أصبحت سيّئة فعندما نقف أمام المولى سبحانه و تعالى ماذا سنقول؟


إذا لا بدّ من الصبر الجميل!

لكن كيف نصبر؟


مثلا من الممكن أن يكون الولد أو البنت نشيط جدا , يتحرّك كثيرا و في كلّ مكان , ما الحل؟ ليس من المعقول في هذه الحالة أن نأتي بالطفل كلّ مرّة و نانّبه و ربما نضربه. لا يأنّب الطفل على كلّ فعل يفعله. طبيعة المرحلة التي يمرّ بها الطفل هي الحركيّة الشديدة , التفكير و الخيال و الأحلام . الولد في سنّ الخمس أو ستّ سنوات يكون كذّابا ليس لأنّه يحبّ الكذب و إنّما هو يتوهّم و يتخيّل فيحوّل هذا التخيّل في حكاية و موضوع , هنا لا بدّ أن يظهر دور الأب و الأمّ فيظهر أحيانا الغضب و أحيانا كثيرة العطف حتى يكون الولد متوازنا لكن كثرة الصراخ و الصوت العالي  يولّد عند الطفل مشاكل في الأعصاب  و يسبب للأمّ عدد من الرذائل و غياب التدبّر و انشراح الصدر.

6.  النظر في عواقب سوء الخلق:
صاحبة الخلق السيّئ كثيرة التأسّف . تحدث مشكلة مع حماتها أو أختها أو زوجها ثمّ تقول أنا آسفة. ما الذي يجعل الأخت تتعوّد على التأسّف؟ كان الأولى أن لا تقول تلك الكلمة و أن تصبر يقول الله سبحانه و تعالى وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ . فالإنسان يصبر حسبة لله عز و جل فمن يحسب لا يشعر بالضيق بسبب صبره و لا ينتكس و لا يرجع القهقرى و لا يتراجع , من يحتسب يرفعه الله عز و جل في الدنيا و الآخرة.


إذا صاحب الخلق السيّء كثيرا ما يتأسّف, كثيرا ما يندم . هذه مسألة تخصّه ماذا عن المسائل الأخرى؟


لو أخت لها خلق سيّئ ,كثير من الأخوات لا يردن رؤيتها و لا التعامل معها و يتمنون اختفاءها لم؟ لأنّها تسبب الكثير من المشاكل . صاحبة الصوت العالي مثلا قد تتعامل مع بعض النساء اللاتي من طبعهن التضايق من الصوت العالي فلو هي جلست في مكان لم تجلس معها. فتكون هذه الشخصية مبغوضة في قلوب الخلق فيصبح لهذه الشخصية صاحبة الخلق السيئ همّ سببه انّها تخاف إن ذهبت إلى مكان ما تتسبب في مشكلة و حتى ان نوت عدم إحداث أي مشكلة طبعها يغلبها فتخطئ و تتأسّف و تندم, ذنب و غمّ و همّ.كلّ هذا عاقبة سوء الخلق.


 عاقبة سوء الخلق الوقوع في المعصية.
عاقبة سوء الخلق عدم انشراح الصدر.
عاقبة سوء الخلق فتور اللسان عن الذكر.
عاقبة سوء الخلق الوصول إلى مرحلة فيها اكتئاب سببه عدم القدرة على التغيّر و الشعور بالعجز.


المقصود إذا هو تاكيد هذا المعنى و هو معرفة أسباب اكتساب حسن الخلق و ليس الغاية من معرفتها حفظها و إنّما الغاية من معرفتها التطبيق. الأسباب التي ذكرناها هي:

·         أوّل سبب ذكرناه هو اكتساب العقيدة السليمة الذي يترتّب عليه سلوك متوازن فعّال

·         ثانيا الإلحاح في الدعاء بأن يجنّبنا الله تعالى منكرات الأخلاق و أن يعطينا من محاسن الأخلاق اللهمّ اهدني لأحسن الأخلاق لا يهد لأحسنها إلاّ انت و اصرف عنّي سيّئها لا يصرف عنّي سيّئها إلاّ أنت

·         ثالثا المجاهدة و هي أن يجاهد الإنسان نفسه مجاهدة كثيرة متتالية متوالية وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ و قلنا انّ الزام النفس بالمجاهدة لا يعني مجاهدتها مرّة او اثنتين او ثلاث و إنّما مجاهدتها طيلة سنوات . من تريد أن تجاهد نفسها على الصدقة لا تمضي شهرا واحدا تدفه كلّ يوم جنيها مثلا و إنّما لمدّة سنوات بعد ذلك يصبح الأمر طبيعيا بالنسبة لها و من كثرة المجاهدة أصبحت طبعا عندها .

·         رابعا المحاسبة : كلما ارتكب الإنسان خلقا ذميما حاسب نفسه و يرجع مرّة اخرى و يطون حازما و جادا مع نفسه و في نفس الوقت لا يبالغ في المحاسبة لئلاّ يصل إلى مراحل الإكتئاب أو الإنقباض

·          خامسا : التفكّر في الآثار المترتّبة على حسن الخلق

·         سادسا النظر في عواقب سوء الخلق و هي عواقب تجعل الإنسان مهموما و مغموما بشكل كبير

كلّ اخت يجب أن تكون عندها رغبة شديدة في التغيّر لأنّها لا تضمن أن تعيش للغد , وَ سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ سارعوا بالتوبة , سارعوا بالإنابة , سارعوا بالتغيير إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ  و أنا في طور التغيّر و المجاهدة و متّ كنت كمن قتل مائة نفس كنت صاحب أخلاق سيّئة لكن الحمد لله أتوب و أنا ذاهب للمكان الذي فيه الأخلاق الحسنة فالله عزّ و جلّ قبضني فكنت أهلا للمغفرة .

سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلاّ أنت أستغفرك و أتوب إليك






/div

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق