>

الخميس، 5 يناير 2012

الهداية 2






الجزء الثاني من درس الهداية

إنّ الحمد لله نحمده و نستعين به  و نستغفره و نعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا إنّه من يهده الله فلا مضلّ له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله

أمّا بعد
:
تكلمنا في المرة السابقة عن الهداية وسنكمل ان شاء الله,

 الهداية العبد يحتاج إليها في كل وقت وحين ,

والهداية لها مراتب أربعة:-


النوع الأول هي الهداية العامة

 وهي هداية كل حيوان وادمي لمصالحه الدنيوية التي يقوم بها أمره

 التي قال الله تعالى "سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى "
وايضا " قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى
 "
الله سبحانه خلق المخلوقات ثم هداها لما خلقت له من أعمال , خلق الشمس وهداها للإنارة وخلق الأرض وهداها للإنبات , خلق العين ثم هداها للإبصار , فالله تعالى خلق المخلوقات ثم هداها لما خلقت له................وهذه تسمى الهداية العامة
.
المرتبة الثانية هي هداية البيان والدلالة والارشاد الى الحق

 فالله سبحانه وتعالى أرسل الرسل للدلالة والإرشاد وأمر بها

 فقال تعالى "وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ

"
المرتبة الثالثة هي هداية التوفيق

وهي الموجبة للاهتداء كما قال تعالى " إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ "
ا
ما المرتبة الرابعة  فهي الهداية في الاخرة الى طريق الجنة او الى طريق النار

 كما قال تعالى "وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ "

وقال سبحانه عن اهل النار "احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ

"
وأكمل الناس هداية هو أعظمهم جهادا والجهاد يبدأ من النفس ثم الهوى ثم الشيطان ثم جهاد الدنيا فالإنسان إذا جاهد هذه الأربعة النفس والهوى والشيطان والدنيا الله عز وجل يهديه إلى الجنة


"الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ "

ومن عطل شيء من جهاد الهوى والنفس والشيطان والدنيا إذا سيفوته من الأجر ما عطل من هذا الجهاد ويفوته من الهدى بحسب ما عطل من هذا الجهاد
 .
في الحقيقة الأعداء نوعان عدو ظاهر وعدو باطن,

 والإنسان لا يتمكن من جهاد عدوه الظاهر إلا إذا تمكن من جهاد عدوه الباطن.
أي أن الإنسان إذا أراد أن يتكلم عن شخص ما او ان يظلم شخص ما ويريد ان يجاهد نفسه في الكلام ويريد ان يجاهد نفسه في عدم الظلم لابد أولا أن يجاهد ما في باطنه ما في قلبه من ماذا مثلا لابد ان يجاهد الكبر لابد ان يجاهد الغرور لابد ان يجاهد العجب لابد ان يجاهد أي شيء به شرك بالله عز وجل عندما يتمكن من هذه المجاهدة ينصر على عدوه في الخارج  أي كان هذا العدو

 لذلك الله سبحانه قال
" وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ "

فمثلا كل أخت تحادث أختها في الهاتف من منهن تتحكم في نفسها عند الكلام ليس من الضروري ان يكون زم او خطأ ولكن مجرد الحكاية

 النبي صلى الله عليه وسلم قال  " كالراعي يرعى حول الحمى يوشك ان يقع فيه" لذا فان تكلمنا عن الخير المحض فنحن في نعيم انعم الله علينا به كما تتحدث الأخوات عن الدعوة وكيف يتصدقن.....هذا نعيم ورضا من الله سبحانه وتعالى
.
الأمر الثاني الكلام في المباح كالطعام والشراب وكيف تصنع هذه الأكلة.....هذا كله من المباح
.
لكن هناك كلام من المباح قد يجر إلى الحرام فالإنسان يضع لنفسه الحمى يضع لنفسه سور لا يريد ان يتعداه فالجميع ينبغي ان يضع أمام كلامه أسوار عالية لا تأتي بذكر أي أخت على لسانها مثلا  ولكن اذا كان الكلام بخير فلا بأس أما الكلام عنها في المباح فيجب ان نحفظ ألسنتنا عن هذا المباح الا بالقدر اليسير لان الكلام عن المباح قد يجرنا الى المحرم.....اذا نضع لأنفسنا سورا عاليا هذا من الجهاد............


.فمن جاهد نفسه في هذا ما النتيجة؟.....النتيجة ان يؤتى السبيل" وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ "


الواجب علينا ان ندعوا الناس جميعا الى الله تعالى ان نعلم الناس أحكام الدين ونبذل كل جهد في ذلك ثم بعد ذلك الهداية بيد الله سبحانه بلا شك
.
دائما أقول ليس كل من يتعلم ليس معنى ذلك ان هذا في مصلحة العبد لكن هناك من يتعلم أشياء من الدين ويستعملها في غير طاعة الله سبحانه يستخدمها في الرياء يستخدمها في العجب والغرور ......فالهداية من عند الله عز وجل
.
سؤال يطرح............ ما هي موانع الهداية؟

السبب الاول ضعف معرفة العبد وقلة ادراكه

 :فالإنسان اذا كان ضعيف في المعرفة فعندما يقرأ في كتاب او يسمع شريط او يقرأ القران لا يفهم الكثير مما يقرأ او يسمع فهو يمنع الهداية

.
السبب الثاني : عدم الاهلية:

 وهي تعني ان الإنسان قد يعلم الحق فعلا ويسمعه جيدا ويقرأه جيدا لكن القلب غير قابل للتزكية ران عليه ما كان يكسب اذا هذا الحجر الذي عليه الران لا يقبل التزكية لا تؤثر فيه النصيحة فالمريض مرضا لا يبرأ مهما اخذ من الدواء فالدواء لا يؤثر فيه ...........اذا صاحب القلب القاسي الذي عليه ران يمنع من الهداية
.
فمثلا من يرتكب المعاصي بشكل متكرر فمثلا التي تشكوا دائما من حماتها أو من آخت لها او جارة فتتحدث اليوم في الهاتف إلى أختها أن جارتي فعلت اليوم كذا وكذا وهذا الكلام متكرر من الجارة فما الجديد الذي يدعوك أن تتكلمي مع أختك عنها كل يوم فهذه الأخت التي تكثر من الكلام على أخواتها إذا أرادت ان تتوب ويوجد لها سبيل من سبل الهداية لا تستطيع ان تسلكه ان هناك مانع من الهداية ان القلب قد تحجر  فالأخت قد تتمنى الموت لأختها ولما لان القلب خالطه قسوة هذه القسوة تجعل الإنسان يخرج من حيز الإنسانية  من حيز الحب في الله إلى حيز القسوة الى حيز الغيرة الى حيز الحسد الى حيز الحقد
.
السبب الثالث : محبة الاهل والعشيرة :

 فالإنسان اذا اتبع الهدى وخالف الأهل فأبعدوه وطردوه وأخرجوه من بين أظهرهم ومن الممكن مع المرأة هي من آسرة غير ملتزمة ولا تريد ان تجلس معهم في المكان الذي به تلفاز او دخان مثلا وتريد ان تلبس الحجاب او النقاب مثلا فمن الممكن ان يتحدثوا عنها بطريقة سيئة ومن الممكن ان يبعدوها عن مجالسهم وعندما يريدون الخروج يمنعونها من الخروج معهم فتبدأ في مرحلة الضعف ويدخل لها الشيطان في باب التشدد فيبدأ الإنسان يبتعد شيئا فشيئا عن الدين نتيجة محبة الأهل والعشيرة بل من الناس من يظل في الكفر بسبب محبة الاهل والعشير

.
اذا محبة الإنسان من إتباع الحق قد تمنع الإنسان من إنكار الباطل فيكون هذا الحب من موانع الهداية
.
من موانع الهداية أيضا : محبة الدار والوطن

 فالإنسان قد يعيش في بلاد الكفر كالبلاد الأوروبية ويريد ان يسلم ويعلم انه يحتم عليه شرع الله الهجرة وهو يستطيع ذلك بان يذهب إلى إحدى بلاد المسلمين فمن محبته للدار او الوطن من الممكن ان لا يسلم كي لا يفارقهم .
من موانع الهداية : الرياسة والملك

 فالإنسان ممكن ان يكون ملك او رئيس ويعلم ان الإسلام هو الحق ولكنه عندما ينظر إلى الإتباع وانه اذا اسلم لابد وانه سيترك هذا الملك كما حدث مع هرقل فهو يعلم ان النبي على حق ولكنه اذا اسلم يعلم أنهم سيطردونه وينظر الى أتباعه وينظر الى الذين يأتمرون بأمره فيتردد في ذلك تردد كثيرا ولا يسلم فالرياسة والملك مانع من موانع الهداية
.
من موانع الهداية مانع الشهوة والمال

 وهذا ما يمنع كثيرا من الأحبار والرهبان من الهداية لا غالب الأحبار والرهبان يأكلون أموال الناس بالباطل واغني الأغنياء الأحبار والرهبان من النصارى او اليهود لان الناس يذهبون إليهم ويطلبون منهم المغفرة او العفو وما يسمى بصكوك الغفران ويدفعون إليهم الأموال الكثيرة حتى يعطونهم صكا من صكوك الغفران  او يعطونهم قيراطا من قراريط الجنة وكأنهم يوزعون هذه الصكوك او هذه القراريط من عندهم ومن قرأ قصة سلمان الفارسي ستعلمون ما اعني

الخلاصة ان المال الكثير يمنعهم من الإسلام بل لو أصبح شيخا كبيرا في وسط المسلمين لما اخذ مال من احد ولا نهب من مال احد لأنه يعلم ان هذا المال هو مؤتمن علية ولا يجوز التصرف فيه الا في ما يحبه الله ويرعاه.
نفس الكلام الفنانين والممثلين وغيرهم وهم تعودوا على المصاريف الكثيرة ويأخذون المال من باب محرم ويعلمون ان الهداية الحقيقية في إتباع شرع الله عز وجل لكن يمنعهم هذا المال من الهداية فسبحان الله.
وايضا الشهرة فلو ان هناك إنسان مشهور فأراد ان يلتزم بطاعة الله عز وجل ويعلم ان الكثير سيهاجمونه سواء كان ممثلا او صحفيا او كاتبا كبير فيعلم انه سيهاجم فتمنعه شهرته من الهداية
 .
من موانع الهداية الإلف والعادة

فمن تعود مثلا على الكلام كثيرا فهو يسمع قليلا ومن يسمع قليلا مشكلته ان سبيل الهداية إلى قلبه يكون قليل لأنه لا يريد ان يسمع الا نفسه ولا يسمح للكلام ان يدخل الى قلبه وعقله اذا الإلف والعادة أيضا من موانع الهداية

.
ايضا من موانع الهداية الحسد والكبر

 والحسد والكبر هو داء الأولين والآخرين فإبليس ما الذي منعه من الانقياد الكبر "قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ "
الذي منع اليهود ومنع ابو جهل ومنع عبد الله بن ابي بن سلول وابي لهب الكبر والحسد كل هذه الاشياء من الكبر والحسد تمنع الانسان من الهداية .
الأصل في الإنسان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه
"
فلنفترض مثلا ان امرأة رأت على أختها سعة مثلا بنت بيتا اشترت هاتف غالي الثمن وكذا لبسها غالي الثمن زوجها عنده سيارة او عنده مشروع كبير من يرى مثل هذه الأشياء يحمد الله ويتمنى ان يبارك الله عز وجل لها فيما عندها وعندما افعل ذلك فان الله عز وجل جعلني مهتديا في شكر النعمة التي على غيري فبشكر النعمة الله سيجعلني اكثر اهتداء من ذي قبل ومن ثم فان الإنسان يظل في نعمة الهداية الى ان يموت.
ولكن الأخت التي تتمنى زوال النعمة عن أختها هل تكون هدايتها تامة الهداية تبدأ تنقص اكثر واكثر.
فنسأل الله ان يحفظنا والا يبتلينا بمثل هذه الأشياء من حسد او كبر او غيرها من موانع الهداية
.
من موانع الهداية ايضا ان الانسان يصادق اعداء الله عز وجل

 مثل الليبراليين او العلمانيين او مثل هؤلاء الناس فرق بين ان يعاملهم وان يصادقهم بان يشرب ويأكل معهم ويسمع ويسهر معهم وان يكون هناك ودا ومحبة كل هذا يجعل هناك مانع من موانع الهداية بان يصادق الإنسان من يعادي رسالة محمد صلى الله عليه وسلم

.
اذا................ما هو السبب لحصول الهداية.؟

نقول ان الدعوة الى الله

 من اقوى الأسباب لحصول الهداية سواء كان للداعي او للمدعو فالإنسان علية ان يدعو الى الله ليل نهار.
فالهداية ثمرة من ثمار الإيمان وكلما كان الإنسان أعماله قوية كان إيمانه قويا. والأعمال ما هو عباده ومنها ما يكون دعوة فمن قوية عبادته ودعوته سيكون قويا.
النبي صلى الله علية وسلم عندما كان يتفكر كان يتفكر في هداية نفسه وفي هداية اهله وفي هداية عشيرته وفي هداية قومه وهداية الناس أجمعين وهداية العالم كله
.
فعندما نسمع هذه الآية " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ"

الله عز وجل قال للنبي صلى الله عليه وسلم "وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ "

اذا الاهتمام يكون بالنفس اولا ثم بالأهل ثانية فالمرأة المتزوجة تهتم بنفسها ثم زوجها وأولادها والغير متزوجة أبويها ثم عشرات الأقربين الخالة والعمة وما شابه ذلك ثم بعد ذلك "لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ "
النفس - الاهل - العشيرة - بقية القوم

" وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ" ثم قال له تعالى "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" ثم قال له سبحانه وتعالى"  وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ

"
فالإنسان يبدأ ب النفس ثم الأهل ثم العشيرة ثم بقية القوم ثم القرية ثم من حولها ثم كافة للناس ثم للعالمين وهذه هي الطريقة المثلى في الدعوة الى الله فالإنسان فينا يبدأ بنفسه وينتهي بالعالم
.
"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" فلو ان انسان نوى ان يصل صوته الى العالم اجمع ولم يصل الا الى قليل سيأخذ من الحسنات الكثير والكثير لأنه  نوى نية حسنه وكان لوجه الله تعالى
.
الإنسان يحدث الناس عن طاعة الله سبحانه وتعالى ويريد ان يوصلهم الى الطريق المستقيم ويتكلم معهم في العقائد وفي العبادات وفي المعاملات هل ينظر الإنسان إلى العدد الذي اهتدى على يديه فالإنسان حينما يريد محبة الله سبحانه وتعالى يكلم أكثر الناس فإذا حدثت مثلا ألف واحد فالتزم منهم مئة فإذا كان عندي محبة لله عز وجل ومحبة لنصرة هذا الدين انا لا انشغل بالمائة  لا اقول الحمد لله التزم مئة يل أقول ياللهول تسعمائة شخص لم يلتزموا تسعمائة شخص لم تصل كلمتي الى قلوبهم

فالذين تابوا هذا فضل الله ورحمته فالإنسان يجتهد عندما ينظر إلى الأعمال ينظر إلى التي لم يتحقق منها ويسأل الله أن يهتدي أمثال هؤلاء .
إذا الإنسان عندما يتفكر في طريقة الهداية وأسباب الهداية يفكر في شيء غاية في الأهمية أننا لابد ان نخرج من دائرة الأقوال ماذا يعني هذا؟

في الدين في الشرع في الدنيا هناك لأي شيء دائرة للأفعال ودائرة للأقوال دائرة الأقوال من السهولة بمكان ان يتكلم الجميع في هذه الدائرة فمن السهل ان نتحدث عن أسباب الهداية او العقيدة او السنة او أحكام خاصة بالنساء او تربية الأولاد او أي شيء هذا أمر قد يكون يسيرا عند الأغلب لكن الأصعب ان تتحول تلك الأقوال إلى أعمال.
فمثلا الكل يدعي حب النبي صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين هذا قول هذا في دائرة الأقوال عندما ننتقل الى دائرة الأفعال كم منا لم يطبق هذا الحب على ارض الواقع هذا سؤال في غاية الاهمية
.
فمثلا من الممكن ان تبذل أخت جهدا كبيرا في مطبخها في بيتها في الهاتف في استقبال الأخوات بالساعات لكن في الحقيقة لا تستطيع ان تبذل هذا الجهد في الدعوة إلى الله عز وجل......لماذا؟

لان دائرة الأقوال عندها اكبر بكثير من دائرة الأفعال لذا ننصح الأخوات حينما نتحدث عن الطاعة نتحدث بشكل غير مبالغ فيه كلام قليل وأفعال كثيرة وهكذا ينال المرء أسباب الهداية

.
ليس كل من اهتدى على درجة واحدة فهناك من يكون مقبلا بكليته على ربه سبحانه وتعالى يرضى بقضاء الله وقدره ومؤمن بالله مستسلم له مقبل بقلبه وبدنه وفكره على ربه سبحانه وتعالى حيث لو قيل له اذبح ولدك كما قيل لإبراهيم لفعل ذلك وهو محب ولكن لما كان هناك أمران أمر من عند الله سبحانه وتعالى وهو محبوب حفت الجنة بالمكارة وأمر لا يحبه العبد وهو أن يذبح ولده فإذا علا الإيمان في قلبه واستسلم الإنسان لقضاء الله سبحانه وتعالى أصبح هذا الشيء المكروه فعلي الإنسان اذا قيل له اذبح ولدك لا يستطيع كيف وهو يخاف عليه من الهوا من الماء من اقل شيء فكيف بالذبح .
فالذي دفع إبراهيم الى هذا انه محب لله عز وجل وهو في اعلي درجات الهداية
 .
لما اشتد الأذى على الصحابة الكرام جاء النبي صلى الله عليه وسلم الخباب في الفترة المكية وقد اشتد الأذى: يا رسول الله ألا تدعو لنا ألا تستنصر لنا؟ قال: (إنه كان في من كان قبلكم من يحفر في الأرض ثم يوضع فيها ثم يؤتى بالمنشار فيوضع في مفرق رأسه فينشر حتى ينفلق إلى نصفين ما يصده ذلك عن دينه وإنه كان يؤتى بالرجل فيمشط بأمشاط من حديد ما بين لحمه وعظمه ما يصده ذلك عن دينه"
لماذا كان لا يصده عن دينه لأنه كان محبا لدينه ومقبلا على الله بكليته كان راضيا بقدره مستسلما لأمره فعندما يكون الإنسان مستسلما لربه ومقبلا عليه راضيا بقضائه وقدره رفيع كان او سمين ابيض او اسود جميل او دميم فالإنسان يرضى بكل هذه الأشياء لان الله سبحانه هو الذي خلقه بل بدلا من ان ينظر الى هذه الأمور عليه ان يقول الحمد لله الذي هداني للإسلام الحمد لله الذي جعلني من متبعي سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذي ثبتني على الحق الحمد لله الذي فضلني على كثير ممن خلق وبدلا من ان ينظر الى أشياء هي ليست بيده وهذه الأشياء التي لا تؤثر في الهداية عليه ان يبحث عن أسباب الهداية فهذا من الإيمان بالله والاستسلام لقدره,.
المؤمن الذي سلك طريق الهداية يصبر على كل شيء فإبراهيم عليه السلام صبر على الإحراق لماذا ؟!! لأنه يريد إعلاء كلمة الله عز وجل........فهذه مقامات عظيمة وهذه المقامات لا طاقة للناس بها بل أكثر الناس لا يستطيع ان يفعل مثل ما فعل هؤلاء ولا ما دون ذلك لما بهم من ضعف إيمان وضعف يقين
.
فعندما نقول مثلا ان الدعوة تحتاج الى مال او نحتاج الى كذا وكذا فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول "ما نقص مال من صدقة " وان الملائكة تقول اللهم أعطي منفقا خلفا وأعطي ممسكا تلفا وان هذا المال هو الذي يبقى حقا لكن أكثر الناس ينصرف عن الإنفاق لماذا؟ لضعف اليقين عندهم
 .
اذا لابد من الاجتهاد اشد الاجتهاد في إعلاء كلمة الله عز وجل وان يتذكر:
انه كلما كثر الجهد وكثرة الحركة في سبيل الله عز وجل كلما زادت الهداية
وكلما قل الجهد كلما قلت الهداية وضعفت
اذا لابد للإنسان ان يدعوا ليل نهار
.
فدائرة الاعمال اهم بكثير من دائرة الاقوال
.
النبي صلى الله عليه وسلم يقول " إن الإسلام بدأ غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية في جحرها"  رواه مسلم

لذا عندما أردنا ان نفتح هذه الغرفة سميناها الغرباء لنرسخ في كل من فيها أننا لابد وان نكون غرباء فالغريب حقا في الدنيا هو الذي يفوز في الآخرة
وكأن النبي يريد ان يقول كن غريبا في الدنيا تكن في الآخرة من أهل الجنة . فمن صبر على غربة الدنيا كان من اهل الجنة
 .
" وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ"



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق