>

السبت، 15 أكتوبر 2011

صفات المربى المحاضرة الثانية ---------تفريغ




بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله ,اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد,  وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم  إنك حميد مجيد .

مازلنا في رحلة البحث عن الهدف المنشود والأمل المرتجى ,ألا وهو الوصول إلى تلك الشخصية ,التي تستطيع بعد عون الله تبارك وتعالى وتوفيقه ,أن ترد تلك الفطر التي بعدت عن طريق الاستقامة والخلقة السوية التي خلقها الله تبارك وتعالى عليها ,ألا وهى التوحيد, ألا وهى الميل إلى طاعة الله عز وجل ,والنفرة
عن معصيته, فقد تلوثت تلك الفطرة ,فبعدت عن ربها تبارك وتعالى, ولم تستقم الاستقامة المنشودة
 ولم تؤدى الوظيفة التي خلقها الله تبارك وتعالى من أجلها, ومع كثرة المتحولين, وتلك الشخصيات التي تحتاج إلى جهد كبير ,حتى تعود إلى رشدها مرة أخرى, وتعود إلى البناء بدلا من الهدم , والوصول إلى المربى الكفء, والمعلم الناجح  القدير .
مثلا لا نريد مجرد طبيب ,بل نريد طبيبا متخصصا على قدرا عاليا من المهارة والخبرة , ولا نريد مربى يجرب حتى يصل إلى الطريقة الصحيحة لتعديل السلوك, ولكن نريد مربيا بصيرا يفهم المشكلة من أول مرة, ويحدد طريقة العلاج الصحيحة والمناسبة, ثم يبدأ في تطبيق البرنامج العلاجي ,فتأتى الثمرة سريعة جيدة بأقل جهد بإذن الله تبارك وتعالى.

قلنا في المرة السابقة أننا نريد جيل سلفي رباني, وهذا هو هدفنا من دعوة الناس إلى الخير ,والرجوع إلى حظيرة الإسلام ,ولكن هذا الهدف لا يتسنى لنا أن نحققه , وأن نصل إليه ,إلا إذا كان لدينا تلك العملة ,التي لا نقول نادرة فقط ,ولكنها بالفعل تحتاج إلى التدريب ومعرفة الصفة التي يجب أن تتوافر فيها وكثرت بفضل الله هذه النماذج الطيبة, التي تربى الناس وتعينهم على الخير, وتعينهم على أن ينتصروا على أنفسهم ولذاتهم وشهواتهم وشياطينهم, أريد أن نصل إلى تلك العملة المنشودة , ألا وهى المربى المتعلم المعلم السلفي الرباني المتخصص .
فلا نريد طبيبا يفتح بطن المريض ,ثم يستكشف نوع مرضه وأسلوب علاجه, فيهلك المريض بهذا , فلابد أن يعلم هذه الأمور قبل إجراء العملية ليكون النجاح حليفه بإذن الله.
ونفس الشيء عند المربى أو المربية فقد تعتقد أن هناك مشكلة عند أخت ما, وهى التعالي والتكبر, وقد تعتقد أن عدم حضورها الدرس لعدم حاجتها إليه,  فتبدأ هذه المربية أن تتعامل معها على أن مشكلتها الكبر ,وتبدأ بمداواتها بما قاله العلماء لعلاج هذا الكبر, ولا يكون عندها أصلا هذه المشكلة,ويكون مثلا عدم حضورها الدرس لمرض بها لاتحب أن تخبر أحدا به ,أو أي سبب آخر خاص بظروفها يحتاج إلى معالجة أخرى أو حلول أخرى .

وقد تكون هناك أخت أخرى ,مشكلتها في أصدقائها, وتعتقد المربية أن المشكلة بشيء آخر ,فتعالج المشكلة بدواء غير الدواء ,فنجد أن المشكلة تتفاقم, ولم تحل ونجد أن العيب يكبر, ولم تصل المربية في النهاية إلى الدواء المطلوب , وقد ترجع عن طريق مداواتها كليا ,ومن هنا كان أهمية طرح هذا البحث بالشرح والدراسة ,حتى نعلم جيدا ماهى الصفات التي يجب أن تتوفر في المربى الكفء ,وحتى يتسنى لنا رؤية هذا الجيل المنشود والمأمول , ونرجو أن يخرج سريعا فيعيد الناس من ظلمات الكفر والبدع والمعاصي إلى نور التوحيد والسنة والطاعة  والأخلاق الإسلامية الحميدة.

أُذكر الأخوات الفضليات في بداية الدرس بقول النبي صلى الله عليه وسلم ( كل الناس يغدو, فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها, والقرآن حجة لك أو عليك) وفى الحديث الآخر الذي رواه البخاري عن أبى موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (مثل مابعثنى الله به من الهدى والعلم ,كمثل الغيث الكثير ,أصاب أرضا فكان منها نقيا قليلة الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصابت منها طائفة أخرى , إنما هي قيعان لاتمسك ماءا ولا تنبت كلأ ,فذلك مثل من فقه في دين الله ونفع بما بعثني الله به فعلم وعلّم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به)
فحال الناس مع العلم والفقه والدين والخبرات الجديدة أصناف, منهم من يأخذ هذه الخبرة ويطورها وينميها ويُكبرها ويستفيد منها على أجمل وجه ,وهذا خير للناس , ومنهم من لا يستطيع أن يطور الفكرة وقد لا يستطيع أن يطبقها ويستفيد منها استفادة كبيرة ,ولكنه لا يعدم الخير في أن يوصل الفكرة إلى من يستعملها ,وأن يوصل الخير إلى من ينتفع من ورائها.
 وأما الصنف الآخر وهذا الصنف الوسط لاشك أنه على خير أيضا
 أما الصنف الآخر والعياذ بالله ,فصنف لم ينتفع بالخير, ولم يحبسه عنده فيوصله إلى من ينتفع به والعياذ بالله .

فيجب علينا أن ننأى بأنفسنا ,ونسأل الله تبارك وتعالى, أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, ويجعلنا ممن يتحرون الخير ويواظبون عليه, ويتوقون الشر ويبتعدون منه ,فيوقيهم الله تبارك وتعالى الشر.
 تكلمنا المرة السابقة عن صفات المربى وقلنا أننا سنقسم صفات المربى إلى ثلاث مقومات
* مقومات لا يصلح البدء والانطلاق من غيرها
* ومقومات لن تحسن الثمرة وتكون جيدة إلا بها ,وهذه تسمى مقومات الإتقان
*مقومات ثالثة وهى مقومات الاستمرار حتى يظل الإنسان مستمرا في العطاء التربوي إلى أن يلقى الله عز وجل .

وإذا كانت مقومات البدء والانطلاق موجودة , ولم تكن مقومات الإتقان كاملة وكانت ناقصة ,فلا يضر هذا الأمر بالتربية ,ولكن لن تقوى الثمرة وتحسن وتكون جيدة إلا إذا توافرت مقومات الإتقان,

و مقومات البدء والانطلاق:  عبارة عن العلم, وحسن السمت, والثقافة والتجربة ,والعمق الايمانى.

تكلمنا سابقا عن العلم وتفصلنا فيه ,وتكلمنا عن حسن السمت وفصلناه, فما الذي طرأ في ذهن الأخوات من وقت سماعهما إلى الآن  ؟هل رغبت وحرصت الأخوات في أن يكن  من هذا الجيل المنشود ؟ وأن يكن مثل هذه العملات النادرة التي تضرب بسهم في إيصال الخير إلى الآخرين والمعاونة والمساعدة في إرجاع تلك الأجيال الكبيرة الخارجة عن حظيرة الإسلام ,ومساعدتها على العودة على هذا الطريق المستقيم ,وهذا الهدى المبين بعون الله تبارك وتعالى .
هل تفكرت الأخوات بعد الكلام عن موضوع العلم وذكرنا أنه يجب أن يكون هناك منهج , وأن يكون هناك برنامج , وهذا البرنامج يختلف من شخص لآخر , على حسب قدراته ,وعلى حسب وقته وجهده ,وعلى حسب مستواه  وذكرنا أنه لابد من وجود توازن وضبط , فلا يعيبنا أن نكون بالبداية , ولكن قد تكون البداية صغيرة في كل فن ,ويجب علينا عدم إهمالها والانتقال سريعا ,ولكن علينا المثابرة والوقوف على هذه البدايات مرات  مع الفهم والتلخيص والسماع والإعادة والتكرار, إلى أن نتقن الأمر إتقانا سليما ,وبعد هذا يكون البناء عليه أمرا سهلا بعون الله ,وبعد هذا يمكننا البناء دور واثنان وعشره ونحن غير خائفين لماذا ؟ لأن الأساس كان سليما .

وتكلمنا فيما بعد عن حسن السمت, والمشاكل الكبيرة التي قد تعود بالضرر على الدعوة, إذا كان المربى غير كفؤ ,وليس على القدر المطلوب, فيُخرج ثمرة ضعيفة ومريضة ,فقد يكون عنده عُجب أو كبر أو رياء فيغرسه في نفوس من يربيهم , وقد يكون المربى عنده تهاون في محارم الله تبارك وتعالى فيفعل من يربيه مثلما يفعل هو , وقد يكون المربى غير عالي الهمة ,ولا يواظب على الطاعات, وغير مستقيم على شرع الله تبارك وتعالى, فيكون كلامه ليس له الأثر الكبير .

على الأخوات أن يحذرن من تثبيط الشيطان لهن في هذا الطريق ووسوسته لهن للصد عن هذا الطريق ,فعلينا أن نستعن بالله ونأخذ من تجارب الآخرين وعلمهم ,وعلى الأخت معرفة الصفات المطلوبة والاجتهاد في تحقيقها بنفسها.

نقول هذا الكلام تذكيرا ,حتى لا نكون من اللذين سمعوا هذه الدروس ولم يتغيروا ولم يستفيدوا منه .

جميعنا في كل واحد منا جانب من النقص, وجانب من التقصير ولكن الفارق الجوهري ,أن هناك فريق يسعى لسد الخلل وجبر النقص, وفريق ليس في ذهنه هذا الأمر , فيظلون على المستوى القليل الذي عندهم ,مع أنهم يستطيعوا أن يعلوا بكثير على المستوى الذي عندهم ,وقد  يثبط الشيطان بعض الأخوات ويوسوس لهن  بما يثبطهن, ويقلل من همتهن في السير على هذا الطريق , فعلينا أن نترك هذا التثبيط ,ونستعين بالله, ونستفيد من المربيين الكفء والمشايخ في خبرتهم وتجاربهم في هذا المجال .

يجب على الأخوات أن يهتممن كثيرا بهذا البحث ,ويدققن النظر فيه ويتعلمن منه, ويقفن عند نقاطه ,ويفهمنها ويسألن فيها ويحاولن تطبيقها  ووجودها  ولو بقدر في نفوسهن , ثم تعزيز هذا القدر شيئا فشيئا ,حتى يصلن إلى أفضل نتيجة وهذا الأمر مجرب بفضل الله تبارك وتعالى ونتيجته طيبة

نحتاج إلى توفير أكبر عدد من هؤلاء المربيات الفضليات , المهتمات بأمر دينهن ,المؤسسات على هذه الأسس من التربية , الصابرات على مشقة هذا الطريق, المتزودات بكل ما يلزم له من مقومات لبلوغ الهدف المنشود, فتبذل  الوقت والمال, من أجل عودة بني جنسها  إلى الطريق المستقيم.

وهنا يجب على الأخت أن تقف وقفة صريحة مع نفسها وتسأل نفسها 
 هل أنا على علم ؟وهل عندي هذه المقومات أم لا ؟وما الذي ينقصني منها لأكمله ؟ وهل أنا أتعلم وأحفظ للأمر فقط أم من اجل أن أعلم الناس ؟وهل هذا العلم غير بنفسي أشياء  أم لا وهل أنا عندي شمول؟ وإن لم يكن عندي  فعلى أن أسال لأتعلم وإذا كان عندي عيب على أن أتعلم كيف أعالجه ؟أو أتخلص منه؟وأعرف العلاج والحل  وأتابعه وأصبر عليه إلى أن يستقيم الأمر معي , فتكون بذلك استقام حالها ونفعت نفسها  وقربت أكثر من ربها ثم نفعت من يختلطون بها بعون ربها

سنبدأ اليوم بإذن الله رحلة توصيف المربى المطلوب والمرغوب
فنقول أن الصفة الثالثة من مقومات البدء والانطلاق

هي : الثقافة والتجربة
سنتكلم في مقومة الثقافة والتجربة عن شقيين
·     شق له تعلق مباشر بالعملية التربوية
·     شق له تعلق غير مباشر بالعملية التربوية

وسنبدأ بالنوع الثاني  الغير متعلق مباشر بالعمل التربوي وينقسم إلى أمرين

الأمر الأول: متعلق بالثقافة والتجربة الواقعية المتعلقة بمعرفة أحوال الناس وطبائعهم وصفاتهم , ومعرفة الثقافة العامة هو أمر في غاية الأهمية بالنسبة للعامل والعاملة في مجال التربية
يقول العلامة المناوى : (المجربون للأمور المحاسبون على تكثير الأجور , جالسوهم لتقتضوا برأيهم ولتهتدوا بهديهم )

وعن أبي جحيفة قال : كان يقال :  (جالس الكبراء ، وخالل العلماء ، وخالط الحكماء)
وقال السخاوي : « من عرفه (التاريخ ووقائعه )كمن عاش الدهر كله وجرب الأمور بأسرها وباشر تلك الأحوال بنفسه ، فيغزر عقله ويصير مجربًا غير غر ولا غمر »

بمعنى أن من يعرف سيرة من قبله وأخبار العلماء الذين صاروا على الطريق من قبله يستفيد بعقول هؤلاء ويأخذ بخبرتهم ويستفيد من تجربتهم فيكون كمن جرب بنفسه

المقصود بالثقافة العامة المعلومات العامة عن الناس, المرحلة التاريخية التي نعيشها ماهى الأفكار التي تتسارع على الساحة الآن, يعرف من هم الليبراليين ؟ من هم العلمانيين ؟ ’ يعرف ماهى البهائية ماهى الشيعة وأضرارها ؟ ماهى الصوفية ؟ وحجم تواجدها , معرفة من عدو من ؟ومن مع من ؟ وماهى التكتلات الموجودة على الساحة سواء السياسية أو الإسلامية أو غيرها ,معرفة أخبار المسلمين , معرفة ثقافات الشعوب المختلفة بل المناطق المختلفة أيضا وهذه الأمور تساعد المربى أو المربية على إصابة الهدف مباشرة
فمثلا مكان معين ومنطقة معينة من البلد ,معروفة بالغيرة الشديدة من أقل الأشياء ,حتى أنه لا يستطيع أن يُذكر أسم أمه أو زوجته أو أخته أو بنته ولو حتى بدون اسم ,كأن يقال له زوجتك مثلا أو أمك أو ابنتك لا ينفع عندهم, فعندما اعرف هذا الأمر وأنا أتكلم معه سوف أتلافاه ( أتجنب الحديث به )

مثال : كان هناك بعض الإخوة يزورون ناس من بدو مطروح فهم لهم عادات وتقاليد معينه, مثل أن يقدموا شاي أو قهوة  بطريقة معينة, يمكن أن تكون صعبة على بعض الناس, فيصبون في فنجان صغير, وعندما يضع الأخ الفنجان, يصبون له مرة ثانية, ويلحون عليه بالشراب , وهكذا ثالثة ورابعة ثم فهم بعد ذلك أن وضع الكوب بوضع غير مقلوب معناه عندهم انه يريد مرة ثانية ,فلو كان يعلم هذا الأمر, لما وقع في هذا الضغط, وهذا الإحراج الشديد .

وكذلك المربى أو المربية, لو علمت أن المنطقة المعينة مشهور بها النوادي الاجتماعية التي يختلط بها البنات والبنين , فعندما تتكلم مع بنت أو امرأة ,تحاول أن تنبه إلى خطورة هذا الأمر وحجته وما إلى ذلك .

مشهور مثلا أن بنات المدن تختلف عن بنات الريف , فبنات المدن عندهم عادى أن تخرج لتتمشى مع زميلتها فعندما اضرب مثال إذا كنت أدعو في ريف , فلا أقل  البنت لا تحرج لتتمشى مع زميلتها , وتُترك لتتمشى بالطرقات, وتخرج وتعود متأخرة  ووالدها لا يعقب على ذلك , فكل هذا الكلام غير مناسب قوله في الريف ولكنه يقال في المدينة

فهم طبائع الناس وأحوالهم وصفاتهم المختلفة يجعلني أتكلم الكلام المناسب بالقدر المطلوب

أيضا لايجب أن أتكلم في بيئة فقيرة جدا ومعدمة عن الصدقة والزكاة , فهذا يقال للأغنياء ليعطى للفقراء .
فيجب أن يكون الكلام في إطاره السليم ومجراه الصحيح حتى لا نتكلم بشيء غير مناسب لهذا المكان أو لهذا الشخص

مثال : يمكن أن يكون هناك بلدة من البلدان ,أو قرية من القرى أو منطقة من المناطق, االإلتزام بها عالي جدا جدا,واستقامة نسائها ورجالها على أكمل وجه, فلا يجب أن أتكلم معهم عن التبرج والخروج للأسواق وخلافه, لان هذا غير مناسب, ولكن أتكلم عن عيوب عندهم, مثلا مثل شدة تطبيق الإسلام , كأن يكون الرجل من شدة تمسكه بالإسلام يمنع المرأة من بعض حقوقها وتحركاتها ,فنبدأ القول له بأن هناك تسامحا في الدين ومن العيوب التي قد تكون عندهم من شدة تدينهم, عدم تعليم البنات حتى لا تخرج كثيرا ,ونوعا من الغيرة عليهم, فإذ كان هذا الأمر في بيئة بدويه, فندعوا إلى تعليم المرأة ,لتنتفع بتعلم دينها وأمور حياتها ,ولا يعقل أن نتكلم معها عن التبرج, لأنه ليس سمة من سمات هذه البيئة

أيضا من ضمن الثقافة العامة والتجربة : العلم بالمقتنيات الحديثة ,الكمبيوتر والنت والطباعة  والموبايل والتصوير به إلى غير ذلك من الأمور الحديثة , هذا الأمر من الأشياء المهمة للمربى, حتى لا يحسن فقط الحديث في ناحية واحدة, بل يكون في نواحي أخرى مختلفة, فيكون بهذا عنده قدرة على المحاورة الثنائية, لأنه يكون أكثر فهما ووعيا ويقظة

مثال آخر قد تكون الأخت المربية في مجلس للبنات , وهناك بنت تعمل بالموبايل طوال الوقت ,وترسل ملفات ويأتى إليها رنات كثيرة ,فإن لم تنتبه لهذه البنت قد تفسد باقي البنات  وهذا يمكن حدوثه في بعض الجامعات العادية والأزهرية, والجامعة الأزهرية تكون للبنات فقط أو للبنين فقط فقد تأتى لبنت من البنات وهى بالجامعة رسالة أو ملف من  طالبه أخرى معها لان الكلية كلها بنات فتقبله فيكون الملف سيئا وعندما ترسل للدكتور ورقة بهذا الأمر يتكلم بأمر آخر, أو كلاما ليس بمحله, لأنه لم يكن واعيا أو منتبها لخطورة هذه الوسائل .
فعندما تتكلم المربية عن مخاطر النت والكمبيوتر والموبايل  ,يجب أن تكون مدركه لمخاطره وتنصح البنات بما تراه مناسبا لحالتها ولا تكلف أختا بأمر عليه وهى تعلم انه قد يجر عليها أمورا سيئة لضعفها تجاه هذا الأمر , بل تطلب من غيرها.

إذا معرفة التكنولوجيا الحديثة والأجهزة الإلكترونية هذا أمر مهم

فهل ياترى معرفة الثقافة العامة هي معرفة الناس  بعض العلوم مثل المواد التي تتمدد بالحرارة , وخواص النار وخواص الماء وما يطفئ النار هل هو الماء آو غيره في حالات مختلفة

ينبغي معرفة بدائيات هذه الأمور مثل مثلا معرفة الإسعافات الأولية في مهمة ...في رحلة ...أو سفر... أو في المسجد لما قد يتعرض له البعض من أمور طارئة للأخوات أو أولادهن مما يجعل الأخت تتصرف التصرف السليم, إذا هذا الأمر أمرا جيدا

فعندما تجد أن المربية... متعددة الثقافة... متعددة الفهم... متعددة العلم في نواحي مختلفة... هذا ينفعها في دعوتها وتربيتها فلا يقتصر الأمر على كلامها بالدين ولكن أيضا في جوانب أخرى معه مما يميزها كمربيه وأعيد ولكن من لا يعلم لا يقل شيئا حتى  لا يكون  هناك ضرر أكبر .

قد يكون هناك نصائح من أخوات لأخوات مثل عندما تتزوج مثلا فتنصحها نصائح غير صحيحة في الرؤية الشرعية أو عند العقد وعندما تفهم الأخت المنصوحة  الفهم السليم , تعرف أن هذه الأخت كانت تضرها ضررا بالغا.

ومثل أن تنصح أخواتها في مجال التربية أو الأبناء بدون علم أو تجربة
فقد تجعلها تترك العلاج السليم على أنها تفهم أكثر من الأطباء وهى لا تعرف شيئا , فهي تُعّدل على الطبيب وهى تعمل في مجال آخر بعيد عنه .

ولكن هل العلم بطبائع الناس ومبادئ العلوم الاجتماعية والعلمية والجغرافية والتكنولوجية سيعود علينا بالفائدة ؟؟ أو بمعنى آخر أي فائدة ستعود علينا بمعرفتنا هذه الأمور ؟؟
-  معرفة سبل الخير وسبل الشر وكيف يسلك كل منهما ؛ يصف ابن القيم / حال المؤمن المجرب الذي يعرف الخير والشر كليهما فيقول : « وهذه حال المؤمن : يكون فطنًا حاذقًا ,اعرف الناس بالشر وأبعدهم عنه ، فإذا تكلم في الشر وأسبابه ظننته من شر الناس ، فإذا خالطته وعرفت طويته رأيته من أبر الناس)
-  مثلا تكون هناك أخت فاضلة ذات تربيه إسلاميه , نشأت في بيت التزام ,ولم يسبق لها أن مرت بتجربة مشينه ,ولم تتعرف إلى أي شاب ,ولم يسبق لها أن تحدثت مع أي شخص غير محارمها ,وتتعرف على أخت أخرى تشتكى لها, أنها تحب شاب وعلى علاقة غير سويه مع هذا الشاب , وحدث بينهم بعض المراسلات أو أي أمر من هذه الأمور, سوف تجدها داركه لحيل الشباب في الإيقاع بالفتيات, ونفسيه البنت التي تقع في هذه المشكلة , وما الذي جعلها تقع في هذه المشكلة فتجدها وكأنها مجربه لهذا الأمر, بالرغم من أنها لم تخالط هذا الأمر أطلاقا, ولكن عندها فهم وعلم للواقع التي تعيش فيه ومخالطه لحل المشكلات الأخرى ,فأخذت هذه الخبرة واستطاعت أن تحل مشكلة هذه البنت بطريقه سهله وميسورة .
-   مثال لو أن بنت تريد أن تأخذ درس, وهذا الدرس به بنين فستنصحها ,وتقول لها: لا تحضري في درس به بنين,مع أنها لم تحضر درس به بنين قبل ذلك, لأنها هي تعرف ماذا يحدث وتفهم الأمر , فتقول لها هذا خطأ لأنه يحدث كذا وكذا ولأنه يحدث بعض التجاوزات, والإنسان لا يأمن على نفسه الفتنه, فالذي يعرف سبل الخير والشر, يستطيع أن يقي من معه ويحفظه ,بدل من أن يقع في المشكلة ثم يعالجها ,فيكون من البداية  الأمر منضبط .

-   فائدة جانبيه لأن أغلبنا عنده بنات يربيهم ,سواء كانوا كبار أو صغار, السبب الرئيسي لوقوع البنت في التعرف على شاب , أو وقوعها في شباك شاب هو فقد العاطفة في المنزل البنت تتدلل وتحاط بجميل الرعاية وهى صغيره ,وعندما تكبر 10 -11 -12 سنة تبدأ في تعلم أمور البيت, كيف ترتب سريرها, وتغسل ملعقة أو كوب , وتشارك في عمل الأمور البسيطة في المنزل , ولا شك أن التغيرات الفسيولوجية في هذه المرحلة تكون كبيره جدا في الجسم سواء في الولد أو البنت, فهذا يُحدث عدم توازن إنفعالى, وإضرابات, وتبدأ أعضاء جسده في النمو بشكل سريع ,يمكن أن يكبر شئ قبل شئ الرجل واليد ,ويكون التآزر العضلي غير منضبط , فيمكن بسهوله أن يقع منها كوب آو ملعقة أو بسهوله  تنام من غير إرادتها  , فالإنسان الغير متفهم لهذا الأمر ,يتعصب ويرفع صوته ويضرب ويُؤنب ويُبكت , ويعود بسببه أضرارا كبيرة بعد ذلك , فتبدأ البنت تفتقد العاطفة في البيت والإشباع العاطفي عند النساء من الأهمية بمكان فتحصل عليه من أين؟ عندما يقول لها احد أنت جميله وكذا وكذا ,فهي مفتقده لهذا الكلام, وعندها حاله من التعطش والحرمان, فهذا يكون من اكبر العوامل للوقوع هذه المسألة ,فننتبه لهذا الأمر يرحمكن الله ,سواء كانت أبنتك أو فتاه معك في المسجد,

-  الإشباع العاطفي غاية في الأهمية, حتى لا ينحرف سلوك البنت ,لان هذه حاجه مثل حاجه الطعام والشراب, من لا يأكل في بيته يأكل خارج البيت , فالذي لم يتم الإشباع العاطفي له في البيت , يحاول إيجاده خارج البيت.

-  نقول فائدة ثانيه للبنين :في هذا السن أيضا ,تحدث تغيرات فسيولوجية كبيرة جدا للبنين, فيجعل الطاقة كلها مصروفه للتغيرات الفسيولوجية, فيجهد وهو جالس لا يُحدث أي مجهود,فنجده ينام كثيرا , فالذي لا يفهم هذا الشيء يظل يُبكت فيه , ويقول له تأتى من الدرس تنام , وتأتى من المدرسة تنام  ,وأنت لم تعد نافعا بشيء , وأنت لا تذاكر والولد يقول أنا تعبان , أنا مش قادر أركز  ,أنا مجهد فنجد انه لا يوجد فهم لهذا الموضوع,فيحدث كلام و عراك .

-   عدد أكلات وحجم الوجبة يكبر,لان التغيرات  الفسيولوجية تستهلك طاقه كبيرة جدا , فتبدأ تكبر كميه الأكل, فتبدأ المعايبة عليه , أنت تأكل كثير , أنت شكلك أصبح غريب أنت في كل وقت تأكل , أنت ليس عندك شئ غير الأكل ويؤنبوا فيه  ,الاضطرابات النفسية للولد في هذه الفترة , تجعله خجول ومنطوي,بعيد عن الناس قليلا, معالم وجهه تتغير , وأنفه تكبر قليلا , قد تظهر بعض البثور أو الحبوب ويصبح أطول , يكون عنده إحساس أن هذا الأمر غريب ومستغرب نفسه , يمكن أن ينتقده الناس , فيكون منطوي قليلا وعند زيادة الانتقاد , فيحدث أن يقلل من كمية الأكل ,حتى لا يؤنبه أحد , وهى مشكله كبيرة جدا , فنموه سيكون غير مستقيم نحافة شديدة - ذبول - إجهاد  لأنه لا يأخذ القدر الكافي من الطعام والشراب , التي تحتاجه هذه الفترة , قبل هذه الفترة يأكل طبيعي, وبعد هذه الفترة يأكل طبيعي, بينما هذه الفترة لها ظروفها, فعدم الفهم فيها يقع بنا في مشاكل كبيرة جدا .

-  نرجع إلى موضوعنا قلنا أن الثقافة تنقسم إلى ثقافة عامه وثقافة خاصة والثقافة الخاصة متعلقة تعلق مباشر بالتربية ومن

فوائد الثقافة العامة :
1- معرفه سبل الخير والشر
 2- توسيع المدارك وتعميق الأفهام وتنشيط العقول

 فهذه الثقافات من شأنها أن تنمي قدرة المربي على التفكير ، وعلى القياس المستقيم ، وربط الأسباب بمسبباتها .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية / في فائدة الإطلاع على مختلف العلوم كلامًا نفسيًا : « ففي الإدمان على معرفة ذلك تعتاد النفس العلم الصحيح والقضايا الصحيحة الصادقة والقياس المستقيم فيكون في ذلك تصحيح الذهن والإدراك »   
 فالذي عنده ثقافة عامه وتجربه عامه بكل نواحي الحياة ,يكون على معرفه بالتوجيه الصحيح , يكون على معرفه بوضع البرنامج العلاجي السليم, ويكون على معرفه بالفرق بين التصرفات وبعضها.. هذا ناتج عن الكِبر... وهذا ناتج عن العُجب ...وهذا خطأ غير مفهوم وغير معروف... إلى غير ذلك من الأمور.
 فعندما يأتي له أمر ليقيسه ,يكون على معرفة بتاريخه ,ومعرفه بالوقائع فيعرف المسلمين, في القديم اخذوا خطوة خاطئة في موقف وكانت في غاية الضرر وعندما اخذوا خطوة في موقف آخر كان في غاية النفع فيبدأ يخطو الخطوة الصحيحة فهذه المعلومات توسع مدارك الإنسان وتعمق فهمه .

3- زيادة قدرة المربي على التحدث والحوار الثنائي أو الجماعي ، فالمربي يتعامل مع عقول مختلفة وثقافات متنوعة ,يحتاج إلى التواصل معها بكفاءة ، والمربي محدود الثقافات أشبه شيء بمذياع الشيوعية القديم ليس إلا محطة واحدة , إما أن تسمعه أو تغلقه ، بينما المربي متنوع الثقافات , متعدد الموجات ، فاحتمال غلقه غير وارد . فالمربية لا يُمل من حديثها تتكلم عن الأكل مع الفتيات , ويتكلمن بشكل عالي, ويتكلمن في الأنشطة الخاصة بالنساء: التطريز- التريكو وهذه الأمور تجد عندها خبره وفهم لو تحدثوا عن السياسة والانتخابات الرئاسية وأخبار الدستور أولا ومن الليبراليين ؟ ومن العلمانيين ؟ ومن هؤلاء الناس الذين نسمعهم ؟ إبراهيم عيسى قال كذا وكذا  - واحدة تمدح عمرو أديب, تقول المربية لمن تربيها إنتبهى إلى هذا .. اسمعي هذا المقطع .. أنظري إلى هذه  المسألة ... عندها معلومات غزيرة , لو تحدثن عن الكائنات الحية في أعماق المحيطات والبحار  (هذا  نوع الثقافة, ونوع من الفهم ) فيكون حديثها دائما ممتع ولا يُمل,ويكون حديثها دائما فيه جديد  , فيه تطور فيه مواكبة , يُفهم عنها أنها ليست منغلقة على نفسها , بل هي فاهمة لأمور الحياة بصورة جيده , تعرف ما يدور في نفوس البنات , تعرف ما يدور في خلد الفتيات , تعرف كيفية طريقة تفكيرهن, وما يدور في أنفسهن وما ينفعهن , وما يضرهن وتعرف كيف تعالجهن إذا أخطأن فلا يكون هناك ملل من الجلوس معها , ويكون عندها ثقة  كبيره ,  وعندها خبرة كبيره جدا , فالإنسان عندما يجد من أمامه عنده خبره كبيره , وعنده فهم عميق , يسلم له نفسه,ويفتح له قلبه  ,ويتبع كلامه وتعليماته ويطبقها ,كأنه أمر لا يوجد فيه نقاش ولا جدال , لأنه على معرفة بأن فهمه عالي في هذا الموضوع , إذا سيجعل حديثها ممتع وهذا سيعطيها ثقة في نفسها و وستكسب ثقة من تكون أمامها, فيكون لكلامها قدر عالي من الأهمية والاحترام والتبجيل و التطبيق السريع .

مثال للشخصية التي لا تحسن الكلام إلا في مجال واحد ,أو في ناحية واحده أو في طريق واحد ,براديو أو مذياع الشيوعية القديم ,محطة واحده لا يتكلم إلا في مبادئ الحزب الشيوعي ووسائله والأمور التي يحتاج أن يبثها, لا يتكلم إلا في أمور واحده , فهو يبث لموجة واحدة أما إن كان هناك راديو متعدد الموجات ,فسوف تتنوع المعلومات والقنوات , فلو لم يعجبني شيء في قناة ,سوف أذهب للأخرى, لو كنت محتاج إلى فقه سأجد قناة اسمع منها الفقه ,لو أردت سماع قرآن سوف أجد قناة للقرآن ,والحديث مثل ذلك والخبرة والمعلومات أيضا, .0سوف أجد ما أحتاجه وأريده , فلا أمل  بالحديث عن أمر واحد سواء كان في أمور الدين أو الدنيا , فلا يكون كلامي في إطار واحد أو في مجال واحد, مما يجعل المربى عنده القدرة على إدارة الحوار, سواء كان حوار ثنائي, أو حوار في جمعية , وهذا أيضا يجعل المربية لا تكون بين أخواتها أقل فهما وخبرة ,فلا تستطيع مشاركتهن بالحديث بالصورة المطلوبة ,فيبدأن شيئا فشيئا بإدارة أنفسهن, وقد تتزعمهن وتقودهن أخت من بينهن فيكون لها القيادة عليهن بدلا منها, فتصبح بهذا المربية أكثر من واحده ,والمعلمة والقائدة أكثر من واحدة, فيتعدد التوجيه وقد تضر القائدة منهن , وذلك لعدم خبرتها أو تعارض رأييها مع ما تفعله المربية أو تقوله فيكون بهذا بعض السلبيات وبعض الأضرار

4- فهم ظروف المتربين المختلفة اجتماعيًا واقتصاديًا وثقافيًا فمن يكن عنده خبرة بحالة الناس وظروفهم, يستطيع أن يتعامل معهم تعاملا صحيحا, ويتحاور معهم تحاورا سليما ,بما يتناسب مع طبائعهم وأعمارهم  وأحوالهم وأعرافهم وتقاليدهم, مما يسهل عليه دوره التربوي .

بالنسبة للفتيات لن نجد الكثير من الآباء يرحبون بتوجه بناتهم للمسجد,وتكون هذه المعارضة أكبر مع الشباب  ,فقد تقول لها المربية :قولي لهم أنك عند صاحبتك ,وتعالى إلى المسجد, فلا تفهم ِتعريض المربية ,وتفهم أنها تكذب ,بل وتفهم أنها تحثها على الكذب على أبيها وأمها , وهذا كلام خطير , فلا بد أن تكون المربية واعية ومنتبهة لهذا الأمر

قد لا تنبته المربية التي تتعامل مع الفتيات الصغيرات , أن هؤلاء الفتيات في هذا السن لا بخفين شيئا على والديهم يقولون اى شيء , فعليها  أن تنتبه لهذا , ولا تقول لهن كلاما ينقلنه إلى البيت , ويُفهم فهما خاطئا.

مثال : لو أن ولدا جاء إلى المسجد, فتكلم معه أخ عن  حال المسلمين في الشيشان أو أفغانستان, وكان غرضه تحميسه على هم الدين ومشاركته في هموم المسلمين , فينقل هذا الكلام إلى البيت , فيخاف عليه الوالدين ويفهمون خطأ , ويخافون أن يجره هذا الأمر بأمور أخرى أشد منها, فيمنع الولد من المسجد , وهذا يعتبر خطأ كبير من الأخ لأنه تسبب بجهله لطبيعة هذا السن في هذا الفهم الخاطئ.

نضرب مثالا  لو أن المربية عندها فتاة ,والدها يعمل  في بنك وأخذت تتحدث معها عن الربا فقد تجعلها تنكر منكر بشكل منكر ( وهذا خطا شرعا ) وأيضا قد تفتى لها بغير علم انه لا يجوز الأكل واللبس من مال والدها  فتصبح وعندها عقدة من والدها وماله وقد تُمنع أو تمتنع عن المسجد وأيضا تُغلق قلب الأب من الملتزمين أصلا وقد تحدث مشاكل بين الأم والأب بسبب هذا الأمر  , مع أن هذا الكلام لو أاستفتوا به أحد من أهل العقل والمشاركة والحكمة ,سيُعرفهم بالحكم الشرعي, ويعلمهم كيفية التعامل معه بلطف وسهولة ,فالغرض من نكران المنكر زواله أو تقليله وليس زيادته , فمن ينكر منكرا ويكون إنكاره لهذا المنكر يأتي بمنكر أشد فهو يأثم لإنكار هذا المنكر .

لو أن هناك شخص غضبان جدا ,وإذا قلنا له أتق الله ,فسوف يتلفظ بلفظ يُكّفره , فلا يحل أن أقول له هذا ,طالما علمت أن هذا الشخص, وفى هذا الوقت , يمكن أن يفعل ما هو أشد مما أنكرته عليه .
فمعرفه أحوال الناس ومعرفة طبائعهم وعادتهم مهم  جدا في أمور التربية فلا يصح أن تضغط المربية على الفتاة لتفعل أمرا ما قد يعرضها للمواجهة مع والديها ويسبب لها مشاكل كبيرة, وأيضا قد تكون البنت فقيرة ,فعلم المربية هذا, يمنعها من أن تكلف البنت فوق طاقتها ,وقد تطلب منها شراء كتاب أو تصوير ورقات, أو تكلفها ببعض الأمور التي ترهقها ماليا,مما يسبب لها إحراجا ,ومن ثم ضررا نفسيا ,بعدم استطاعتها فعل هذا الأمر,وقد لا تأتى إلى المسجد مره أخرى ,لعدم قدرتها على هذا الأمر , ويتوجب على المربية فهم الأمور المحيطة بالفتيات وعاداتهن و أحوالهن, حتى لا تأتى دعوتها بضرر  للفتيات, وتكون النتيجة سلبيه وليست إيجابية .

كل هذا كنا نتكلم فيه عن النوع الأول من الثقافة والتجربة وهى الثقافة العامة .
قلنا من قبل أن الثقافة والتجربة تنقسم على قسمين
القسم الأول : ثقافة عامة غير مرتبطة ارتباط مباشر بالعملية التربوية
القسم الثاني : ثقافة خاصة وهى ثقافة مرتبطة ارتباط مباشر بالعملية التربوية.

تكلمنا عن القسم الأول وسوف نتكلم عن القسم الثاني وهو الثقافة الخاصة وهى المرتبطة ارتباط مباشر بالعملية التربوية
وهذه الثقافة هي :
فهم صفات المربى.. وأهداف العملية التربوية ووسائلها ومراحلها ومشكلاتها وكيفية معالجتها
وهذا الفهم إما الفهم النظري المجرد أو الجانب التطبيقي فيه
هذا الجانب من أهم جوانب الثقافة والتجربة , وهو أن يكون عندي فهم بما تعنيه التربية .. ماهي أهدافنا من التربية؟  ماهى وسائلها .. ماهى المشكلات للأعمار المختلفة؟ من سن ابتدائي أو اعدادى أو ثانوي أو جامعي , ماهى المشكلات التي تقابل المخطوبة أو العاقدة؟ ماهى المشاكل التي تقابل أم الأولاد ؟ ماهى المشاكل التي تقابل الحماة مع زوجة أبنها؟  ومرحلة الطفولة ,وكيفية التعامل معها من بدايتها وكيفية استثمارها ؟و المراهقة ومراحلها ومشاكلها ؟ وكيفية التغلب على مشاكلها وعيوبها, وهكذا يجب أن نفهم كل هذه الأمور والمشكلات وعلاجها السليم الصحيح, لنقوم بالتوجيه السوي البناء .
هذه الدورات وهذه البحوث تصب جميعا في معرفة هذه الجوانب المهمة .

المصادر التي استطيع أن اعرف منها الثقافة المرتبطة بالتربية
*الكتب والمجلات والأبحاث والمقالات
*وأيضا السماع والممارسة

للأسف الشديد تغطية هذا الجانب ممن ينتهجون المنهج السلفي الصافي ,قليلون فلم يُكتب فيه كتابات كثيرة ,بل هي قليلة,واغلب من كتب في هذا المجال , قد يكون عندهم بعض المشاكل الفكرية ,أو ينتموا إلى انتماءات ,ولهم مشاكل أخرى , ولكن الحكمة ضالة المؤمن , وأينما وجدها أخذها وأن الإنسان لايعدم الخير من أحد , ويستفيد بكل الخير من عند كل الناس, حتى لو كان غير مسلم
فلا يمنع أن استفيد من هؤلاء ,ولكن يجب أن أكون منتبها واعيا, فنأخذ الأمور التي تكون منطبقة على الشريعة الإسلامية, ونترك الأمور المخالفة التي تكون نتيجة لفهمه أو فكره الخاطئ وهذا الأمر لن يأتي إلا إذا كان هناك أرضية سوية مستقيمة على الفهم السليم .
*في البداية أستفيد من ذوى الخبرة واقرأ الكتب والمجلات التي يكون كُتابها كُتاب سلفيين صرف , معروفين بسلامة الفكر والفهم في هذا الجانب
*وسماع الدروس والمحاضرات ممن ينشغلون بهذا الجانب من التربية وصفات الأشخاص إلى غير ذلك في هذا المجال ثم بعد ذلك, وبعد أن نُكون قاعدة سويه مستقيمة في هذا الجانب نستطيع أن نفرق بين السقيم والقويم .
* محاولة الاستفادة  من خبرات المربين وتجاربهم في مجال العلماء والمشايخ والمعلمين, وينبغي أن يكون جهدنا التربوي مثل سباق التتابع  فما هو سباق التتابع ؟ هو أن يكون هناك  سباق بين فرق كل فرقه مكونه من أربع أو خمس أشخاص كل واحد منهم يقطع شوطا من المسافة ويسلم للآخر عصا ليكمل باقي المسيرة والثاني يسلم الثالث وهكذا وفى النهاية أول واحد يخرج يفوز فريقه
ينبغي أن يكون بناءنا  على بناء بعض  فنبنى على بناء الآخرين وعلى تجاربهم وخبراتهم ونكمل المسيرة في هذه الرحلة التربوية

مثال : أخت معها حلقة  بالسنة الإعدادية, وكانت معهن ثلاث سنوات , علمتهن وتداخلت معهن , وفهمت مشاكلهن , وعرفت طبائعهن بصورة جيدة, ثم بعد ذلك كبرت الفتيات إلى المرحلة الثانوية, فانتقلن إلى أخت أخرى , فلا تحرص الأخت الجديدة على أن تسأل الأخت التي كانت معهن ,عن طبائعهن أو مشاكلهن, أو الطريقة المثلى في التعامل معهن فتبدأ معهن من الصفر , فيجب على المربية الجديدة ,أن تعرف كل شيء عن الفتيات من المربية السابقة, حتى تعاملهن معاملة سوية وتبنى بناءها على بناء المربية السابقة,.فتكون بهذا وكأنها كانت تربى من أربع سنوات ,فلابد من الاستفادة من خبرات الآخرين وسؤال أهل العلم والخبرة, والتشاور مع الأخوات المربيات لحلول المشكلات التي تواجهها كمربية ,ومحاولة الوصول إلى أفضل الحلول لها

القسم الثاني وهو الممارسة:
على الأخوات أن ينتبهن جيدا : إلى أن 60 % من نجاح هذا المجال أساسه الممارسة والتجربة والاحتكاك وسماع خبرات, والجزء النظري فيها مع أنه مهم في غاية الأهمية  إلا أنه لايتعدى 40% من العملية التربوية ,
فنحن نتعامل مع إنسان كائن حي ,بل أعقد الكائنات الحية نفسيا وعقليا وجسديا, وهناك تغييرات كثيرة تؤثر عليه وعلى فهمه للمسألة وتطبيقها, فتأتى الممارسة العملية بدعوة الناس ومحاولة تربيتهم , وتنمية الخير في قلوبهم , وهذه من الأمور التي تزيد الثقافة والتجربة لدى المربى.

الصفة الرابعة من مقومات البدء والانطلاق : العمق الإيماني
 لابد أن تكون المربية على قدر كبير من الصلة بالله تبارك وتعالى, وعلى قدر كبير من الإيمان, وعلى قدر كبير من التقوى والصلاح, وعلى قدر كبير وعظيم من صلاح القلب وصلاح السريرة , ذكية الفؤاد طيبة النفس مستقيمة الحال, صالحة السر والعلن, مجتهدة في العبادة , مجتهدة في الإخلاص , مجتهدة في تحقيق التوكل والإخلاص والرجاء والمحبة والإنابة, مجتهدة في خلع كل الصفات المذمومة والبعد عنها , ومجتهدة في أن تغرس بنفسها وتتجمل بكل الصفات والمعاني والأخلاق الإسلامية الحميدة , من الشجاعة والجرأة في قول الحق , والجرأة في تخطئة النفس , وتعديل السلوك  , والاتصاف بالشهامة والمروءة واحترام الكبير والعطف على الصغير.
لابد أن يكون قلب المربية كالبحر تبحر فيه السفينة بعمق دون أي مشكلة ولا يكون قاع قلبها عالي ماؤه ضحلة لايستطيع المركب الصغير أن يمشى فيه ,فتستفيد منها الأخت التي تكون معها ,حتى من غير أن تتكلم ,تستفيد منها برؤيتها فقط , فعمقها الإيماني كبير .
(كان النبي صلى الله عليه وسلم من رآه هابه فإذا خالطه أحبه )
يجب أن تكون الأخت نموذجا عمليا, وتكون المثال المنشود المرغوب فيه وتكون المربية مع أخواتها كالبحر العميق , تسلك به كبار السفن هادئة مستقرة ,ولكن الماء الضحل ,لا يسلك فيه مركب صغير فضلا عن الكبير .
 والسلف رضوان الله تبارك وتعالى عليهم , كانوا  يهتمون بهذا الأمر اهتمام كبير, وكانوا يردون كل قصور إلى كلامهم وأحوالهم قبل أن ينسبوه إلى قلوب وأحوال سامعيهم
(فكان الحسن البصري رضي الله عنه وقد سمع متكلما يعظ , فلم تقع موعظته في قلبه ولم يرق لها فقال له : ياهذا إن بقلبك لشرا أو بقلبي )
 يعنى بهذا الكلام أن هذا الرجل لم يقل كلاما باطلا ,ولكنه كان يقول  كلاما حقا, قال الله عز وجل وقال الرسول صلى الله عليه وسلم, فلماذا لم يخترق سهم الكلام قلبه ؟ فإما أن يكون المصدر الذي أنطلق منه السهم ضعيفا فكانت الرمية ضعيفة فوقعت قبل الهدف أو لامسته لمسه خفيفة أما أن يكون الهدف صلدا قاسيا ,لم يخترقه السهم حتى لو كان قويا فاضلا زكيا.

فكلما كانت الأخت قريبة من الله صالحة صفية النفس قوية الإيمان كلما كانت أكثر تأثيرا وتفهيما ومن يستمع إليها يكون أكثر استجابة لها فتحقيق هذا العمق الإيماني لا يكون بالكلام أو بالتكلف أو بالتحلي الزائف لا لا يكون هناك طريق للوصول إليه إلا بالإخلاص والتقرب إليه سبحانه فإذا اقترب المربى من ربه اقتربت منه قلوب العباد , فمن كان حاله الصلاح والاستقامة والاجتهاد , ويحاول ويجاهد, يريد أن يذوق لذة الإيمان ,يجاهد نفسه على المداومة والاستمرار في قيام الليل , فقد كان هناك من الصالحين من جاهد نفسه عشرون عاما على قيام الليل, حتى ذاق لذة القيام , أخذ يطرق الباب مرات ومرات ويجاهد نفسه كثيرا , حتى فتح له الباب ( فمن أدمن طرق الباب يوشك أن يفتح له ) لو أنه سقطت قطرة ضعيفة وتبعتها قطرات متتالية  على حجر صلد فسوف تؤثر فيه مع مرور الزمن تأثيرا كبيرا
كان أحد العلماء (وهو عالم كبير في اللغة العربية )  ذهب يطلب علم النحو فوجد ضعف عليه فرجع وقال ليس لي في هذا الطريق وهو في طريق رجوعه من عند العالم الذي ذهب إليه وجد بئرا به ماء على حافته صخرة يحتك بها حبل الدلو عند نزوله وصعوده لملأ الماء فوجد أن هذا الحبل الضعيف أثر في هذه الصخرة الصلدة نتيجة لهذا التكرار , إذا بالمداومة والتكرار يأتي الخير.
بصلاح القلب يكون صلاح الجسد وعليه مدار المحاسبة يوم القيامة إن الله عز وجل لا ينظر إلى صوركم, ولكن ينظر إلى القلوب والأعمال, والأعمال  تقبل بسبب هذه القلوب أو ترد,
وبالنية فقط يؤجر الإنسان
فمحل نظر ربُك منك أيتها المربية الفاضلة , لابد أن يكون نظيفا , لابد أن يكون صالحا طيبا
فلو أن لك قريبه أو صاحبه, واتت لزيارتك فأنت تعدين بيتك لاستقبالها فيكون نظيفا مرتبا , فما بالك أيتها الأخت المربية بنظر العلى القدير , نظر القوى المجيد نظر الله جل جلاله رحمن السموات والأرض ورحيمهما ,خالقك ورازقك ومحييك ومميتك
ومحاسبك يوم القيامة , فإذا نظر ربك لقلبك, لابد أن يجد فيه من المحبة والخوف والرجاء والتوكل والإنابة والخشية  والخضوع والذل والانكسار والافتقار بين يديه عز وجل, ويرى من آثار ذلك الإقبال  منك عليه والبعد عن معصيته, وإذا اقترفتى المعصية سارعتى إلى التوبة والإنابة , والإقبال على القيام والصيام والذكر والاستغفار والدعوة والمجاهدة والتضحية الشيء الكثير, فالاهتمام بهذه الأمور غاية في الأهمية للاهتمام بالجيل المنشود السلفي الرباني المتميز.
واياكى أختي الكريمة أن تستثقلي الكلام وتستصعبيه وتقولين أنك لست أهلا لهذا الأمر فإياك أختي فإن له أجر عظيم وأجر كبير غاية في العلو والسمو, فلا بد أن أسمو بنفسي, وأسعى لإصلاحها ,حتى أُأهل  للخوض في هذا المجال ,لحاجتي لهذا الأجر الكبير ( من دعي إلى هدى ,كان له من الأجر مثل أجر من عمل به, دون أن ينقص من أجورهم شيئا )
فتخيلي لو أنك علمتى فتيات الصلاة أو الصوم, أو حفظ القرآن أو التجويد, أو قيام الليل والصدقة والإخلاص وكل المعاني الصالحة ,وعلمتى النساء كيف تطيع زوجها, وكيف تربى ولدها وكيف تتعامل مع حماتها وحماها وأخوات زوجها,وعلمتيها الصبر وعلمتيها الحلم والتواضع والخشوع والإنكسار لله تبارك وتعالى
فلو علمتي خمسة فتيات الصلاة سيكون لك أجر 25 صلاة فوق صلاتك في اليوم الواحد , ولو علمتى أخوات قيام الليل, وتعذر عليك أنت القيام في يوم, فسيكتب لك أجر قيامهم  فهل استشعرتى أهميه هذا الأمر؟ وهل استشعرتى سموه وعلوه وعظيم أجره ؟نحن نبرز هذا العمل بعدسة مكبرة ,حتى يتضح لك الأمر وضوحا كبيرا وجليا لانكبرها لتخافي منها وتتركيها فالمسألة والحمد لله سهلة وميسورة, فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها وطالما أن الله عز وجل كلفنا بأمر الدعوة, إذا هذا أمر في طاقة البشر .
وكل أخت تستطيع أن تقوم بدور معين, قد لاستطيع أخت أخرى القيام به, لما يحتاجه من سعة صدر وصبر وحلم , مثل الأخت التي تتعامل مع الأولاد الصغار ,وأخرى تستطيع أن تتعامل مع فتيات أعدادي وثانوي ,وتستطيع أن تحل مشاكلهم وتفهمها, وهناك أخت أخرى تستطيع التعامل مع طالبة الجامعة, وتستطيع إفادتها بما يلزم لها وتستقيم معه حياتها, فليس شرطا أن نصلح جميعا لكل المجالات أو الطوائف أو الشرائح ولكن قد يكون هذا بقدر معين أو بنسبه معينه .

فمثلا : قد لا استطيع أن أُعلم الناس قراءات, ولكن استطيع أن أعلمهم تجويد, فيمكن أن أعلمهم تجويد وغيري يكمل القراءات (بناء نتكامل معا في بنائه )ولكن إن رجعنا وتخلفنا لن نجد بنائين
وإذا كان هناك بناءا واحدا فقط ,فكم جدار سيبنى ؟ وكم شخصية سيربيها؟ عشرة أو عشرين نحن نريد  دعوة آلاف بل ملايين نربيهم على طريق الله المستقيم ,حتى نعييد للدين مجده وعزه .
 ومن أروع الأمثلة التي تبين أن المربى إذا كان عنده عمق ايمانى يظهر أثره مع تلاميذه, موقف شيخ الإسلام بن القيم مع شيخه بن تيمية قال : (وكنا إذا اشتد منا الخوف, وساءت منا الظنون وضاقت بنا الأرض , أتيناه فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله ,وينقلب انشراحا وقوة ويقينا وطمأنينة)
بهذا نكون قد انتهينا من مقومات البدء والانطلاق  وكان لابد من الإسهاب والتفصيل في هذا الأمر لأهميته وحتى نخرج منه بأكبر قدر ممكن من الفهم , واكبر قدر من الاستفادة ,والوضوح للصورة الكاملة لهذه المسألة ,حتى نستطيع تطبيقها فنصلح أنفسنا ونصلح بها الآخريين .
ومجملا نقول أن
مقومات البدء والانطلاق :
 العلم.. حسن السمت .. الثقافة والتجربة .. العمق الايمانى
إذا تحققت في المربى مقومات البدء والانطلاق فيبدأ في ممارسة عملية التربية وحتى يكون عملنا في إطاره السليم ويؤدى النتائج المرجوة والمرغوب فيها فتكون الثمرة قوية فتية بأقل جهد وإمكانيات فلابد أن تتوافر مقومات الإتقان

مثال : حتى يمكنني العمل كمدرس لابد أن أكون خريج تربية
وإذا أردت العمل كطبيب, لابد أن أكون خريج طب ,ولكن هل طب طبيب الامتياز مثل الأخصائي مثل رئيس القسم مثل من معه ماجستير ودكتوراه ويحضر دورات كثيرة , فهل هم جميعا متساوون ؟ لا بالطبع هناك اختلاف  هذا الاختلاف يرجع إلى مقدار مقومات الإتقان للعمل بالنسبة لكل منهم
 وأيضا حتى يمكنني العمل كمربى لابد أن تتوافر لدى مقومات البدء والانطلاق ,وهذه المقومات لها حد أدنى وحد أقصى, أو يوجد تفاوت في مقداره بين المربيين والمربيات, ولكن ينبغي أن يكون بقدر معين لا يتدناه, ومن الأفضل أن يعلو هذا القدر وكلما علا كان أفضل للعملية التربوية , فمن الذي يستطيع أن يحدد للمربى البدء للقيام  بالعملية التربوية ؟ من يحدد هم القائمين على الأعمال الدعوية لأنهم  يعلمون حالة الدعوة  وحال المربين وقدراتهم فيقومون بترشيحهم أو اختيارهم لأي عمل من الأعمال الدعوية أو مجال من المجالات التربوية

الصفات المطلوب توافرها في مقومات الإتقان أربع صفات .. أربع قدرات :
1-         القدرة على فهم الشخصية وتحليلها
2-         القدرة على الإقناع
3-         القدرة على استخدام الأساليب غير المباشرة لتبليغ المفاهيم الدعوية والشرعية
4-         القدرة على احتواء المتربي احتواءا نفسيا

القدرة الأولى فهم الشخصية وتحليلها, لابد أن تكون المربية عندها قدرة  على فهم الشخصية التي تتعامل معها, سواء كانت ملتزمة أم غير ملتزمة ,وتكون عندها قدرة أيضا على تحليلها , تعرف ما هي صفاتها ,هل هي حساسة متعالية شجاعة متخاذلة عندها تحمل للمسؤولية ,مدللة ذكية ؟؟ لابد أن يكون عندها قدرة على هذا التحليل
هنا سؤال لماذا نحتاج إلى فهم الشخصية ؟ ما هو الداعي لهذا الاحتياج؟
نحتاج هذا الأمر أولا للإنتقاء ,حتى نستطيع أن ننتقى انتقاءا جيدا وهذا الأمر في غاية الأهمية ,فلابد أن تكون المربية عندها بصيرة ,وفهم بقدرات الشخصيات التي تتعامل معهم .. من منهن تصلح لأمر ما ومن منهن لا تصلح فيه ومن منهن أقرب ومن منهن أبعد, حتى يصرف الجهد للأنفع وليس للأحب, فلابد أن ننتبه جيدا أن الأهواء النفسية قد تؤثر على المربى, فهذا خطا فيكون ميله الشخصي ومحبة القلب عنده لشخصيه معينه, هي التي تحدد وقته ومجهوده مع هذه الشخصية ,هذا خطأ .

فليس معنى أن تحب المربية شخصية معينه من الشخصيات المكلفة بتربيتهم  أن تعطيها أكبر وقتها ,ولأن شخصية أخرى منهن لا يوجد بينها هذا الميل القلبي , أو هذا الانسجام فلا تعطيها حقها من الوقت والجهد ,وتجيبها إجابات سريعة فعلى المربية أن تنبه لهذا مهما أحبت أو توسمت في أخت من الأخوات الصلاح والهمة الدعوية ,فيمكن لها أن تحبها أو تهاديها ولكن لا تميزها عن أخواتها في عملية التربية .
فالعملية التربوية لا تُخول المربية فيها كما يحلو لها ,ولكنها أمانة ,عليها أن تؤديها لأصحابها, مثل زكاة المال فلها أن تجمعها ولكن توزيعها لابد أن يكون حسبا للحاجة طبقا لمنافذها الشرعية وليس لهواها.
فلو أن المربية لا تستطيع إعطاء الجهد إلا لخمسة أخوات, وعندها خمسة عشر أخت , فعليها أن تنتقى أفضل خمسة وليس أجمل خمسة أو أخف دم خمسة لا بل يكون الانتقاء أفضل خمسة حتى يكون الجهد والعطاء بمكانه الصحيح .
فقد كان علماء السلف الناصحون لله يلقون شباك الاجتهاد لصيد طالب ينتفع الناس به في حياته ومن بعده
(رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره)
فليس الناس بالشكل أو الهندام أو كما يقال كم في الزوايا خفايا وكم في الناس بقايا فقد يكون هناك إنسان لا يلتفت إليه من الناس, ويكون نصرة هذا الدين على يديه .
فقد تكون هناك أخت عاديه في مجموعة الأخوات ,وهى التي نستطيع أن تكمل الدعوة وتهتم بها وتنشطها ,و يكون كلامها مؤثر لعل لتقواها أو صلاحها أو لأمر بينها وبين الله تبارك وتعالى.
إذا مطلوب منا أن نفهم الشخصيات, ونحللها بصورة جيدة, حتى نستطيع أن ننتقى بصورة جيدة, فنختار من تصلح أن تمسك الاسطوانات, ومن تصلح لتعليم التجويد, ومن تصلح لتكون قائدة الحلقة أو الرحلة ,ومن تصلح لإعطاء الفقه, ومن تصلح لإعطاء العقيدة ,ومن تصلح لإعطاء أصول فقه , ومن تستطيع الإشراف, ومن تستطيع التوجيه, ومن تستطيع حل المشكلات وهكذا, وهذا الأمر ليس هينا بل أمرا خطيرا , فقد يترتب عليه هدم بيوت, وقد تنصحها بنصيحة فتكون غير مناسبة فتجلب عليها ضررا كبيرا.
فمن أجل خطورة هذا الأمر لابد دائما من النصح والإرشاد والانتقاء والقرب من الله تبارك وتعالى, فكلما كان موجود عمق ايمانى, كلما كانت الصلة بالله أقوى كلما كان الاختيار أسد, وتكون النصيحة في إطارها السليم.
إذا نحتاج إلى فهم الشخصيات ,حتى ننتقى ونحدد الميول والإمكانيات والانشطه التي تميل إليها كل واحدة منهن, وقدراتهن والملكات التي لديهن ,حتى تُوظفها التوظيف السليم .

فمثلا : إذا كان هناك أخ ليس عنده تحمل للمسؤليه وأعطيناه آذان المسجد, يمكن أن يلعب أو يكسل أو يتأخر, ويؤذن بعد ربع ساعة مثلا من الآذان, أو لا يؤذن فالخطأ يقع في هذا الأمر على من أختار هذا الشخص ,لأنه لم يحسن الاختيار للشخص المناسب لهذا الأمر, , لو أن هناك شخص غير أمين وأعطيت له أموال الصدقات فأهدر فيها فمن المخطأ ؟ المخطأ هو الذي أعطاه هذه الأمانة لسوء اختياره فالشخص نفسه يأثم , ولكن الخطأ الأكبر يكون عند من أختاره.
ففهم الشخصية وتحليلها من الأمور المهمة لحسن الاختيار وعدم إهدار الطاقات فيما لا يجدي ,ونحن بحاجه ماسة إلى عدم إهدار هذه الطاقات .

فمثلا : قد تكون هناك أخت عندها مخارج الحروف سليمة جدا
وحفظها على درجة عالية, تستطيع أن توصل المعلومة بشكل جيد ,فيمكن لها أن تعلم التجويد وتهتم بالقراءات , فهي لها من هذا الباب
 ولو أن المربية لم تلتفت لهذه المسالة فيمكن لهذه المسالة أن تضمر لأنها لن تُنمى ولن تستثمر, ولن يسعى لها في الزيادة فتكون مثلها مثل أي أخت ,تجويدها مثل أي تجويد, ولكن إن اهتممنا بتعليمها ستصل إلى مستوى أكبر وأعلى .

مثلا : لو أن هناك أخت يوجد عندها حب للشعر والأدب وهذه الفنون, فعلينا أن نوجهها لتنمية هذا الأمر عندها بسماع الشرائط في هذا المجال أو القراءة أو الدخول بدورات في هذا المجال لأننا بحاجه إلى من يتقن فن الكتابة أو فن الكلام أو فن الإدارة.
 لو أن هناك أخت عندها من صفات القيادة فعلينا أن ننمى هذا الأمر عندها لتستطيع قيادة مجموعة أو ترتيب حفلة أو ترتيب عمل دعوى بالمسجد أو مدرسة بنات أو غير ذلك

مثال : أخت أخرى عندها ملكة التعامل مع الكمبيوتر أو النت و الموبايلات الحديثة وغير ذلك فعليها أن تأخذ دورات في هذا المجال وتنمية هذه القدرات حتى توجه لدعوة إلى طريق الله عن طريق النت   وإدارة المواقع والغرف الإسلامية وهكذا

إذا معرفة ميول الأخوات تجعلنا نستثمرها استثمارا صحيحا  وننميها بالأسلوب الأمثل حتى تنمو القدرات ولا تضمر

والأعمال تسند للدعوة على ثلاثة أشياء :
1-الميول الشخصية
2- القدرات الشخصية
3-حاجة العمل
 وغالبا تسند الأعمال على حسب حاجة العمل, فإذا أردنا أخت تُحفظ الأولاد في إبتدائى,  فنجد أن الأخت فلانة مطيعة, فنعطى لها هذا الأمر , وقد لاتكون عندها المؤهلات المطلوبة لهذا الأمر من الصبر وسعة الصدر , فنكون بهذا قد ظلمناها وظلمنا العمل , جعلناها تشعر بالفشل الإحباط, ولم يأتي العمل بالنتائج الجيدة, ولكن قد تكون لها القدرة على العمل بصورة جيدة في مجال النت, فبالتوجيه السليم لها تجيد أكثر هذا العمل ,مع الالتزام بالضوابط الشرعية المطلوبة .
إذا لابد أن نعرف قدرات الأخت ,ولا يكفى فقط الاكتفاء بالميل ,لا بد أن يكون عندها قدرة على هذا الأمر, فلو أن هناك أخت تحب العلم جدا ولكن ليس عندها علم ,فلا أعطى لها أمر التعليم

لو أخت تمنت أن تعمل مربية لكن ليس عندها علما شرعيا لم تتعلم من قبل فقه أو عقيدة  فلا تصلح أن تدخل في مجال التربية

إذا بعد الميول لابد أن يكون هناك القدرات التي توافق هذا الميل
ثم بعد ذلك إن وجد عمل يحتاج هذه المسالة فتوظف فيها .
أذا سؤل الشخص عن قدراته بسؤال صريح ومباشر من القائم على العمل فلا يدخل الورع في هذا الأمر بل عليه أن يقول ماعنده بالضبط فلا يقلل منه ولا يزيده فيكون مؤتمنا على هذه القدرات ,ومطلوبا منه استعمالها استعمالا صحيحا.

أيضا نحتاج إلى فهم الشخصية وتحليلها, لتحديد المستوى الأمثل للتعامل الذي يراعى النفسيات والمشاعر والقدرات العقلية لنُشكل بين التعامل مع الشخصيات فلا ينبغي أن يكون التعامل واحدا مع كل الشخصيات ,فهذا خطأ فقد تصلح شخصية بالشدة وتأتى بها, وشخصية أخرى لو شددت عليها قد تفلت منك نهائي, وهناك شخصية تأتى باللين , وهناك شخصيه ينفع معها الأمر المباشر, وهناك شخصيه لا ينفع معها الأمر المباشر, وهناك شخصيه قد ينفع معها الاعتذار, ويوجد شخصية حساسة جدا, لابد أن أكون حذرة في كل كلمة أقولها لها.
إذا الشخصيات والنفسيات تكون مختلفة ,فأتعامل معهم مثل الطبيب الذي يعالج مرضى أمراضهم مختلفة فلن يجدي معهم علاجا واحدا ,ولكن كل واحد يحتاج إلى علاج يناسب مرضه,
حتى لا يضر العلاج بدلا من النفع, وأيضا إذا أردت التعامل مع الناس بصوره صحيحة, لابد أن أفهمهم بصورة صحيحة أيضا.

لو رجعنا قليلا إلى موضوع الانتقاء لماذا نحتاج إليه ؟
 النبي صلى الله عليه وسلم ضرب المثل الأعلى  لنا بتوظيف الصحابة بما يناسبهم ويصلح لهم مثلا إذا أراد أن يرسل سفيرا فيختار مصعب بن عمير يأتي بالنتيجة المرغوبة , وعندما أراد أن يرسل احد ليقدر النخل ويقيمه لإخراج مافيه من زكاة فيكون عبيدة بن الجراح , إذا أراد إرسال قاد ماهر يقود الجيوش يكون خالد بن الوليد, إذا أراد أن يرسل ماهرا وذكيا وفطنا لتفتح به بلد مهمة يرسل  أسامة بن زيد, إذا أراد أن يرسل أحد لعمل عملية استخبارا تيه على أعلى مستوى ,ويدخل في عمق ارض العدو وبين صفوفهم, ويسمع أخبارهم يكون حذيفة بن اليمان في عزوة الأحزاب, وإذا أراد أن يرسل احد في مهمة استخباراتيه أخرى, لتفتيت عزم الأعداء و إيقاع الضرر بهم ,يرسل نعيم بن مسعود, يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم وقد اسلم ويقول له مرني فيقول له خذّل عنا ما استطعت ,أمره بالأمر الذي يستطيع عمله .

فلو أن هناك من لا يستطيع أن يدارى أمر أو يكون حويطا فيه فإذا طلبت منه عمل عملا يحتاج إلى حيطة وحذر فيضر نفسه ويضر الدعوة معه ,ولكن لو وجهته التوجيه السليم الذي يصلح لقدراته وميوله, فتكون النتيجة أفضل بإذن الله تبارك وتعالى.

الفائدة الأخيرة في احتياجنا لفهم الشخصية :
لمعرفة التغير في مستوى المتغير التربوي وتقويمه من فترة إلى أخرى
إذا لابد أن يكون معي معلومات إما ورقيه أو ذهنيه عن كل شخصيه, أعرف ماهى مشاكلها وعيوبها وسلبياتها وايجابياتها وقدراتها ,حتى اعرف هل مجهودي معها يرفعها أم لا ؟ هل هي تتقدم أم تتأخر ؟ وهل سلبياتها تزيد أم تقل ؟ هل اكتسبت صفة جديدة ؟ هل زادت طاعاتها ؟
فلو أن هناك أخت أتت بتجويد 50 %  وبعد ثلاثة أشهر من تدريبها أجدها مازالت 50 % ,فلو أنى لا أعرف أن قدراتها  قبل الثلاثة أشهر 50 % سأقول :ماشاء الله قد وصلت الأخت إلى نصف المسافة ,ولكن في الحقيقة أنها لم  تتقدم منذ ثلاثة شهور, لكن لو كنا نعلم وأصبحت 70 % فنعرف أننا تقدمنا بنسبة 20 % ولا أقول أننا تقدمنا بنسبة  70 % لأنها أصلا كانت عندها 50 % من التجويد , هذه المسالة واضحة ومفهومة
مثال : أخت كسولة جدا جدا ,وأريد أن اعلي همتها وأنشطها فتبدأ في التحرك خطوة ,ولكنها بالنسبة لزميلاتها مازالت متأخرة فلو سال احد وقال أنها متأخرة فنقول لا هي هكذا ممتازة وتقدمت , حتى لو كان تقدمها بنسبة 2 من10ولم لم أكن  اعرف هذه الشخصية, لقلت على وضعها انه غير جيد ويعنى هذا أنها راسبة, ولكن العلم برصيد هذه الشخصية  يجعلني أعرف جيدا أن هذا تقدم كبير بالنسبة لها.

مثال آخر : أخت أخرى قمة في الذكاء والحفظ أداءها بنسبة 75% مثلا, لا تستعمل تمام طاقتها ,ولم ابذل معها المجهود المناسب ,ولم أوظفها كما ينبغي ف 8 من 10 معها  أُلام عليها برغم أنني امدح في الزيادة الطفيفة للأخت السابقة لأنني في الأخت الضعيفة زدت , أما في الأخت القوية نقصت
فمعرفة سمات المتربية وعيوبها وصفاتها, ستجعلني بداية اسعي في إزالة سلبياتها حتى تزال من عندها, ولو أن هناك ايجابية ولم أنميها ستضمر, وستكون مثلها مثل اى أخت ليس عندها هذه الملكة بالإضافة إلى اننى عندما أقوم عملي التربوي فترة فترة استطيع أن اعرف هل أزيد أم انقص ؟ هل اصعد لأعلى معها أم أهبط لأسفل هذه هي الفوائد المترتبة على فهم الشخصية وأحوالها

وهنا سؤال كيف استطيع فهم الشخصية ؟
1-استطيع فهم الشخصية عن طريق السؤال والتحري: بأن أسأل عنها زميلاتها وجيرانها مدرسيها ووالدها ووالدتها , أسألها هي شخصيا أسئلة عامة مفتوحة , أسأل مربيتها السابقة التي كانت تعمل معها من قبل, فالسؤال يعين في هذا الأمر, ولكن على أن أنتبه أن لا أتدخل بصورة سيئة في هذا الأمر ,كأن اسألها في أدق الخصوصيات وأدق التفاصيل ,وأكون متطفلة على حياتها الشخصية ,  المسألة لابد أن تكون في إطار من الأدب وحفظ حقوق الغير, واحترام خصوصياته إلى غير ذلك من الأمور, والتنبيه أيضا على حفظ الأسرار, فمسألة محبة المربية أن يكون لها مجموعة من الصاحبات  والصديقات فيجب أن تعلم أن المعلومات الشخصية مع الأخوات التي تعمل معهن أمانة ,فلا يجوز أن نقولها بلا سبب ,حتى الشيء الجميل فيها ,يمكن أن اذكره من باب تحبيب الأخوات بها, ولكن قد أقوله عند أخت حاسدة  أو حاقدة فتضار هذه الأخت .
 إذا المعلومات تخرج بحساب فلو أن فوقى مشرف أو مشرفة تريد المعلومات لتقييم عملي, ايجابياته أو سلبياته, فلو أن هناك أخت عندها عيب أو مشكلة, ولا أستطيع حلها فأبحث عن من يستطيع حلها فأقوم بسؤال من فوقى عن المشكلة دون التعريف بالأخت, ولا يجب أن تسال المشرفة التي فوقى عن اسمها , هذا الأمر يكون على حسب الحالة, وحسب المسالة, لان هذه الأمور أسرار, ولا يجوز التحدث فيها بداعي ودون داعي.
 ولا يجب مثلا أن أكون بين خمس أخوات وأعرض عليهن المشكلة لحلها, فأكون مثل طبيب يجلس بين خمسه بينهم أثنين أطباء ومدرس ومهندس, فماذا سيفيد المدرس والمهندس عند عرض مشكلة المريض عليه ؟ لا بد أن يكون طبيبا ليفيدني وهكذا أيضا في حالة التربية ,لابد أن استشير التربوي أو امرأة عندها خلفية في هذه المسألة, فحفظ الأسرار من الأمور المهمة جدا وينبغي التنبيه عليه

2-الكلام والحوار : بأن أتكلم معها, وأفتح معها كلاما أو  أسئلة عامة مفتوحة, وهى تجيب, أتكلم معها مرات بطرق مختلفة, وليست في جلسة واحده ,فتارة بالتليفون, وتارة بالحوار وينبغي أن لا يكون السؤال في قالب جامد, فتمل وتغلق ولا تستجيب, ولكن ينبغي أن يكون الأسلوب لين وسلس وهادئ, وكلمة فحكاية فطرفة فتمشية فجلسة فنقاش مع من تربيها, إلا أن تستطيع أن تثبر أغوارها, وتغوص في أعماقها إلى أن تعرف صفاتها جيدا وتستطيع توجيهها التوجيه السليم.

3- الاختبارات : هي من الأمور التي تستطيع معها المربية أن تعرف صفات الأخت وتحللها  , سواء كانت هذه الاختبارات نفسيه  فهناك اختبارات تستطيع بها   معرفة الانطواء  , والاكتئاب والقلق  والذكاء,, وهناك أيضا اختبارات تربوية وهى مجموعة أسئلة يجاب عنها إجابات معينة, ولكن من يسألها؟ يسألها أهل التخصص وأهل هذا الفن, والنتيجة عنها تعطينا صفات شخصية.
 وهناك اختبارات نفسيه تقسم الشخصيات النفسية أربع أجزاء فلا يوجد شخصية تجمع كل هذا الأجزاء الأربع  , ولكن تؤخذ الشخصية مثلا من واحد وأربعة, أو ثلاثة وواحد, أو أربعه وواحد ,وهكذا فلو ضربنا أربعه في أربعه, فستكون النتيجة ستة عشر, وفى النهاية أضع لكل شخصية صفاتها أمامها , فيمكن لي بعد حل هذه الشخصية  لبعض الأسئلة أستطيع أن أعرف ما رقمها من الستة عشر, فإذا ذهبت إلى رقمها فاعرف ماهى ايجابيات هذه الشخصية وسلبياتها , وهذه الأمور تكون بعد إجراء تجارب على قطاع عريض من الناس وتكون النتيجة على دقة هذا الأمر وسعته وجودة المنفذ له تكون النتيجة أقرب للصواب,فلو قام مختصا بعلم النفس بعمل هذه الاختبارات  وعرف ايجابياتها وسلبياتها فيكون فاهما لحالة الشخص متى يتضايق وكيفية فهمه والطريق الأمثل للتعامل معه فهذا يحب الصراحة وذاك لا يحبها , هذا يحب المسألة مباشرة وذاك لا يحبها فيجب أن افهم جيدا هذا الأمر فبالاختبارات التربوية استطيع أن أعرف مواضع الفتن والقصور عند الأخوات
مثال : شاب اسأله سؤال   إذا كنت صاعدا على السلم ووجدت جارتك تحمل كتبا فوقع منها كتاب فماذا ستفعل ؟
هل تلتقط الكتاب وتعطيه لها؟
هل ستصعد سريعا لطابقك ؟ أم هل لك خيارا آخر
مثال أيضا لو دخل محل ووجد بنتا تبيع وتصرفت تصرف لا يليق أو قالت قولا لا ينبغي ,فبماذا ترد ؟هل ستأخذ أشياءك وتمشى, وإذا عرضت عليك عرضا غير أخلاق, فهل سترد عليها أم ستخرج, وبناء على هذه الأسئلة سنعرف هل هذا الرجل عنده جرأه  في التعامل مع النساء أم لا؟ سنعرف ما تأثير الفتن عليه ومدى قربه منها أو بعده, فعلينا أن نذكر له مواقف ونسأله كيف يكون تصرفه إذا حدثت له  , مثل لو كنت بمحاضرة وأخطأ الدكتور بأخطاء شرعية فماذا تفعل ؟لو أن والدك تفوه بكلمة ليست طيبه ؟ أو أرسلك لتأتى له بسجائر فماذا ستفعل ؟ وهو عليه أن يجيب ومن الإجابة, ستعرف هل هو منفتح أم منضبط أم متهاون فهذه الاختبارات أيضا تساعدنا على فهم الشخصية وتحليلها
5-   المواقف المفتعلة ومعرفة رد الفعل : سأقوم بعمل مواقف مفتعله وأري ما رد فعله, ولكن ينبغي التنبه على أنه ليس فأر تجارب , ولا يكون مباح لي أن أفعل كل ما أريد معهم ,هذا الكلام خطأ فالإنسان كيان محترم ,ولاينبغى أن نضعهم في اختبارات بصفه مستمرة بداعي وبدون داعي , يمكن لنا أن نضرب لهم مثال كأن نقول لها مثلا لو تعرضت لموقف ما (معين ) ماذا ستفعلى ؟ فتجاوب الأخت فيكون عندها فهم معين للشخصية وتحليلها

6-   الاحتكاك والمعاشرة : الاختلاط مع المتربية طويلا يأتي لي بمعلومات , فالمربية ليست هي التي تعطى درسا وتذهب لا  هذه تكون معلمه ,ولكن المربية هي التي تعطى بعضا من وقتها لمن تربيهم, تتحدث معهن بالتليفون, تجلس معهن بالمسجد ,تسير معهن بالطريق في العودة والإياب إن أمكن
 يتناولون طعاما مع بعض, يعملون حفلات سمر مع بعض, أو رحلات بضوابط شرعية ,سيكون بهذا احتكاك ومعاشرة بين المربية والمتربية
مثلا أخ وأخت عقدا لمدة سنتين, وعرفا بعضهما معرفة جيدة وبعد الزواج بشهور ,اكتشف كل واحد منهما ما لم يكتشفه من قبل ,سواء كان أمر حميد أو أمر مذموم, وبرغم أن العقد كان سنتين أو أكثر إلا أنهما لم يكتشفا صفاتهما اكتشافا واضحا إلا بعد الزواج لأنه مثل السفر, وسمى السفر سفرا لأنه يسفر عن أخلاق المسافرين , ويوضحها ويبينها بجلاء ,لان الناس لا يُعرفوا إلا بالاحتكاك 

فمثلا هناك موقف معين يُكتشف به تسامح الأخت عند الخطأ فيها, وتقبل اعتذار أختها بكل تسامح وسهوله ,ونجد أخت أخرى نحسبها جيده وممتازة , وعندما أخطأت فيها أخت خطأ بسيطا  كالت لها الاهانات, ففهمنا أنها شخصية متعالية تشعر بنفسها أكثر من اللازم  , فكل موقف من هذه المواقف له دلالته

7-   الفراسة : لابد أن يكون المربين فطنين عندهم فراسة ونظرة للأمور, فلا تمر عليها الأمور هكذا دون اى خلفيات, فتفهم معنى أن يكون هناك موبايل عليه صور سيئة فهذا دليل على أنها تدخل النت, أو لها زميلات يعطوها هذه الأشياء , إذا فهذه عندها مشكله معينه , فعليها أن تكون فاهمه لها
 مثلا لو أن هناك أخت جريئة في التعامل مع الرجال فننتبه لهذا الأمر, ولا نصدرها للتعامل معهم بان تشترى شيئا  منهم, أو تحضر درس علم ويوجد به ولو ولد واحد , فهي لا تصلح مع هذا الأمر, ولا تصلح لان تأخذ درسا مع مدرس إذا كانت تتأثر عاطفيا بالتعامل مع الرجال, لابد أن نفهم مثل هذه الأمور حتى نستطيع توجيههن واستعمالهن الاستعمال السليم.

إذا أستطيع بعون الله أن استنتج من صفة مجموعة صفات ,ومن كلمة  استطيع أن أبنى عليها, ولكن ننتبه ليس معنى هذا أن تُفسر كل كلمة وكل صفه  بما توجبه وكأن الأخت بالنسبة لها كتاب مفتوح , لا يجب على المربية هذا الأمر , بل تضع أمام أعينها أن هناك احتمالات بان تقديرها كان خاطئا.

ومن الأمور المهمة التي على الأخوات أن يلتفتن لها, أن لا يقيمن المتربيات من أول موقف ولا يبنين كلاما كثيرا على موقف واحد أو فعل واحد , فلابد أن أتأكد مرة وأثنين وثلاثة وأربعة إلى أن أستقر أن هذه الشخصية بها هذه الصفة, وحتى لا أعطيها علاجا خاطئا ,فقد لاتكون بحاجه إلى مضادا حيويا ,ولكنها بحاجة إلى فيتامينات ,فأكون بهذا قد أضرتها, وفى نفس الوقت لم أفدها.
 ونكون بهذا قد تكلمنا عن فهم الشخصية وتحليلها



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق