>

الاثنين، 27 يونيو 2011

المحاضرة الثانية من دورة الإعداد للعمل الدعوي (كاملة )

بسم الله الرحمن الرحيم
المحاضرة الثانية من دورة الإعداد للعمل الدعوي
المرحلة الرابعة من مراحل الدعوة الفردية
مرحلة    البناء
1.  الشخصية المسلمة المتكاملة:
قبل التكلم عن قضية البناء لا بد أن يكون لدينا تصور صحيح عن الشخصية المسلمة المتكاملة. الشخصية المسلمة لكي تكون متكاملة لا بد لها من جوانب ثلاثة, هذه الجوانب تمثل جوانب الشخصية المسلمة المتكاملة. هناك شخصيات تقوم باستكمال جانب من هذه الجوانب , هذا الأمر غير صحيح, الصحيح أن تستكمل الشخصية الجوانب الثلاثة. هذه الجوانب مستفادة من سورة العصر.
قال تعالى :" وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ"
الإيمان لا يكون إلا عن علم, قال تعالى:" فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"
 إذا الإيمان لا يكون إلاّ عن علم , إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا  آمَنُوا يعني عملوا إذا  هذه المعرفة النظرية إذا الجانب العلمي و هو أوّل جوانب الشخصية.
 بعد أن آمن عمل الصالحات , إذا هذا هو الجانب التربوي , إيمان و عمل .
علم و عمل . العلم و العمل المفروض أن يصحبهما دعوة إلى هذا العلم و هذا العمل و هو ما نسميه الجانب الدعوي و هو الذي قال عنه الله تعالى (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ)  فالحق من علمه و عمل به , أوصى به  غيره ألا وهو الدعوة.
من يحقق هذه الجوانب الثلاث  لا بد ان تحصل له المرحلة الرابعة التي قال عنها الله تبارك و تعالى:"  وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ " لأنه لا بد أن يحصل ابتلاء  و هذا يحتاج الى صبر , و الله عز و جل أخبرنا أن كل إنسان في خسر إلا الذي  يستكمل هذه الجوانب الثلاثة و يصبر على استكمال هذه الجوانب .
الهدف من البناء هو إخراج شخصية مسلمة متكاملة في الجانب العلمي و الجانب التربوي و الجانب الدعوي. كل جانب من هذه الجوانب له متطلبات كثيرة جدا
الجانب العلمي
هل يعني ان يتعلم الفقه فقط؟ او ان يتعلم التوحيد فقط؟
لا, بداية الجانب العلمي ان يتعلم ما تصح به عقيدته و ما تصح به عبادته وهو ما لا يسع المسلم جهله . ثانيا لا بد ,إن وجد لنفسه القدرة على التحصيل العلمي , أن يحصل فرض الكفاية من العلوم الذي يتعين في حق القادر و هذه العلوم هي فقه و توحيد و تفسير و حديث و هذه علوم المقاصد و هناك علوم أخرى اسمها علوم الوسائل التي هي أصول الفقه و المصطلح و اللغة . علوم الوسائل يعني أننا نستطيع من خلال هذه العلوم أن ندرك إدراكًا جيدا علوم المقاصد. معرفة هذه العلوم و مراتبها و كيفية التدرج فيها كل هذا يمثل التدرج العلمي.
الجانب التربوي
هذا العلم لا بد أن يصحبه عمل
العلم يهتف بالعمل     فإن أجابه و إلا ارتحل
أول مفردات هذا الجانب المعاني التربوية وهي المعاني التي سيحصلها في علم العقيدة , هذا جانب تربوي
ثانيا سلوك الإنسان و أخلاقه و معاملته مع الناس و ضبطها بالعلم الذي تعلمه و ضبطها بالشرع , هذا جانب تربوي.
إنسان يتعلم و يدرس الفقه و التوحيد لكن سلوكه غير سوي و غير منضبط فهو لا يطبق هذا العلم الذي تعلمه إذًا هذه الشخصية غير مكتملة, لتكون مكتملة لا بد أن يكون جانب السلوك موجودا
ثالثا التخلص من الآفات  التي تعرض للنفس. علم السلوك و علم الرقائق يصبان  في هذا الجانب , هذا الجانب التربوي : التخلص من الآفات. الكبر و الغرور و العجب و الرياء و رؤية النفس كل هذه الآفات لا بد لكل شخصية أن تتخلص منها فهذا أيضا جانب تربوي
الجانب الدعوي
من مفردات الجانب الدعوي :
أولا الانتماء:  انتماء هذه الشخصية للدعوة
ثانيا : القضايا الفكرية وهي أن يفهم قضية الدعوة و يفهم المناهج الموجودة  و يفهم مفردات منهجه هو : ما هو الفرق بينه –كسلفي- و بين المناهج الأخرى ؟
رابعا : اتزان الشخصية : أن تكون شخصيته متزنة فبناء الشخصية نفسها و اتزانها جزء من الجانب الدعوي
خامسا : المهارات الدعوية و الأعمال الدعوية
كل هذه المفردات تندرج تحت جوانب رئيسية ثلاث و هي الجانب العلمي و الجانب التربوي و الجانب الدعوي.
عندما نتكلم عن البناء فنحن نريد أن نصل إلى أعلى درجة من التكامل في هذه الجوانب الثلاثة لذلك فإن مرحلة البناء أطول هذه المراحل و أكثرها تعقيدا لأننا لا نبني في جانب واحد و لا نأخذ خطوة واحدة فهي ليست تحفيظ قران فقط بل هي حفظ قران و تعليم فقه و تعديل سلوك و تعلم آداب و أخلاق و بناء الشخصية لذا إن كانت الدعوة الفردية يحسنها كل أحد فمرحلة البناء لا يحسنها أي أحد.
مرحلة البناء تحتاج إلى خبرة و قراءة و تحصيل و سؤال  .
مرحلة البناء هي الانتقال بشخص من مرحلة بداية الالتزام إلى أحد الدعاة إلى الله عز و جل
مرحلة البناء لا تتم إلا في ثلاث أو أربع سنوات بخلاف المراحل التي قبلها و التي قد تتم في بضعة أشهر فقط و لذلك نفصلها عن الدعوة الفردية. فالدعوة الفردية هي دعوة شخص واحد نوقفه على طريق الالتزام و من الممكن أن يكمل البناء شخص آخر  لكن ليس كل من يصلح للدعوة الفردية يصلح للبناء .
حتى لا تتعقد المسألة نقول أن هناك خطوات أي أخت يمكنها البدء فيها حتى نصل إلى مرحلة المتابعة
يعني الأخت التي التزمت  و بدأ عندها ترك للذنوب و المعاصي و التزمت بالواجبات , ما هي الخطوات التي  تتخذها؟
هناك ثلاث خطوات لمن كان يعمل في الدعوة  الفردية يمكنه أن يبدأ بها دون أن يحتاج الأمر إلى مهارات خاصة . فمن بدأت في طريق الإلتزام و التزمت بالهدي الظاهر أول ما نخاطبها به هو أن تلتزم بالطاعات الواجبة و من المهم أن تدرك الأخت التي تتابعها الفرق بين الواجب و المستحب. طبعا كلنا يفهم الفرق بين الواجب و المستحب لكن القصد هنا بالتفريق بين الواجب و المستحب هو التفريق في الجانب العملي , أحيانا نجد همّة من الإنسان الذي يُتابع  فنخاطبه بالواجبات و المستحبات دفعة واحدة واحدا , هذا خطأ فالواجب واجب –وهو الأصل- و المستحب مستحب, فعلينا أن نثبت الأصل أولا . في المرحلة الأولى لا نخبره عن السنن و النوافل و الأذكار و الورد  كل هذا إن أتينا به دفعة واحدة ممكن أن يذهب دفعة واحدة  . فهذا معنى قوله صلى الله عليه و سلم:" إنّ هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق"  إذا نبدأ بالواجبات : الصلوات أولا و قد تحتاج الأخت إلى أن تتعلم كيفية الصلاة  بطريقة عملية  ثم الصيام ثم القران و هكذا . فأولا تتعلم الإلتزام بالطاعات الواجبة
مع الالتزام بالطاعات الواجبة الخطوة الثانية عي إيصال قضايا و معاني الإلتزام: من الناس من هو ملتزم عمليا لكن قضية الإلتزام ليست بقضية لأن هناك من الأخوات من تنشا في بيت سمته الإلتزام فبالتالي قضية الإلتزام عندها غير موجودة مثلا لبست النقاب لأن والدها أمرها بذلك و تجنبت المنكرات الظاهرة لأن عندها حياء و فطرتها سوية لكن قضية الإلتزام كقضية من حمل هم الدين و قضية المنهج و من تخيل تكالب الأعداء على الدين و من إدراك للفتن و من إدراك لمعاني الغربة , كل هذا نحتاج إلى أن نرسّخه في المدعو من أول يوم حتى تتضح عنده هذه القضايا  لأن هذه القضايا هي التي تعصمه من الوقوع . الناس الذين عاشوا في بيئة محافظة محتاجين أن يفهموا الإلتزام كقضية.
النقطة الثالثة التي من المهم البدء فيها هي  قراءة  القران و حفظه  .
حفظ القران مهم لأن الأخت بالقران تستطيع الصلاة  وهو الذي يعصمها من الفتن و حفظ القران هو الذي نقيس به قدر صدقها في الالتزام بطريق الالتزام .
الأخت المتابعة تحفظها القران و تعلمها التجويد و تسمع لها  و تبدأ معها على حسب قدرتها فهناك أخوات من لها خلفية كأن تكون مثلا حفظت في صغرها ثم نشزت  ومن الأخوات من لا تعرف شيئا عن القران
هذه الخطوات الثلاثة كنا تكلمنا عنها كجزء رئيسي من مرحلة البناء في الدعوة الفردية .
من المهم أن نفهم أيضا أنه بالنسبة للفصل بين جوانب الشخصية الثلاثة هو فصل نظري فالطبيعي أن تكون هذه الجوانب الثلاثة متداخلة (العلمي والتربوي والدعوي) , مثلا حتى يكون الإنسان منضبطا في السلوك الذي يشمل عدة نقاط كالبيع و الشراء و السفر و السفر للحج و العمرة و العمل في شركة  و غير ذلك , كيف ينضبط هذا السلوك وفق الشرع إن لم يتعلم المرء ذلك ؟؟ إذن هذا الفصل هو فصل نظري حتى ندرك القضايا نفسها لكن التطبيق العملي لا يتم إلا بأن تكون هذه القضايا مرتبطة ببعضها البعض و بالتالي فإن من يقول بأنه سيبني الجانب العلمي ثم التربوي ثم الدعوي فهذا لن ينفعه . بأي قضية نبدأ و هل يمكننا العمل دون علم و هل العلم يسبق العمل و من الممكن أن يبقى فترة بدونه؟ نقول أن الفصل هو نظري و في التطبيق مثلا عندما قلنا الإلتزام بالطاعات فهذا أقرب إلى الجانب التربوي منه إلى العلمي لكن لو ننتبه قليلا لهذه النقطة لوجدنا أنه على المُربي أن يعلمه الطاعات الواجبة  أيضا بالنسبة لإيصال قضايا الإلتزام فيه شق تربوي و شق علمي و أيضا شق دعوي  أيضا قضايا المنهج و حفظ القران وقراءته وتجويده  جزء منه تربوي و جزء منه علمي و جزء منه دعوي . لذا نقول أن هذه الثلاثة منظومة واحدة  فهي كالبيت القائم على أربعة أركان فلا يمكننا بناؤه بالاعتماد على ركنين فقط أو أن نبني ركنا  و بعد الانتهاء منه نضع البيت ثم نبني الركن الثاني هذا غير ممكن فبناء الأركان يجب أن يتم بالتوازي فمن يرتقي الدرجات يجب عليه بناء أركان كل درجة بالتوازي و بعد الإنتهاء منها يرتقي إلى الدرجة التي تليها .
نفترض أن الأخت التزمت بالطاعات الواجبة و أصبح عندها تصور لقضايا الالتزام و بدات في حفظ القران ماهي الخطوة الموالية؟
أولا ننبه أن البناء لم يكتمل بهذه الطريقة و إنما هذا مدخل و حلقة وصل بين الدعوة الفردية و المتابعة التي هي في حقيقة الامر التربية.
المتابعة الدعوية مرادفة للتربية. لذا قلنا في البداية إن كانت الدعوة الفردية يحسنها كل أحد فإن البناء أو المتابعة أو التربية لا يحسنها كل أحد بل لا بد لها من صفات  ولابد لها من مقومات ..
الثلاث خطوات التي ذكرتها هي حلقة الوصل بين الدعوة الفردية والمتابعة الدعوية
لم نقول المتابعة الدعوية؟ لأن هذا المصطلح يعني أن المتابع هو مربي لأن المتابعة جزء من العملية التربوية فالعملية التربوية أشمل من المتابعة المقيدة بلفظها
العملية التربوية  عبارة عن تعليم ومتابعة
 فهناك فرق بين التعليم و المتابعة التي هي بمعنى الملاحظة , المتابعة الدعوية نقصد بها التربية و هي تربية الشخص الملتزم على المنهج الصحيح  بتعليمه كيفية الإلتزام بالمنهج و تطبيق ما تعلمه إلى أن يتولَّ هو مسؤولية بناءه لنفسه مع حل ما يعترض ذلك من مشكلات و تذليل ما يواجه ذلك من عقبات . إذا المتابعة في حقيقة الأمر تربية .
إذا عندما نتكلم عن المتابعة المقصود منها المتابعة الدعوية المرادفة للتربية.
المتابَعة  تشمل ثلاثة أطراف  شخص  مُتَابِع أو مربِّي و  شخص متَابَع أو متربّي و عملية المتابعة نفسها . حتى نفهم المتابعة علينا أن نفهم هذه الأطراف الثلاثة : من هو المربي و من يستطيع أن يربّي ثم من هو المتربي و ماهي شخصيته و كيف يمكننا فهم هذه الشخصية و كيف يمكننا التعامل معها ثم ماهي مراحل المتابعة و ماهي العمليات التربوية التي تتم في المتابعة و ما هي أنواع المتابعة ؟
في ما يلي إن شاء الله إجابة على هذه النقاط.
المربي
صفات المربي ثلاثة أنواع :
صفات يجب أن تتوفر فيه حتى يكون مربيا و تسمى مقومات البدء و الإنطلاق
صفات يجب أن تتوفر فيه حتى يستمر
صفات يجب أن تتوفر فيه حتى يتحسن أداؤه
لمعرفة هذه الصفات يمكن قراءة بحث بعنوان " صفات المربي " نشر في مجلة " البيان " للكاتب  " أحمد فهمي" و شرحه الشيخ  "مصطفى دياب"  
 المتربي
نهتم بالنسبة للمتربّي بشخصيته لأن فهم هذه الشخصية جزء مهم جدا لإدراك كيفية التعامل مع الشخص.
بالنسبة لهذا الباب وهو فهم الشخصية نجد أن كثيرا ممن يهتمون بالتنمية البشرية يهتمون بهذه النقطة , طبعا هم يتناولونها بطريقة مخالفة لنا و لكن لا بأس من أن نستفيد منهم أحيانا في فهم أنواع الشخصيات .
المهم في هذا الباب أن نعلم أن المتربّين ليسوا كلهم على نمط واحد سواء نمط الإدراك أو نمط الإحساس أو نمط التفكير أو نمط التعامل أو المدركات نفسها و كل نمط له طريقة في التعامل و التفكير و الإدراك  و الأداء.
فهم النمط يوفر جدا على المربي في معرفة كيفية التعامل معاه.
أمثلة من السيرة النيوية
لفهم هذه النقطة نضرب ثلاثة أمثلة لفهم كيف غيّر النبي صلى الله عليه و سلم كيفية التعامل مع الأشخاص بسبب اختلاف طباع هذه الاشخاص وهي ثلاثة مواقف في دعوة الناس للاسلام:
الموقف الأول: دعوة أبي سفيان :
دعا العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه  أبا سفيان  إلى الوقوف على جبل بحيث يرى جيش المسلمين ليلا و هو يمر كتيبة كتيبة , كل كتيبة رافعة لرايتها  تمر بنظام و ترتيب فقال أبو سفيان : لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما قال العباس إنها النبوة فقال نعم و ما أثر فيه هو رؤيته لجيش المسلمين و حجمه فرؤية الجيش بالليل مختلف عن رؤيته بالنهار و رؤيته يمر في مكان ضيق مختلف عن رؤيته في مكان واسع فراه بالليل والجيش يمر بمكان ضيق فذهل بعدد المسلمين فأسلم فالذي أثر فيه الجانب البصري
الموقف الثاني : دعوة سُراقة بن مالك
خرج  رسول الله صلى الله عليه و سلم  مهاجرا إلى المدينة متخفيا هو و أبو بكر و أدركه سُراقة يريد أن يأخذه إلى مكة فأراد أن يدعوه رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الإسلام فقال له :" كيف بك يا سُراقة إذا لبست سواري كسرى "  سأله عن شعوره إذا لبس سواري كسرى فقال له " كسرى بن هرمز؟! قال عليه الصلاة و السلام " نعم كسرى بن هرمز" رجع سراقة و هو يفكر فيما حصل : لم يتمكن من إمساك رسول الله صلى الله عليه و سلم و بالرغم من أنه خرج مطاردا يعده بسواري كسرى  فكان هذا الموقف سبب إسلام سراقة بن مالك. ماذا خاطب فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ خاطب فيه إحساسه لا عقله (خاطب فيه الجانب الحسي )
فالجانب الذي خوطب به سفيان هو الجانب البصري أن يرى بنفسه جيش المسلمين  أما سراقة فما أثّر فيه هو الجانب الحسّي
الموقف الثالث : دعوة  عُدي بن حاتم الطائي :
يقول عدي رضي الله عنه :
لَوْ أَتَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ، وَإِنْ كَانَ صَادِقًا اتَّبَعْتُهُ، فَأَقْبَلْتُ فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ اسْتَشْرَفَ لِي النَّاسُ، وَقَالُوا: جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، جَاءَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِي: «يَا عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ»، قَالَ: قُلْتُ: إِنَّ لِي دِينًا، قَالَ: «أَنَا أَعْلَمُ بِدِينِكَ مِنْكَ - مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا - أَلَسْتَ تَرْأَسُ قَوْمَكَ»؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: «أَلَسْتَ تَأْكُلُ الْمِرْبَاعَ (أي ربع الغنيمة»؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: «فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَكَ فِي دِينِكَ»، قَالَ: فَتَضَعْضَعْتُ لِذَلِكَ (أي خضعت وذللت وضعفت)....بقية الحديث" صحيح ابن حبان   لم يقل له رسول الله صلى الله عليه و سلم أنت على عقيدة باطلة  و إنما قال له :" أَنَا أَعْلَمُ بِدِينِكَ مِنْكَ "  ففكر فيما سمعه من رسول الله صلى الله عليه و سلم فخاطب فيه إدراكه السمعي
الشخصية لها ثلاث جوانب من جوانب الإدراك
 جانب سمعي و جانب بصري و جانب حسي  و كل منا يقبل من خلال هذه الجوانب الثلاثة لكن قد تكون إحدى هذه الجوانب  أقوى من غيرها لذا نقول أن هذا الشخص مميز في الجانب السمعي على الجانب الحسي و البصري  و هذا مميز في الجانب البصري على الحسي و السمعي و هذا مميز في الحسي على السمعي و البصري  فخاطب رسول الله صلى الله عليه و سلم كل واحد من خلال الجانب الذي يتميز به
إذًا فهم الشخصية  مهم في معرفة التعامل مع هذه الشخصية. وهي مسألة مهمة جدا للخبرة دور كبير فيها.
المتـــــــــــــابعة
تنبيه هذا الموضوع محتاج لقراءة و دراسة و الاستفادة من خبرات الآخرين و قراءة الكتب التي تهتم بالتربية. ننصح بقراءة كتاب " الدور التربوي للوالدين في تنشئة الفتاة المسلمة " ل"حنان عطية الجهني " وهو من الكتب المفيدة في كيفية التعامل مع البنات في إعدادي و ثانوي  و يتكون من مجلدين الأول  خاص بمرحلة الطفولة و الثاني خاص بمرحلة المراهقة و قد أصدرته مؤسسة البيان .
1)   عمليات المتابعة وأنواعها :
المتابعة أو التربية تشمل ثلاث عمليات أساسية  وهي:
التحفيز
الملاحظة أو الرقابة
التوجيه
هذه الثلاث تكون دائرة  مغلقة
مثال:
نريد أن يلتزم الولد الصغير بالصلاة في المسجد.  أولا نحفزه للصلاة في المسجد  . التحفيز له محفزات و دوافع. احفزه بان أقول له مثلا سأعطيك جائزة رائعة لو ذهبت للمسجد أو أن الله سيرضى عنك أو غير ذلك ... المهم أن أرغبه في الفعل أو ارهبه من الترك فيحصل تحفيز للفعل.  ثم اتركه يعمل , وهو المراقبة أو الملاحظة . رغِّبه ثم دعه يعمل. حفّزت للصلاة  ثم اتركه يعمل و أراقب ماذا سيفعل  و هل سيذهب للمسجد أم لا و هل سيواظب أم لا. المراقبة تمكن المراقب  من ملاحظة السلوك الجيد و السلوك   السلبي. ثم تاتي المرحلة الثالثة و هي التوجيه  . التوجيه يشمل نقطتين الأولى التقويم و التعديل للسلوك الخاطئ و الثانية تنمية و ارتقاء بالسلوك الحسن  . التنمية و الارتقاء بالسلوك الحسن يتم عن طريق التحفيز .  هكذا نكون قد وصلنا الدائرة : التحفيز يعقبه رقابة و ملاحظة و الرقابة و الملاحظة تعقبها التوجيه و التوجيه يعقبه التحفيز و هكذا ...
ومجموع هذه العمليات الثلاثة ما نسميهم متابعة
هذه المراحل نحتاجها في تربية الأبناء أو في التعامل مع أخت في المسجد أو المدير مع الموظفين أو المعلم مع التلاميذ
أ‌.    التحفيز
التحفيز هو إيجاد الرغبة في العمل أو الدافع إلى العمل .
من الناحية الشرعية يكون الدافع هو الثواب الأخروي. الدافع و الرغبة تختلف حسب سن المدعو و ظروفه فهي تختلف بين طالب في إعدادي و ثانوي و طالب في الجامعة , بين أخت لم تتزوج بعد و أخت متزوجة , تختلف مع أولاد الأخت المتزوجة . إذا التحفيز يختلف حسب الشخصية التي سنحفزها و باختلاف الهدف نفسه و باختلاف الشخصية نفسها و باختلاف الفئة العمرية لكن مع اختلاف طرق التحفيز , ما يجمعهم  هو إيجاد الدافع إلى العمل.
مثلا ولد صغير نريد أن نعوده على الصلاة نقول له صلِّ حتى يحبك أبوك و أمك , ولد في إعدادي لا ينفع معه مثل هذا الكلام بل يجب أن نرسخ فيه معنى أن الصلاة سبب في محبة الله له و حتى يكون شخصا سويا و حتى تأخذ حسنات ., لو في ثانوي سنتكلم معه عن الثواب و العقاب حتى يخاف من النار و حتى يكون طالبا و مريدا للجنة , إذا الحافز نفسه سيختلف.
قاعدة: أنت تحكم على أي عمل بالفشل إذا كلفت أحدا بالعمل دون تحفيز .
يعني لو كلفنا شخصا ما بعمل دون تحفيز فنحن نحكم على هذا العمل مقدما بالفشل.
هذه القاعدة تفسر سبب  فشل الكثير من الآباء في تربية أبناءهم .
مثلا يقول لابنه " اذهب للصلاة " و هو متخيل أن القضية كلها تتلخص في أمر ابنه بالصلاة  , تركه إلى حد سن عشر سنوات و لم يأمره بالصلاة, لما بلغ العشر سنوات بدا يأمره بالصلاة , لم يحببه و لو لمرة في الصلاة و لم يبين له أهميتها و لم يغير تعامله  مع ابنه عندما صلى  , إذا لم يصلي؟
فالتربية بالأوامر تربية فاشلة جدا.  المربي يستغل سلطانه في تحقيق الفعل عند المتربي و بالتالي  بمجرد ضعف هذا السلطان أو بمجرد أن يجد المتربي طريقة في التخلص من هذا السلطان  سيتخلص منه فورا.
مثلا الفتاة عندما تكون صغيرة نلبسها مختلف أنواع الثياب و عندما تكبر  نجبرها على لبس الحجاب, الطبيعي أنها ترفض لأنها لم تتعود عليها   و لم  نحفزها لارتدائه.
الصحيح أنها و هي صغيرة نرسخ عندها في عقلها الباطن حب الحجاب مثلا عندما يكون هناك حفلة مهمة لها نخبرها بأنها ستلبس أحسن الثياب و نلبسها الحجاب 
 و عندما نعطيها جائزة تكون حجابا فهي بهذه الطريقة تتربى على حب الحجاب  فالتحفيز تحقق  وتكبر وهي تحب الحجاب .
مثال بالنسبة للأعمال الدعوية :
أخت تتابع بنات في ثانوي  , واحدة من البنات مشكلتها أنها ترفع صوتها على أمها. لحل هذه المشكلة علينا أولا بالتحفيز . هناك بنات من يغلب عندها الخوف من النار  فنخبرها أن ما تفعله هو سبب في دخولها النار و العياذ بالله  و انه سبب في ضياع حسناتها و في نفس الوقت نخبرها أنها إن خفضت صوتها مع أمها فهذا سبب في كسب الحسنات و دخولها الجنة  وأن الله يرضى عنها و بأن والدتها ستحبها و كذلك الأخوات . أيضا من المهم في التعامل مع مثل هذه المشكلة هو فهم سبب المشكلة , قد يكون السبب طريقة الكبت التي تعامل بها الأم ابنتها . عندما نحفز هذه البنت نبدأ في التطبيق فنتفق معها بأنها بداية من الآن لن ترفع صوتها أبدا , في هذه المرحلة نكون قد تخطينا مرحلة التحفيز إلى الاتفاق على العمل و لا نأمرها بخفض الصوت , فان كان الوالدان لمها سلطانا على البنت فالأخت التي في المسجد ليس لها سلطان على الأخت التي تربيها .
ب‌.    المراقبة:
بعد التحفيز تأتي المراقبة . نعطي للمتربي مساحة من الحرية و نتركه يعمل سواء كان ما يقوم به ايجابيا أو سلبيا لكن لا نعطيه هذه المساحة و نغفل عنه كالذي يأمر ابنه بالصلاة و لا يدري هل صلى أم لا أو الذي يأمر ابنه بحفظ القران و لا يعرف هل حفظ أم لم يحفظ . في هذه المرحلة نتركه يعمل و نراقب كيف سيتصرف .
المراقبة تتمثل في مراقبة عمل المتربي و تقييمه و تشجيع الجزء الايجابي فيه و تصليح ما اعوج منه .
ت‌.       التوجيه
مستحيل لو حفزنا بطريقة صحيحة و راقبنا بطريقة صحيحة  أن تكون نسبة السلبيات
التي يقوم بها المتربي مائة في المائة . لابد أن تصدر منه تصرفات فيها ايجابية و أخرى فيها سلبية . فدوري كمربي هو ان  أنمّي الايجابي و أرقّيه . هو مثلا لم يكن يخفض صوته أبدا بل كان دائما يخاطب والدته بصوت عال  مثلا أن كان يكلمها عشر مرات في اليوم فكلها تكون بصوت عال , الآن بعد التحفيز بدا يتكلم معها خمس مرات بصوت عال و خمس مرات بصوت منخفض , إن قال له المربي أنت لم تحرز أي تقدم فهذه تكون ضربة قاضية له  و بهذه الطريقة حطم  كل الجهد الذي قام به المتربي. إنما التوجيه أن يقول له ما قمت به ممتاز و أنت تتقدم و قد قطعت شوطا لا باس به  و انتقلت من صفر بالمائة إلى خمسين بالمائة و نريدها الآن مائة بالمائة  و هكذا يحفزه مرة أخرى ثم يترك له مساحة من الحرية ثانية مع المراقبة  و ينبه بطرف خفي – حسب الشخصية – بأنه يحتاج إلى التقليل من التصرف السلبي .
المتابعة تحتاج إلى التدقيق في التصرفات هذا لا يعني أن يكون الحساب دقيقا إنما نعني بذلك هو إدراك تصرفات المتربي  فالتصرف الايجابي و إن كان قليلا هو ايجابي و يُحمد عليه .
مثلا طفل استعد جيدا للامتحان ثم لم يحرز درجة كاملة مثلا تسعة من عشرة و كانت رتبته الرابعة فعندما يرى والده النتيجة يقول له لم ليست عشرة من عشرة ؟ و لم تفوق عليك فلان؟  ... بهذا الكلام يكون الوالد قد انب الطفل  و لم يوجهه و نبه على عشرة في المائة من السلوك السلبي و أهدر تسعين في المائة من السلوك الجيد  . بل على الوالد أن يشكره على السلوك الجيد  ثم ينبهه على السلوك السيء  فضلا انه قد يكون من المناسب أن لا يلتفت أساسا إلى القدر الضئيل إلى السلوك السيئ لأن قدره ضئيل جدا و لأن المتربي بذل مجهودا في تحصيل السلوك الجيد ويختلف من بذل جهدا عن من لم يبذل  .
مثلا أخت في المسجد بدأت تتابع مع أخوات و تلزمهن بسماع أو حضور دروس  أو سماع أشرطة . من الخطأ أن تقول لهن : بداية من الغد ستحضرن كذا و كذا و الحضور واجب و من تتغيب ستعذَّر أو ما شابه , الخطأ هنا أن هذا الكلام يفتقد للتحفيز . لكن إن بدأت الكلام بذكر فضل مجالس العلم و فضل طلب العلم  كان تقول : " إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع" و إن شاء الله سيكون هناك درس و نرجو أن  نتعلم خلاله علم ينفعنا و هذه فرصة طيبة للأخوات لأنه من أبواب الخير و الأجر " فالطريقة اختلفت و لا شك إن اختلافها سيكون سببا في اختلاف ردود الأفعال ففي الطريقة الثانية كان هناك تحفيز : ذُكر فضل  العمل و أهميته و مبررات الطلب
لا أحد يقدم على عمل بدون دافع , فمع فقدان الدافع لا يوجد سبب لإقدامه على العمل. فالإحباط هو فقدان الدوافع على العمل . الدوافع قد تكون داخلية و قد يكون الإنسان يحفز بأقل درجة من التحفيز فمجرد ما يعرف العمل يدرك أهميته فيُحفَّز لكن المهم هو مجرد الدافع حتى يحفّز و يعمل .
2)   أنواع المتابعة
المتابعة ثلاثة أنواع و هي المتابعة اللصيقة و متابعة بالأهداف و متابعة بالأوامر  لكن في الحقيقة المتابعة نوعان متابعة لصيقة و متابعة بالأهداف
أ‌.    المتابعة بالأوامر:
هي اختزال عمليات المتابعة في الأوامر يعني التحفيز و المراقبة و التوجيه تكون بالأوامر و نذكر هذا النوع حتى ننبه أنها طريقة خاطئة  و لا تصلح إلا في حدود ضيقة جدا و تكون من الأب و الأم مع الأولاد , لكن لا تصلح من مربي في مسجد أو في أي عمل دعوي لأن الأب و الأم لهما من السلطان ما ليس للمربي في المسجد وفي العمل الدعوي. هذه المتابعة لسهولتها غالبا ما يقع فيها الكثيرون خلال تربية الأبناء  و في بعض الأحيان, بشكل أو بآخر, في المسجد مع الأطفال الصغار و هذه الطريقة ذكرناها للتنبيه منها لا لاعتمادها.
ب‌.     المتابعة اللصيقة :
المتابعة اللصيقة تعني أن المربي يضع المتربي  ليس تحت الملاحظة فقط بل تحت الرقابة الشديدة و مشاطرته في كل الأعمال .
مثال:
الأخ المتابع لأولاد إعدادي في المسجد , يحفزهم على صلاة الجماعة في المسجد , حضور الجنازة و يعطيهم جدول للأعمال التي يقومون بها , ثم يقوم الأولاد باعطاءه الجدول بصفة دورية حتى يتابع تقدمهم , في هذه الحالة هناك متابعة لصيقة و يومية من الأخ بهؤلاء الأولاد و يسألهم عما فعلوه كل يوم . و قد يوقف المربي حياته تماما لمراقبة المدعو خصوصا لو خاف عليه من الانتكاس ففي هذه الحالة يتابعه و يشجعه و يثبته  و قد يرى الأخ ضرورة ملء وقت فراغ المدعو فيكون ملاصقا له طول الوقت و لا يغفل عنه مطلقا حتى يحافظ عليه ففي هذه المرحلة مهمة جدا للمدعو , و هذا خطأ لان للمتابعة اللصيقة عدة سلبيات منها انه من الممكن أن يتعلق الداعي بالمدعو خصوصا إن كان المدعو فيه نجابة  و حسن السمت و الخلق , طبعا المفروض أن يتعلق المدعو بالداعي, لكن قد يحدث العكس دون أن ينتبه الداعي لذلك  فيعرف المدعو كل شيء عن الداعي و العكس و بالتالي يزول الفرق بين المتابِع و المتابَع و هذا خطأ كبير .
هذه المتابعة اللصيقة لا تنفع إلا في حالتين فقط
·       الأولى  في حالة حل المشكلات الخاصة بتغيير الطباع:  من أصعب الأشياء التي يمكن تغييرها هي الطباع فمن الممكن تغيير القناعات أو العادات أو غير ذلك اما الطباع فمن الصعب تغييرها . يقول علماء النفس إن طبع بسيط جدا يحتاج إلى متابعة يومية متواصلة و دقيقة طيلة ثلاثة أسابيع  على الطبع الجديد حتى يتغير من طبع قديم إلى طبع جديد. الطباع القديمة تشد المرء كالجاذبية الأرضية تماما . إن غفل المرء عن الطباع القديمة تعود مرة أخرى فمثلا لو واحد طباعه حادة حتى نغيرها هو محتاج لمتابعة لصيقة لتغيير هذا الطبع و تكون متابعة يومية.
·       الثانية : قد نتسامح في بداية التزام الأخ أو الأخت في  وجود قدر من المتابعة اللصيقة  لكن لا تكون متابعة لصيقة بالكامل و تكون لفترة وجيزة خصوصا لمن حياته بعد الالتزام طرا عليها تغير كبير  كمن نشأت في بيئة بعيدة جدا عن الالتزام و تربت على كل معاني الفساد و الإفساد و العياذ بالله فهذه فعلا تحتاج إلى فترة حضانة أي أن تحتضنها الأخت المربية  مع الانتباه الشديد بضرورة الخروج من هذه المرحلة بسرعة  فقد يحدث تعلق من الداعي للمدعو خصوصا في حالة نجابة هذا الأخير مما قد يجعل المدعو – أحيانا – يشعر بالضجر و بالتالي النكوص و الانتكاس  و قد تحصل غيرة من الذي يُتابِع  كان يكون قد بذل جهدا كبيرا مع المدعو ثم ارتقى هذا المدعو  و أصبح متميزا فعلا – و كم من تلميذ غلب استاذه-  فقد يغار الداعي أن ذهب المدعو إلى غيره و جلس معهم و خالطهم , هذه المسالة قد نبررها بمبررات شرعية في الظاهر لكنها في حقيقة الأمر تعكس غيرة الداعي من أن ينصرف المدعو عنه إلى غيره . لذا نؤكد أن المتابعة اللصيقة إن كانت ضرورية في بداية التزام الأخت أن تكون لفترة وجيزة
الفترة التي جعل الله فيها الفترة اللصيقة لازمة للإنسان هي متابعة الطفل الرضيع  فالطفل الرضيع يحتاج إلى هذا النوع من المتابعة إلى أن يكبر و يبدأ في المشي. فالمتابعة اللصيقة تقتضي أن يتم كل عمل صغر أو كبر تحت إشراف و مراقبة المربي كما نتعامل مع الرضيع تماما
ننصح بقراءة كتاب " دور المربي في الدعوة الفردية " للدكتور هشام عقدة  مهم جدًا في بيان آفات المتابعة
ت‌.    المتابعة بالأهداف
هذا النوع من المتابعة يعني أن صورة المتابعة تتغير بتغير الهدف المطلوب في كل مرحلة من مراحل المتابعة .
الشخصية التي سنلتزم بها ستمر بمراحل و حسب هذه المراحل سيتغير الهدف المطلوب و على حسب الهدف  ستتغير طريقة المتابعة .
3)        تصور نظري لمراحل البناء
(ربط الدعوة الفردية بالبناء بالمتابعة )
1)   البدء في العبادات الواجبة مع مراعاة أن الواجب واجب و المستحب مستحب
2)    ترسيخ معاني و قضايا الالتزام
3)    البدء في حفظ القران و تجويده
4)   مع حفظ القران و تجويده نبدأ بالأعمال التربوية  , يعني كفصل نظري البدء بالجانب التربوي قبل الجانب العلمي فتبدأ بسماع أشرطة وعظ و تبدأ في قراءة الكتب لتثبيت معاني الالتزام و ذلك مع مراعاة ما تحبه كل شخصية  فهناك من تميل إلى السماع و أخرى للقراءة و هناك من تفضل الجمع بين الاثنين فكل شخصية نعطيها ما يناسبها , هناك شخصية  تحب الكتب الفكرية وهناك من تحب القصص وهناك من تحب الكتب الوعظية.
5)   وضع الإطار  النظري لبناء الشخصية عند المدعو  يعني نُفهم المدعو انه حتى يكون شخصية متكاملة يحتاج إلى أن يتعلم   فماذا ستتعلم؟... و  يحتاج أن يعمل   فماذا سيعمل؟... و يحتاج أن يدعو فكيف سيدعو ؟... إن لم يكن المربي مدرك لجوانب تكامل الشخصية فلن يستطيع إن يوصل هذه القضية إلى المتربي .
6)   وضع برنامج للمتربي يشمل التعلم و العمل التربوي و العمل الدعوي بما يتناسب مع ظروف المدعو و مستوى التزامه و الأعمال المطلوبة منه , مع مراعاة التدرج في البرنامج  متكون من مراحل و كل مرحلة  نحددها تبدأ بالتحفيز ثم  نتركه يعمل و نراقبه و نقيم عمله و بعد المراقبة  نوجهه فننمي السلوك الايجابي و  نصلح السلوك السلبي
مثال :
في الجامعة بنت التزمت لبست الحجاب  و تركت الكلام مع الأولاد والوقوف مع البنات الغير الملتزمات , تسكن قرب مسجد فتذهب للصلاة فيه و هناك قابلت الأخت المتابعة و تعرفت على الأخوات في  حصص القران في المسجد ماذا نفعل مع هذه الأخت؟
بلا شك إن في اللقاءات المتكررة هناك قضايا نناقشها تخص الالتزام والغربة والبلاء و الصبر و الفتن , كل هذه القضايا يجب أن تكون أثيرت في هذه الفترة . بدأت في المسجد تحضر قرآن  إذا هذه الأخت أصبح عندها لقاء معها سواء بمفردها أو مع عدد من الأخوات . خلال هذه اللقاءات تبدأ في بناء التصورات و القناعات المتكاملة فتبدأ في تعليمها الصلاة و القران , كيفية التعامل في مواقف مختلفة مع الآخرين, كيفية التعامل مع الوالدين أو مع أصحابها القدامى... كل هذا خلال هذا اللقاء مع تكليفها ببعض الأعمال , ثم نضع برنامجا للأخت , مثلا في الصيف تتعلم فقه و توحيد فممكن تواظب على دروس في المسجد أو على دروس على النت , في حالة عدم وجود الدروس أساسا , نعطيها شرائط فقه و توحيد لتسمعها و تقرا مثلا في الجانب التربوي كتاب " البحر الرائق" للشيخ " احمد فريد"  و كتاب " صور من حياة الصحابة و صور من حياة التابعين" و "صور من حياة التابعيات" . إذا نضع برنامجا  لتقرا هذه الكتب و تسمع الدروس. قدرات الأخت  يتم تقييمها و وفقا لقدراتها نحدد لها الواجب اليوم . و بالتالي مع نهاية الصيف تكون قرأت كذا كتاب و سمعت كذا شريط و واظبت على اثنتي عشرة ركعة رواتب و خمس ركعات وتر. و هذا هو هدف هذه المرحلة. الأخت المربية قد تكتشف بعض الطباع كان تكون سريعة الغضب قليلا فتتكلم معها على ضرورة تغيير هذا الخلق  و تعمل المربية على غرس عدد من المعاني خلال نفس هذه الفترة. قد تتعرض الأخت إلى مشاكل متعددة فتساعدها المربية في حلها و قد لا تعترضها أية مشكلة و تلقى قبولا عند الأخوات  ففي هذه الحالة يجب التنبيه بعدم العجلة  و إن ظهرت منها نجابة و سرعة تحصيل لأن الشخصية تحتاج إلى وقت حتى تُفهم فهما صحيحا فلابد من الصبر فترة وعدم تكليفه بأعمال دعوية كثيرة في هذه الفترة حتى تستقر الشخصية ويتبين أن هذا ليس وقت عارض ولكن حال مستمر لهذه الشخصية  .
عند ظهور نجابة من بعض الأشخاص المدعوين  يجب الحذر من أربع أشياء هامة  :
أولا : المتابعة اللصيقة
 ثانيا التعلق بالمدعو  وخاصة إذا كان هناك تقارب في السن بين المربي والمدعو والمدعو  يخطو خطوات جيدة  وتجلس معها باستمرار وتنسى أنها في الأصل تجلس معها لتغير بعض الصفات فيها وتضيع المتابعة
ثالثا: النيابة عن المدعو في أداء بعض الأدوار مثلا تشكو من عدم قدرتها على سماع الأشرطة فتقول الداعية  لها نسمع مع بعض أو  لخصي وأنا أضع لكِ عناوين وأسئلة تذاكري عليها  ونحفظ قرآن مع بعض
 رابعا : احذر  استعمال المدعو في هذه المرحلة  في أمور شخصية خصوصا لو كان في إعدادي  أو ثانوي لان ذلك يسبب مشاكل تربوية كثيرة عند المدعو فأنا ما زلت  لا اعرفه ولا اعلم طبيعته ولم نتقارب القرب الذي يجعلنا أسرة واحدة  لأني سأوجد تساؤلات ليست لها إجابات عنده  , لابد أن يكون  الداعي منتبه تماما أثناء تعامله معه أن هذا مدعو  وأنا داعي وليس معنى ذلك أن يتسلط عليه أو يكون رقيب عليه أو يعامله من علو ولكن يكون مدرك تماما لأهمية الدور الذي يقوم به وأن هذا الدور يلزم منه أن بعض المباحات التي تكون بين أي اثنين  لن يقدر فعلها معه  .
7)   المتابعة بالمشاركة (جزء من المتابعة بالأهداف )
بعد أن التزمت الأخت  بالبرنامج  ننتقل معها إلى مرحلة جديدة من المتابعة و هي المتابعة بالمشاركة. قبل هذه المرحلة كان المتابع يقوم بكل شيء هو من يقرر  و هو من يضع التصورات و يدرس الظروف و الشخصية و يضع البرنامج ثم يعطيه للمتربي الذي يقتصر دوره على التنفيذ. هذه المرحلة لا يجب أن تطول ما دام المتلقي يترقى في التزامه  , فنبدأ في مرحلة  المتابعة بالمشاركة .
البرنامج الذي كان يضعه الداعي هو في حقيقة الأمر إدارة لحياة المدعو . هذه المرحلة تتمثل في محاولة إسناد إدارة حياة المدعو إليه تدريجيا. يطلب الداعي من المدعو وضع البرنامج ثم يقيم الداعي هذا البرنامج و ويوجهه و ينصحه, يشرح الداعي للمدعو كيفية وضع البرنامج من تحديد للأهداف و اختيار طرق التنفيذ. ووفقا لما حصّله من علم يختار المواد التي يركز عليها أكثر من غيرها بالتالي يتعلم المتربي المحاسبة, يبدأ يحاسب نفسه و على حسب تقييمه لذاته يضع برنامجه و يحدد الخطوات التي يجب عليه اتخاذها.
إذا ينتقل الداعي من دائرة التحفيز و الرقابة و التوجيه إلى نقل التحفيز إلى المدعو أي انه لم يعد إلى تحفيز الداعي له حتى يعمل و بالتالي اقتصر دور الداعي إلى المراقبة و التوجيه فقط و هذه المسالة – مسالة نقل التحفيز أو التحفيز الذاتي- تسمى عند علماء التربية الذاتية . ننصح بقراءة بحث بعنوان  " الذاتية " على موقع " صيد الفوائد".
8)   بعد نقل عملية التحفيز للمدعو , يبدأ المربي في أن يقلل من عملية المراقبة تدريجيا  و عملية التوجيه تتحول من توجيه مباشر إلى توجيه غير مباشر و من التوجيه في عدد كبير من القضايا إلى عدد محدود منها إلى أن يقتصر دوره على التدخل في وقت الأزمات فقط مع إلغاء الرقابة تماما والتوجيه يكون قاصر على الأزمات.
بعد هذه المرحلة يصبح المتربي مربي لنفسه أولا و لغيره ثانيا...
 مثال عملي كلنا نعيشه: الطفل من الولادة إلى الزواج
الطفل الرضيع في فترة الرضاعة تكون متابعته متابعة لصيقة جدا.
 خلال سنته الأولى من الصعب أن تترك الأم ابنها و لو للحظة ثم تدريجيا تتركه على الأرض مثلا و تبتعد عنه قليلا  ثم تعلمه المشي.
بعد ثلاث سنوات , ممكن تترك فترة أطول.
بعد أربع سنوات يبدأ الطفل في اللعب في البيت لكن تمنعه الأم من اللعب في الشرفة  مثلا  وهي المسئولة عن كل ما يخصه من أكل و شرب و غير ذلك
ثم يبدأ يخرج إلى الشارع و يخالط الناس و لدى عودته تقيم الأم ما تعلمه الابن خارج البيت و توجهه . تدريجيا تقل هذه الأوامر و يبدأ الطفل في الذهاب إلى المدرسة  ومثلا في سنة الأولى  يبكى مثلا في بدايتها  تختلف عن السنة الثانية وما بعدها .
في إعدادي يبدأ يتكون عند الطفل شيء من الاستقلالية و نراقبه و نوجهه و نراقب دراسته.
في ثانوي يستقل أكثر و يكون مسئول على دراسته و شراء ثيابه و اختياراته.
في الجامعة, يسافر إلى بلد أخرى و هناك يعيش حياته بالكامل لمفرده. من الممكن أن يعتمد على والديه في مصروفه  و ممكن يعمل و لا يحتاج إليهم في هذه النقطة فاعتماده عليهم في هذه المرحلة قلّ و استقلاله عنهم زاد.
عندما يبدأ في العمل يستقل بالدخل ثم يتزوج و يقتصر عندها دور الأب على التدخل وقت الأزمات فقط و من الممكن أن يقتصر دوره على الدعم النفسي فقط, ثم يصبح أبا مسئولا كوالده.
و بالتالي انتقلنا بكل مراحل المتابعة من متابعة لصيقة تقل تدريجيا إلى المتابعة عن طريق الأهداف بإدارة حياة المدعو كلها إلى إدارة الحياة بالمشاركة إلى الاستقلال إلى التدخل في وقت الأزمات .
هذا تلخيص سريع لقضية المتابعة ويجدر الإشارة إلى انه هناك قضايا تحتاج إلى دراسة مستقلة ككيفية تصحيح الأخطاء وكيفية حل المشكلات  وأساليب التوجيه و أساليب التنمية و الارتقاء و أساليب التعامل مع المراهقين و المراهقات إلى غير ذلك كل واحد من هذه المواضيع قضية تحتاج دراسة مستقلة  .
هناك ثلاثة وسائل لمعرفة هذه المسائل:
1)   قراءة الكتب التي تعتني بمثل هذه الأمور, هناك كتب تهتم بعلم النفس الدعوي و علم النفس التربوي و كتب التربية. من أشهر هذه الكتب كتاب" الموسوعة العملية للطفل المسلم" لهداية الله احمد شاش كتاب مهم في وضع الأسس العملية و كتاب " مسؤولية الأب المسلم" كتاب مهم في وضع الأطر النظرية و كتاب" منهج التربية النبوية " لمحمد نور سويد.
2)   الاستفادة من المواقف التي يمر بها المربي مع نفسه و المواقف التي حصلت للمربي مع غيره .
3)   السؤال المباشر لمن لديه خبرة  ,يستشيرهم المربي و يطلب منهم النصح ربما وجد عندهم فوائد قيمة قد لا توجد في الكتب
تلخيص
الشخصية المسلمة لها ثلاثة جوانب
وهي جانب علمي و جانب تربوي و جانب دعوي. هذه الجوانب الثلاث تمثل الشخصية المسلمة المتوازنة و هذه الجوانب الثلاث مجموعة في سورة العصر.
المرحلة الرابعة من مراحل الدعوة الفردية البناء  
و حلقة الوصل بين الدعوة الفردية و المتابعة هي الخطوات الثلاث التي تتمثل في
1)   بداية الالتزام بالطاعات الواجبة
2)   و إيصال معاني و قضايا الالتزام
3)   و قراءة القران و حفظه .
المتابعة الدعوية مرادفة للتربية .
التربية لها ثلاث أركان :المربي و المتربي و المتابعة.
المربي ( بحث صفات المربي لأحمد فهمي نشر في مجلة البيان شرحه الشيخ مصطفي دياب في دروس صوتية )
صفات المربي تشمل (مقومات بدء ومقومات استمرار ومقومات اتقان)
المتربي لابد من التعرف على شخصيته ونوعها (نستفيد من كتب التنمية البشرية مع الحذر من الإنجراف وراء كل ما قيل في هذه الكتب مع الاستفادة منها في فهم الشخصيات )
وعامل الخبرة يمثل قدرا لا بأس به من التواصل الفعال مع هذه الشخصيات
المتابعة تشمل ثلاثة أركان وهي التحفيز و المراقبة أو الملاحظة و التوجيه .
التوجيه يشمل التقويم و التعديل (للسلوك الخاطئ) و يشمل التنمية و الارتقاء(للسلوك الحسن ).
أنواع المتابعة : المتابعة اللصيقة و هذه لا تكون نافعة إلا
 في حل المشكلات الخاصة بتغيير الطباع
و في بداية الالتزام لفترة وجيزة  
و النوع الثاني المتابعة بالأوامر نذكرها لنبين خطؤها و هذه لا تصلح إلا في حدود ضيقة جدا ومع الوالدين فقط أما المربي في المسجد فلا يصلح هذا الأمر معه  
و النوع الثالث المتابعة بالأهداف و تتمثل في تغير طرق المتابعة بتغير أهداف كل مرحلة .فالمتابعة عبارة عن قبضة محيطة بالمدعو, هذه القبضة تبدأ تخف تدريجيا إلى أن تتلاشى تماما.
تصور نظري للمراحل التى يمر بها في مرحلة البناء  (ذكرت أعلاه.. )
ثم اكسر الحاجز المحيط بهذه الشخصية وانتقل إلى مرحلة
المتابعة بالمشاركة هي محاولة  إسناد إدارة حياة المدعو إليه تدريجيا.
مع توضيح أهداف ما يفعل وإعطاؤه الفرصة ليرتب بنفسه مع عرض ذلك على المربي
دور المربي في هذه المرحلة
وضع أهداف
توضيح آلية التنفيذ
الملاحظة
ويصبح التحفيز ذاتي  واسمها الذاتية
وهناك بحث الذاتية على صيد الفوائد مفيد
ثم بعد ذلك
التوجيه والملاحظة  يقوم بها المدعو نفسه
وفي هذه المرحلة يستطيع أن يبني نفسه ويربى غيره ويصبح المدعو عامل لله عز وجل
والمربي هنا دوره التدخل وقت الأزمات فقط
تمت المحاضرة
اللهم أهدنا وأهد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق