>

الثلاثاء، 14 يونيو 2011

تابع : مظاهر سوء الخلق : المظهر 22 و23و24 (البخل - المن بالعطية - اخلاف الوعد )

تفريغ درس الجمعة 3/6
بسم الله الرحمن الرحيم
الآن سنكمل مظاهر سوء الخلق:
تكلمنا المرة السابقة عن مسألة الحياء وأمر الحياء يحتاج إلى مرات لكن إن شاء الله سنرجع لها مرة أخري في موضوع مستقل مرة أخرى بإذن الله
22- البخل:

فالبخل من مساوئ الأخلاق، ومن المخلات بالدين والمروءة، وهو مما يجلب الشقاء لصاحبه في الدنيا والآخرة.


والبخيل بعيد من الله، بعيد من خلق الله، بعيد من الجنة، قريب من النار.
والبخيل ضيق الصدر، صغير النفس، قليل الفرح، كثير الهم والغم، لا يكاد يقضى له حاجة، ولا يعان على مطلوب
والبخيل بعيد عن الله لأنه لا يرضي بما فيه ولا يرضي بما في أيدي الناس فحتى  انه هذه الآيات والأحاديث التي تتحدث عن الصدقة وعن الإنفاق كأنه لا يسمعها ولا يقرأها وكثير من الناس وأيضا من النساء تجدها إذا قيل لها مثلا الدعوة تحتاج كذا أو المسجد أو فقير من الفقراء تجد أن في نفسها شيء يمنعها من البذل يمنعها من التضحية وهذا بلا شك أثر من آثار البخل هذا ليس معني أن من يفعل ذلك بخيلا لا ولكنه أثر من آثار البخل
البخيل ضيق الصدر صغير النفس لماذا صغير النفس؟ يعني لو أن هناك أختا ما قررت أن تزورك اليوم فأنت قبل مجيئها كبعض الناس ينعى هما ماذا سأقدم لها هل أقدم لها الفاكهة أم أقدم لها الحلوى أم أقدم لها عصيراً طازجاً أم أقدم لها مشروباً جاهزاً فتحتار الأخت في أي شيء تقدم أم أقدم هذه الأشياء كلها هذه التي تحتار في ذلك لا شك أنها بعيدة كل البعد عن البخل لأنها تحتار من كرمها وتريد أن تقدم لأختها أفضل ما عندها فهذا بلا شك من الكرم وليس البخل ولكن تخيلي لو أنكِ عندكِ داء البخل وداء البخل ليس له علاقة بالفقر والغني وقررت أخت أن تزوركِ فتلتمس الأخت لها عدة معاذير لأنها لا تريد أن تأتي إلى بيتها لأنها ستقدم لها شيء وهذا الشيء نحن لسنا معنا مال كثير وهذا يؤثر على ميزانية البيت وتفكر في هذا الأمر تفكيراً كبيراً فهذا يجعل النفس نفس صغيرة تفكر في الشيء اليسير في الشيء الهين
في نفس الوقت البخيل قليل الفرح نتيجة للأشياء التي  يُطالب بها أن يعطى شيءً ليس فقط مالاً فقط ممكن وقتاً جهداً أن يُشارك في شيء ما ومن ثم أن يدفع مالاً أو أن يُشارك بشيء من بيته كطعام أو شراب أو غير ذلك فنجده أيضاً قليل الفرح لأنه لا يستطيع أن يجلس مع أحد وهو مرتاح وهو فرحان أيضا نجده كثير الهم والغم لما؟. لأنه يُفكر فيما يُطلب منه فمثلا الأخت ممكن تهتم أو تغتم بسبب طلب ابنها أو بنتها أو أمها أو أختها أو أبيها وتظل تفكر كيف تدفع لهم هذا المال أو كيف تساعدهم وهم حالتهم ليست على المستوى المطلوب و و إلى آخره فهذا أيضا يجعل الإنسان كثير الهم والغم وكما قال المؤلف لا يكاد يُقضي له حاجة ولا يُعان على مطلوب فتجد من الناس من يبخل بفضل ماله حتى ليس بماله فقط بل بفضل ماله فطبعاً إذا ذكرنا أمام هؤلاء موقف أبو بكر الصديق وعمر في التنافس على من يدفع مالاً صدقة يُعطيه للنبي صلى الله عليه وسلم سيجد أزمة كبيرة في صدره لماذا؟. لأنه لا يتخيل بأي حال من الأحوال أن يفعل أُناس مثل ما فعل أبو بكر وعمر ولو فعل أُناس في هذا العصر قليلاً من ذلك أو حتى دفعوا مالاً ما لأي شيء ما يتعامل معهم كأنهم سفهاء وكأنهم لا يفهمون شيءً وكأنهم لا يفهمون الدنيا ولا يفهمون خطر الدنيا ولا يدرى هذا المسكين أنه هو الذي لا يعلم شيءً عن الدنيا ولا عن الآخرة
من الناس من يبخل بجاهه : فمثلاً من الممكن أن أذهب لشخص صاحب جاه فمثلاً أخت تعرف أن أخت كبيرة في المسجد أو ممكن تكون طبيبة أو زوجة أخ شهير أو شيخ كبير وتطلب منها مثلاً أنها لو كلمت أخت أخرى عن شيء ما فممكن تعطيه لها أو مثلاً عليها دين لأخرى فتستسمحها أن تؤجله لمدة شهر وهذه الأخت ممكن بمجرد تليفون لو أنها كلمت الأخت صاحبة المال وقالت لها أن الأخت الفلانيه  لا تستطيع أن تدفع المال الآن فمن فضلك أن تؤجلي لها الدفع لمدة شهر فبلا شك أن الأخت ستقول طالما أنتي تدخلتِ في الموضوع وهذا طلبكِ فأنا لا يسعني إلا أن أنفذ هذا الطلب فهذا اسمه الجاه والبخيل حتى لا يبذل هذا الجاه مع أنه ليس فيه إنفاق ليس فيه مال ولكن هو تعود على المنع فالإنسان الذي تعود على المنع يتعود على المنع في كل شيء .
ومن ضمن الذين يتعودون على المنع في كل شيء كما ذكرت قبل ذلك: لو أن هناك محلا يبيع ملابس الأطفال بسعر رخيص أو أن محلاً يبيع الطعام والشراب بسعر رخيص أو أن محلا للفاكهة يبيع الفاكهة بسعر أرخص من غيره فالبخيل لا يدل الناس على هذا المحل ولا يدل الناس على مثل هذه الأماكن وماذا يفعل؟ يشترى من هناك هو ويسكت ولا يدل الناس على هذا المكان كأنه لو دل الناس على هذا المكان كأن هذا المكان سيُخطف منه وما علم هذا المسكين أنه ما علم هذا المكان إلا بفضل من الله عز وجل وأن هذا المكان لا يبقي بهذا الرخص إلا بفضل من الله عز وجل ولن يُزال إلا بتقدير من الله سبحانه وتعالي فيُتعب نفسه هذا المسكين أو هذه المسكينة والنتيجة للأسف الشديد لا شيء فكثير من الناس من الممكن أن يشفع شفاعة حسنة لمستحقها ولكن يمتنع عن ذلك أيضاً من باب أنه يبخل بذلك
ومن الناس من يبخل بنصحه:وهذا أيضاً من البخل وسأعطيكم مثال نحن في هذه الغرفة نفترض أنه قد يصدر مثلا من بعض الأخوات بعض الكلمات ليست طيبه  أوتراها تتكلم أو تكتب بطريقة غير جيده ثم تسكت في نفسها ولا تنصحها فهذا أيضاً من البخل فإن الناصح الأمين هو الصديق الصدوق أما البخيل في النصح ليس صديقاً ولا صدوقاً لأن الإنسان يحتاج دائماً إلى من يُذكره ورحم الله امرأً أهدى إليّ عيوبي فكل إنسان يتمني أن يجد من ينصحه ولكن للأسف الشديد هناك من يتعالي عمن ينصحه وهناك من تبخل بالنصيحة عن أختها بل هناك من هو أبخل من ذلك لو أن هناك أختاً طلبت من أختها أن تنصحها لو أن أخت تكلمت معكِ وقالت يا أختي أنا أثق فيكِ وأعلم أنكِ على خير وأنتِ تعرفين عنى الكثير وأنا أنشدكِ بالله عز وجل أن تنصحيني لو أن هناك شيئاً تجديه علي وأنا قد لا أدري به ولا اعرفه من قلة خبرتي أو ما شابه ذلك فأطلب منكِ النصيحة فللأسف الشديد لا تنصحها بشيء وتبخل حتى بهذه النصيحة التي طُلبت منها فلا شك أن هذا الأمر صعب وممرض .
فننبه الأخوات أن مسألة البخل ليست في المال فقط وليست في الطعام والشراب فقط وليست في الإنفاق فقط ولكن البخيل منهم من يبخل بجاهه ومنهم من يبخل بفضل ماله ومنهم من يبخل بالنصيحة ومنهم من يبخل بأشياء كثيرة غير ذلك والبخل عموماً من مظاهر سوء الخلق ومن يعرف بخيلاً يدرى ذلك .
ففي بعض الأحيان مثلا الإنسان يسافر أو يجلس مع أحد في غرفة كما في الكلية أو غير ذلك فإذا كان معنا شخص بخيل فيكون الأمر في غاية الصعوبة لأنه لو أردنا أن نشترى شيئاً فهو لا يريد أن يشترك معنا لماذا؟ هذا الشيء لا يعجبه مع أنه في الحقيقة الموضوع لا يتعلق بالإعجاب وعدمه لكن يتعلق بأنه لا يريد أن يدفع مالاً وكل سيء بهذه الطريقة لا يريد أن يُساهم بأي شيء فيه نوع من المال وإذا أراد الأكل والشرب يريد أن يأكل أقل القليل فكان يُكثر من الفول والطعمية وهذه الأشياء أما يأكل أكلاً بخلاف ذلك فهذا يُحرمه على نفسه مع أنه في نهاية الأمر سواء أكل هذا أو ذاك فالأمر لا يكون كذلك فالنبي صلي الله عليه وسلم أكل الحلوى والعسل وأكل اللحم وأكل التمر والزيت والخل هذا وذاك وكل علي حسب حالته وكما ذكرت فالبخل من مساوئ الخلق .
والبخيل طبعا لا يكون له أصدقاء:فالصديق يريد من صديقه أن يتعود علي الأخذ والعطاء وهذا الشخص لا يُعطى يأخذ فقط فالأمر يحتاج إلي أن نتبه له.
وتسأل أخت عندما قلت أن الأخت تفكر في ماذا تقدم لأختها فهل هذا التفكير فيه تكلف؟ وأقول أن هذا التفكير ليس فيه نوع من التكلف لأن الأخت عندها كل هذه الأشياء في المنزل فعندها عصير وعندها فاكهة وغير ذلك وهي تفكر كيف تقدم أما التكلف أنه كلما جاء أحد تبعث الابن أو الزوج إلي السوق ليشترى كذا وكذا وهذا هو الذي فيه تكلف عندما يزداد عن حده أما مجرد التفكير فليس فيه تكلف .
23- من مظاهر سوء الخلق: وهذا المظهر موجود في كثير من الناس وهو:
           المنة في العطية ونحوها:.
فمن الناس من إذا أعطي عطاءً أو بذل نصيحةً أو أسدي معروفاً أتبعه بالمن والأذى والإدلال علي من أحسن إليه وذلك الصنيع خلق ساقط لا يليق بأولي الفضل ولا يحسن بأهل النبل لماذا؟
قال ـ تعالى ـ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة:14] .
وعن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم" قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثلاث مرات.
قال أبو ذر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟
قال: "المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب"رواه مسلم
معنى الحديث (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم قال: فقرأها رسول الله صلي الله عليه وسلم ثلاث مرات قال أبو ذر خابوا وخسروا قال أبو ذر من هم يا رسول الله الذين تكرر العقوبة عليهم ثلاث مرات قال المسبل(أي من كان ثيابه أطول من الكعبين بالنسبة للرجال) والمنان (وهو الذي يمن علي الناس بالأعطية ) والثالث المُنفق سلعته الحلف الكاذب (أي تكون السلعة رديئة وهو يحلف بالله أن السلعة جيدة فيشتريها الناس لأجل هذا الحلف فكأنه نفقها أي أنه جعلها قابلة للبيع والشراء بهذا الحلف
هؤلاء لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم فمنهم المنان . والإنسان المنان لماذا نقول أن خلقه خلق ساقط؟ لأن كما قلنا من قبل من الذي أنعم علي الإنسان بالأعطية؟ هو الله سبحانه وتعالي فالله سبحانه وتعالي أنعم عليا بعطاء فإذا أعطيت هذا العطاء أو جزء منه لأحد من الناس فكيف أنسب هذه المنة وهذه الأعطية لنفسي مع أن الله سبحانه وتعالي كما هو قادراً علي إعطائي إياها هو قادراً علي منعي إياها .
ثانياً: أن المنان يجرح شعور أخيه لأن الأخت لو مثلاً أعطت لأخت إدناء أو حذاء أو جونتي أو شنطه أو أي شيء من مثل هذه الأشياء وكانت تجلس معها مثلا في المسجد فكانت تقول مثلا ما رأيكم يا أخوات في هذا الإدناء فيقولون ما شاء الله إدناء جيد من أين أحضرته الأخت فتقول أنا من أعطيتها هذا الإدناء وهذه الأخت قد تُحرج منك
قال رجل لبنيه: "إذا اتخذتم عند رجل يدا فانسوها".
وقالوا: "المنة تهدم الصنيعة".
وقال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: "لا يتم المعروف إلا بثلاث، بتعجيله، وتصغيره، وستره؛ فإذا أعجله هنأه، وإذا صغره عظمه، وإذا ستره تممه".
 وهذا كلام جميل فالإنسان إذا أراد أن يُعطى لأحد معروفا يُعجل به والتعجيل بالمعروف هذا أمر في غاية الأهمية لماذا؟ حتى لا يأتي الشيطان ويقول لكِ لماذا وأنتِ تحتاجين ذلك وهذه العباءة هي أجمل ما عندكِ وهذا المال أنتِ تحتاجين لشيء تريدين أن تُعطي هدية لزوجك أو حماتك أو حماك ويسول الشيطان لكِ أن تتأخري عن فعل المعروف فمثلاً الأخوات سيعملون إفطاراً في المسجد ولا يريدون أن يُكلفوا إدارة المسجد فكل أخت تقوم بعمل شيء أخت تقوم بعمل صينية أرز وفرخه معها بعض الخضار وثانية تقوم بعمل السلطة وأخرى تحضر العيش المهم تم الاتفاق علي فعل هذا الخير وأنا أقوم بعمل هذا وجدت أنني من الممكن بدل أن أعمل فرخه واحده ممكن أن أعما اثنين فالشيطان يسول لي خلاص أنا سأعمل واحده مثلهم ماذا يجعلني أزود ولكن هذا خير وما نقص مال من صدقة ولكن الشيطان يسول لي أن أتأخر عن هذا الخير فنعجل به سريعا طالما أن هذا الخير فكرتي فيه اصنعيه فورا.
ثانيا: نصغره: لأنه في الحقيقة صغيرا لأن الذي منحنى ووهبني هذا الخير هو الله سبحانه وتعالي وهو سبحانه وتعالي هو الذي وفقني إليه فهذا محض منة من الله فإذا بالنسبة لي أنا ما فعلت شيئاً عظيماً فهذا كله بتوفيق الله عز وجل .
ثالثا : أن أستره: وكأنني لم أفعل شيئاً لماذا؟ لأن الستر أكثر في الإخلاص من العلن فالمنة أن الأخت تمن علي أختها بأنها أعطتها مثلا موبيل فكل ماتتكلم منه أو ترسل رسالة أمام الأخوات فتعلق وتقول مثلا براحتك افعلي ما تريدين هذا شكله هدية غالية أو أي كلام من الذي يُفهم منه أنكِ أنتِ التي أعطيتها هذا الموبيل وهكذا لو منحتيها أي شيء صغر أو كبر وتكلمت مع الناس عن هذا الأمر فهذا بلا شك خلق سيء .
فننبه الأخوات أن أي أخت تعطي هدية لأخرى وطبعا إعطاء الهدايا هذا من فضائل الأعمال فالنبي صلي الله عليه وسلم قال(تهادوا تحابوا) وهذا معناه أن الهدية تجلب المحبة والهدية ليست في قيمتها المادية الهدية في قيمتها المعنوية فمثلا لو أنني أعطاني أي شخص هدية فأول شيء يأتي علي بالي أن  هناك شخص يتذكرني ويهتم بإعطائي هدية وهذا بلا شك أمر معنوي في غاية الأهمية ممكن تكون هذه الهدية عبارة عن ورده أو قلم أو سواك أو أي شيء صغير لا يساوى شيئا من ناحية المال فالمقصود أن النبي صلي الله عليه وسلم قال تهادوا تحابوا فالهدية تؤدي إلي المحبة وبعد أن أخذ الهدية وأدت إلي المحبة المن بالهدية يؤدي إلي البغض والتباغض والتدابر إذا الأمر الذي كنت أفعله ليؤدي إلي المحبة انقلب علي عقبيه لماذا؟ لأننا لم نتعامل معه بكتاب الله ولا بسنة رسوله صلي الله عليه وسلم ولكن تعاملنا معه بخلاف كتاب الله وسنة النبي صلي الله عليه وسلم كما قال تعالي ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى) وكما قلت رسول الله صلي الله عليه وسلم قال (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم منهم المنان) فالمن مظهر سيء من مظاهر الأخلاق ونفترض أننا نعرف أخت تفعل هذا الأمر فورا لو كانت تحب الله عز وجل وتحب النبي صلي الله عليه وسلم وتريد أن تخرج من الدنيا علي خير فيجب عليها إذا نصحتها أي أخت وقالت لها أنا أري أن هذا الأمر قريب منكِ فانتبهي لذلك ولا نقول لا تهادي أو لا تعطي لأحد شيئا فهذا الكلام غير صحيح بل أعطى وفي نفس الوقت لا تتكلمي تعودي علي العطاء وعلي السكوت فالعطاء يكون بالأفعال غالبا أفضل العطاء يكون بالأفعال وتعودي علي الصمت فانسي هذا العطاء فالإنسان عندما ينسي هذا العطاء يكبر في قلبه معاني الإخلاص ويكبر في قلبه معاني الكرم فالكرم لا يحتاج أن يُشهر الإنسان ويقول أنا كريم فالكرم يظهر علي الإنسان حتى ولو لم يعطي شيئا قال الشاعر:
أفسدت بالمن ما أسديت من حسن ... ليس الكريم إذا أسدى بمنان.
ومع أن المنة وتعداد الأيادي ليس من صفات الكرام ـ إلا أن ذلك يحسن ويسوغ في حال المعاتبة والاعتذار.
قال ابن حزم ـ رحمه الله ـ: "حالان يحسن فيهما ما يقبح في غيرهما، وهم المعاتبة، والاعتذار، فإنه يحسن فيهما تعديد الأيادي، وذكر الإحسان، وذلك غاية القبح فيما عدا هاتين الحالتين".
. فمثلا أحيانا تكون الأخت لها فضل كبير على أخت ثانيه ما احتاجت شيء إلا واتصلت بها ودائما تنصحها سواء كانت النصيحة قوليه أو مساعدة بالمال أو الدواء أو الملابس وتفعل ذلك كثيرا وفي مرة من المرات هذه الأخت تراها في مجلس ولا تسلم عليها فتتصل بها الأخت تقول لها لماذا لم تسلمي علي وأنا اراكِ غضبانة منى فتقول لها لأنكِ لا تكلميني مثل الأول ولا تعامليني مثل الأول أو مثل هذا فتقول لها لماذا أسأتِ بيا الظن لماذا لم تسأليني فممكن يكون عندي مشكلة أو أي شيء فالأخت الأخرى تتكلم بكلام سيء فلها الحق هنا أن تقول لها اتقي الله فأنا في كل وقت وكل حين أساعدكِ بالمال وأعطيكِ قوت أولادي أعطيتكِ كذا وكذا  هذا الأمر في أصله قبيح ولكن في حال المعاتبة والاعتذار يحسن أن يتكلم بذلك حتى تذكر الأخت أختها لأن ممكن الإنسان ينسي فيحتاج من يذكره  فهذا هو الأمر السائغ في مسألة المنة والإحسان .
24- إخلاف الوعد :
أيضا من مظاهر سوء الخلق إخلاف الوعد:
فإخلاف الوعد من الصفات الذميمة، ومن الخصال المرذولة؛ فهو شعبة من شعب النفاق، وآية من آيات المنافقين.
قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ: "آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا أؤتمن خان، وإذا وعد أخلف" رواه البخاري3/162، ومسلم 59 عن أبي هريرة.
وكرام الناس ينفرون من هذه الخصلة، ويأنفون من الاتصاف بها.
قال المثنى بن حارثة الشيباني: "لأن أموت عطشا أحب إلي من أن أخلف موعدا".
وقال بعض الحكماء: "وعد الكريم نقد، ووعد اللئيم تسويف".
ولقد ابتلي بهذه الخصلة كثير من المسلمين، فما أقل الوفاء بالوعد، وما أكثر الخلف فيه، حتى خيل لكثير من المنهزمين، وممن يحملون الإسلام خطأ المنتسبين إليه ـ أن الخلف من صفات المسلمين، وأن الوفاء بالوعد وإنجازه من صفات الكافرين!
حتى إن بعضهم إذا أراد تأكيد الموعد قال: أعطني وعدا إنجليزيا! كأنه وعد لا يخلف .
ومن مظاهر إخلاف الوعد الشائعة بين الناس ما يلي:
أـ الخلف مع الأولاد:
فكثير من الوالدين إذا أراد إسكات طفله، أو أراد التخلص منه إذا تعلق به عند الخروج من المنزل أو نحو ذلك ـ تجده يعده بهدية، أو حلوى أو نحو ذلك، ثم يخلف ما وعد به.
فهذا مما يعود الطفل إخلاف الوعد، فينشأ وقد ألف هذه الخصلة السيئة.
فمثلا ممكن الولد يبكي وتريد الأم أن تسكته فتقول له لو سكت سأحضر لك شيبسي أو سأحضر لك أي شيء فهذا وعد فبمجرد أن يسكت بعدها بقليل تنسي فيسألها الولد يا أمي أين البيبسي أو الجيلاتي أو غيره فتقول لن أحضر لك شيء أو لست فاضيه إلي غير ذلك فهذا أيضا من إخلاف الوعد فطالما أنكِ وعدتي الطفل رغم أنه طفل فيجب عليكِ أن تفي بهذا الوعد ونفس الشيء إذا سكت أو حليت الواجب سنخرج ونذهب مثلا لجدتك أو الحديقة أو البحر فإذا خرجتم يقول لك نريد أن نذهب للمكان الذي وعدتيه به تقولي لن نذهب فهذا أيضا من إخلاف الوعد  مرة وراء مرة وراء مرة فالذي يحدث أن الولد يتعود أيضا علي إخلاف الوعد فينشأ وقد ألف هذه الخصلة السيئة وكما قلت لكم قبل ذلك الأولاد أمانة في أعناقنا جميعا فلو أننا تكلما بكلام سيء عن جيران لنا أو عن أحد أقاربنا فالولد يسمع الكلام ويصوره كأنه كاميرا علي أحدث موديل فيصور هذا الكلام ويثبته في عقله وقلبه نفس الشيء إذا أتت امرأة علي الباب وقالت له أريد أن أكلم أمك فيذهب لها فتقول أخبرها أنني نائمة أو أنني لست موجودة أو أي شيء بخلاف الحقيقة فهذه مصيبة من أكبر المصائب التي لابد أن ننتبه إليها فالخلف من الأولاد من مظاهر إخلاف الوعد.
ومن مظاهر إخلاف الوعد
ب ـ المزاح الثقيل، أو ما يسمى بـ"المقالب":
فيحصل أن يقوم شخص بدعوة أصحابه في مكان محدد، وفي زمان محدد، وربما كان المكان بعيدا، فيخبرهم بأنه سيحضر لهم الطعام في ذلك المكان والزمان المحددين، مع أنه قد بيت النية بالخلف.
المقالب التي نسميها المزاح الثقيل مثل لأن يتصل شخص بأصحابه ويقول سنتقابل جميعا في بلد ما ثم يذهب أصحابه كلهم إلي هذه البلد ولا يجدوا أحد يستقبلهم ويقول لهم ضحكت عليكم أو أمزح معكم أو إلي آخره  فهذا كذاب وقليل الحياء وأخلف الوعد وآذى المسلمين  .. أما إذا كان يريد أن يذهب إلي هناك فعلا ولكن حدثت له ظروف فمثلا لم يجد سيارة أو خلص البنزين أو حدث له أي ظرف ما فلا يكون من إخلاف الوعد .
أيضا من مظاهر إخلاف الوعد
جـ التأخر عن الموعد المحدد المرتبطة بأعمال معينة:
فما أكثر وقوع هذا الأمر، وما أقل من يضبط مواعيده، وما أكثر الآثار المترتبة على ذلك؛ فتأخر دقائق عن موعد البدء المحدد معناه ضياع دقائق من وقت العمل، وذلك يؤدي إلى نتيجتين: إما الإسراع في العمل وعدم الدقة فيه؛ لتعويض الزمن الفائت، وإما التعدي على أوقات خصصت لواجبات أخرى.
 فمثلا سيقوم الأخوات بعمل شيء ما في المسجد أو الجامعة أو في أي جمعية من الجمعيات أو أي عمل خير ثم اتفقن أن الموعد سيكون بعد العصر أي من الساعة الرابعة  إلي الرابعة والنصف فبعض الأخوات لا يذهبن في الموعد فتأخر نصف ساعة أو ساعة علي العمل سيؤثر علي سير العمل وسيؤثر على أعمال الخير وهذا سيؤدي إلي أنه بدل أن نجلس ساعتين نخطط للعمل كنا سنجلس ساعة واحدة أو أقل وكان هذا  سيؤدي إلي الإسراع في التخطيط في العمل لكن هذا سيؤدي أيضا إلي عدم الدقة في العمل وأيضا إلي فسادة العمل فكل ذلك يساوى إخلاف في الوعد في التأخر عن المواعيد المحددة المرتبطة بأعمال معينة
دـ التأخر في المجيء للمضيف:
فكثيرا ما يعد أحد الناس أضيافه بموعد محدد ليأتوه به، ثم يتأخر الأضياف أو بعضهم مدة طويلة عن الموعد المحدد، وقد يكون التأخر بلا عذر، مما يربك المضيف، ويوقعه في الحرج، كما يتسبب في إضاعة الوقت للمضيف ولمن جاء في الوقت المحدد.
فمثلا إذا أخبرت الضيوف أن يأتوا بعد العشاء أي الساعة التاسعة أو التاسعة والنصف وهذا معناه أن هذا هو الموعد المناسب فممكن أنتظر ساعة أو اثنين أو ثلاثة والضيوف لم يأتوا بعد وقد يكون عندي موعد الساعة العاشرة والنصف أو موعد الساعة الحادية عشر أو الثانية عشر وجلست أنتظر وأخاف أن أمشي ثم يأتوا هم فخلاصة الأمر أن هذا من إخلاف الوعد
هـ التأخر في إرجاع الكتب المستعارة:
فيحصل كثيرا أن يأتي أحد لصاحب مكتبة، أو طالب علم لديه مكتبة، فيطلب منه أن يعيره كتابا، ويعده بأن يرجعه في أقرب وقت.
فإذا ما أخذ الكتاب، وحصل منه على الفائدة التي يرجوها ـ تأخر في إرجاع الكتاب، وماطل في ذلك كثيرا، بل ربما أضاعه، حتى إن صاحب الكتاب ليستحيي من كثرة التودد إليه، والتردد عليه؛ كي يرجع الكتاب.
بل ربما اضطر إلى أن يشتري نسخة أخرى بدلا من النسخة التي أخذت.
وربما كان ذلك الكتاب جزءا من عدة أجزاء ولا يمكن شراؤه إلا بشراء الأجزاء كاملة.
 فالأخت تدخل إلي بيت أختها فتجد عندها كتب كثيرة سواء لها أو لزوجها فتسر بهذه الكتب غاية السرور وتقول لها أريد كتاب في تربية الأولاد وسأجعله عندي لمدة أسبوعين فتأخذ الكتاب ويظل عندها لمدة سنتين ولا تعيد الكتاب مرة ثانية وهذا دليل على خلف في الوعد بل من الممكن أن تضيع الكتاب نفسه وممكن من حرج الإنسان أن يشترى نسخة أخرى ليرجعها لصاحبها بسبب إهماله في الحفاظ علي الكتاب وإذا كان هذا الكتاب عبارة عن أجزاء كتفسير الطبري أو مجموع الفتاوى أو الشرح الممتع أو أي كتاب من الكتب فطبعا إذا ضاع منه أي جزء سيفقد الكتاب جزء ولن أستطيع أن أشتريه لأن الجزء لا يباع بمفرده .
وـ التأخر في سداد الدين:
أيضا التأخر في سداد الدين فهذا أيضا من الخلف في الوعد فإذا استلفت مبلغ وأخبرت بموعد محدد فهي تخلفه والمحزن أنها لا تتصل ولا تعتذر عن التأخر في السداد لكنها لا تدفع المال ولا تتكلم مع أختها ولا تخبرها بظروفها الشخصية التي منعتها من السداد فهذا أيضا من سوء الخلق عافانا الله وإياكم منهم
 زـ الخلف في العطاء:
وهذا يقع كثيرا، فتجد من الناس من يعد غيره بهديه، أو عطاء، أو نحو ذلك فلا يفي.
وتجد من يعد غيره بعطاء؛ رجاء خدمة يقوم بها، فإذا حصل على بغيته أخلف موعده، وتناسى صاحبه.
وتجد من يعد؛ تخلصا من الإحراج مع أنه قد عزم على عدم الوفاء.
هذه بعض مظاهر الخلف في الوعد التي انتشر في أوساط الناس، والتي تسود بسببها الفرقة، وتحل القطيعة، وتفقد الثقة، فإخلاف الوعد من مساوئ الأخلاق، وهو مما يزري بصاحبه.
قال زياد الأعجم:
لله درك من فتى ... لو كنت تفعل ما تقول
لا خير في كذب الجواد ... وحبذا صدق البخيل.
وقال الآخر:
وإن جمع الأفات فالبخل شرها ... وشر من البخيل المواعيد والمطل
وقال ابن حازم:
إذا قلت عن شيء نعم فأتمه ... فإن نعم دين على الحر واجب
وإلا فقل: لا، تسترح وترح بها ... لئلا يظن الناس أنك كاذب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق