>

الاثنين، 6 يونيو 2011

أحكام النظر إلى المخطوبة (الجزء الأول )

بسم الله الرحمن الرحيم
أحكام النظر إلى المخطوبة
الجزء الأول
( شرح من كتاب د. علي عبد الرحمن الحسون أستاذ في كلية التربية جامعة الملك سعود)
المخطوبة: هي التي طُلب أن يتزوج منها.
والنظر إلى المخطوبة هي الرؤية والمشاهدة وتأمل الشكل العام ومواطن الجمال وما يدعوا إلى النكاح والارتياح إلى المرأة .
أولا :حكم النظر إلى المخطوبة و أدلته:
نظر الرجل إلى المرأة التي يرغب في نكاحها ويغلب على ظنه أنه يجاب إلى نكاحه منها جائز في قول عامة أهل العلم.
س : هل يجوز أن يخطب الرجل امرأة دون أن ينظر إليها ودون أن تنظر إليه ؟
مثاله أن يذهب رجل لخطبة امرأة فسأله وليها هل تحب أن تراها فقال لا ثم قال الخاطب هل تحب هي أن تراني فقال الولي لا .
ج :نعم تجوز .. طالما أننا قلنا أن النظر إلى المخطوبة جائز في قول عامة أهل العلم فمعنى كلمة جائز أي أن عدم النظر أيضا جائز .
إذن يجوز أن يخطب الرجل المرأة دون أن ينظر إليها ودون أن تنظر إليه .
ثانيا : أدلة إباحة النظر إلى المخطوبة :
1 - عن أبي هريرة t قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:( أنظرتَ إليها ؟ ) قال: لا قال: (فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً ). رواه مسلم .    وفي رواية أخرى عند مسلم: ( هل نظرتَ إليها ؟ فإن في عيون الأنصار شيئاً ، قال قد نظرتُ إليها ).

2- عن سهل بن سعد t أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله جئت لأهب لك نفسي فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعَّد النظر إليها وصوَّبه ثم طأطأ رأسه فلما رأت المرأة أنه لم يقضِ فيها بشيء جلست فقام رجل من أصحابه فقال: أيْ رسول الله إن لم تكن لك بها حاجة فزوجنيها ... الحديث .. رواه البخاري ومسلم.
3 - وعن المغيرة بن شعبة t أنه أراد أن يتزوج امرأة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :( اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ).
4- عن جابر بن عبد الله t قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ) أخرجه أبي داود ، سنن البيهقي ، مستدرك الحاكم وقال الحافظ في الفتح : ( سنده حسن )

5 - عن محمد بن مسلمة t قال : خطبت امرأة فجعلت أتخبأ لها حتى نظرت إليها في نخل لها فقيل له : أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا ألقى الله في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها ) .
6- عن أبي حميد أو حميدة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته وإن كانـت لا تعلم ) أخرجه احمد.
7- ومن دليل العقل : أن النكاح عقد من العقود الهامة التي يقصد بها التمليك على الدوام والاستمرار وقد وصفه الله تعالى بالميثاق الغليظ في قوله تبارك وتعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا}
لو أراد إنسان أن يشترى سيارة فلابد أن ينظر إليها والى ما فيها فمن باب أولى أن الرجل إذا أراد أن يخطب المرأة و أن المرأة إذا أرادت أن تنظر للرجل من اجل الخطبة أن ينظرا إلى بعضهما البعض فإنه أحرى أن يؤدم بينهما والله اعلم.
الذين قالوا بعدم جواز النظر إلى المخطوبة فهذا القول قول ضعيف لأن الأحاديث التي ذكروها إنما هي أحاديث عامة :
1-عن جرير بن عبد الله t  أنه قال :" سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة ، فأمرني أن أصرف بصري "
2- عن بريدة t عن النبي  صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي t  : ( يا علي لا تُتبع النظرة النظرة ، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة ).
فهذه الأحاديث كلها عامة ولا تصرف لهذا الخصوص وهو الخطبة.
إذن نظر الرجل للمرأة التي يرغب في نكاحها أمر مباح بل قد يكون مندوب عند الكثيرين..
( إذن النظر إلى المخطوبة مباح بل هو مندوب).


المبحث الثالث
رؤية المخطوبة للخاطب

الأحاديث التي وردت في شأن الرؤية عند إرادة الخطبة جاءت بلفظ رؤية الخاطب للمخطوبة وليس في واحدا من نصوصها ذكر لنظر المرأة إلى الرجل لأن فى الغالب الأحكام الشرعية التي وردت في الكتاب والسنة تخاطب الرجل و يكون المقصود بها الاثنين معا.

س: هل للمرأة حق أن تنظر للرجل عند إرادة النكاح مثلما أن له الحق في ذلك؟
ج : الصحيح من كلام أهل العلم أن لها الحق في ذلك .

الدليل على ذلك:
1-أن الأحاديث وان كانت نصت على حق الرجل في الرؤية فإنها تشمل الرجل والمرأة معا لأنة لا يوجد دليل شرعي يخصص الرجل دون المرأة.

2- أن الزواج عقد من عقود التمليك الهامة التي يقصد بها الدوام والاستمرار، فلابد أن يكون العاقدان كلاهما معاً على معرفة تامة بما هما مقدمان عليه.

3- أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نص على العلة التي من أجلها شُرع النظر إلى المخطوبة ، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم : ( فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ) بينكما هنا تفيد البينية أي الرجل والمرأة مع وفي قوله صلى الله عليه وسلم: ( فإن في أعين الأنصار شيئاً ) . وهذه العلة مشتركة بين الرجل والمرأة  فيثبت الحق للمرأة من طريق القياس.

4- ويمكن أن نقول إن حق النظر يثبت للمرأة من باب قياس الأَولى ، وذلك لأن الرجل إذا لم يَرَ مخطوبته قبل العقد فإنه يمكنه بعد العقد ــ إذا لم تعجبه ــ أن يتحلل من هذا الزواج عن طريق الطلاق الذي جعله الله بيده ، أما المرأة فلا تملك ذلك ، فالرؤية في حقها أولى وآكد ، حتى تكون على بينة من أمرها.

5- أن المرأة وإن كانت في الأصل محلاً للمتعة فإنها هي الأخرى تتمتع بالرجل ، ولذلك فإنها تتطلع إلى صفات ترغبها في الرجل كما أنه هو يتطلع إلى صفات يرغبها فيها، ويعجبها منه ما يعجبه منها.. قال عمر بن الخطاب t: ( يعمد أحدكم إلى بنته فيزوجها القبيح ، إنهن يحببن ما تحبون).


المبحث الرابع
الحكمة من النظر إلى المخطوبة

المرأة محل للمتعة ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) النساء: ٢٤
ولاشك أن المتعة مشتركة بين الرجل والمرأة،ثم إن من أهم الأمور التي يتم الاستمتاع بها هو البدن وما هو عليه من الشكل والصفات التي ينشدها الناس ، وقد جاء ذلك واضحاً في الحديث النبوي الشريف الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم :
 ( تُنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك )
فقد دل الحديث على أن الجمال مطلب يبحث الناس عنه، وليس في الحديث ما ينهى عنه ، بل في الحديث ما يشير إلى أن الناس يهتمون به كثيراً إلى حد أن بعضهم قد يهتم به على حساب الدين ، وهذا هو الأمر الممنوع  إذاً معرفة الشكل أمر مهم و مطلب أكيد لكلا الزوجين  فإذا كانا على علم مسبق قبل العقد كان أدعى لاستدامة هذا العقد الذي مبناه على الدوام والاستقرار ،فليس هو أمراً مؤقتاً بل هو دائم  خاصة بالنسبة للمرأة.

الحِكَم الظاهرة التي من أجلها ندب الشارع إلى رؤية الخاطب لمخطوبته قبل العقد:

1- ما تقدم من أن عقد النكاح من العقود الهامة التي يقصد بها التمليك على الدوام والاستمرار وأن الله تعالى قد وصفه بالميثاق الغليظ وأنه لا ينبغي الدخول فيه والإقدام عليه إلا عن بينة ووضوح تامَّين و الرؤية من أهم الأمور التي يتبين بها الزوجان ما هما مُقدمان عليه فالنظر إلى المرأة قبل العقد فيه مصلحة ترجع إلى العقد فالنظر إذاً من مصلحة العقد حيث يتقوى بذلك ويكون نافعاً مفيداً إن أقدما عليه كما في الحديث ( اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ).

فالمرأة إذا رأت الرجل من الممكن ألا تستريح له مع أنه قد كون تقيا نقيا صالحا عفيفا زاهدا محبا لدينه ولكن رغم هذه الأوصاف التي تتمناها اى امرأة عندما ترى وجهه  لا تستريح له فترفضه مع عدم إبداء سبب سوى عدم راحتها النفسية له وفى نفس الوقت قد يرى الرجل امرأة في غاية الجمال وعلى دين وخلق ونسبها جيد ومع ذلك قد يرفض الرجل هذه المرأة لأنه لم يسترح لها لان النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف".

2- اطِّلاع كلٍّ من الزوجين واطمئنانه على مواصفات صاحبه الجسمية ومدى موافقتها للمواصفات التي ينشدها ويهتم بها ،لأنه مهما وصف الواصفون فلن يستطيعوا عن طريق التعبير والوصف نقل الصورة كاملة كما هي . فالاهتمام بالجمال وكافة الصفات الجسمية أمور نسبية تختلف من شخص لآخر، فما يراه الشخص جمالاً قد لا يراه الآخر كذلك.

3- اطلاع كل من الزوجين واطمئنانه على خلو صاحبه من العيوب والعاهات التي لا يقبل بصاحبه لو اطلع عليها قبل العقد ، وذلك تفادياً لما قد يحصل من الغرر والخديعة.. فقد يكون في أحدهما عيب لا يعرفه إلا المقربون منه..وفى الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي ( أنظرتَ إليها قال : لا ، قال : فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً ) والشيء الذي في الأعين هو الزرقة أو الصِّغر كما ذكره  بعض شُرَّاح الحديث.

 4- تَحقُّق الانطباع والارتياح النفسي من خلال اللقاء الأول ، فقد يوصف الشخص لآخر فيُعجَب به فإذا رآه اختلف هذا الانطباع ، والعكس بالعكس ، فقد يوصف له فلا يعجب به فإذا رآه أعجب به وارتاح إليه ، بل قد يلتقي الشخص بإنسان صدفة لأول مرة فيرتاح إليه وقد يلتقي بآخر وينفر منه من دون ما سبب ، فليس شرطاً أن يكون لهذا الانطباع الحاصل من خلال اللقاء الأول تفسير ظاهر ، وذلك أن أنفس بني آدم قد ركبها الله تعالى على أشكال وألوان مختلفة وأجناس متباينة وأنماط متعددة، فكلما تقاربت هذه الأنفس كان ذلك أدعى إلى الألفة والتقارب.

المبحث الخامس
المواضع التي يراها الخاطب من المخطوبة
لا خلاف بين أهل العلم في جواز النظر إلى وجه المرأة لمن أراد أن ينكحها..
ثم اختلفوا فيما وراء ذلك من بقية البدن.

فذهب الحنفية : إلى أن الخاطب لا يرى من مخطوبته إلا الوجه والكفين فقط.
وذهب المالكية: إلى أنه لا يرى إلا الوجه والكفين.. وفي قول أنه ينظر إلى جميع بدنها ماعدا السوأتين...(قول ضعيف )
وذهب الشافعية: أيضاً إلى أنه لا يرى إلا الوجه والكفين وفي قول عندهم أنه ينظر إليها نظر الرجل إلى الرجل.. اى ينظر إلى كل شئ ماعدا ما بين السرة إلى الركبة.
الحنابلة فقد تعددت أقوالهم في المسألة :
أ-فالمشهور أن له أن ينظر إلى ما يظهر غالباً كالوجه والرقبة واليد والقدم..وهو رواية عن الإمام أحمد.
ب-وقيل ينظر إلى الوجه والرقبة والقدم والرأس والساق.
ج - وقيل ينظر إلى الوجه فقط .وهو رواية عن الإمام أحمد .
 د- وقيل إنه ينظر إلى الوجه والكفين فقط ..هو رواية عن الإمام أحمد.
هـ- وحُكِيت رواية عندهم بأن له النظر إلى ماعدا العورة المغلظة وهي
السوأتان ( القبل والدبر وهى من المفردات في المذهب )
وذهب الظاهرية:إلى أنه ينظر إلى جميع بدنها ما عدا العورة المغلظة وهي السوأتان...حكيت رواية في مذهب أحمد ومذهب مالك.
   وذهب الأوزاعي:إلى نحو ما ذهب إليه الظاهرية أو قريب منه .       
    وذهب إسحاق:إلى أنه يرى وجهها وكفيها فقط.
وذهب سفيان الثوري:إلى أنه يرى وجهها فقط.
هذه الأقوال  كلها موجودة في كتب المغني وفتح الباري وشرح مسلم للنووي وغيرها من الكتب
مجمل الأقوال  في المواضع التي يراها الخاطب من المخطوبة  :
القول الأول : أنه ينظر إلى الوجه والكفين فقط  وهو قول الحنفية ، وهو المشهور والمذهب عند المالكية والشافعية  وهو رواية عن الإمام أحمد، وهو قول وإسحاق بن راهويه.. وهو الغالب عند أهل العلم.

القول الثاني : أنه ينظر إلى ما يظهر غالباً في البيت  كالوجه والرقبة والكفين والقدمين وهو المذهب عند الحنابلة  .
القول الثالث : أنه ينظر إلى الوجه والقدمين والرقبة والرأس والساق .   وهو قول عند الحنابلة  مع أن الظاهر أن هذا القول هو والذي قبله سواء.
القول الرابع : أنه ينظر إليها نظر الرجل إلى الرجل وهو قول عند الشافعية .

القول الخامس : أنه ينظر إلى جميع بدنها ما عدا العورة المغلظة  رواية محكية عند الحنابلة  وهو قول عند المالكية  وهو قول الظاهرية وهو ظاهر قول الأوزاعي.

القول السادس : أنه ينظر إلى الوجه فقط  وهو رواية عند الحنابلة وهو قول سفيان الثوري.

الأدلـــــة في المواضع التي يراها الخاطب من مخطوبته:
إن الأحاديث التي وردت في إباحة نظر الخاطب إلى مخطوبته قبل العقد جاءت مطلقة فلم تحدد ما يراه الخاطب من مخطوبته لكنها نصت على أن الهدف من الرؤية وهو الاطمئنان على أوصاف المرأة و الحرص على تقوية العقد و تأكيده ومن هنا اختلفت أقوال الفقهاء في تحديد ما يمكن أن يراه الخاطب من مخطوبته لأنهم نظروا إلى الهدف من الرؤية فمنهم من رأى  أن الاطمئنان يكون من النظر للوجه والكفين ومنهم من رأى أن للاطمئنان بالنسبة للمرأة الرقبة والساق والقدمين ومنهم من رأى أن ينظر لكل شئ ماعدا ما بين السرة والركبة ومنهم من قال أن الاطمئنان أن ينظر لكل شئ ماعدا السوأتان "القبل والدبر"..الأكثر يرى أن ما يظهر من المرأة غالبا عند محارمها أو في خلوتها كافٍ في معرفة محاسن المرأة ولكن هؤلاء أيضا اختلفوا في تحديد ما يظهر غالبا.. و أماكن الزينة عادة هي التي تظهر من المرأة أمام محارمها وهى الذراعين حتى الكوع و الرقبة والخلخال في القدم في منتصف الساق حتى نهاية القدم والشعر والرأس.

أولاً : أدلة القائلين بأنه ينظر إلى الوجه والكفين:
1- قالوا لأن الوجه والكف ليسا من العورة فجاز له النظر إليهما دون غيرهما فإن غيرهما عورة لا يجوز النظر إليه واستدلوا على ذلك بالآية الكريمة:{ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } قال ابن عباس: ( ما في الوجه والكف ).
2- قالوا ولأن النظر أبيح للحاجة والحاجة تنقضي بالنظر إلى الوجه والكفين فالوجه يدل على الجمال من عدمه واليدان تدلان على خصوبة البدن وطراوته من عدمهما.

ثانياً : أدلة القائلين بأنه ينظر إلى الوجه والرقبة والكفين والقدمين:
1- استدلوا  بحديث جابر t: ( إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر إلى بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل )  قال: فخطبت امرأة من بني سليم فكنت أتخبأ لها في أصول النخل حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها. (مستدرك الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم  )

2-حديث محمد بن مسلمة t المتقدم : قال : خطبت امرأة فجعلت أتخبأ لها .... ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا ألقى الله في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها ) الراجح انه ضعيف

3- حديث أبي حميدة المتقدم ( إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته وإن كانت لا تعلم ).

قالوا في وجه الاستدلال إن الوجه والكفين والقدمين مما يظهر غالبا فجاز النظر إليها ووجه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن في النظر إلى المرأة من غير علمها عُلِم أنه أذن في النظر إلى ما يظهر عادة  إذ لا يمكن إفراد الوجه أو غيره بالنظر.
(المرأة عندما تخدم أهل بيتها ترتدي العباءة فيظهر الوجه واليدين والقدمين  فهذا ما يظهر عادة من المرأة.)

4 - استدلوا بأثر عمر حيث خطب إلى عليٍّ ابنته فقال  إنها صغيرة فقيل لعمر إنما يريد بذلك منعها ، قال فكلمه فقال عليٌّ أبعَثُ بها إليك فإن رضيتَ فهي امرأتك  قال فبعث بها إليه قال فذهب عمر فكشف عن ساقها فقالت  أرسل فلولا أنك أمير المؤمنين لصككت عنقك " هذا الأثر ضعفه الشيخ أبو إسحاق الحوينى."

5- قالوا ولأنها امرأة أبيح النظر إليها بأمر الشارع فأبيح النظر منها إلى ما ذُكر كذوات المحارم.

6- ويدل لهؤلاء أيضا أن الهدف من الرؤية الذي أشارت إليه الأحاديث لا يتم إلا برؤية هذه الأمور من المرأة (ما يظهر غالبا ).

ثالثاً : أدلة القائلين بأنه ينظر إلى الوجه والقدمين والرأس والساق:
استدل هؤلاء تقريباً بنفس الأدلة التي استدل بها السابقون  " الفقرة الثانية "

رابعاً : أدلة القائلين بأنه ينظر إلى الوجه فقط:
1- قالوا:لأن غير الوجه عورة فلا يباح النظر إليه كالذي لا يظهر فالمرأة كلها عورة لحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( المرأة عورة ).. وعلى هذا فلا يستثنى من ذلك إلا الوجه للخاطب
2- أن الوجه هو فقط مجمع المحاسن فيتحقق الهدف من الرؤية برؤيته لوحده دون غيره.

خامساً : أدلة القائلين بأنه ينظر إلى جميع بدنهـا ما عدا العورة المغلظة :
 قالوا لأنه ظاهر الأحاديث التي تبيح النظر إلى من يريد نكاحها كحديث (انظر إليها ) لم يحدد اى مكان ينظر إليه  وحديث  ( فإن استطاع أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ).. وغير ذلك من الأحاديث فقالوا هذه الأحاديث تُعد عموماً مُخْرِجاً لهذه الحال من جملة ما حُرم من غض البصر.. هذا القول ضعيف جدا بل هو شاذ.
الصحيح أن الحاجة تقدر بقدرها فقد حرم الله تعالى نظر الرجل إلى المرأة سدا للذريعة (ذريعة الزنا)
قاعدة  " ما حرم سدا للذريعة أبيح للحاجة والحاجة تقدر بقدرها " والحاجة هنا هي الخطبة .

سادساً : أدلة القائلين بأنه ينظر إليها نظر الرجل إلى الرجل :
أورد النووي هذا القول للشافعية وضعفه  ولم يذكر له دليلاً  ولعلهم أيضاً أخذوا بظاهر حديث ( انظر إليها ) و هذا القول أيضا ضعيف.

الصحيح من هذه الأقوال :
أولا:
أ - من قال أن الوجه والكف ليسا من العورة فجاز النظر إليهما دون غيرهما بدليل الآية الكريمة { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا }وأن الاستدلال بالآية على أن الوجه والكف ليسا من العورة غير صحيح لأنه إذا كان إن ابن مسعود وغيره قالوا أن المقصود بالظاهر من الزينة في قوله تعالى :{ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} هو الثياب الظاهرة كما رواه ابن جرير عنه وعن النخعي والحسن.
ب - أننا إذا قلنا بأن الوجه والكف ليسا من العورة  فيجوز النظر إليهما دون غيرهما لم يكن للأحاديث المبيحة للنظر إلى المخطوبة كبير فائدة
ج - قولهم إن النظر أبيح للحاجة والحاجة تنقضي برؤية الوجه والكفين فالوجه يدل على الجمال والكف يدل على الطراوة هذا الاستدلال لا يُسلَّم به لأنه وإن كان الأمر كما يقولون فإنه لا يعني أن الوجه والكف كافيين في معرفة محاسن المرأة وأوصافها.
ثانيا:
القائلين بأنه ينظر إلى ما يظهر غالباً من الوجه والرقبة والكفين والقدمين وكذلك القائلين بإضافة الرأس والساق:
1-استدلوا  بحديث جابر وحديث محمد بن مسلمة وحديث أبي حميدة هذه الأحاديث دلت على إباحة النظر إلى المخطوبة عموماً حتى ولو لم تكن تعلم ، سواءً كان ذلك بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي حميدة أو بفهم الصحابي للحديث كما في حديث جابر ومحمد بن مسلمة  وهذا يعني أنه سيرى ما يظهر غالباً ،إلا أن هناك اعتراضاً يَرِد على هذا الاستدلال وهو أن معرفة حدود ما يظهر من المرأة غالباً لا تدل عليه الأحاديث.
2- استدلوا أيضا بأثر عمر t في خطبته لابنة علي t المؤلف قال أنها كانت صغيرة لم تبلغ.
3- أنه أبيح النظر إلى المخطوبة بأمر الشارع فتقاس على المحارم.
ثالثا :
القائلين بأنه يرى بدنها ماعدا العورة المغلظة والقائلين بأنه يرى منها ما يراه الرجل من الرجل:
أنهم أخذوا بظواهر الأحاديث كحديث ( انظر إليها ) وحديث ( فإن استطاع أن ينظر ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ) وغيرهما فظواهر الأحاديث لا تدل من قريب ولا من بعيد على جواز رؤية الباطن من المرأة بل إن ظواهر الأحاديث تدل على إباحة رؤية ما يصدق عليه أنه رؤية معتادة لو قلت ( قد رأيت فلاناً وفلانا) فإنك تعني أنك قد رأيته على هيئته المعتادة التي يخرج بها ولا تعنى رؤيته مجردا من ملابسة فالمحارم لا يجوز أن ينظروا للمرأة هذا النظر اى أن يراها جميعها ماعدا السوأتان.

مناقشــــــة الأدلة:

أولا: أن رؤية بدن المرأة باستثناء العورة المغلظة واستثناء ما بين السرة والركبة هي أقول شاذة والأخذ بهما أمرا فاضح مناف لكرامة المرأة ومخالف على ما كان عليه سلف الأمة وجمهور  الأئمة حتى أن النووي رحمه الله تعالى قال : ( وهذا خطأ ظاهر منابذ لأصول السنة والإجماع ) .. هذا بالنسبة للقولين اللذين بالغا في تعرية المرأة لخاطبها وقد تبين عَوَرُهما وخطؤهما.

 ثانيا: القائلين بأنه يرى من المرأة سوى الوجه هؤلاء بالغا في حجب المرأة عن خاطبها.. فقالوا إنه لا يرى غير وجهها.
قال الشيخ : أن الراجح هو النظر إلى الوجه والكفين .
المؤلف يقول أن القولين بان يكون النظر إلى الوجه والرقبة والكفين والقدمين ومنهم من قال الرأس والساق أقوال فيها أدلة قوية.
الأصل في النظر إلى الأجنبية أنه محرم وعندما يباح هذا المحرم يباح رخصة من الشارع وفى نفس الوقت انه يباح للحاجة و أن الحاجة تقدر بقدرها..حيث أن الخاطب لم يكون لديه الحق في أن ينظر سوى للوجه والكفين فبعد الزواج (البناء) له أن ينظر إلى كامل بدن المرأة حتى السوأتان فهذا لا شئ فيه مطلقا قالت السيدة عائشة رضي الله عنها"كنت اغترف أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد " اى أنهما كانا يغتسلا معا من إناء واحد وهما عاريين .

ثالثا: يقول المؤلف أن المحرم اى غير الزوج عندما ينظر إلى ساق المرأة أو عنقها أو رقبتها أو يديها أو شعر رأسها فهو لا يراها على سبيل المتعة بل على سبيل الجواز  أما الخاطب الذي يرى وجه المرأة وكفيها فيراهما على سبيل المتعة ...فبهذا يكون اختلفا فما ينظر إليه المحرم بخلاف ما ينظر إليه غير المحرم...فإباحة النظر الخاطب إلى مخطوبته من أجل تحقيق حاجة عارضة وهدف مؤقت وبعد ذلك تكون المتعة بكل ذلك وبما أحله الله عز وجل.
يقول المؤلف : إن نظر الخاطب إلى مخطوبته ينبغي أن يكون لما يظهر من المرأة غالباً بشرط أن لا يزيد عما يراه المحرم من محارمه  ومؤدَّى هذا أن نظر الخاطب يكون بين حدين أدنى وأعلى فالأدنى هو الوجه والكفان والقدمان  إذ أنها أدنى ما يظهر من المرأة غالباً في المجتمعات الإسلامية و الحد الأعلى هو ما تقدم ويكون الحد الأعلى هو الراجح فيما يراه المحرم من محارمه على نحو ما تقدم والله أعلم بالصواب .

س : هل يجوز تزين الوجه والكفين بالذهب أو العين بالكحل عند رؤية الخاطب للمخطوبة ؟
 ج : لا يجوز لان هذه الأشياء فيها نوع من الغرر ..فهناك نساء إذا تزين يتغير شكلهن فالأصح ألا تتزين بأي شئ.

خلاصة القول فيما سبق
أن هناك قولين معتبرين الراجح منهما أن ما يجوز للخاطب أن يراه من المرأة:
1-            وجهها وكفيها وهذا هو القول الراجح والذي عليه الدليل والله اعلم.
2- هو قول معتبر وهو النظر إلى الوجه والكفين والقدمين والرقبة اى ما يظهر غالبا.
المستقر لدينا والراجح  هو الوجه والكفين.



المبحث السادس
متى تكون رؤية المخطوبة؟
القول الأول : أن الرؤية تكون قبل الخطبة وبعد العزم على النكاح .
استدلوا بحديث
1-عن سهل بن أبي حثمة قال رأيت محمد بن مسلمة يطارد امرأة ببصره فقلت : تنظر إليها وأنت من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :(إذا ألقى الله عز وجل في قلب امرئ خطبة لامرأة فلا بأس أن ينظر إليها).
2- عن جابر بن عبد الله t قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا جناح على أحدكم إذا أراد أن يخطب المرأة أن يغترَّها فينظر إليها فإن رضي نكح وإن سخط ترك) رواه أبو داود

القول الثاني : أن الرؤية تكون بعد الخطبة لا قبلها.
استدلوا بحديث
عن جابر بن عبد الله t قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ) فقد دل الحديث على أن الرؤية تكون بعد الخطبة.

يقول الشيخ: الأمر واسع من أراد أن ينظر قبل الخطبة فلينظر ومن أراد أن ينظر بعد الخطبة فلينظر ولكن الراجح أن النظر يكون قبل الخطبة..هذا مشروع وهذا مشروع.


المبحث السابع
هل يعتبر إذن المخطوبة عند النظر ؟

هل يجب استئذان المخطوبة عند النظر إليها حال الخطبة ؟
أقوال أهل العلم :
القول الأول : يجوز النظر إلى المخطوبة سواء أذنت أولم تأذن  فلا يشترط إذنها في النظر ولا إذن وليها.. ذهب إلى ذلك جمهور أهل العلم فقد قال بذلك الشافعية والحنابلة وهو قول عند المالكية وهو قول الظاهرية.
استدلوا بحديث
1-عن جابر بن عبد الله t قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل )  قال فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوُّجِها فتزوجتها.
ومن الدليل العقلي لهذا القول :
1- أن المرأة تستحي غالباً من الإذن وقد تمتنع عن رؤيته لها.
  2- كذلك أنه قد يحصل الحرج في ذلك فربما يراها ثم لا تعجبه فتنكسر وتتأذى.
 القول الثاني :يكره النظر إليها بغير علمها وإذنها فهو جائز مع الكراهة .. وهو قول جمهور المالكية .
القول الثالث : لا يجوز النظر إليها بغير علمها وإذنها ، فلا يجوز اغتفالها..وهو قول عند المالكية.
الترجيح
أن الأحاديث قد دلت بشكل ظاهر أن المرأة يمكن رؤيتها لمن أراد نكاحها بدون إذنها
ولكن شرط أن يغلب على ظنه أنها ستجيبه إلى النكاح.


المبحث الثامن
 الخلــــوة بالمخطوبـــــة
أجمع أهل العلم على حرمة الخلوة بالأجنبية
قال النووي: ( إذا خلا الأجنبي بالأجنبية من غير ثالث معهما فهو حرام باتفاق العلماء وكذا لو كان معهما من لا يُستحَى منه لصغره، كابن سنتين وثلاث ونحو ذلك، فإن وجوده كالعدم ).
الدليل: 
1- قوله صلى الله عليه سلم من حديث ابن عباس t عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يَخْلُوَنَّ رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ).
2-عن عمر بن الخطاب t قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : (ألا لا يخلوَنَّ رجل بامرأة إلا كان ثالثَهما الشيطان).
3-وعن عقبة بن عامر t أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال : ( إياكم والدخول على النساء )  فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمْوَ ؟ قال ( الحمْوُ الموتُ ).

إذن الخلوة بالمخطوبة محرمه لإنها أجنبية عنه والإباحة لم ترد إلا بالنظر .

أضرار الخلوة بالمخطوبة
ميل الرجل إلى المرأة وميل المرأة إلى الرجل أمر فطري وأمر غريزي والمنع منه أصل أصيل في الشريعة الإسلامية لقول النبي صلى الله عليه وسلم (ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما )وقوله أيضا (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ).
هذا بالنسبة للخلوة بصفة عامة أما الخلوة بالنسبة للخاطب مع مخطوبته فإن الأمر أشد خطراً واشد تحريما لأنه ادعى لحصول الفاحشة..وتنتفي الخلوة كما قال  صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مُغِيـََّبة  إلا ومعه رجل أو اثنان ). المغيبة بضم الميم وكسر الغين المعجمة وإسكان الياء وهي التي غاب عنها زوجها والمراد غاب زوجها عن منزلها سواءًًا غاب عن البلد بأن سافر ، أو غاب عن المنزل وإن كان في البلد.
وعلى هذا فترتفع الخلوة بوجود شخص ثالث مع الرجل والمرأة ، وسواءً كان هذا الشخص رجلاً أو امرأة.

 س : هل يلزم أن يكون هذا الشخص الذي ترتفع به الخلوة راشداً ؟
مثال أن تذهب امرأة إلى طبيب وهى مريضة ومضطرة فهل يجوز أن تأخذ ابنها وهو في سن  8 سنوات أو9سنوات وهل ترتفع به الخلوة أم لا ؟
ج : الصحيح أنه ترتفع به الخلوة بشرط أن يكون مميزا ويستحى منه .


المبحث التاسع
ضوابط النظر إلى المخطوبة

1- تكون الرؤية إلى المخطوبة بعد العزم على نكاحها

2- يغلب على ظنه أنه سوف يجاب إلى نكاحها.
3-أن لا ينظر منها أكثر مما ينظر المحرم من محارمه من وجه وكف وقدم ورقبة ورأس (هذا لمن يقول بجواز النظر إلى ذلك ).
4- أن يكون الاجتماع للنظر من غير خلوة بها ، بل لابد من وجود من ترتفع الخلوة به من مَحْرم أو امرأة أو صبي مميز  ،لأنه أجنبي عنها ،فلا تحل الخلوة بها.
5- أن لا يقصد بنظره التلذذ، فذلك لا يجوز لأن نظر التلذذ لا يجوز إلا للزوج  والخاطب أجنبي فلا يجوز له ذلك.
6- أن يأمن من ثوران الشهوة عند النظر ، فإن لم يأمن ثورانها لم يجز له النظر ، لأن ذلك قد يؤدي إلى الفتنة.
7- أن لا يمس بدنُ أحدهما بدنَ الآخر ولو من دون تلذذ، ولو من دون شهوة لأنها أجنبية عنه ، والأجنبية لا تجوز مصافحتها ولا مسها. قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني لا أصافح النساء ).. وعن معقل بن يسار t قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لأن يُطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له ).
8- أن لا تتعدى مدة الرؤية ولا عددها القدر المطلوب. فمتى ما اطلع على ما يريد من الأوصاف وتأكد منها مرة أو مرتين أو أكثر لم يجز له أن يستمر في الرؤية.
9- عدم استعمال المساحيق في الوجه أو حمرة الشفاه أو صبغ الشعر من المرأة أو الرجل  لأن ذلك من الغش والتدليس الذي نهى عنه الإسلام وحذر منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( من غشنا فليس منا ) والرؤية إنما جعلت لمعرفة الحقيقة  وهذه الأشياء تحول دون معرفة الحقيقة.

س : لو أن رجل يعمل عملا مهنيا غير مناسبا اجتماعيا لخطبة طبيبة  وهو يعلم أنه لو  تقدم لخطبتها لن توافق فهل يجوز له  أن يختبئ هذا الرجل لهذه المرأة ليرى منها ما يدعوه لنكاحها ؟
ج : لا يجوز .. لأن حكم النظر الرجل إلى المرأة التي يرغب في نكاحها أن يغلب على ظنه انه يجاب إلى نكاحهِ منها.
س: هل يجوز أن تقابل امرأة رجلا يريد خطبتها وتخرج اليه ليراها وهى ترفضه ؟
ج : لا يجوز .


المبحث العاشر
الآثار المترتبة على الرؤية

إذا اجتمع الخاطب بمخطوبته ورأى كل منهما الآخر ، فإن كلاًّ منهما سيخرج بتصور معين تجاه صاحبه ، إما سلباً وإما إيجاباً . فإذا خرجا بالتصور الإيجابي ، وهو موافقة كلٍّ منهما للآخر وارتياحه إليه فذلك هو الأمر المراد والأمل المنشود حيث يعقبه الاتفاق على الزواج.
أما إذا خرجا بالتصور الآخر وهو عدم التوافق والارتياح ، فإنه ينبغي على كل منهما أن ينْسلَّ من صاحبه انسلال الشعرة من العجين ، فلا يصرح بعيوب ولا يجرح بكلام ولا يعاتب أحداً على مشورة ، لأن ذلك يؤذي الطرف الآخر ، كما أنه بذاته سوء أدب.


المبحث الحادي عشر
الحديث مع المخطوبة
الحديث مع المخطوبة  جائز لأن فيه مقصود لذلك :
أولا: معرفه الصوت وعذوبته  وطريقة الحديث وكيفيته و ومعرفة خلو اللسان من العيوب من طريقة الحديث
ثانيا : أيضا معرفة عقل الرجل وعقل المرأة والناحية الفكرية لكلا منهما .


المبحث الثاني عشر
مدة الرؤيــــــة وتكـــــــــرارها

يجوز التكرار للحاجة لحديث سهل بن سعد : ( أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله جئت لأهب لك نفسي ، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعَّد النظر إليها وصوبه ثم طأطأ رأسه ).
فدل الحديث على أن الرسول صلى الله عليه وسلم بالغ في التأمل وكرر النظر ، فنظر أعلاها وأسفلها وعلى هذا فالرؤية ليست محصورة بوقت أو مقيَّدة بعدد وإنما هي  بحسب ما يتم به المراد من معرفة الأوصاف المراد معرفتها.


المبحث الرابع عشر
التوكيل في الرؤية
المسألة الأولى : توكيل المرأة الأجنبية لرؤية المخطوبة وتوكيل الرجل الأجنبي لرؤية الخاطب .
هذه المسألة جائزة ، فيجوز للرجل أن يوكِّل امرأة أجنبية عن المخطوبة لتراها عنه، ويجوز للمرأة أن توكل رجلاً ليرى الخاطب.

المسألة الثانية : توكيل الرجل الأجنبي لرؤية  المخطوبة  المرأة الأجنبية لرؤية الخاطب .
لا يجوز لان الأصل في النظر أنه محرم إلا للحاجة.


س : هل يجوز أن يراها عبر كاميرا النت ؟
ج: نعم يجوز ولكن  بشرط أن تكون هذه الكاميرا ترصد الحقيقة .


خلاصة البحث

1)   أن نظر الخاطب إلى مخطوبته أمر جائز في قول عامة أهل العلم ، بل إن البعض يرى أنه مستحب .

2)  أن المخطوبة كذلك يجوز لها أن ترى خاطبها .

3) أن نظر الخاطب والمخطوبة إلى بعضهما أمر مهم جداً لا ينبغي إغفاله ، ففيه يَطَّلع كلٌّ منهما على مواصفات الآخر ليُقْدِم على الزواج عن بينة أو يُحجم عنه .

4) أن الراجح في القدْر الذي يراه الخاطب من مخطوبته  هو (رجح الشيخ المحاضر الوجه والكفين فقط ) القدر الذي يراه المَحْرَم ــ غير الزوج ــ من محارمه ، من جواز رؤية الوجه والكفين والقدمين والرأس والرقبة والساعدين والساقين وغير ذلك مما يجوز للمحرم رؤيته (هذا مارجحه مؤلف الكتاب ).

5)  أن وقت الرؤية يمكن أن يكون قبل الخطبة ويمكن أن يكون بعدها وهو الأَولى .

6)  أن رؤية المخطوبة يمكن أن تكون بدون إذنها ويمكن أن تكون بإذنها وهو الأَولى .

7) أن المخطوبة قبل العقد أجنبية عن الخاطب فلا يجوز للخاطب أن يخلو بها من غير محرم ، ولا أن يمس بدنُه بدنَها ولو من غير شهوة .

8)  أنه لا يجوز للخاطِبَينِ وضع المساحيق وأصباغ الشعر عند الرؤية ، لأن ذلك من التدليس الممنوع .

9) أن الأوصاف التي تفيد فيها الرؤية هي الأوصاف الجسمية ، أما الخُلُقية والسلوكية فلا تفيد فيها الرؤية ولو طالت .

10)   أنه يجوز الحديث مع المخطوبة لسماع صوتها ومعرفة طريقة حديثها وفكرها العام .

11)   أن مقدار مدة الرؤية وعددها منوط بحصول المقصود ، فإذا تحقق الخاطب من أوصاف مخطوبته لم يَجُزْ له الاستمرار في الرؤية لأنه أجنبي عنها .

12)   أنه يجوز توكيل المرأة لرؤية المخطوبة ، وتوكيل الرجل لرؤية الخاطب  إذا لم يستطع كل منهما رؤية الآخر ، ولا يجوز توكيل الرجل الأجنبي عن المخطوبة لرؤيتها.

13)          أنه يجوز لكل من الخاطب والمخطوبة رؤية صورة الآخر الطبيعية حديثة التصوير إذا لم تُمْكِن الرؤية المباشرة .

والله تعالى أعلم.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق