>

الأربعاء، 13 يونيو 2012

الدعوة إلى الله




الدعوة إلى الله
ما زال حديثنا مستمر في ذكر سبل النجاة من هذا البحر المتلاطم من الخسران الذي اخبرنا عنه الله سبحانه وتعالى انه محيط بكل ابن آدم وكل جنس للإنسان إلا من استثناه الله عز وجل ممن تعلقوا بطوق النجاة والذي ذكر له مفردات أربع هو قوله تعالى "والْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات ِوَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) "
وتكلمنا في المرات السابقة عن ركنين من أركان بناء الشخصية المسلمة المتكاملة التي هي اللبنة الأولى في صرح التغيير .


وكان الركن الأول هو ركن العلم
وتكلمنا عنه بالتفصيل وبرنامج تفصيلي لطلب العلم وتكلمنا بعد ذلك عن العمل الصالح واعددنا جدول عملي لأعمال اليوم والليلة بحيث نضع كلامنا ليكون موضع التنفيذ وان آمل حقيقة أن يكون حدث نوع من التغيير وان نكون بدأنا نضع أقدامنا على أمر التعلم بمنهجية واضحة وكذا العمل الصالح واستدراج كل واحد منا مما في برنامجه من نقص من الأعمال التي يلزمه أن يعملها كإنسان متدين .

نتكلم إن شاء الله عن الركن الثالث للنجاة من الخسران ألا وهو الدعوة إلى الله وهو المعني بقوله سبحانه "وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ" قال الإمام السعدي التواصي بالحق هو الإيمان والعمل الصالح فالركنان السابقان هم العلم والعمل الصالح فالتواصي بالحق هو أن نوصي بعضنا بالعلم والعمل الصالح  ويحثه عليه ويرغبه فيه .
وأيضا يقول بن كثير رحمه الله وتواصوا بالحق أي أداء الطاعات وترك المحرمات .
ويقول القرطبي في قوله "وتواصوا بالحق " تواصوا بالتوحيد ويذكر انه مروي عن الضحاك وابن عباس .
وعن قتادة قال تواصوا بالحق أي بالقران وقال السدي تواصوا بالحق الحق هنا هو الله سبحانه فالتواصي بالله أي التواصي بطاعته .

من جملة هذه التفسيرات نصل إلى معنى تفصيلي للآية  تواصوا بالحق أي تواصى أهل الأيمان على الإيمان والعمل الصالح أو القران أو الطاعة لله عز وجل أو إجمالا هو التواصي بأداء الطاعات  وترك المحرمات وهذا كلام في غاية الأهمية .

سأحاول أن اخرج عن النمط الأكاديمي في الكلام عن الدعوة والكلام عن معناها وأهميتها وان كان هذا كلام هام بلا شك لكني أتحدث في الموضوع بصورة واقعية نوعا ما لا نتحدث عن الدعوة وأهميتها وتكون الأخت تتمنى أن تنفذ ولكنها لا تدري كيف  فسأحاول أن يكون الجزء الأكبر من كلامنا بصورة عمليه وواقعية .
الدعوة في اللغة أي طلب الذهاب إلى شيء فلو أن عندي مأدبة فادعوا فلان إلى المأدبة أي طلبت منه أن يذهب إليه وهذا المعنى اللغوي
 

فعندما نقول نحن ندعو إلى الله أي أننا نطلب من الناس أن تذهب إلى الله لا يذهبون بل يفرون قال تعالى "فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْه ُنَذِير ٌمُبِينٌ " وهذا أمر في غاية الأهمية في تصور معنى الدعوة فحقيقة الدعوة إلى الله هي طلب الداعي أن يمتثل الناس ما أمر الله عز وجل به أو أن يصدقوا ويؤمنوا بما اخبر الله عز وجل به وبعض الأحيان أن نطلب من الناس الاستقامة على ما علموه أن أمر من الله سبحانه وتعالى لذا كل الأنبياء كان لهم وظيفة أساسية إلا وهي الدعوة إلى الله قال تعالى في القران "قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي" وأيضا في سورة الأحزاب "وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ و َسِرَاجًا مُنِيرًا" وقال سبحانه في سورة الرعد "إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِر ٌوَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ" وهاد هنا هي هداية الدلالة والإرشاد كما قال تعالى "وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" وقال سبحانه في حق مؤمن آل فرعون بعدما بزل جهده واستفرغ وسعه في أن يوصل إلى قومه ما عنده من الحق وان يدعوهم ويطلبهم في ان يفروا مما هم فيه من الباطل حتى كانت آيات من أروع الآيات التي يستنبط منها الإنسان فقه الدعوة وأساليبها وأولوياتها قال تعالى في سورة غافر عن مؤمن آل فرعون  حاكيا عنه "وَيَا قَوْمِ مَالِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ" إذا الدعوة إلى الله هي دعوة للنجاة ودعوة للفرار من النار .


وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب " ".. فوالله لأن يهدى الله بك رجل واحد خير لك من حمر النعم " النعم أي الأنعام الحمراء وهي من أنفس الأنعام عند العرب وفي رواية أخرى " خير من الدنيا وما فيها " وهذا يدل على إن الدعوة إلى الله هي تشمل الدعوى بعمومها فالذي يدعوا إلى العقيدة السليمة والتوحيد والإخلاص في العمل لله تعالى كما قال الضحاك وبن عباس هذا يسمى دعا إلى الله ولو رد الشبهات وأزال الانحرافات العقدية عند الناس هذا يسمى دعا إلى الله ومن دعا إلى عمل الفرائض من صلاة وزكاة والوفاء بالعهد ونحو ذلك فقد دعا إلى الله ومن دعا إلى إصلاح الباطن بإصلاح السريرة والخوف من الجليل جل وعلى وإصلاح أعمال القلوب عن طريق حب الله عز وجل وحسن التوكل عليه والإنابة إليه والإقبال عليه والأنس به جل وعلا والهرب من غيره إليه فقد دعا إلى الله جل وعلا ومن أمر بالمعروف ومن نهى عن المنكر فقد دعا إلى الله ومن جاهد في سبيل الله بلسانها أو بماله أو ببدنه ونفسه فقد دعا إلى الله .

ولذلك فان الدعوة إلى الله غير مختصة بباب دون باب فكما يقول شيخ الإسلام بن تيمية بكلام له معناه " إن الدعوة إلى الله تتنوع من حيث الوجوب ومن حيث الوقوع " فهي ليست شيئا واحدا فالدعوة إلى الله تكون بمعنى انتشار الدين وان يكثر عدد المتدينين والملتزمين يشرع الله عز وجل .
في الحقيقة هذا هدف كلي ينبغي أن نسعى إليه جميعا لان هذا الهدف فيه صلاح الأمة كلها في الحديث النبي صلى الله عليه وسلم "ويل للعرب من شر قد اقترب فقالت له بعض أزواجه " أنهلك وفينا الصالحون" قال "نعم إذا كثر الخبث "

 
فإذا أردنا أن نقلل هذا البلاء ماذا نفعل نكثر الصالحين ونقلل الخبث إذا المنهج العملي الكلي أن نسعى إلى تكثير الصالحين وتقليل الخبث في الأقوال والأعمال والأنفس وهذا أمر هام جدا وهذا هو واقع التغيير بصورة كلية ولذا قال تعالى في سورة آل عمران " وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْر ِوَيَأْمُرُون  َبِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" إذا لابد لهذه الأمة أن يكون لها كفاية في هذا الباب من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعوا إلى الخير فإذا لم يحدث هذا أثم كل قادر فكل من لا يدعوا وهو قادر فهو آثم لتفريطه في الواجب عليه وأيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم " نضر الله امرئ سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمعها " فوعاها أي بلغها فسبحان الله فعندما نخاطب الأخوات الأتي من أوائل اهتمامهن نضارة الوجه فمن أرادت نضارة الوجه الحقيقية يعيدا عن المساحيق فنضارة الوجه الحقيقية في الدعوة إلى الله عز وجل فالإنسان يسمع مقلة النبي صلى الله عليه وسلم فيعيها يحفظها كما سمعها ثم يؤديها أي يبلغها للناس وأيضا من الأمور التي تحسن الوجه قيام الليل فقد سئل الحسن " ما بال المتهجدين أحسن الناس وجها قال " خلوا بربهم فألبسهم من نوره "
فمن علم مسألة من دين الله ثم وعاها بدليلها هو حينئذ عالم بالمسألة إذا بلغها إن شاء الله داخل في هذا القول وهذا يفتح لنا باب عظيم من أبواب الخير وهو هل يشترط الإنسان حصل قدر كبير من العلم كي يبلغه قدر كبير من العلم والفضل في الدعوة ليؤذن له في الدعوة بالطبع فديننا عظيم في كل شيء فتخيلوا باب التوبة فلو أن إنسان أتى بكل الموبقات ثم تاب ماذا يفعل هل يأتي إلى القسيس ليفضح نفسه أمامه أم يدفع صكوك الغفران أم يقتل نفسه أو يقطع أجزاء من جسده هذه صور ممن يريدون التوبة سواء في الأمم السابقة أو بعض الانحرافات في عهدنا الحالي لكن انظر إلى التوبة عندنا واليسر الشديد "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِم ْلَا تَقْنَطُوا مِن ْرَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّه َيَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا " كذا تيسير أمر التطهر إنسان أصاب بدنه النجاسة ماذا يفعل .....بالماء ...من لم يجد يتيمم دون حرج أو مشقة "مَا يُرِيد ُاللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِن ْيُرِيد ُلِيُطَهِّرَكُمْ "
من ضمن وسائل التيسير الدعوة إلى الله عز وجل ليس عندنا في الإسلام كهنوت  عند النصارى عنده نظام الكهنوت فليس كل احد يستطيع أن يكون رجل دين فعنده طقوس وصفات وإذا وجدت ممكن أن يرفض فمثلا شنودة هذا الذي هلك آخر هذا ليس اسمه شنودة اسمه نظير فلكي يترهبن فينبغي أن يصلي صلاة الجنازة على شخصيته القديمة وتولد شخصية جديدة جدا ويأخذ اسم من أسماء الرهبان القدامى أو احد الرسل الذين نشروا رسالة المسيح ويبدأ في اعتزال الناس ويذهب إلى أماكن مهجورة ولا يتطهروا من النجاسات ويترفعوا عن الأطعمة ويأكل ما يقيمه فقط وكذا من الماء بصورة شديدة وثقيلة على النفس .......
.
 


لكن الأمر عندنا يسير جدا الله تعالى يقول "وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْر ِفَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ" فالقران ميسر للحفظ فتجد الطفل عنده ثلاث سنوات وتراه ويقرأ القران سبحان الله وهو لا يفهمه فالقران ميسر للحفظ وميسر أيضا للفهم  فاغلب الأجانب الذين اسلموا لأنهم قرأوا تفسير القران ومعانيه ففهموها من ضمن القصص الطريفة أخ  في دولة غربية وهو من أصل عربي وأراد أن يتزوج بواحدة من تلك البلدة فرفض والده إلا أن تسلم فذهب إليها وأعطاها بعض الكتب عن الإسلام وعرض عليها الإسلام وبعد أن انتهت من الكتب ذهبت إليه وأخبرته أنها انتهت من الكتب واعتنقت الإسلام ولكن لن أتزوجك لأنك لا تلتزم بالإسلام أساسا  فهذه مثلا في العشرينيات من عمرها وتربت على التحرر ومع ذلك لما قرأت القران وتعاليم الدين دخلت في الإسلام في شهرين أو ثلاثة ومسألة التدين ليست بصعبة بل في غاية السهولة .....هذا كان استطراد في مسألة الدعوة إلى الله النبي صلى الله عليه وسلم فتحها من حديثة " نضر الله امرئ سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمعها" فكل من يسمع مقالة ويعلمها ويعيها فلا عذر لأحد أن يغلق على نفسه هذا الباب .

قال عز وجل فضل الدعوة إلى الله "لَا خَيْر َفِي كَثِيرٍ مِن ْنَجْوَاهُم ْإِلَّا مَنْ أَمَر َبِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَو ْإِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَل ْذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا" فالذي استثنى من الكلام هو من أمر بصدقة أو معروف فالذي يأمر بالمعروف وكذا الذي يأمر بصدقة ويصلح بين الناس هذا ممن يؤتيه الله الأجر العظيم يوم القيامة وهذا لمن ابتغى بعمله مرضات الله عز وجل

وكذا قوله في سورة فصلت " وَمَن ْأَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِن َالْمُسْلِمِينَ"    قال الحسن " هذا أجاب الله في دعوته ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه هذا صفي الله هذا حبيب الله هذا ولي الله " الحسن البصري يثني على الذي يسلك طريق الدعوة إلى الله عز وجل والذي استجاب لهذا النداء فيقول هذا حبيب الله هذا صفي الله هذا ولي الله فهي من اشرف المهن العلماء قالوا في الحديث النبي صلى الله عليه وسلم قال " العلماء ورثة الأنبياء وان الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن اخذ به اخذ بحظ واسع " وهذا من فضائل الدعوة إلى الله يضاف إليها قوله إن الدعوة إلى الله سبب لمنع هلاك هذه الأمة وان الدعوة إلى الله سبب لتحصيل اجر عظيم وإنها حجر أساس وبناء لهذه الأمة .


يبقى مسألة حكم الدعوة إلى الله عز وجل قلنا أن الدعوة إلى الله واجب كفائي ولكن في حالة عدم وجود من لا يقوم بهذا الواجب الكفائي يتعين على كل قادر أن يقوم بهذا الواجب .

فما أهداف الدعوة إلى الله إذا ؟
أولا إقامة الفرد المسلم وإقامة المجتمع المسلم
 وهذا هدف وأمنية ممكن أن تتحقق وممكن ألا تتحقق وأيضا الأعذار إلى الله بأداء الأمانة أي قدمت عذرك فسواء إن استجاب لك الناس أو لا فقد اعذر إلى الله فلم يقع في العقوبة يقول لله عز وجل قد بلغت يا ربي حق العلم سواء الناس امنوا أو لم يؤمنوا فبالتالي الأعذار إلى الله بأداء الأمانة وأيضا إقامة الحجة لله الله سبحانه من حكمته انه لم يكلف الناس بالميثاق الأول الذي أخذه عليهم وهم في ظهر أبيهم آدم قال تعالى "وَإِذ ْأَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَم مِنْ ظُهُورِهِم ْذُرِّيَّتَهُم ْوَأَشْهَدَهُم عَلَى أَنْفُسِهِم ْأَلَسْت ُبِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَن ْهَذَا غَافِلِينَ172) أَو ْتَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِن ْبَعْدِهِم ْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173" هذا هو الميثاق الأول كما قال حافظ الحكمي واخذ عليهم الميثاق أن لا رب معبود بحق غير الله
 
إذا وهم في ظهر آدم كالذر اخذ عليهم العهد انه لا رب معبود بحق غيره هذا هو الميثاق الأول الذي ترتب عليه الفطرة وهي الانبعاث أو لتوجه إلى الله عز وجل أو أن قوة النفس تدعوا إلى التوحيد .
الله عز وجل لم يكتفي بهذا الميثاق إنما قال "رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِين َلِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّه ِحُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا" فمن حكمته سبحانه أن أرسل الرسل لتقيم الحجة وعلق العذاب على من وصلته هذه الحجة الثانية "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا" فالرسل الله عز وجل أرسلهم قطعا للمعذرة وإقامة الحجة الذي يدعوا إلى الله يعمل في هذه المهنة التي شرفه الله عز وجل بها ليكون ممن استعملهم الله لإقامة حجته على خلقه .
الدعوة ليس لها وقت أو مكان ورد على لسان نوح عليه السلام قوله"قَالَ رَبِّ إِني دَعَوْتُ قَوْمي لَيْلًا وَنَهَارًا" وقوله سبحانه عن حال يوسف عليه السلام قال "يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أأَرْبَاب ٌمُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِد ُالْقَهَّارُ" فدعا إلى الله عز وجل وهو في السجن والنبي صلى الله عليه وسلم كان يدعوا في الأسواق ودعوة في السر ودعوة في الجهر ويدعوا الإنسان وهو صبي ويدعوا وهو كبير وهو بالغ وهو هرم وهو شيخ كبير طاعن في السن كل هذا لأنه ليس هناك وقت أو زمان للدعوة وليس هناك مكان للدعوة .

الدعوة من حيث الأمر العام تنقسم إلى قسمين
دعوة عامة ودعوة فردية  والدعوة العامة أن يوجه الإنسان دعوته إلى كم كبير من المدعوين مثل من تعطي درس في مسجد أو من تعطي كلمة في مدرج الجامعة أو من تعطي درس على النت أو من تحفظ القران المهم أن أمامها مجتمع من الناس تلقي إليه الكلمات وتوجه لهم الوسائل الدعوية .
أما الدعوة الفردية فيصبح هناك تكثيف للوسائل الدعوية على شخص أخت تركز على أخت بعينها وتدعوها إلى الله بصورة فردية
وممكن أن نستفيض في هذا التقسيم فيما بعد
إذا فقد تحدثنا عم حكم الدعوة ومعناها وأهدافها وتقسيمها .

وسائل الدعوة وأساليبها
هناك تبليغ بالقول مثل الخطبة أو المحاضرة أو المناقشة أو المناظرات إلى غير هذا وهناك تبليغ للدعوة بالعمل أن يقيم الإنسان دعوة بعمله وهذه تدخل في إنكار المنكر باليد وان يقيم أعمال بيديه يتأسى به الناس وهناك نوع آخر وهو تبليغ الدعوة إلى المدعوين بالسيرة الحسنة كما قالت السيدة عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم " كان قرآن يمشي على الأرض"
فلو أن أخت تدرس في الجامعة وعاشت في وسط مجموعة من الطالبات فهم يتعلمون منها من خلال الثلاث وسائل أول  وسيلة أن تقوم بعمل حلقة قرآن من باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "نضر الله امرئ سمع مقالتي فوعاها ........" ومن الممكن أن تأثر فيهم بالفعل بان تقوم بإنكار المنكر عن طريق إزالة المنكرات على جهاز أخت لها ولكن بضوابط إنكار المنكر أو تقوم بعمل دعوي يشتركوا فيه أما السيرة الحسنه فبعيشهم معها يستفيدوا يجدوها تتحدث في الهاتف بأسلوب جيد يرونها تلتزم بالحجاب الشرعي تقرأ القرآن يجدوا فيها من المعاني الجميلة مثل الإيثار والرحمة والتكافل والكرم والسماحة وحسن الظن بالمسلمين وعدم سوء الظن .


أما أساليب الدعوة
 فأولا "عرض الحق " كما فعل النبي عندما كانوا يقولون له إن شئت ملكا ملكناك و....و..... قال صلى الله عليه وسلم " أفرغت يا أبا الوليد فاسمع إذا "وعرض عليه آيات القران .
إذا أول أسلوب من أساليب الدعوة هي عرض الحق من آية أو حديث .
ثاني أسلوب "إزالة الشبهات " شبهة أي أن هناك باطل مطلي بالحق كالذي أتى بحلي من النحاس وطلاه بالذهب من يراها ماذا يظن بها من لا يعلم يظن أنها ذهب ولكن من عنده خبرة أو من يمسكها جيدا أو من يأتي بأحد ليشرح له الفرق هذا معنى كلمة شبهة فهو باطل ومغلف ببعض الحق ليمر بين الناس وكثير من الناس يتأثرون بهذا الباطل فدوري أنا كداعي أن أزيل هذه الشبهات وأناقشها وأفندها وأبينها للناس .
أيضا من أساليب الدعوة الترغيب .... أنا ادعوه إلى الله أي اطلب منه أن يتوجه إلى الله عز وجل فلأخرجه من حالة الكسل والرقاد التي يعيش فيها أقول له أن الله سيبارك لك في سعيك وسيبارك لك في رزقك وسيدخلك جناته هذه هي أساليب الترغيب التي ستنهض الهمة وتثير عزم النفس وتسهل السير إلى الله .
أيضا من الأساليب " الترهيب " احذره من عدم السير إلى الله بان العقوبة ستناله وان العقوبة أنواع عقوبة في البرزخ وعقوبة في الدنيا وعقوبة في الآخرة .
ومن الأساليب المهمة جدا من أساليب الدعوة إلى الله أسلوب التعليم بان تحدد جلسه ونحدد موضوع للدراسة ويقرأ فيه بتمهل الى ان يتم الكتاب اعلمه الحق.
وأيضا من ألأساليب التربية فالتربية تعني التدرج في بلوغ الكمالات بان أتعهده كل يوم أعطي له شيء معين واسأله لماذا لم يقوم بهذا وما المعوقات فكيف نتغلب عليها هناك معوقات ...........وهكذا.
هل كل هذه الأساليب تنفع مع كل الناس ؟ لا بل كل إنسان يناسبه نوع من هذه الأنواع


 وهذا يجعلنا نقول ما هي أصناف المدعوين .
أصناف المدعوين الملأ وهم علية القوم ويسمون بالملأ لأنهم يملئون النفس مهابة ويملئون النفس إجلالا معهم أموال وسلطة وهناك من المدعويين عموم الناس......هذه تقسيمه .
وهناك تقسيم آخر أن يقسم الناس إلى كفار ومنافقين وعصاه. والكفار سواء كفار أصليين أو مرتدين كل من ليس بمسلم ويعلنوا ذلك ويتبرءوا من الإسلام أما المنافقين فيبطنوا الكفر ويظهروا الإسلام كيف يعرفوا إذا  الله تعالى قال "وَلَو ْنَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُم  ْفَلَعَرَفْتَهُم  ْبِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30" فكلامهم يظهر منه إنهم منافقين عن طريق فرحهم بهدم الإسلام بغضهم لعلو الإسلام بغضهم لعموم المسلمين كل هذا يوضح لنا إنهم منافقين .
عموم العصاة وهم أقسام منهم فساق ومجاهرين بالفسق ومسرفين ومنهم أصحاب معاصي لكنهم ليسوا مجاهرين بالفسق .

 
هذا تصور عام عن الدعوة ومعناها وأهدافها وأقسامها وأساليبها ووسائلها وأصناف المدعوين يبقى معنا الداعي إلى الله وهذا لابد له من وسائل وأدوات يتسلح بها أولا لابد للداعي إلى الله أن يكون عنده فهم دقيق ليس مجرد علم بل فهم عميق بالمسائل .
إذا الفهم الدقيق _الإيمان العميق _الاتصال الوثيق .
الإيمان العميق أي الإيمان بقضيته الإيمان بالدعوة والمنهج الذي يسير عليها إيمان راسخ كل من حوله يهتز وهو لا على ثق من طريقه .
أما الاتصال الوثيق بان الداعي إلى الله لابد أن يكون متصل بالله سبحانه بالصلاة والدعاء والانكسار والتوكل والمعاني القلبية والذكر وغير هذا إذا الإنسان لا يركن إلى نفسه أبدا أنما هو متصل بربه سبحانه وتعالى .
رابعا أن يتحلى الداعية بأخلاق الدعوة وهي الصدق في الأقوال والأعمال والصبر بأقسامه الثلاثة صبر على الطاعة وصبر عن المعصية  والحكمة ومعناها وضع الشيء في موضعه والرحمة يرحم الناس فبعض الناس تستشعر انه يريد أن يدخل الناس النار نفسيته سوداوية
التواضع ومخالطة المجتمع فلا يمكن أن يدعوا الناس وهو يجلس في برج عاجي بعيدا عن الناس "الذي يخالط الناس ويصبر على ازاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على ازاهم "
وكل ها هو العدة للداعية إلى الله


ما هو موضوع الدعوة الذي ندعو الناس إليه ؟
سندعوهم إلى الدين وهو الإسلام والإيمان والإحسان .
كل ما تكلمت فيه هو رؤوس أقلام كل عنوان يحتاج أن نقف له وقفات طويلة لكني ذكرته بالصورة الإجمالية لأني احتاج أن يكون عندنا تصور إيماني ما هي الدعوة إلى الله  فهذا عبارة عن فهرس دعوة


هناك دوائر للدعوة يستطيع أي احد أن يدعوا فيها
 أولا دائرة النفس أن الإنسان يدعوا نفسه ولماذا أذكركم بهذا أن كثير من الناس بعد انخراطه في العمل الدعوي ينسى نفسه فيحضر الدروس ليستفيد الناس وينسى نفسه وهذا خسران فأول من يدعوا هو نفسه  بالترغيب والترهيب وإزالة الشبهات وعرض الحق والتربية والتعليم يدعوا نفسه .
ثانيا دعوة أفراد الأسرة الذي تعيش معهم الأخت سواء متزوجة ومع أولادها أو سواء هي ما زالت في بيت والدها فالحيز الذي تعيشين فيه لا يدخله إلا أنت من يستطيع أن يصل إلى أبناءك إلا أنت من يستطيع أن يصل إلى الزوج إلا أنت من يصل إلى والدتك أو أخواتك إلا أنت فهذه دائرة الأسرة التي ترتبط بك ارتباط وثيق .
ثالثا دائرة الأقارب الأعمام والأخوال والعمات والخالات ومما لا شك فيه أن أي احد يريد أن يكون متدين أن يصل رحمه وسيكون له كلام معهم ولابد أن يوصل لهم الدعوة .
دائرة أخرى هي محل السكن أي أخت تسكن في عمارة هذه العمارة فيها شابات ونساء ولابد أن يكون لك مجال للكلام معهم .
الدائرة الرابعة هي دائرة الزميلات في الدراسة الذين تقضي معهم خمس ساعات يومية هؤلاء محل دعوة هم دائرة من الدوائر الدعوية .
وهناك دائرة أخرى وهي دائرة الأصحاب المقربين الذي بينك وبينهم صلة .
دوائر أخرى فلو أن الأخت تحلت بصفات الداعية من الممكن أن تنزل المسجد دعوة مع الأخوات عن طريق النت أو دعوة النساء عن طريق النقابات واستغلال المناسبات مثل عرس أخت تتعرف على من فيه وتدعوهم إلى الله أريد أن يستغل الكلام الطبيعي بين الأخوات ليكون في الدعوة إلى الله .
كل ما ذكرناه دوائر العمل الدعوي ومجالات العمل الدعوي لا يحتاج من الأخت أن تكون داعية مبرزة ولا يحتاج من الأخت أن يصدره احد .
 

اختم إن شاء الله هذا الكلام بكلمة جميلة أحب أن أقولها في هذا الموضوع لنفسي أولا ولكل من يسمعها "صمام أمان أي شخصية المساحة التي تتركها للنصيحة " أي الصمام الذي يمنع الشخصية أن يأتي إليها خطر فكلما تركت الأخت مساحة كبيرة للنصيحة كان صمام الأمان عالي جدا وكلما أغلقت الأخت أبواب النصح أو تغلق أي باب أمام احد أن يوجه لها عتاب أو لوم أو توجيه كلما كانت محاطة بالمخاطر وتعيش فعلا بدون صمام أمان فينتبه لمثل هذا .ممكن نكمل في المرة القادمة حديث "الدين النصيحة "

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق