>

الجمعة، 1 يوليو 2011

(باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه)


بسم الله الرحمن الرحيم
(باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه)

قال تعالى }   قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ
{
عن عِمران بن حصين أن النبي صلى الله علية وسلم رأى رجلاً في يده حلقة من صُفْرٍ . فقال: «ما هذه ؟» قال : من الواهنة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « انزعها، فإنها لا تزيدك إلا وهناً ؛ فإنك لو مِت وهي عليك ما أفلحت أبداً » . رواه الإمام أحمد بسند لا بأس به.
ولـه عن عقبة بن عامر مرفوعاً : « من تعلّق تميمةً فلا أتمَّ الله له، ومن تعلَّق وَدَعَةً فلا وَدَع الله لـه » . وفي رواية : « من تعلق تميمة فقد أشرك » .
ولابن أبي حاتم عن حذيفة : أنه رأى رجلاً في يده خيط من الحُمَّى فقطعه وتلا
قولـه تعالى: }وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ {
تكلمنا فيما سبق عن التوحيد وبيان التوحيد وفضل التوحيد
وفى هذا الباب إلى آخر الكتاب تفصيل التوحيد ببيان ما هو ضد التوحيد
و لمعرفة التوحيد لابد من معرفة حقيقته ثم معرفة ضده لذلك
يقول الشاعر: وبضدها تتميز الأشياء
في الدروس السابقة تكلمنا عن التوحيد وفضله وتفسيره والدعوة إلى التوحيد وخطورة الشرك كل هذه الأشياء مجملة وسنأخذ بإذن الله بقية الأشياء بالتفصيل

باب من الشرك لبس الحلقة أو الخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه
(باب من الشرك)أي من أنواع الشرك لبس الحلقة أو الخيط ونحوهما

الحلقة والخيط أشياء تعلق أو تلبس إما تعلق على البدن أو الدابة أو المنزل أو الشقة يظن أن هذه
الأشياء تحرص البدن أو الحصان أو السيارة أو تحرس المحل كل هذا عادة جاهلية من عادات
أهل الجاهلية,وكلما زاد الجهل كلما زادت مثل هذه الأشياء , المقصود من هذه الأشياء بالنسبة لهم دفع الشرور
الله عز وجل إذا أراد بعبده شيئا , لابد أن يقع سواء كان هذا الأمر في نفس العبد أو أهله أو في ماله ,بمعنى أن من لبس حلقة أو خرزة زرقاء أو حجاب أو خمسة وخميسه أو حظاظة بهدف رفع بلاء أو جلب حظ
  قال تعالى    }وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ {
تفسير الآية:أي قل يا محمد للمشركين أفرأيتم ما تدعون من دون الله ماذا الذي كانوا يدعون من دون الله ؟كانوا يدعون الأصنام والأحجار والأشجار والقبور والأضرحة والاولياءالصالحين وغير ذلك

قال تعالى } قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ {

لو أن الله عز وجل أراد بالعبد الفقر أو ضياع المال أو حادثة سيارة أو حرق منزل أو أي شئ يضر العبد ,هل هذه الأصنام أو المعبودات مثل الأحجار أو الأشجار أو القبور أو الأضرحة أو أولياء الله الصالحين الأموات منهم والأحياء هل هذه المعبودات تستطيع كشف الضر عن من دعاها ؟بالطبع لا تستطيع

قال تعالى    }وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ {الزمر: ٣٨

السؤال هنا(هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ) هذا سؤال استنكاري لذلك المشرك والكافر والمرتد وغيره يمرض ويقتل ويصاب وماله يضيع ورغم ذلك لا تستطيع هذه المعبودات الباطلة أن تدفع عنه شئ نزل من الله سبحانه وتعالى

لو أرادني الله برحمة (صحة أو مال أو سلطان) أو أي نوع من أنواع الرحمة بالعبد هل هناك أحد من الخلق يستطيع أن يمنع نزول هذه الرحمة عن أحد من عباد الله ؟ لايستطيع
النبي صلى الله عليه وسلم سأل هذا السؤال على رؤوس الأشهاد طبعا لم يجيبوه ولن يجيبوه ,فهذا دليل واضح على بطلان الشرك

الشرك الذي ضده التوحيد نوعان:
1-ما يضاد أصل التوحيد (الشرك الأكبر)لأنه ينافى أصل التوحيد ومن يفعله خرج من الملة
2-ما ينافى كمال التوحيد الواجب (الشرك الأصغر)لان كمال التوحيد الواجب عبارة عن أن الإنسان يتخلص من جميع أنواع الشرك

لذلك معروف الشرك الأكبر والشرك الأصغر وبعض الناس يضيف الشرك الخفي
كان مقصود الشيخ محمد عبد الوهاب في هذا الباب أن يبدأ ببيان صور من الشرك الأصغر التي يكثر وقوعها في الأمة ,والبداية تكون بالشرك الأصغر,لماذا؟
لأنه ينتقل من الأدنى إلى الأعلى ولأن الشبهات في الأدنى تكون ضعيفة بخلاف الشبهات في الأعلى

لذلك نترقى مرة وراء مرة حتى ينمو هذا التوحيد في القلب وتنمو العقلية التي تستطيع أن تدافع عن التوحيد عن طريق أن نبدأ من الأدنى إلى الأعلى إذن البداية من الأدنى إلى الأعلى تكون اقوي في الحجة وأمكن في النفوس,لذلك لبس الحلقة أو الخيط هذه أول باب من أبواب تفاصيل الشرك وهذا احد أنواع الشرك الأصغر

س:لبس الحلقة أو الخيط لماذا من الشرك الأصغر؟
لأنه اتخاذ سبب ولا سبب فيه.

لكي نثبت أن هذا سبب مؤثر فلابد أن يكون هناك أمرين:
الأمرالاول :لابد أن يُثبت هذا الامر من جهة الشرع :
أن يكون هناك سبب شرعي,السبب الشرعي من أين ناتى به عن طريق الكتاب والسنة,إما أن يكون في كتاب الله عز وجل أو في سنة النبي صلى الله عليه وسلم ,لذلك مثل هذه الأسباب عندما يتعلق القلب بها وهى في الحقيقة ليست بسبب فهذا يجعله من الشرك الأصغر

الأمر الثاني: لابد أن تُثبت بالتجربة:
مثال:
لو قيل أن معدن البلاتينيوم سبب في الشفاء فصنعوه على هيئة حلقة وضعناها في اليد وجربناها ووجدنا بالفعل أنها أحد أسباب الشفاء,لماذا؟لان البلاتينيوم فيه جزيئات تؤثر في الأمراض الظاهرة على الجلد ,اى كلام علمي مهم ,كان مقنع , وله وجه من الصحة ,فهل نقول لبس حلقة البلاتينيوم شرك اصغر ؟لا ,ليس من الشرك لأنه ثبت بالتجربة أنها لها اثر في الشفاء


مثال أخر:
نفترض أن إنسان يقول أن أكل البطيخ يسبب في زيادة الذكاء,بماذا نرد؟
نقول من أين جئت بهذا الكلام ,أين الدليل؟لابد من سبب علمي
لو قال أن البطيخ يشفى أمراض القولون العصبي,نقول أين الدليل؟ولكن لا نرد كلامه من أول وهلة
لكن
لوقال إن البطيخ يشفى الإنسان من الرياء,بماذا نرد؟
نقول لا,لا نقول أين الدليل ,لماذا؟لان الأدلة الشرعية تُثبت غير ذلك ,وأن من أسباب شفاء القلب من الرياء أن الإنسان يخفى عمله أو انه يفعل كذا وكذا

إذن اى إنسان يدعى أن هناك سبب يحدث المسبب (النتيجة) والله عزوجل لن يجعله سبب لا
شرعي ولا قدرا فقد أشرك
مثل لبس الحلقة يدعى انها سبب يحدث المسبب (الشفاء) ولم يجعل  الله عز وجل فيه سبب لا شرعا في كتاب الله عز وجل ولا السنة النبوية  ولا قدرا فهذا هو الشرك الأصغر(وهو جعل سبب أو اتخاذ سبب ولا سبب فيه )لا من دليل شرعي أو عقلي سواء كان طبي أو غيره .

هل يمكن أن يتحول الشرك الأصغر إلى الشرك الأكبر؟ نعم  , متى؟
عندما يعتقد العبد أن الحلقة أو الخيط أو حدوة الحصان أو الخرزة الزرقاء أو خمسة وخميسه تؤثر بنفسها بدفع الضر وجلب النفع ,فهذا شرك أكبر مخرج من الملة
الشرك الأصغرأن نقول أنها سبب في دفع الضر أو جلب النفع وهى في الحقيقة ليست بسبب
إذن الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر,أن الشرك الأكبرأن يعتقد في الشئ نفسه أنه ينفع ويضر مثل حدوة الحصان تنفع وتضر ,إما لو قال سبب في النفع أو الضر هذا شرك اصغر
قال الله تعالى } قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ   {
قال تعالى }وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ {الزمر: ٣٨
أي انتم تقرون أن الله وحده لا شريك له هو الذي خلق السماوات والأرض ,إذن لماذا تدعون غيره؟ وتتوجهون لغيره؟ طالما اعترفتم وأقررتم أن الله هو الواحد في ربوبيته وهل هذه الأشياء التي تتوجهون لها هل هي قادرة على دفع الضر عنكم ؟هل هي قادرة على جلب رحمة؟
نقول الحمد لله نحن موحدون ولا نقع في مثل هذه الأشياء من  الممكن أن إمرأة تطلب من الله
عز وجل أن يرضى عنها ,تتطلب من من؟من الله وهل هي في الحقيقة تريد رضي الله عز وجل
عنها؟
نعم,إذن لماذا تخبر بعض الأخوات وتقول أنا أبكى لكي يرضى الله عنى طالما تعتقدين أن الله عز
وجل هو الذي خلق السماوات والأرض وهو الذي انعم عليكى بكل ما انتى فيه وكفى بالإسلام
نعمة وكفى بالالتزام نعمة لماذا تقولين لغيرك هذا الكلام ؟هل هذه المرأة ستدفع عنك ضر أو
تجلب لكي نفع ؟لا إذن هذا قريب من ذلك

قال الله تعالى } قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ   {
تدعون:اى تعبدون من دون الله ,العبادة قد تكون بدعاء المسالة,وقد تكون بدعاء العبادة

والعبادة أنواع

هناك من كان يعبد بعض الأنبياء والرسل والصالحين قال تعالى } وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ { المائدة: ١١٦

وهناك من كان يعبد عيسى بن مريم عليه السلام
ومنهم من كان يعبد الملائكة
قال تعالى : } وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ { سبأ: ٤٠
ومنهم من كان يعبد الكواكب والأشجار والأصنام والشمس والقمر والوثن لذلك عندما يقال } قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ   { يدخل فيه كل من توجه
إليهم بشي من أنواع العبادة (هذا يسمى يدعون من دون الله) } قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ   { كل هذه الآلهة لا تضر
ولا تنفع هي لاتستطيع أن تسمع ولا تستطيع أن تفعل سبحان الله العظيم
وعن عِمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم  رأى رجلاً في يده حلقة من صُفْرٍ . فقال : «ما هذه ؟» قال :من الواهنة. فقال النبي« انزعها، فإنها لا تزيدك إلا وهناً ؛ فإنك لو مِت وهي عليك ما أفلحت أبداً » . رواه الإمام أحمد بسند لا بأس به.
عمران بن حصين بن عبيد الخزاعي هو وأبوه صحابيان ومن أفاضل الصحابة
النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجل وهو رجل مبهم لأنه لا يُعرف وبعض الروايات قالت انه هو عمران بن حصين دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وفى يده حلقة

الحلقة:شئ مستدير يوضع على العضد أو الزراع أو الأصبع
الصفر:نوع من المعدن ممكن يكون نحاس لونه اصفر

قال النبي صلى الله عليه وسلم ما هذه؟هل هذا سؤال استفهام أم سؤال استنكار؟
الواضح انه استنكار وقال بعض أهل العلم انه استفهام ,فإذا كان سؤال استفهام فبما يدل؟
لو أن إنسان رأى على إنسان شئ منكر يسأله أولا حتى يستفهم منه
فقال الرجل من الواهنة اى لبست هذه الحلقة من اجل دفع الواهنة وحمايتى منها

الواهنة:مرض يصيب اليد يسمى عند العرب الواهنة وكان من عادة العرب لبس الحلقة من أجل
الحماية من الوجع يزعمون أن هذه الحلقة تدفع هذا الوجع فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنزعها
النزع:هو الرفع بشده مسرعا ولا تتهاون في رفعها لأنها مظهر من مظاهر الشرك والنبي صلى
الله عليه وسلم علل على ما في بقائها من ضرر فقال إنها لا تزيدك إلا وهنا اى لاتزيدك إلا ضعفا
والوهن هنا هو الضعف والمرض

وهنا يؤخذ من هذا دليل أن لبس الأشياء التي يرتديها العبد بقصد دفع الضرر تسبب عكس
المقصود فمن يلبس شئ من أجل الوقاية من مرض يمكن أن تجلب المرض لقول النبي صلى الله
عليه وسلم فإنها لاتزيدك إلا وهنا
(فإنها لا تزيدك إلا وهنا فاِنك لو مت وهى عليك ما أفلحت أبدا)
معنى ذلك أن الشرك الأصغر لا يُغفر إلا إذا تاب منه (أي أنه يُعذب به إن لم يتب)

لماذا يكون الشرك الأصغر من الكبائر؟ لأن المعاصي إن لم تكن شرك فإنها لا تخل بالعقيدة أما الشرك الأصغر فانه يخل بالعقيدة

هل الشرك الأصغر يُغفر أم لا ؟ هنا خِلاف بين أهل العلم والراجح أنه يغفر على الصحيح
وأن قوله تعالى } إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء { هذا من الشرك الأكبر

ما أفلحت أبدا:معناها أنه وقع في شئ من الشرك وطالما أن الإنسان متلبس بالشرك فلن يفلح أبدا

من علق الحلقة معتقد أنها تنفع وتضر بنفسها هذا لايفلح أبدا بخلاف من علقها على سبيل التسبب
معنى على سبيل التسبب:أي اتخذها سبب لا يعتقد أنها تنفع وتضر بنفسها بل اِتخذها كسبب

(ما أفلحت أبدا) :أي عموم للنفي إما نفى مطلق الفلاح أو نفى نوع من الفلاح أو درجة من الفلاح

من علق الحلقة ويقول أنها تنفع وتضر هذا نفى مطلق الفلاح يعنى هذا أنه محروم من دخول الجنة وسيخلد في النار

لو كانت امرأة تلبس هذه الحلقة أو السلسلة أو فيها حجاب أو خمسة وخميسه أو خرزة زرقاء وتقول طالما أرتدى هذه السلسلة تحميني لو جاء أحد يضربني بالرصاصة  هذه السلسلة تقف أمام الرصاصة وتدفعها أو لو أراد أحد يعمل معي شيئا أو يضربني بيده يده تقف لان الإنسان حينما يعتقد في شئ يصبح ضخم عنده من تقول هذا لا تفلح أبدا معنى هذا(نفى مطلق الفلاح)
لو ماتت على ذلك هنا ننفى عنها مطلق الفلاح أي أن هذه المرأة يحرم عليها دخول الجنة وتخلد في النار
أما من تقول أنا أرتدي السلسلة وفيها الحجاب أو الخرزة الزرقاء أو الخمسة وخميسه أو غيره طالما أرتديه تكون سبب في دفع الضر وحينما ارتديها أمشى سعيدة وحينما أخلعها أشعر أننى متعبة فأصبحت سبب في النفع والضر (هذا يسمى نفى نوع من أنواع الفلاح )درجة من درجات الفلاح لان هذا شرك أصغر

لذلك لابد أن نفهم ما الفرق بين :التوحيد المطلق ومطلق التوحيد ,الإيمان المطلق ومطلق الإيمان ,الشرك المطلق ومطلق الشرك ,الفلاح المطلق ومطلق الفلاح,مطلق الفعل والفعل المطلق, مطلق الأمن والأمن المطلق,مطلق الاهتداء والاهتداء المطلق

هناك فرق بين مطلق الشئ والشئ المطلق

حينما نقول مطلق الأمن والأمن المطلق ,ما تعريفهم؟
الأمن المطلق أي التام,إذن مطلق الأمن أي الناقص

إذن حينما نقول التوحيد المطلق أي التوحيد الكامل,ومطلق التوحيد أي التوحيد الناقص
إذن حينما نقول الاهتداء المطلق أي الاهتداء الكامل ,مطلق الاهتداء أي اهتداء ناقص

يعنى حينما نتكلم عن أنفسنا نقول نحن أصحاب أهتداء مطلق أم مطلق الاهتداء؟
أصحاب مطلق الاهتداء وليس الاهتداء المطلق لان معنى الاهتداء المطلق أي الاهتداء الكامل لو كنا أصحاب الاهتداء المطلق ما كان هذا حالنا اليوم وكنا تغيرنا

إذن(كلمة مطلق ) أي ناقص حينما أقول مطلق الفلاح يعنى هناك نقص في الفلاح
أما الفلاح المطلق أي الفلاح التام وحينما نقول الإسلام المطلق اى إسلام تام أما مطلق الإسلام درجة من درجات الإسلام

يعنى أنا مسلم ولكن أحيانا لا يسلم المسلمون من لساني ويدي أي أنا عندي درجة من درجات الإسلام لكن هل هذا الإسلام التام (الكامل)؟ لا

يعنى هذا أن الشئ المطلق أي الكامل ومطلق الشئ درجة من درجاته وقد يكون أقل درجاته
إذن حينما  يكون هذا الأمر ينافى الإيمان المطلق يعنى ينافى الإيمان
ولكن حينما نقول هذا الشئ ينافى مطلق الإيمان ,ما معنى هذا؟
مثل واحد لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر نقول من يفعل هذا ينافى مطلق الإيمان
إذن معنى هذا أنه ينافى أقل درجات الإيمان ممكن تكون ركن من أركانه ,أصل الإيمان ..إلى أخره
ولكن من ينافى ركن من أركان الإيمان يكون حكمه أنه خرج من الملة لكن من ينافى درجة من درجات الإيمان لايشترط أن يخرج من الملة

مثال:
لو أخت تغتاب الناس وتنم وتكذب وتقول البهتان والزور هذه عندها إيمان مطلق أم مطلق الإيمان؟
عندها مطلق الإيمان ,إذن يبقى لها في الإيمان درجة
أول درجة من درجات الإيمان أن يكون الإنسان عنده أصل الخوف يعنى يعرف أنه سيعاقب في الدنيا والآخرة ومن داخله يخشى من الله ولكنه ضعيف يفعل كل المنكرات ولو سألنا هذه الأخت ألا تخافي من الله؟تقول لا ,لا أخاف من الله ,إذن هذا الكلام الذى قالته ينفى الإيمان المطلق أم مطلق الإيمان؟ينفى مطلق الإيمان ,

مثال أخر:
نفترض أن شيخ من المشايخ المعروف عنه أنه من أهل الخير والفضل يصلى ويقيم الليل ويتصدق هذا أن اغتاب رجل واحد ,هو خالف الإيمان المطلق أم مطلق الإيمان؟
هو خالف الإيمان المطلق لان إيمانه كامل لأنه لا يفعل المنكرات ويؤدى فروضه في الجماعة ما لم يكن لديه عذر ولا يفعل المنكرات

يمكن أن يكون هناك إنسان عنده إيمان كامل ممكن في ساعة من الساعات يكون عنده إيمان كامل لكن لا يداوم عليه ,ارتكب ذنب أو اثنين أو ثلاثة يؤثروا في الإيمان المطلق

مثال أخر:
شخص جالس في خمارة لايصوم ولا يصلى ولا يحج وكذاب ويفعل الموبقات ,هذا درجته عنده(بعض الإيمان )إذن نطلق على كلمة (مطلق) أي بعض (بعض الإيمان), كل هذه الذنوب التي يفعلها جعلته فاسق ,فما الذي بينه وبين الكفر؟
أنه يقول رغم كل هذا يقول ربى حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن وأنا مخطئ ولكن لا أستطيع أن اترك الفاحشة التي أنا عليها ولكنه ما زال ينطق الشهادتين ويخاف من الله وعنده أصل الخوف وأن الله سيعذبه عذاب شديد على الذي يفعله ولكنه لايستطيع

مثال أخر:
امرأة تعشق رجل أو العكس والرجل عنده خير وعندما يسمع درس علم ويتذكر المولى عز وجل وما هو فيه من المعاصي يخاف ويقول لم اعد أكلمها ولكن من كثرة العشق لايستطيع ألا يكلمها فيتصل بها ويقابلها ويعلم أن هذا حرام ولكن من اجبره على ذلك هو مرض العشق

مثال آخر:
شخص مدمن يفعل كل الموبقات ويريد أن يترك الإدمان ويعلم أن الله عزوجل سيعاقبه وخائف من النار ولكن لايستطيع أن يترك الإدمان لأنه كلما حاول أن يقلع عنه جسده يؤلمه فيعود مرة أخرى هذا لديه بعض الإيمان أي (مطلق الإيمان)اى جزء منه وهذا الجزء ممكن أن يكون كبير إلى حد ما أو صغير اى حد ما وممكن أن يكون أصل ولم يبقى فيه إلا حاجة واحدة وهذا الرجل ليس بكافر
لكن نقول عليه كافر حينما يقول أنا لا أخاف من الله ولا يهمنى أن يغفر الله لى أم لا لماذا قلنا عليه كافر؟
لان الذي لا يخاف من الله (هذا أصل من الإيمان ) فلا ينفع أن أدخل فى الإسلام إلا إذا كنت محب لربى أخشاه وأخافه وارجوه

مثال أخر:
إنسان عابد صائم ويفعل كل الطاعات ولكن يقول لا أخاف من ربى أنا حادخل الجنة كده كده ولا يستطيع احد أن يمنعني من دخول الجنة
هذا كفر والعياذ بالله لأنه ارتكب شئ في أصل الإيمان زال عنه أصل الإيمان

الخوف منه درجه ومنه أصل والرجاء منه درجة ومنه أصل ,والحب منه درجة ومنه أصل ,والإخبات منه درجة ومنه أصل

كلمة مطلق كذا(بعض منه أو جزء منه ممكن يكون الجزء درجة من الدرجات أو جزء من الموضوع )
العابد يمكن أن يكون إيمانه مطلق ,أما الفاسق عنده مطلق الإيمان

من عنده مطلق الإيمان خالف الإيمان المطلق ولم يخالف مطلق الإيمان لان عنده مطلق إيمان أصلا

الحديث الثاني:

ولـه عن عقبة بن عامر مرفوعاً : « من تعلّق تميمةً فلا أتمَّ الله له، ومن تعلَّق وَدَعَةً فلا وَدَع الله لـه » . وفي رواية : « من تعلق تميمة فقد أشرك »

كلمة تعلق:أي علق بقلبه وتعلق قلبه بما علق به

لذلك حينما تلبس الأخت الخرزة الزرقاء أو حلقة و قلبها تعلق بما لبست ,وكذلك وضع خمسة وخميسه ملطخة بالدماء على المنزل ويُرى ذلك في الأماكن الشعبية والقرى قلبها يتعلق بهذا الكف المعلق على الحائط ,قلبها يتعلق بأن هذا يدفع العين أو يدفع الضرر أو الحسد ,وأثار الشياطين
لذلك دعا النبي صلى الله عليه وسلم( فلا أتم الله له )

س:ما هي التميمة؟
التميمة خرزات تعلق على الأولاد يتقون بها العين
أي شئ يتقى به العين أو أن يدفع ضرر أو يجلب نفع هذا يسمى تميمة,لذلك خمسة وخميسه تسمى تميمة مع أنها لاتعلق على الأولاد لكن أصل التميمة عند العرب كانت هكذا كانت خرزات تعلق على الأولاد يتقون بها العين

كل شئ يعتقد أنه يدفع حسد أو يجلب نفع هذا من التمائم
من صور التمائم أيضا خيط يعلق في الرقبة في أخره حجاب,أو خرزة زرقاء ,بعض الناس
يعلقون قرن فلفل أحمر,أو حدوه حصان,يظنون أن هذه الأشياء تنفع وتضر
لذلك دعا النبي صلى الله عليه وسلم وقال(فلا أتم الله له) أي لايتم الله عز وجل له أموره أي يكون عكس مقصود من أعتقد في هذه الأشياء والنبي صلى الله عليه وسلم مجاب الدعوة والتمائم أخذت من تمام الأمر

(ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له):
الودعة:نوع من الصدف الموجود في البحر ,
ومعنى فلا ودع الله له:لا جعله في دعة ولا سكون ولا راحة.وهذا دعاء من النبي صلى الله عليه وسلم على من فعل هذا

وفى رواية(من تعلق تميمة فقد أشرك):
لان تعليق التمائم والتعلق بها شرك أصغر
هذا الحديث عن عقبة بن عامر ر مرفوعاً : « من تعلّق تميمةً فلا أتمَّ الله له، ومن تعلَّق وَدَعَةً فلا وَدَع الله لـه »

الأرجح أنه ضعيف ولكن معناه صحيح بالحديث الذي بعده « من تعلق تميمة فقد أشرك »

س:من تعلق تميمة فقد أشرك؟هل هذا شرك أكبر أم أصغر؟
على حسب الاعتقاد :إذا كان يعتقد أن هذه التميمة سبب في جلب النفع ودفع الضر فهذا (شرك أصغر)
أما إذا اعتقد أن هذه التميمة تدفع وتضر بنفسها فهذا (شرك أكبر),

وهكذا في سائر  أنواع الشرك من يعتقد في شئ أنها تضر وتنفع بنفسها هذا شرك أكبر,ومن يعتقد أنها سبب في النفع والضر وهى ليست بسبب فهذا شرك أصغر

الحديث الثالث:
ولابن أبي حاتم عن حذيفة : أنه رأى رجلاً في يده خيط من الحُمَّى فقطعه وتلا قولـه تعالى }وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ { [يوسف :106] .

حذيفة رضي الله عنه رأى رجل  في يديه خيط من الحمى فقطعه واستدل بالآية على أن ذلك من الشرك,أي أنه من علق خيط لأجل رفع الحمى فقد وقع في الشرك
(فقطعه)إنكار منكر أي أنه يجب قطع مثل هذه الأشياء

}وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ { [يوسف :106] ):
أي على الرغم من قولهم أن الرب هو الخالق والرازق والمحيي والمميت (إلا وهم مشركون ) أي مشركون في العبادة
أي انه ليس في توحيد الربوبية نجاة إلا بعد أن يضم إليه توحيد العبادة
على الرغم إن هذه الآية وردت في الشرك الأكبر إلا انه يصح أن نستدل بها على الشرك الأصغر


(   أسئلة الباب)
س1:ما علاقة الباب بالذي قبله؟
س2:ما معنى كل من:
الحلقة,التميمة,الودعة,الواهنة,الصفر
س3:ما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإنك لو مِت وهي عليك ما أفلحت أبداً)؟وما علاقة ذلك بقضية العذر بالجهل؟
س4:ما الفرق بين الشيء المطلق ومطلق الشيء,مع ذكر ثلاثة أمثلة على ذلك؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق