>

الأحد، 26 فبراير 2012

حديث الاستعانة




إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا إنه من يهده الله تعالى فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:-
تكلمنا في المرة السابقة عن احد الأحاديث النافعة الجامعة والتي فيها بيان تحقيق الاستعانة بالله عز وجل ولكن لم نستكمل شرح الحديث.
كنا ذكرنا قول النبي صلى الله عليه وسلم  فيما أخرجه الشيخان البخاري ومسلم وفى صحيحيهما واللفظ لمسلم ، فيما رواه أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم " الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا كَانَ كذا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا  شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ" .. هكذا في أكثر
الروايات بتشديد الدال " قَدَرُ " وفى بعضها بالتخفيف " وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ " تكلمنا في المرة السابقة عن هذا الحديث وعن كونه من الأحاديث الجامعة التي تُفِيدنا في تحقيق معنى الاستعانة التي تطرقنا إليها من خلال الكلام عن تحقيق العبودية وان الله سبحانه وتعالى لما أمرنا بإفراده بالعبادة أردف ذلك بأمرنا بإفراده بالاستعانة فانه وحدة سبحانه وتعالى هو القادر على أن يعيننا على عبادته فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته ..
فقلنا أفضل طريق إلى تحصيل المعاني الشرعية العالية وفهم مراد الله سبحانه وتعالى وتحقيق المقاصد المطلوبة منا كمكلفين هو البحث في النصوص الشرعية .. النور والهدى .. الوحيين القرآن والسنة ..





فهذا الحديث الذي ذكرناه حديث عظيم القدر نافع وذكرنا جمله من بعض فوائدة في المرة السابقة في الكلام عن قول النبي صلى الله عليه وسلم " الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ " وذكرنا أن معنى القوة هنا القوة في أمور الآخرة والحرص على الطاعات والقيام بتكاليف الدين ذكرنا"" الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ " واتفقنا على مصطلح ليس مصطلح علمي ولكنه أمر لتبسيط المعلومة اتفقنا على أن نسميه (مُعامل الصلابة الإيماني) وضربنا مثال في المرة السابقة أن لو أتينا ببيضه ووضعناها تحت أي ضغط سيحصل لها انكسار و تهشم ولو أتينا بنفس الحجم من الحديد يتحمل ولن يحدث لها شئ إذا الفارق هو الصلابة وضربنا عدة أمثلة إيمانيه في احتمال الضغوط وإن قوة الإيمان للإنسان تقاس بمدى صلابته الإيمانية في احتمال الضغوط وضربنا أمثله عليها وذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم  أحترز بقوله " وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ " فإن المؤمن لو كان معامل الصلابة عنده فيه ضعف وإن كان لا يحتمل الشدائد لكن مازال فيه خير والخير الذي فيه سببه الإيمان .. أي ما عنده من الإيمان . وتكلمنا عن فائدة إثبات صفة المحبة لله عزوجل وكيف نحب الناس ؟! نحب الناس كما يحبهم ربهم عزوجل الله يحب المؤمن القوى أكثر من محبته للمؤمن الضعيف وليس بينه وبين خلقه أي مجاملات أو صِلات كذلك إذا أردنا أن نتخلق بهذا الأمر نحب المؤمن القوى كما يحبه الله عزوجل وليس بيننا وبين احد اى  رابطه تعلو وتسمو على هذه الرابطة .





" احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ " .. ثلاثة أمور ذكرهم النبي لابد أن نقف معهم :
1ـ احرص على ما ينفعك .
2ـ استعن بالله
.3ـ ولا تعجز .
الإنسان لابد أن يعلم أن الأمور النافعة في حياته قسمان .. أمور دينيه وأمور دنيوية .. والعبد محتاج إلى الأمور الدنيوية كما هو محتاج إلى الأمور الدينية .. فمدار سعادته وتوفيقه على الحرص و الاجتهاد في الأمور النافعة فيهما مع الاستعانة بالله عزوجل فمتى حرص العبد على الأمور النافعة واجتهد فيها وسلك أسبابها وطرقها واستعان بربه في حصولها وتكميلها كان ذلك كماله وعنوان فلاحه .. ومتى فاته واحد من هذه الأمور الثلاثة فاته من الخير بحسبها فمن لم يكن حريصا على الأمور النافعة بل كان كسلاناً لم يدرك شيئا فالكسل هو أصل الخيبة والفشل فالكسلانُ لا يدركُ خيرا ولا ينال مكرُمة ولا يحظى بدين ولا دنيا ومتى كان حريصا .. أي مجد غير كسلان .. ولكن حريص على غير الأمور النافعة إما أمور ضارة وإما أمور مفوته للكمال كان ثمرة حرصه الخيبة وفوات الخير وحصول الشر والضرر فكم من حريص على سلوك طرق وأحوال غير نافعة لم يستفد من حرصه إلا التعب والعناء والشقاء ..

هذا أمر في غاية الأهمية "أحرص" فما معنى الحرص هنا ؟!! أي عنده بخل وشح في هذا الأمر لا يفرط فيه .. أي عندما أحرص على شئ معين أبخل بهذا الأمر مثلاً عندما نقول احرص على وقتك .. أي ابخل بوقتك من أن تضيعه سُدى ،احرص  على مالك .. أي ابخل به من أن تضيعه فيما لا يرضى الله عزوجل .. وهكذا فكلمة الحرص فيها معنى غاية في الأهمية وهو "المبالغة في الحفظ" والضنّ والبخل في تبديد هذا الشئ وإخراجه سُدى بلا فائدة ..

إذا أي إنسان حتى يتمُ أمره لابد أن يكون حريصاً لابد أن يكون مُجداً لابد وأن يلبس عباءة النشاط ويخلع ثوب الكسل .. فراش الكسل لين وناعم ولكن عاقبته سيئة .. فمن يكثر من النوم والراحة والترف هذا الإنسان لا يلومنّ بعد ذلك إلا نفسه نعم هو يحصل راحة بدنية في أغلب الأوقات ولكن ما يفقده من كمالات أغلى من ذلك بكثير فالإنسان يحب عليه أن يحرص على ما ينفعه... ولكن أريد أن أقول شئ للأخوات غالبية الأخوات لا يعملن خارج المنزل في العمل الحكومي أو غيره ..



هيا بنا نرى معا "يوم في حياة أخت متفرغة" .. ماذا يحدث ؟؟ .. نرى مقدار النوم الذي تحصله !! .. جمعني مجلس مع بعض إخوانى يوما كان يجرى فيه إعداد دروس وغيرها ومنها بعض الدروس التي تتعلق بالنساء فاختارنا موعد صباحا فقوبل باعتراضات شديدة !! .. كان سبب الاعتراض أن النساء لا ينهضن مبكراً ! فقلنا إذا الظهر ففوجئت أن الظهر أيضا فيه اعتراض ! قالوا لأن الأخوات تنام الفجر !! طيب ما الذي يجعلهن ينامون الفجر ! هل فعلا يقضينّ الليل فيما يرضى الله عزوجل في القيام والتهجد وطلب العلم النافع .. أريد أن أعلم ما الذي يحملنهنّ على ذلك ؟!! .. الشاهد من الكلام : أنني أريد أن أقول أن الأخت الجالسة في البيت وليس لديها عمل تستيقظ له مبكراً أنها تستيقظ الظهر ! هذا تضييع للعمر ! وللأسف ليس تضييع لعمرها فقط وإنما تضييع لعمر أبنائها أيضا أي إخلال واضطراب في نظام المنزل بالكامل ..
طيب سأسأل سؤال ..
هذه الأخت لو بتعمل .. ماذا ستفعل ؟! .. سيطلب منها أن تتواجد في العمل من الساعة التاسعة وبالتالى تستيقظ مبكرا .فالمرأة العاملة تعمل 6 ساعات يومية اعتبرى هذه 6 ساعات عمل فى حياتك

هذه والله وصية مشفق وهمسة بدون لوم ولا تقريع ولكن الإنسان رأس ماله عمره. ليس له رأس مال غيره فالأخت دائما تحرص على عمرها .. أنا أعلم أن ممكن كثير من الأزواج يسهروا كثيرا خارج المنزل في أمورهم الدنيوية وأيضا الأخوة الذين يعملون في المجال الدعوى فعلا يسهرون إلى بعد الفجر .. لكن في النهاية السهر هذا يكون استثناء ولا يكون أصل للحياة وتكون الأخت مهتمة جداً أن يومها يكون مرتبا بغض النظر أن زوجها بيسهر أم لا .. لكن حياتنا تصبح مليئة بالكسل فهذا أمر في غاية الصعوبة ! ..





 أريد أن تتخيلو أن النبي يقول لنا "احرص على ما ينفعك" .. الذي ينفع الإنسان أمور دينية وأمور دنيوية .. فما هي الأمور الدينية التي يحرص عليها الإنسان؟؟ .. شيئان وهما يجمعوا جميع الأمور الدينية ..
1ـ العلم النافع .. 2ـ العمل الصالح .. وهما المذكوران  في قوله تعالى "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق" فالهدى كما قال "ابن القيم" .. هو العلم النافع (العلم المزكي للقلوب والأرواح المثمر لسعادة الداريين وهو ما جاء به النبي من وحيين وما نبع منهما من علوم مثل الحديث والتفسير والفقه وما يعين عليهما من أدوات فهم العلوم مثل اللغة وأصول الفقه وأصول الحديث وأصول التفسير وغير ذلك) .. ودين الحق : وهو العمل الصالح (يجمع أمريّن مهمين وهما الإخلاص لله تعالى والمتابعة للنبي وهو المذكور في قوله تعالى "ليبلوكم أيكم أحسن عملا" .. قال أبو على الفضيل بن عياض: أحسن العمل أخلصه وأصوبه، قد قيل ما من عمل يعمله الإنسان إلا وينشر له يوم القيامة ديوانان ؛ ديوان يسأل فيه لماذا عملت هذا العمل ؟ .. والنجاة منه أن يكون عمله لله .. وديوان يسأل فيه بكيف ؟ كيف عملت هذا العمل ؟ .. والنجاة منه ان يجيب عملته  وفق شريعة النبي صلى الله عليه وسلم ) .. وهكذا في جميع أعماله فالنية نصف العمل ويترتب عليها النصف الأخر والمتابعة أي حكم النبي في هذا الأمر ما هو ؟
فالإنسان العاقل إذا رزق رزقا رعاه وحفظه بالشكر لا يتعالى عليه ولا يفرط فيه كمن رزق علما فعليه أن يحافظ عليه ويجعل محافظته شكرا لهذه النعمة كيف ؟؟ .. يحافظ على الأوقات التي يتعلم فيها ، يحافظ على مواعيد الدروس والمذاكرة والمراجعة والامتحانات .. فهذا اسمه حريص على العلم وحريص على الوقت وعلى الحضور والمذاكرة والاختبار

فعلى الإنسان أن يحرص على العلم النافع والعمل الصالح والعمل الصالح مثل: الصلاة وإكمالها وإتمامها ومراعاة شروطها وأحكامها ومراعاة الخشوع فيها وإتباع الفرائض بالنوافل لتجبر نقصها وتكمل ما فات منها والمبالغة في النوافل والمستحبات ليترقى الإنسان من درجة المحبة إلى درجة المحبوبيه "ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإن أحببته كنت سمعه .. إلى أخر الحديث" والأوراد كذالك ..


ممكن نقسم الأمور الدينية التي تنفع الإنسان بطريقة أخرى وهى :
* يحرص على فعل الواجبات وعلى المستحبات
*ويحرص على ترك المحرمات والمكروهات
 *ويحرص على التقلل من المباحات ومعالجة نيته فيها لتنقلب إلى طاعات ..

أيضا يمكن تقسيمها بطريقة ثالثة :
* ما ينفع الإنسان على مستواه الشخصي
 *وما ينفع أمته ويتعدى نفعه إلى غيره من المسلمين
 مثال : من يتعبد بمفرده في منزله وليس له اختلاط بالمسلمين هو على خير لأنه عبد صالح يصلح عمله ويصلح نيته لكن .. هو بتركه المجتمع وبتركه الأمور العامة بالمسلمين لا يبعد عن كونه مقصرا  في أمور قد أوجبها الله عليه لأن فروض الكفاية إذا لم تقع من الأمة يأثم كل قادر .. الله عزوجل يطلب من الأمة وقوع هذا الفعل وإن لم يقع يأثم كل قادر
مثال .. سنفترض مثلا يجب وجوباً كفائيا وجود قاضى شرعي أو من يفصل في الأحكام بين الناس بصورة شرعية في بلد ما .. المطلوب هنا ليس عين القاضي المطلوب هنا شخص يقوم بفصل القضاء بين الناس بصورة شرعية أي شخص يقوم بهذا المنصب تبرأ ذمة الجميع ومن قام بالواجب هو من سيأخذ الثواب لكن الذي لم يقم لا يأثم لأنه يوجد أخر سد مكانه ..لو لم يقم احد بالقضاء الشرعى فكل قادر يأثم
بعض الناس وقت العمل الفردي يكون عنده همة حضور درس ، تسميع قرآن ، إلقاء محاضرة .. أي عمل فردى يتعلق به هو شخصيا .. أما العمل العام الذي يتعلق بالأمة كمتطوعين مثلا للانتخابات أو للعمل الإجتماعى أو للعمل الدعوى عمل عام لا ينظر فيه لآحاد الأشخاص وإنما ينظر فيه للعمل ككل .. ماذا يحدث ؟؟ نجد الإحجام ! ونجد قلة الأعداد التي تتوفر في هذا العمل لماذا ؟! بسبب الفهم القاصر لقضية النفع كمن  يقول قراءة جزء من القرآن أفضل لي .. من قال ذلك ؟! قراءة القرآن أمر نافع بلا شك لكن دعوة الناس لله عزوجل وتفعيل المنهج الإسلامي كواقع حياة والتقدم لقيادة البلد وقيادة الناس وحذائهم حذاءاً صادقا مخلصا نحو طريق الله عزوجل ونحو شريعة اله عزوجل أمر من معالي الامور وكما قلنا ما هي أفضل عبادة ؟؟ وذكرنا فيها كلام ابن القيم رحمه الله أفضل عبادة وأحبها إلى الله هي "عبادة الوقت" أو "طاعة الوقت" في وقت الصيام الصيام أفضل وفى وقت الحج الحج أفضل وفى وقت الجهاد الجهاد أفضل ..




"" احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ " في أمر دينك ودنياك وكلها لو أحسن الله فيها ستؤول إلى الطاعات كمأكل الإنسان ومشربه وملبسه وسعيه على الرزق وغير ذلك مما تتعلق بالبدن ومهامات الحياة اليومية التي لا يستغنى عنها الإنسان .. وستجد أن بعض الناس بهمل في الأمور الدنيوية كالنظافة وفى الحديث "النظافة من الإيمان" وأيضا "الطهور شطر الإيمان"
التنظيف:- نظافة المسكن ونظافة الملابس وهكذا أي النظافة بمعناها الواسع الشامل فهذا أمر من الأمور الدنيوية وأيضا من الأمور التي حض عليها الشرع
أيضا مسألة أن الإنسان يحفظ بدنه من التلف مثل انه: لا يسهر سهرا مضرا ولا يفرط في الوجبة الغذائية اليومية لديه حتى لا يصاب بالضعف وأيضا لا يحمل نفسه ضغوط  قد تؤدى به إلى كثير من الأمراض أيضا يحافظ على مسكنه وماله من التبديد فبعض الناس ينفق ماله بصورة مبالغ فيها على المُباحات فكمال الاعتدال في هذا الباب قول النبي صلى الله عليه وسلم (كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتا إسراف ومخيلة."
إذا فالممنوع في الإنفاق كما قال النبي صلى الله عليه وسلم الإسراف , والمخيلة :
المخيلة:-أي الخيلاء أي من يتباهى ويترفع على الناس بالإنفاق وهذا مما لا شك فيه انه خُلق ذميم ويعكس نقص في صاحبه اى نقص في الشخصية فيحاول إكمال نفسه بذكر بعض الأمور التي بها تباهى في الإنفاق. هذا باب الافتخار والخيلاء بالإنفاق وهذه هي الصفة المذمومة التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم.
الإسراف:- مثال توضيحي
كأن يكون هناك أخت من المسلمين تجلس في منزلها وليس لها عمل خارج المنزل وليس بها عِلة تمنعها من عمل الطعام مثلا ولكنها تشترى الطعام جاهزفلماذا هذا؟
هذا من الكسل, وفيه إهدار للمال, وأيضا به نوع من الإسراف لان الوجبة التي تأكل في المنزل أقل كثيرا في التكلفة من الوجبة التي تُأكل خارج المنزل فما المبرر لذلك؟
لو كان هذا الأمر على سبيل الترفيه اى من باب كسر ملل النفس وغير ذلك هذا مقبول لكن أن يكون الأمر بصفة مستمرة والأخت كسولة  لا تقوم  لتُعِد طعامها بنفسها !! ونسمع كثيرا عن أناس باعوا تجارتهم وأناس دُمِروا و... إلى غير ذلك من هذه الحالات التي نسمع عنها كثيرا وهذا بسبب أن معدل إنفاق الناس أعلى من مُعدل الدخل
مع انه يُذمّ للإنسان أن يُنفق كل ما يأتيه
فهناك من ضمن ما تنفصل أو تتفرد به النساء عن الرجال الاقتصاد المنزلي وهذه كانت مادة تُدرس للبنات فقط بالمدارس في كيفية التدبير والاقتصاد في المنزل
أيضا من المفاهيم المنتشرة بين كثير من الناس يُقال مثلا (فلان مُسرف ولن يستطيع أن يتخلص من الإسراف إلا إذا تزوج وصار له أسرة وزوجة تُعلمه الاقتصاد
مع أن للمرأة دور كبير في تشجيع الناس على الإنفاق.
فلابد أن يحرص الإنسان على ما ينفعه من أمور الدنيا منها حفظ المال فمما لا يصح أن لا يكون للإنسان مسكن يسكنه وهو يتنقل بأساسه بين بيوت الناس ويبالغ في الإنفاق ثم اذا كلمته يقول والله ما عندى اى ادخار
أيضا مما لا يصح أن يسعى الإنسان ليُقيم تجارة ثم فترة وتفشل هذه التجارة بسبب أنه أكل رأس المال في الإنفاق المتضخم. فيُراعى المال ويُراعى كل شئ من أمور الدنيا ويحرص عليه الإنسان فيما ينفعه
فهذا احرص على ما ينفعك وكأن هنا تنبيه من النبي صلى الله عليه وسلم انه يوجد بعض الناس يعلم ما ينفعه ولكن ليس حريص عليه وهناك أيضا صِنف آخر من الناس حريص ومجتهد
لكنه على ما لا ينفعه مثل سماعه للأغاني وجلوسه على الإنترنت فترات طويلة دون فائدة



فأهيب بالأخوات أن يُرشّدن استعمالهن  للإنترنت ويعلمن أن بناء أي شخصية علميا وتربوياً لا يأتي إلا من التعبد ومن المدارسة والقراءة والتعلم وليس من التنقل بين المواقع على الإنترنت فهذا لا يبنى شخصية مطلقاً وإنما الجلوس لفترات طويلة قد يؤدى إلى إدمان هذا الأمر
والإمادن:- يُعنى علاقة غير طبيعية بين الإنسان وموضوع الإدمان وهذا لا ينطبق على المخدرات فقط
أيضا من الحرص على ما لا ينفع: حرص بعض الأخوات على النزول للمحلات ومتابعة الموضة والأزياء وقد تكون تاركه زوجه أو أطفالها وهذا أمر ذميم لا يليق بالمُلتزمات (أين قول الله عزوجل وقرن في بيوتكن؟؟)
أيضا الحرص على الزيارات الغير مُهدّفه وقد تأخذ الزيارة أوقات طويلة جدا. هذه أمور يُعانى منها.
أيضا الحرص على التزين المبالغ فيها
وذكرنا قبل ذلك أن حُسن التزين والتبعل للزوج هذا من الطاعات والقربات وهذا أمر في غاية الأهمية
أما التزين المبالغ فيه هو أن يكون التزين أولى أولويات المرأة في الحياة وهذا انشغال كامل يستحوذ عليها في الحرص على أمر الزينة
فليحرص الإنسان على ما ينفعه في قبره من أمر الدين وأمر الدنيا
ثالثا استعن بالله ولا تعجز
فكان يدلنا النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث على الحرص على ما ينفع وذلك يكون بالاستعانة بالله عزوجل والاستعانة بالله يجمعها أصلان
* الثقة بالله عزوجل
* والاعتماد عليه سبحانه
استعن بالله ولا تعجز :- لا تعجز وتترك الكمالات المطلوبة منك شرعا ,عجز النفس والعجز هو أتباع الهوى والعجز عن فعل ما يلزم الإنسان
والخطاب بالمنع من العجز لمن يقول لا استطيع فعل شئ وهذا ضعف إيمان وضعف النفس وهوانها وعجزها عن بلوغ الكمالات المطلوبة منها شرعا والعجز هذا عن العجز عن  فعل
شئ شرعي وليس كوني فالإنسان يستعين بالله ولا يعجز عن فعل شئ
فلمن أراد أن يتخلص من حالة تضييع الوقت والعمر فيما لا ينفع والحالة النفسية السيئة ومثل هذا فعليه بالاستعانة بالله عزوجل وينوى العمل  ومع ذلك سيُسدد الله عزوجل ويُعين
أما إن ترك الإنسان هذا الأمر فسيكون عاجز
فمن قصّر في العبادة بسبب عجزه لأنه ترك الاستعانة بالله

والاستعانة:- أي الثقة التامة الكاملة في الله عزوجل والانقياد لله وإطراح النفس والقلب بين يدي الله عزوجل استعن بالله اى على الحرص على الأعمال النافعة من أمر الدين والدنيا ولا تعجز أي لا تترك الاستعانة بالله عزوجل ولا تتبع الهوى ولا تضعف أمام شهواتك وطباعك السيئة لذلك كان يقول ابن القيم رحمه الله (العادات موروثات الجاهلية)

كأن تتكلم أخت مع زوجها بطريقة لا تنبغى والله عزوجل قال (للرجال عليهن درجة) تتحدث بأسلوب به حِده وقد يرتفع صوتها وإذا قيل اتقِ الله تقول هذا طبعي وأنا متعودة على هذا وهذا أمر مذموم وليس بالطباع إنما (العلم بالتعلم, وإنما الحِلم بالتحلُم , ومن يحرص على الخير يُعطه,ومن يتوق الشر يُوقه (أي يقيه الله عزوجل الشر)) فهذه عادات لابد أن تتغير فقد كان الصحابة رضي الله تعالى عنهم قبل الإسلام ما هم إلا عبده الأصنام ولم يقل منهم أحد لا استطيع أن أغير وهذا ما تعودت عليه..بل عندما آمنوا بالله عزوجل كانت كلمة لا إله إلا الله تعنى الهدم الكامل لكل بناء من أبنية الجاهلية داخل القلب والنفس إزحاة كاملة , ثم إعادة بناء مفاهيم جديد وتصورات جديدة وأخلاق جديدة وفق المنظور الإسلامي....
فاستعن بالله ولا تعجز أي لا تترك الاستعانة وتخلد إلى الهواء والطباع فإنها من موروثات الجاهلية.
الإنسان كان حريصا على ما ينفعه وعنده جدّيه وترك التكاسل وترك الراحة والترف وعلِم ما ينفعه من العِلم النافع والعمل الصالح وما يُصلِح دُنياه واستعان بالله عزوجل وأخذ بالأسباب لكن جاءت نتيجة على غير مراده فحرص الإنسان على ما ينفعه (فإن أصابه ما يكرهه فلا ينسب ذلك إلى ترك بعض الأسباب التي يظن نفعها لو فعلها بل يسكن إلى قضاء الله وقدره ليزداد إيمانه ويسكن قلبه) وهذا من مُعامل الصلابة الإيماني , مُعامل الصلابة والقوة , قُدرته على احتمال الأقدار ألمؤلمه ولا يقل إلا الحمد لله قدّر الله وما شاء فعل فلا يقل (لو) فإن لو في هذه الحالة بعدما استفرغت وسعى والعمل مضى وانتهى وجاءت النتيجة التي لا يمكن دفعُها فإن (لو) في هذه الحالة تفتح عمل الشيطان فإنها تُنقِص الإيمان بالقدر وتوجب لك الاعتراض على القدر وتفتح على الإنسان أبواب الهم والحزن المُضعِف للقلب وهذه الحالة التي ارشد لها النبي صلى الله عليه وسلم من الاستسلام و قول قدر الله وما شاء فعل هى أعظم الطرق لراحة القلب وادعى لحصول القناعة والحياة الطيبة



والحياة الطيبة:- الحرص على الأمور النافعة
 والاجتهاد في تحصيلها
 والاستعانة بالله عليها
شكر الله عزوجل على ما يسره منها
والرضا عن الله بما فات ولم يحصل منه
إذا لا يصح أن يفتح الإنسان على نفسه باب شر بقوله (لو) فإن لو تفتح عمل الشيطان
 ولكن هل كل (لو) تفتح عمل الشيطان ؟ فالإمام البخاري يقول:-
في باب ما يجوز من ال (لو)في كتاب صحيح البخاري أي الأوقات التي يجوز للإنسان فيها أن يقول لو.. أتى بحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال (اعتم النبي صلى الله عليه وسلم بالعشاء فخرج عمر بن الخطاب وقال الصلاة يا رسول الله! رقد النساء والصبيان ,فخرج ورأسه يقطُر يقول : لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لأَمَرْتُهُمْ  بالصلاة في هذه الساعة )
فاستعمل النبي صلى الله عليه وسلم لو هنا لأنها ليست في عمل ماضي قُضيى وانتهى ولم تفتح علينا عمل الشيطان وإنما هي في الإخبار عن مانع من تحصيل أمر فاضل وهو المشقة وخوف المشقة على الأمة.
أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما واصل هو والصحابة ونهاهم عن الوصال فواصل الصحابة معهم فقالوا انك تواصل قال: أيكم مثلى أنى أبيت يطعمنى ربى ويسقين فلما ابوا أن ينتهوا واصل بهم يوما ثم يوما ثم رأوا الهلال فقال لو تأخر لزِدتكم كالمُنكل لهم.
وأيضا في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار فقال لو سلك الناس واديا أو شِعباً لسلكت وادي الأنصار وشِعبهُم .
وغير ذلك من الأحاديث التي جوّز فيها العلماء استعمال (لو)
إذا (لو) تختلف باختلاف ما قُصِد بها فإن استُعمِلت في حال ما لا يمكن استدراكه من الفائت فإنها تفتح على العبد عمل الشيطان وتُنقِص إيمانه بالقدر وتُعرِضه للهم والحزن المُضعف للقلب ونقص الإيمان وأما إذا استُعمِلت في تمنى الخير أو في بيان العلم النافع فإنها محمودة لان الوسائل لها أحكام المقاصد, وكذلك لو استعملت لو في تمنى الشر فإنها مذمومة وصاحبها آثم ,فإن المعصية لو غاب عنها الإنسان لكن تمناها وأيدها كان كمن حضرها وتلبس بها.
إذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا  شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ).
أسأل الله أن ينفعنا وإياكم به.
 
 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق