>

الأحد، 22 مايو 2011

فوائد من دروس سوء الخلق ومظاهره

الخلق : أي الطبيعة والسجية ، وتجمع على أخلاق . قال ابن منظور : وفي التنزيل ( إنك لعلى خلق عظيم ) القلم (4)
وقال الخلق بضم اللام وسكونها ، وهو الدين ، والطبع ، والسجية ..
وقال الجاحظ : الخلق : هو حال النفس بها يفعل الإنسان أفعله بلا روية ولا اختيار .
والخلق قد يكون في بعض الناس غريزة وطبع ، وفي بعضهم لا يكون إلا  بالتطبع والإجهاد ..
سوء الخلق
السوء كلمة مأخوذة من فعل ساء يسوء سوءا وقال بن منظور والسوء القبح
وقال السوء الفجور والمنكر
قال بن فارس تقول رجل أسوأ أي قبيح
وقال ولذلك سميت السيئة سيئة وسميت النار سوأى لقبح منظرها
وسوء الخلق أمر مذموم بين الناس اجتمع على اختلاف مشاربهم
ثم أنه مجلبة للهم والغم ومدعاة للكدر وضيق الصدر
تعريف سوء الخلق :
 1- بذل القبيح ، وكف الجميل .
2- أو أنه كما قال ابن القيم : التحلي بالرذائل ، والتخلي من الفضائل ..
فما أضيق عيش من ساء خلقه ، ما اشد بلاء من ابتلى بسوء الخلق ..
قال النبي صلى الله عليه وسلم ( وإن أبغضكم إلى وأبعدكم منى في الآخرة أسوؤكم أخلاقا الثرثارون المتفيقهون المتشدثون )
رواه الترمذي وقال حسن غريب وحسنه الألباني
وقال الأحنف بن قيس ( ألا أخبركم بأدوأ الدواء ؟ قالوا بلى قال الخلق الدنى واللسان البذى)
ثانيا في مظاهر السوء الخلق
وسوء الخلق يأخذ مظاهر عديدة منها
1-الغلظة والفظاظة
وهذا المنفر أصله قول الحق عز وجل لسيد الدعاة عليه أفضل الصلاة والسلام :
 (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك)
 آل عمران:159،
 وما من شيء أشد تنفيراً للناس عن الحق والخير مثل دعوتهم إليه بالغلظة والخشونة .
فتجد من الناس من هو فظ غليظ لا يتراخى ولا يتألف ولا يلذ إلا بالمهاترة والإقذاع
2 عبوس الوجه وتقطيب الجبين
فكم من الناس من لا تراه إلا عابس الوجه ، مقطب الجبين ،لا يعرف التبسم واللباقة ، ولا يوفق للبشر والطلاقة
بل إنه ينظر إلى الناس شزراً ، ويرمقهم غيظاً وحنقاً ، لا لذنب ارتكبوه ، ولا لخطأ فعلوه ، وإنما هكذا يوحي إليه طبعه ، وتدعوه إليه نفسه
وهذا الخلق مركب من الكبْر ، وغلظ الطبع ، فإن قلة البشاشة استهانة بالناس ، والاستهانة بالناس تكون من الإعجاب والكبر
وقلة التبسم وخاصة عند لقاء الإخوان تكون من غلظ الطبع ،،
أما النفوس الكبيرة فيكتنفها جو السكينة والطمأنينة
قيل لحكيم: من أضيق الناس طريقاً؟ وأقلهم صديقاً ؟ قال : من عاشر الناس بعبوس وجه ، واستطال عليهم بنفسه)
هذا خلق مركب من الكبر وغلظ الطبع فإن قلة البشاشة استهانة بالخلق والاستهانة تكون بالعجب والكبر
3- سرعة الغضب
وهو مسلك مذموم في الشرع والعقل وكم حصل بسببه من قتل وطلاق وفساد لذات البين بل إن من الناس من إذا غضب حمله غضبه على التقطيب في وجه غير من أغضبه ، وسوء اللفظ لمن لا ذنب له والعقوبة لمن لم يكن يريد به إلا دون ذلك
قال عليه الصلاة والسلام ( ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب )فكمال قوة العبد أن يمتنع من أن تؤثر فيه قوة الغضب ، فخير الناس من كانت شهوته وهواه تبعاً لما جاء به الشرع ، وكان غضبه ومدافعته في نصر الحق على الباطل
وشر الناس من كان صريع شهوته وغضبة
فمن وُفِقَ لترك الغضب أفلح وأنجح ، وإلا فلن يصفو له عيش ، ولن يهدأ له بال ولن يرتقي في كمال
لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب ...ولا ينال العلا من طبعه الغضبُ
4المبالغة فى اللوم والتوبيخ
وهذا يقع كثيرا ممن لهم سلطة وتمكن كالرئيس والمدير والمعلم والوالد ونحوهم 00
وهذ ا الصنيع مما تكرهه النفوس وتنفر منه القلوب ؛ فالناس يكرهون كل من يؤنب في غير مواطن التأنيب وينفرون ممن يبالغ فيه دون تروٍ أو تؤدة ؛ فلربما استبان له فيما بعد أنه ليس على حق أو أن هناك اجتهاداً صحيحا00 ومن الأمثلة على ذلك مايقع بين الأصحاب والأقارب فقد يمضي على أحدهم زمن طويل لم ير صاحبه، فإذا رآه ابتدره باللوم وأمطر عليه وابلاً من التقريع على غيابه وقلة اتصاله00
وهذا الأمر وإن كان دليلا على المحبة إلا أنه سبب للقطيعة والمفارقة ،، لأن الناس لا يحبون أن يُحملوا كل شيء ، وأكثر الناس لا يتحمل أدنى عتب أو لوم
قال منصور بن الورقان:
لعل له عذرا وأنت تلوم ورب امرئ قد لام وهو مليم
5-الكبر
فهناك من يتكبر في نفسه ويتعالى على بني جنسه فلا يرى لأحد قدرا ولا يقبل من أحد عدلا ولاصرفا
والكبر خصلة ممقوته في الشرع والفطر والعقول ، والمتكبر ممقوت عند الله وعند خلق الله00
قال صلى الله عليه وسلم ( لايدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)
قال رجل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة ،، قال : إن الله جميل يحب الجمال ؛ الكبر بطر الحق وغمط الناس
والكبر خصلة ممقوتة فى الشرع والفطر والعقول والمتكبر ممقوت من الله وعند خلق الله
قال صلى الله عليه وسلم ( لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر )
6-السخرية بالاخرين
كحال من يسخر بفلان لفقره ، أو لجهله أو لِخرقه أو لرثاثة ثيابه أو لدمامة خلقته ،، فهذا العمل مظهر قبيح من مظاهر سوء الخلق ويكفي في التنفير منه قوله تعالى( ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خير منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن).
7- التنابذ بالألقاب
وهو أمر منهى عنه فى الشرع وأدبنا بتركه
قال الله ( ولا تنابزو بالألقاب بئس الإسم الفسوق بعد الإيمان )
قال الشاعر
أكنيه حين أناديه لأكرمه ...ولا ألقبه والسوءة اللقب
وهذه الألقاب مما يثير العداوه ، وبسبب الشحناء في الغالب ،
لأن الناس يحبون من يناديهم بأسمائهم ، أو بكناهم الطيبة  ، وينفرون ممن يناديهم بألقابهم السيئة.
8- الغيبة :-
تعريفها: هي ذكرك أخاك بما  يكره
تلك الخصلة الذميمة  التي لا تصدر إلا من نفس ضعيفة وضيعة دنيئة والغيبة هي ذكرك أخاك بما يكره كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم والمغتاب يريد التسلق على أكتاف الآخرين وذلك بالحط من أقدارهم وتزهيد الناس بهم..
أما أسبابها فكثيرة ، منها التشفي من الآخرين ، ومجاملة الأقران و الحسد.. والغيرة أيضا من احد مظاهرها
والغيبة لا تقتصر على اللسان فقط بل ممكن بالعين واليد والرجل
وقد نهانا الله عنها
(ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا )
وقال المثقب بن عدى:
لا ترانى راتعا فى مجلس فى لحوم الناس كالسبع الضرم
9-النميمة
وهى نقل الكلام بين الناس على جهة الإفساد
وهى من الأشياء التي أقوى من السحر
قال الشاعر
ومن يطع الواشين لا يتركوا له.. صديقا ولو كان الحبيب المقربا
وقال الشافعي ( قبول السعاية شر من السعاية لأن السعاية دلالة والقبول إجازة وليس من دل على شئ كم قبل وأجاز )
فكم فسد بسببها من صداقه ، وكم تقطعت من أواصر ، وكم تحاصَت من أرحام .
والنميمة كالغيبة من حيث إنها لا تصدر من نفس كريمه ،
وإنما تصدر من نفس مهينه وذليلة ودنيئة .
أما الكرام فأنهم يترفعون عن مثل هذه الترًهات .

و مما يزيد الطين بله أن تجد النميمة آذاناً مصخية، وافئده مصغية ،
10- سماع كلام الناس بعضهم ببعض وقبول ذلك دون تمحيص
فكم جر ذلك من ويلات ، وكم أفسد من مودات ، وكم أغرى من عداوات .
قال الشيخ السعدي رحمه الله -: من الغلط الفاحش الخطر قبول قول الناس بعضهم ببعض ، ثم يبني عليه السامع حبا وبغضا ،
ومدحا وذما ، فكم حصل بهذا الغلط من أمور صار عاقبتها الندامة ، وكم أشاع الناس عن الناس أمورا لا حقائق لها بالكلية ، أولها
بعض الحقيقة فنمت بالكذب والزور ، وخصوصا ممن عُرفوا بعدم المبالاة بالنقل ، أو عرف منهم الهوى .
فالواجب على العاقل التثبت والتحرز ، وعدم التسرع .
وبهذا يعرف دين المرء ورزانته وعقله

11التجسس والتحسس
التجسس والتحسس خلقان مذمومان
قال ابن حبان رحمه الله (( فمن اشتغل بعيوب الناس عن عيوب نفسه عمي قلبه وتعب بدنه وتعذر عليه ترك عيوب نفسه فإن أعجز الناس من عاب الناس بما فيهم وأعجز منه من عابهم بما فيه ))
ومن صور التجسس والتحسس ما تجده عند بعض الناس، حيث يجلس في مكان لا يراه أحد من الجالسين فيه، فيستمع ما يدور بينهم ، إما للإيقاع بهم ، وإما لإشباع فضوله وتطفله، ومن ذلك الإستماع إلى الأحاديث الهاتفية ، ومن ذلك أيضاً أن يرخي الانسان أذنه لسماع حديث بين اثنين يتناجيان في مجلس ما، ومن ذلك أن يقف المرء وراء من يكتب شيئاً أو يقرؤه ليطلع عليه
" ولا تجسسوا " وقال صلى الله عليه وسلم : ( ولا تحسسوا ولا تجسسوا )
أما إذا كان التجسس بغرض درء المفسدة وجلب مصلحة فلا بأس في ذلك

2_ الجلوس في الطرقات دون إعطائها حقها:
عن سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( إياكم والجلوس في الطرقات ، فقالوا: يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بُد، نتحدث فيها، فقال : فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه، فقالوا وما حق الطريق يا رسول الله قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) قال الإمام والنووي :( ويدخل في كف الأذى اجتناب الغيبة وظن السوء وإحقار المارين وتضييق الطريق)

أضرار التجسس:
1- التجسس دليل على ضعف الإيمان وفساد الخلق.
2- وهو دليل دناءة النفس وخستها.
3- يوغر الصدور ويورث الفجور.
4- يؤدي إلى فساد الحياة وكشف العورات.
5- يستحق صاحبه غضب الله ودخول النار، والعياذ بالله -تعالى-.
6-قلة ذكر الله في المجالس
12- مقابلة الناس بوجهين
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( تجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يلقى هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه )
وهى أن تتكلم أخت عن غيرها من ورائها بالسوء ومن أمامها بالخير أما الأصح أن تتكلم أمامها بالحسنى ومن ورائها لا تتكلم عنها
13- إساءة الظن
يغلب على البعض من الناس اليوم خلق ذميم ربما ظنوه نوعاً من الفطنة وضرباً من النباهة وإنما هو غاية الشؤم
بل قد يصل به الحال إلى أن يعيب على من لم يتصف بخلقه ويعده من السذاجة وما علم المسكين
إن إحسان الظن بالآخرين مما دعا إليه ديننا الحنيفة
وأصل سوء الظن من الشيطان ليحرش ما بين المؤمنين والمؤمنات
فالشخص السيئ يظن بالناس السوء، ويبحث عن عيوبهم، ويراهم من حيث ما تخرج به نفسه والإنسان إذا كان فاضي وغير مهموم بدينة لا يفكر في غيرة ولا إساءة الظن بهم وبعض سير السلف الصالح بمن هم عاليين الهمة تؤيد ذلك:-
1-                      نسيبة بنت كعب  وذلك عندما قتل مسيلمة ابنها قالت: "لمثل هذا أعددته وعند الله احتسبته".وابنها حبيب هو الذي أرسله رسول الله  إلى مسيلمة الكذاب الحنفي صاحب اليمامة فكان مسيلمة إذا قال له: أتشهد أن محمدًا رسول الله قال: نعم, وإذا قال: أتشهد أني رسول الله, قال: أنا أصم لا أسمع ففعل ذلك مرارًا, فقطعه مسيلمة عضوًا عضوًا فمات شهيدًا
2-                      مَرَّ بِامرأةٍ مِن بَني دِينَارٍ وقد أُصِيبَ زَوجُها وَأَخُوها وَأَبُوها مَعَهُ بِأُحُدٍ ، فَلَمَّا نُعُوا لها قَالَت : فَمَا فَعَلَ رَسولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلم ـ ؟ قَالُوا : خَيرًا يَا أُمَّ فُلانٍ ، هو بِحَمدِ اللهِ كَمَا تُحبِّينَ ، قالت : أَرُونِيهِ حتى أَنظُرَ إِلَيهِ . قال : فَأُشِيرَ لها إليه ، حتى إذا رَأَتْهُ ، قالت : كُلُّ مُصِيبَةٍ بَعدَكَ جَلَلٌ . جلل بمعنى : صغيره
أما المؤمن الصالح فإنه ينظر بعين صالحة ونفس طيبة للناس يبحث لهم عن الأعذار، ويظن بهم الخير. وحسن الظن راحة للفؤاد وطمأنينة للنفس وهكذا كان دأب السلف الصالح رضي الله عنهم
على ابن أبى طالب نام مكان رسول الله صلى الله علية وسلم وهو طفل لم يخش الموت للأنة عنده هم
قال الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ )
وقال صلى الله عليه وسلم ( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث )
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
 لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا ، وأنت تجد لها في الخير محملا ً



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق