>

الأربعاء، 18 مايو 2011

مختصر في أحكام النذر

بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثانى من أحكام تخص النساء
مختصر  في  أحكام  النذر
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد ان محمد عبده ورسوله
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً{70} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً{71}
أما بعد
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلاله وكل ضلالة فى النار
لقد إخترنا موضوع أحكام النذر لأهميتها بالنسبة للنساء اذ تكون المرأة مشتاقة لشئ ما  فتنذر لله أمرا إذا تحقق لها هذا الشئ
هذه الأحكام  مختصرة من كلام الشيخ خالد بن على المشيقح من تلاميذ ابن عثيمين وربما زدنا عليها قليلا
النذر لغة واصطلاحا:
النذر فى اللغة: الايجاب،يقال نذر دم فلان أى أوجبة
النذر اصطلاحا: إلزام مكلف نفسه لله تعالى شيئا بكل قول يدل عليه
   أى ان المكلف يلزم نفسة بشئ ما غير واجب عليه من قبل الله
الأصل في النذر الكتاب والسنة والاجماع:
_أما القرآن فقال الله تعالى {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا}
_اما السنة فعن عائشة رضى الله عنها قالت :قال رسول -الله صلى الله علية وسلم-"‏ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلاَ يَعْصِهِ ‏"حديث صحيح
_وهناك إجماع منعقد على مشروعية النذر
حكم النذر:
إختلف العلماء فى حكم النذر على أقوال:
القول الاول:
أن النذر مكروه وهذ قول أكثر الشافعية والمالكية والحنابلة
وإستدلو على هذا القول:
أن النبى - صلى الله علية وسلم - نهى عنه فى قولة (إِنَّهُ لا يَأْتِي بِخَير)وأن النهى للتحريم والصارف للكراهة قولة تعالى {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا}
أى أن الله مدح الذين يوفون بالنذر فبهذا صرفوا الحكم من التحريم للكراهية.
القول الثانى:
أن النذر مستحب وبهذا قال النووى وأبو حامد الغزالي وغيرهما
مثل:الأخت عندها ولد مريض تقول يارب إن شفيت هذا الولد أو هذة البنت سأصوم أسبوع أو أطعم مسكينا أو أتصدق بمائة جنية
وهو تعليق فعل الخير بفعل الله عزوجل مايريده
كأنة يقول ان لن افعل هذا الخير الا تنفيذ ماأريد فيوجد فية إشتراط
وإستدلوا على هذا
 بقولهم أن النذر المنهى عنة هو نذر المجازاة (وهو تعليق فعل الطاعة على وجود النعمة ودفع النقمة )
فإذا كان النذر لايأت بخير لا شرعا ولاقدرا ولا نذرا فلا يقدم علية الإنسان وإن كان ياتى بخير فهو مستحب.
والإستدلال العقلى
انة يؤكد فقط فعل الطاعة على نفسه.
القول الثالث:
أن النذر محرم لايجوز وهذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية وأيضا قول الصنعانى (صاحب كتاب سبل السلام)وذهب إلية طائفة من أهل الحديث
وإستدلوا على ذلك:
اولا:أن النبى - صلى الله علية وسلم - قال فى حديث البخارى (إِنَّهُ لا يَأْتِي بِخَير) أى أن النذر لايأت بخير
ثانيا:أيضا قالوا أن الناذر فى قلبه سوء ظن بالله عزوجل كأنه يعتقد أن الله تعالى لن يجلب له هذة النعمة أو لن يدفع عنة هذة النقمة حتى يشرط له شرطا
يشترط شرطا لكى يستجلب النعمة أو يستدفع النقمة وهو لن يفعل هذه الطاعة إلا إذا فعل ما يريد (شفيت ابني أو أبي أو غير ذلك) .
القول الراجح:
أن النذر إبتداؤة مكروه ولأن النبى - صلى الله علية وسلم - قال عن النذر "لايَرُدُّ شَيْئًا ، إِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ "
كأن من نذر أن يتصدق بشئ بعد شفاء ابنة او ابنتة فهو لن يتصدق إلا بعد شفاء مريضه
الأصل: أن النذر ابتداؤه مكروها  
صيغة النذر:
النذر ليس لة صيغة محددة بل كل مادل على الإلتزام فهو نذر
ذكر ابن القيم رحمه الله
أنة من إلتزم بطاعة فلا يخلو من امور:
1ـ أن يلتزمها بيمين مجردة (قسم)
مثل:والله لأصومن هذا الشهر
2ـ أن يلتزم الطاعة بنذر مجرد (بدون قسم)
كأن يقول لله على نذر أن أصوم شهرا
فيجب الوفاء بهذا النذر
3ـ أن يلتزم الطاعة بيمين مؤكد بنذر أو بنذر مؤكد بيمين
حكمه:كحكم النذر ولابد من الوفاء به
ومن ذلك قولة تعالى "وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِين"
مثل:إن نجحت فى الإمتحان لأصومن شهرا    (إلتزام الطاعة بنذر مجرد)
إن نجحت فى الإمتحان والله لأصومن شهرا (إلتزام الطاعة بيمين مجرد)
ـ أى إلتزام عموما بفعل طاعة معينة يسمى نذر
س ماالفرق بين من إلتزم بالله ومن إلتزم لله ؟
1ـ من إلتزم بالله فهو مخير بين الفعل والكفارة
مثل: والله لأصومن شهرا (هذ إلتزام بالله) أي التزم بقسم
2ـ من إلتزم لله فهذا ليس له إلا الفعل وليس له أن يكفر
مثل:لله على أن أصوم شهرا(إلتزام بدون قسم)
حكمه :ليس عليه إلا الفعل ويسقط عنة الفعل عند العجز
مثال  لله على صيام الإثنين القادم
جاء الاثنين ولم يستطع الصوم فعلية يوم يقضية عند الإستطاعة .
 أما إن قلت والله لأصومن الاثنين القادم
 إما أن تصومي أو تخرجي كفارة يمين (إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فإن لم تستطيعي فصيام ثلاثة أيام)
شروط صحة النذر:
1ـ أن يكون النذر لله عزوجل
كأن ينذر لله أن يصوم شهرا أو يقوم ليلة أو غير ذلك
ـ إذا قالت إمراة جاهلة للميت الفلانى (البدوي مثلا)على أن أصوم للبدوي شهرا
حكمه:أنه نذر شركِ لأن النذر عبادة والعبادات لايجوز صرفها لغير لله عز وجل
2ـ أن يكون النذر بالقول
فإذا نذر الإنسان بقلبه فهذا لا عبرة به لقوله صلى الله علية وسلم " إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا ، مَا لَمْ تَتَكَلَّمَ بِهِ ، أَوْ تَعْمَلْ" .
3ـ أن يكون الناذر مكلفا
فلا ينعقد نذر الصبى أو المجنون أو السكران أو النائم لأنهم غير مكلفين
4ـ أن يكون مختارا (أى يفعل الشئ بإختياره)
فلا ينعقد نذر المكره لقولة صلى الله علية وسلم " إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَعَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ"
5ـ أن يكون فيما يملكه قدرا
ـ كمن قال لو دخل على رمضان القادم سأتصدق بسيارة جاري أو بذهب فلانة
فلا ينعقد لأنه نذر فيما لا يملك
ـ لو دخل رمضان على رمضان القادم سأطير فى الجو فلا ينعقد لأنة قدرا الإنسان لا يطير
ـ لو دخل رمضان القادم وأنا حى سأصعد إلى السماء
فلا ينعقد لأنه لا يملكه قدرا وهو مستحيل
أنواع النذر
ينقسم النذر إلى ستة أقسام:
1ـ النذر المطلق(ينذر دون تحديد شئ)
كأن يقول لله علي نذر فقط دون تحديد
كفارة هذا النذر كفارة يمين لما ورد من حديث عقبة ابن عامر فى صحيح مسلم أن النبى - صلى الله علية وسلم - قال  "كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ"وأيضا حديث الترمذى    " كَفَّارَةُ النَّذْرِ إِذَا لَمْ يُسَمِّ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ"
2ـ نذر اللجاج والغضب (نذر اليمين ):وهو الذي يمنع الناذر فيه نفسه من فعل شئ أو يحملها عليه بتعليق التزام قربة بالفعل أو الترك
إن كلمت فلانا أو لم اضربه فعليّ حج أو صوم سنة
ويسميه بعض العلماء نذر اليمين أى حكمة حكم اليمين
ـ معنى اللجاج والغضب أنه في الغالب الذي يحمل علية هو الغضب والمخاصمة والمجادلة
فهذا حكمة حكم اليمين لأنة قصد بهذا النذر الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب
مثال:
ـ كمن يقول إن لم أسافر اليوم إلى المكان الفلانى فعلى صيام شهر
إذ لم يسافر فحكمة حكم اليمين لأنة بهذا النذر يحث نفسة على السفر
ـ إن سافرت اليوم إلى المكان الفلانى فعلي صيام شهر فهو مخير إما أن يسافر فعليه كفارة يمين وإما أن لايسافر وليس علية كفارة
لقد جعل الصحابة النذر الذى قصد به الحث أو المنع حكم اليمين وهو تعليق النذر بشرط بقصد المنع منه أو الحمل عليه أو التصديق أو التكذيب
أمثلة:
ـ كمن يقول إن لم يكن ماقلتة لك صحيحا فعليّ صيام شهر (كأنه تأكيد معنى الخبر)
ـ كمن يقول إن يكن ماقلتة لك  كذبا فعليّ صيام شهر(كأنه يصدق معنى الخبر)
حكمه: أنه مخير بين الفعل والترك فإن فعل فقد أدى النذر وإن لم يفعل فعليه كفارة يمين لحديث عمرو ابن حصين قال:سمعت رسول الله - صلى الله علية وسلم -  يقول  " لَا نَذْرَ فِي غَضَبٍ , وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ " رواه النسائى وضعفه الشيخ الألباني رحمة الله .
3ـ النذر المباح
كما لو نذر أن يلبس ثوبه أو يركب دابته
حكمه : أنه مخير بين الفعل وبين عدم الفعل مع كفارة يمين
وإستدلوا على ذلك :
بحديث عقبة بن عامر المذكور  " كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ "  وهذا لأي نذر
قال شيخ الإسلام :
أن النذر المباح ليس فية كفارة وإستدل بما رواة البخارى  قَالَ" بَيْنمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا أَبُو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ وَلَا يَسْتَظِلَّ وَلَا يَتَكَلَّمَ ولاَيَصُومَ
فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُروْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ" ولم يذكر النبي له  كفارة ،في الطاعة أمره بإتمام الطاعة وفى المباح أمره  بأن يترك هذا النذر ولم يذكر النبى له كفارة
القول الراجح
أولا:هذة الواقعة إسمعها واقعة عين , وواقعة العين في علم الأصول تكون أضعف من الحديث القوي
ثانيا:أن هناك أدلة على وجوب الكفارة لحديث عقبة ابن عامر وأقل أنواع النذر النذر المماثل لليمين
مثل: والله لألبسن هذا الثوب
فحكمه  : إما أن يلبس هذا الثوب وإما أن يكفر عن هذا اليمين فالراجح أن النذر المباح الإنسان مخير فيه بين الفعل وكفارة اليمين
4ـ النذر المكروه
مثل: من نذر أن يطلق زوجتة لأن الطلاق مكروه ولا يباح إلا عند الحاجة
حكمة:إن فعلة بر بنذرة وإن لم يفعلة لزمة كفارة يمينة
والأولى ألا يفى بنذرة وعلية كفارة
- حديث عقبة بن عامر يعد حديث عمدة فى الباب
5ـ نذر المعصية
كمن نذرت مثلا يوم الجمعة القادمة أن تسمع موسيقى أو إنها ستشرب شئ محرم
حكمه :هذا النذر لا يجوز الوفاء به
س:هل تلزمه كفارة ؟
يوجد قولين لأهل العلم:
اولا:
قول الحنابلة فقط وقالوا تلزمة كفارة
واستدلو بحديث عائشة رضى الله عنها قالت:عن الرسول أنة قال "‏ لاَ نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ‏"وهذا الحديث رواة أبو داود زالنسائى وغيرهما وهو حديث صحيح
وحديث ابن عباس مرفوعا أن النبى صلى الله علية وسلم قال ( ومن نذر نذرا فى معصية فكفارتة كفارة يمين) أخرجه أبو داود
*الأئمة قالوا أن الراجح أن هذا الحديث موقوف (أى من كلام ابن عباس وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ) ولكن الحديث الموقوف فى حكم المرفوع مالم يعرف له مخالف 
ثانيا:
قول الأئمة الثلاثة (أبو حنيفة ـ مالك ـ الشافعى ) قالو لاكفارة عليه
واستدلوا بحديث عائشة رضى الله عنها أن النبى - صلى الله علية وسلم - قال "‏ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلاَ يَعْصِهِ ‏"
 رواه البخاري فقالوا لو كانت الكفارة واجبة لذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث فدل ذلك على عدم وجوبها
*والصحيح قول الحنابلة لأنه الأقوى لوجود أدلة دلت على وجوب الكفارة
وحديث "‏ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلاَ يَعْصِهِ ‏"
حديث عام تكلم عن الفعل ولم يتكلم عن الكفارة ، أما حديث عائشة "‏ لاَ نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ‏" فهو حديث خاص تكلم عن الفعل والكفارة
6ـ نذر التبرر (وهو نذر الطاعة)
وهذا النوع يقسمة العلماء الى قسمين :
أولا : أن يكون مطلقا (يسمى قربى)
مثل: من قال لله على أن أن أصوم شهرا
فهذا يجب الوفاء به لقول النبى - صلى الله علية وسلم - "‏ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلاَ يَعْصِهِ‏"
ثانيا : أن يكون نذرا معلقا لحصول نعمة أو لإندفاع نقمة
مثل: إن شفى الله مريضى لأصومن شهرا
       إن ربحت تجارتي لأتصدقن بكذا
فالصوم والصدقة ظاهر منهما أنه يريد القربة من الله عزوجل فيجب الوفاء به
·                  هنالك نوع أخر لا يرد به القربة وإنما يرد به الفرح والسرور، كمن يقول إن نجحت فى الإمتحان سأذبح بقرة فقصدة أن يفرح بالنجاح فهذا إسمة نذر مباح وليس نذر طاعة فهو مخير فى هذا النذر

·                  حكم من نذر طاعة وغير طاعة فى وقت واحد:

كما فى حديث أبى إسرائيل وحديث عقبة بن عامر أنة قال  نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تًَحُج  حَافِيَةً غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : إنَّ اللَّهَ لَا يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِكَ شَيْئًا ، مُرْهَا فَلْتَخْتَمِرْ وَلْتَرْكَبْ وَلْتَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ }فهذان الحديثان  دلا على مسألتين:
الأولى :من نذر طاعة وغير طاعة وهذة تحتها قسمان:
الأول: من كان طاعة فيجب الوفاء بالطاعة لقول النبى - صلى الله علية وسلم - "‏ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ"
 الثانى: من كان غير طاعة فهو مخير بين تركها وفعلها ولكن إن تركها فعلية كفارة يمين مالم يكن إثما فلا يجوز لة فعلة وعلية كفارة يمين
مثل: إنسان نذر إن يحج وفى نفس ال وقت نذر أن يحج ماشيا وهذا الحج كان الحج الثانى لة وليس الأول
ـ من كان طاعة وهو الحج فيجب الوفاء به لقوله صلى الله عليه وسلم (من نذر أن يطيع الله فليطعه )
أما بالنسبة للمشى فهو مخير بين الفعل والترك ولكن إن ترك المشى فعليه كفارة لأن المشي مباح
مثل : حديث أبى إسرائيل أنة نذر أن يصوم والصيام عبادة فالنبى - صلى الله علية وسلم - قال: (فليتم صومه)،ونذر أن يقوم فى الشمس وهذا ليس بعبادة بل قد يكون إلى المعصية أقرب لأنة يؤدى إلى تعذيب النفس والله غنى عن ذلك،ونذر أيضا أن لايتكلم وهو أيضا ليس عبادة فهو مخير بين الفعل والترك لكن إن ترك الفعل (وهو التكلم) فعلية كفارة يمين
*الإنسان ليس مخير فى الإثم
الثاني : إذا نذر عبادة ثم عجز عنها فينقسم إلى أقسام:
الأول : أن يعجز عن العبادة لوصف العبادة
كمن قال والله لأصومن الخميس القادم الموافق 5/5/2011 ثم عجز عن الصيام هذا اليوم
فحكمه : أن يصوم يوم غيره ويكفر عن الوصف (وهو الخميس القادم) كفارة يمين.
وإستدلوا: بحديث ابن عباس - رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ "مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُطِقْهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِين"
*بعض الأئمة رفعوا هذا الحديث وبعضهم أوقفوة على ابن عباس
الثانى : أن يعجز عن بعض أوصاف العبادة
كمن قال لله على أن أصوم شهر الله المحرم
وعندما جاء شهر محرم إستطاع أن يصوم بعض الشهر ولا يستطيع أن يصوم الشهر كله متواصلا
فحكمه: علية قضاء الأيام التى أفطر فيها وعليه كفارة يمين.
الثالث: أن يعجز عن أصل العبادة بالكلية
حكمه: عليه أن يكفر كفارة يمين
مثل : من نذر أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر فمرض مرضا لايرجى برءه  أو كبر فى السن مع مشقة الصيام ،فعليه كفارة يمين مرة واحدة فقط لأنه نذر واحد ، وإذا شفاه الله وطاق الصيام وجب عليه الصيام .
·                  عقوبة عدم الوفاء بالنذر
أولا : قال ابن القيم :
"إذا قال إن سلمنِ الله تصدقت أو لأتصدقن فهو وعد وعده الله،فعليه أن يفي به إلا دخل فى قوله تعالى "فأعقبهم نفاقا فى قلوبهم إلى يوم يلقونة بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون"، فوعد العبد ربه نذر يجب عليه أن يفي به والنذر المعلق أولى باللزوم من أن يقول إبتداءا لله على كذا وإخلافه يُعقب النفاق فى القلب" .
ثانيا : أن النبي - صلى الله علية وسلم - ذم الذين ينذرون ولا يوفون كما فى حديث مسلم عن عمران بن حصين أن النبى - صلى  الله علية وسلم - قال:"  إِنَّ خَيْرَكُمْ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ قَالَ عِمْرَانُ فَلَا أَدْرِي أَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ قَرْنِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ وَيَنْذِرُونَ وَلَا يُوفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ" والمراد بقولة صلى الله علية وسلم (ويظهر فيهم السمن ) أى إن هولاء غافلون عن الإهتمام بأمر الدين ولا هم لهم إلا الأكل والشرب والراحة والنوم
والمذموم من السِّمن ما كان مكتسبا لا ما كان خِلقة والله أعلم
ـ قال النووى فيه وجوب الوفاء بالنذر وهو واجب بلا خلاف
ثالثا : عدم الوفاء بالنذر من صفات المنافقين قال تعالى
" وَمِنْهُمْ (أى من المنافقين ) مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ ( 75 ) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ( 76 ) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ( 77 ) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ( 78 )
رابعا : وأما عقوبة من نذر ولم يفي ما عاهد الله علية فيخشى عليه أن يعاقبه المولى سبحانة وتعالى بإلقاء النفاق فى قلبة فيلقى الله تعالى وهو منافق فيكون من الخاسرين
*قال السعدي رحمه الله :
"أى ومن هؤلاء المنافقين من أعطى الله عهده وميثاقه لإن أتانا من فضلة من الدنيا فبسطها لنا وو سعها لنصدقن ولنكونن من الصالحين فنصل الرحم ونعين على نوائب الحق ونفعل الأفعال الصالحة فلما أتاهم من فضلة لم يوفوا بما قالوا بل بخلوا به  وتولوا عن الطاعة والإنقياد (وهم معرضون ) أى غير ملتفتين إلى الخير ،فلما لم يفوا بما عاهدوا الله علية عاقبهم فأعقبهم نفاقا فى قلوبهم مستمراً إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ماوعدوه وبما كانوا يكذبون "
ـ فليحذر المؤمن من هذا الوصف الشنيع بأن يعاهد ربه إن حصل مقصوده الفلانى ليفعلن كذا وكذا ثم لا يفى بذلك فإنما ربما عاقبة الله بالنفاق كما عاقب هؤلاء
كما قال النبى - صلى الله علية وسلم - فى الحديث الثابت فى الصحيحين " آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَاعَاهَدَ غَدَر، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ " والله أعلم
نسيان النذر
ـ من نذر طاعة من الطاعات (صلاة ـ صيام ـ زكاة أو غير ذلك)
سواء نذر إبتداءاً أو علقه على حصول أمر وحصل هذا الأمر، كمن قالت إن حملت سأفعل كذا (اصوم ـ أزكى ...) نقول وجب على العبد الوفاء بذلك لقول النبى - صلى الله علية وسلم - "‏ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِهِ فَلاَ يَعْصِهِ‏"
*قال الحافظ بن حجر :
"الطاعة أعم من أن تكون فى واجب أو مستحب ويتصور النذر فى واجب أو مستحب ويتصور النذر فى فعل الواجب بأن يؤقتة كمن ينظر أن يصلى الصلاة فى أول وقتها فيجب علية ذلك بقدر ما أقتة ، أما المستحب من جميع العبادات البدنية والمالية فينقلب بالنذر واجبا ويتقيد بما قيدة به الناذر"
س: ما حكم من نذر ثم نسى مانذر؟
أولا : يجتهد فى معرفة ما نذره
ثانيا : إن كان هناك قرينة أو علاقة تدل عليه فيحاول أن يقترب من الشئ الذى نذره ؛ إن لم يتذكر شئ من ذلك فعليه كفارة يمين ويسمى (النذر المبهم )
س: ما حكم من تذكر نوع النذر (صيام ـ صلاة ـ صدقة) ولكن نسى قدر النذر(العدد)؟
الواجب عليه أن يفعل شئ أقل ما يصدق علية النذر؛يعنى يصلى ركعتين فى اليوم لأنهم أقل صلاة ممكنة
مثلا : نذر أن يصوم فى الشهر ولكن نسى العدد ؛ فيصوم أقل شئ واقل الصيام صيام يوم واحد
بعض الأحكام التي ذكرت في الدرس :
*الأفضل عدم النذر ولكن التعاهد أفضل نتعاهد مع أنفسنا أو أصدقاؤنا.
*النذر لا يصح الرجوع فيه لأنه لازم لقول على بن أبى طالب أربع لارجوع فيهم إلا بالوفاء (النكاح و الطلاق والعتاق والنذر )

*س: من نذرت أن تتصدق بجميع حليها وعلية زكاة ؟
فيه وجهان:
اولا:أن كان هو المال كله
ـ الحنابلة قالوا تتصدق بثلث الحلي
واستدلوا على ذلك بقول النبى ـ صلى الله علية وسلم ـ  "يُجْزِئُ عَنْهُ الثُّلُثُ "رواه أبو داود
ـ الشافعية قالوا تتصدق بالمال كله
ثانيا : أن يكون لها مال أخر غير حُليها
فيلزمها الصدقة كما نذرت بالحلي كله
* لايشترط فى صيام الكفارة التتابع .
*كفارة اليمين :
 قال تعالى :
(لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89) المائدة
ولكن الأولى أن الفقير يطعم والغنى يصوم
(لأن الإطعام بالنسبة للفقير فية مشقة والصيام علية سهل والعكس بالنسبة للغنى ،وهذا لكى ينتهى الإنسان عن كثرة النذر واليمين فى غير محلهما )
* إذا علق النذر أو اليمين بالمشيئة فلا شئ عليه (لأن المشيئة عبارة عن إستثناء )
س: ما حكم من نذرت طاعة ولم تستطع أن توفى بالنذر تقضي أم تكفر ؟
الصيام الواجب لا تكفر فيه وتقضي لأنها نذرت طاعة فتصبح الطاعة واجبة فيجب عليها أن تقضي وتكفر عند العجز التام.
·                  الأحاديث الخاصة بالدرس التي يجب أن تحفظ :

1ـ حديث عائشة ـ رضى الله عنها ـ "‏ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيع َ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِهِ فَلاَ يَعْصِهِ‏" رواة البخارى
2ـ حديث مسلم أن النبى ـ صلى الله علية وسلم ـ قال (كفارة النذر كفارة يمين )
3ـ حديث عائشة ـ رضى الله عنها ـ "‏ لاَ نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ‏"
 4ـ قولة ـ صلى الله علية وسلم ـ " لا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ , وَلا فِيمَا لا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ "
5ـ حديث ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ أنة قال : نهى النبى ـ صلى الله علية وسلم ـ عن النذر وقال" إِنّهُ لايَرُدُّ شَيْئًا ، إِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ "وفى لفظ (إِنَّهُ لا يَأْتِي بِخَير)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق