>

الأحد، 24 مارس 2013

اللعان


بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
ثم أما بعد ....
اليوم نستكمل آخر حكم من أحكام الفرقة وهو اللعان .
اللعان : هو أن يرمي الزوج زوجته بالزنا فلو رماها بالزنا فعليه حد القذف أو التعذير أو الملاعنة .
حد القذف لا يكون إلا بالطلاق  بطلب عند القاضي ورفع دعوة .

الحدود أنواع :
1-    حدود لا تكون إلا برفع الدعوى مثل القذف : الحقوق الشخصية
2-    حدود تكون بلا رفع دعوى مثل الزنا والقتل والحرابة : الحقوق المدنية .
حد القذف يقام برفع الدعوى إذا اشتكته المرأة يكون بشيء من الثلاث : يقام عليه حد القذف وهي ثمانين جلدة إن كانت محصنة و إن كانت غير محصنة وغير عفيفة يعذر أو يأتي ببينة أو يلاعن ، فالملاعنة تأتي بعد القذف ، قال تعالى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً } هذه الآية عامة في جميع المحصنات ، قال تعالى : {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ } في الأزواج خاصة دون بقية المحصنات .
دلت الآية الأولى على وجوب الحد {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً } إلا أن يأتوا بأربعة شهداء ، إن قذف زوجته عليه أن يأتي بأربعة شهداء أو الحد إن كانت المرأة محصنة إن لم تكن محصنة فعليه التعذير و الآية الثانية جاءت في الزوجين و آية اللعان نزلت في هلال بن أمية قذف امرأته فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " البينة و إلا حد في ظهرك " ، فقال هلال : والذي بعثك بالحق إني لصادق ولينزلن الله في أمري ما يبرأ ظهري من الحد فنزلت {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ } هذا بداية حد اللعان .

صفة اللعان :-
أن يأتي الزوج أمام القاضي ويقول أربع مرات : أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا ويشير إليها ويقول في الخامسة ويقول على نفسه : أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، ثم تأتي هي وتقول أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا أربع مرات وتقول في الخامسة وأن غضب الله عليَ إن كان هو من الصادقين .
فهو يرمي نفسه باللعنة وهي ترمي نفسها بالغضب ، فهذه صفة يمين بالملاعنة ، قال تعالى : {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ }{وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ }.

لماذا أمر الله تعالى الزوج في الخامسة بلعنة الله عليه و أمر المرأة أن تحلف بغضب الله عليها ؟
الجزاء من جنس العمل لأن الزوج عندما وجد من زوجته الزنا والفحشاء طردها من بيته فإن كان طردها بحق فهي تستحق ذلك و إن كان طردها بظلم فيستحق طرد الله من رحمته فبذلك الله عز وجل أمره أن يحلف بالطرد حتى يتذكر أن اللعنة تنزل عليه ويطرد من رحمة الله عز وجل ولذلك دائما يحاول الإنسان أن يتعامل مع الناس بما يحب أن يتعامل الله معه فيعامل الناس بالرحمة رجاء أن يرحمه الله ويتعامل مع الناس بالمودة رجاء أن يحصل المودة بينه وبين الله ولا يحرمه الله عز وجل من مودته ورحمته .
وكذلك الإنسان إذا تعامل مع أي شخص ينظر في هذه الصفة ويتعامل معه بما يحب أن يتعامل الله معه فعندما طرد الرجل زوجته من بيته ومن كنفه ذكره الله عز وجل بأن إن كنت أيها الرجل ظالم فهناك طرد أعظم وهو طرد الله .
أما المرأة فإن كانت كاذبة فهذا الزنا يغضب الزوج وغضب الزوج من الكبائر العظيمة فذكرها الله عز وجل بأن غضب الله أعظم وأشد و أقوى فلا تفعلي ذلك لأن غضب الله عليكِ إن فعلتِ ذلك وهو أشد من غضب الزوج فكانت المناسبة أن يصف الله عز وجل المرأة بأن ترمي نفسها في غضب الله و أمر الزوج أن يرمي نفسه بلعنة الله والجزاء من جنس العمل .
العلماء قالوا يستحب أن يقفوا أمام القاضي بحضور مجموعة من الناس ويحلفون أربع مرات ويكون الحضور أكثر من أربع رجال .
قصة هلال بن أمية أنه قذف امرأته عند النبي فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلوا إليها فجاءت فتلا عليهما آية اللعان وذكرهما وأخبرهما أن عذاب الله أشد من عذاب الدنيا فقال هلال : والله لقد صدقت عليها فقالت : كذب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لاعنوا بينهما " فقيل لهلال : اشهد ، فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين فلما كانت الخامسة قيل يا هلال : اتق الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة و إن هذه موجبة - التي توجب عليك العذاب – فقال : والله لا يعذبني الله عليها كما لا يجلدني عليها وشهد الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، ثم قيل لامرأته اشهدي فشهدت أربع شهادات بالله انه من الكاذبين فلما كانت الخامسة قيل لها اتقي الله أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة و إن هذه موجبة - التي توجب عليكِ العذاب – فتلكأت ثم قالت والله لا افضح قومي وقالت أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ففرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما وقال ألا نفقة لها ولا سكنى من اجل أنهما يفترقان من غير طلاق وهي فرقة كبرى ودائمة.

ما الذي يترتب على اللعان ؟
1-    سقوط الحد عن الزوج .
2-    الفرقة بينهما كأنه طلقها .
3-    التحريم المؤبد حتى لو ندم .
4-    انتفاء الولد أي ابنها الذي أتت به من الزنا ينتفي نسبه من أبوه وينسب لأمه .
لو اعترف بالولد ولو لحظة فيكون ابنه .

متى يلحق بنسب أبيه ؟
لو أن المرأة ولدت ولد في خلال ست شهور من زوج فيلحق به النسب لأن أقل الحمل ست شهور ، قال تعالى : { وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً } وقال { وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ } عامين 24 وحمله وفصاله 30 فالفرق بينهم 6 شهور ، طبيا قد يولد الطفل بعد ست شهور ويدخل حصان وغير ذلك بشرط أن يكون الست شهور بعد اجتماعهما معا أو إمكان الاجتماع .
مثال : رجل تزوج امرأة وهو مسافر وكتبوا الكتاب وهو مسافر ثم أنجبت بعد ست شهور ، هل يلحق به النسب ؟ لا طبعا لأنهما لا يجتمعا .
لو فرضنا أتت بولد قبل ست شهور مثل تزوجها ودخل بها شهر واحد وبعد شهرين أنجبت هل يلحق به النسب أم لا ؟ لا
وحدثت بالفعل أن رجل تزوج امرأة وبعد أربع شهور ونصف أنجبت ولد كامل فشك الرجل في هذا الولد ورفع قضية واشتكى أهلها وبالفعل كان هذا الولد ليس ولده .
يلحق النسب كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الولد للفراش وللعاهر الحجر " .
هل DNA له مدخل في نفي النسب ؟
بعض الناس ينفون نسب الولد لهم فالأول يلاعن ثم ينفي الولد عند الملاعنة أو يأتي بالـ DNA ويثبت انه ليس ولده .
وهناك قصة أن سعد نازع عبد بن زمعة في ابن وليدة زمعة وقال عبد بن زمعة هو أخي و ابن وليدة أبي ولد على فراشة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش وللعاهر الحجر " .

 ثانيا : العدة :-
من الأبواب المهمة للمرأة وسيكون فيها تفصيل كبير .
مقدمة في العدة :
العدة : هي تربص من فارقت زوجها بوفاة أو حياة .
فالعدة نوعان :
-        عدة للحي .
-        عدة للميت .
وهي التربص أي الانتظار {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً } هذه الآية في عدة المتوفى عنها زوجها .

حكمة العدة :- جعلها الله عز وجل للحفاظ على البيوت واستقرار الأسر لأن من مقاصد الشرع أن الله عز وجل جعل دائما البيوت مطمئنة واطمئنان البيت بعد البيوت عن الطلاق والطلاق يعلم أن الإنسان فيه طيش وغضبه يخرجه عما يريد أن يفعله فأعطى الله عز وجل فرصة للشخص أن يراجع نفسه عند الطلاق والمراجعة تكون بوقت طويل 3شهو أي بثلاث حيضات التي تساوي ثلاث شهور أو أكثر أو اقل .
الحكمة أنها على الحيض وليس الأشهر هو الاستبراء لأنه يعلم الزوج أنها لا تكون حامل فيطمئن الزوج إن أراد أن يطلق وثاني حيضه وثالث حيضه تكون للتربص حتى يفكر الزوج في المراجعة فكأن الله عز وجل يعطيه فرصة في التفكير لأن الطلاق يكسر البيوت ويكسر المرأة وكذلك الله عز وجل جعل له فرصة أخرى إذا انتهت العدة وأراد أن يراجعها فليراجعها إذا وافقت المرأة .
فكثير من المطلقات خاصة من عندهم أولاد بعد انتهاء العدة تفكر المرأة ويطلب الزوج أن يراجعها فيراجعها مرة أخرى بإذن الولي كأنه نكاح جديد .
لان قرار الطلاق قرار مصيري يترتب عليه آثار شديدة لعلها تؤثر في حياته اللاحقة فالقرار المصيري يحتاج إلى عمق في التفكير والتريث والصبر والاستخارة والاستشارة وأشياء كثيرة جدا فلعل الإنسان إذا اخذ قرار الطلاق في الحال فيكون مخطئ .
قلنا من قبل لكي يكون طلاق سني ليس فيه أثم أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه وهذا أمر ليس بكثير فأغلب الطلاق يكون في طهر جامعها فيه فالإنسان لو متقي لله عز وجل إذا أراد أن يطلق فيفكر فان كان قد جامعها فيمسك عن الطلاق وإمساكه عن الطلاق هذا فيه أمر انه يراجع نفسه ولعله يفكر كثيرا فيتراجع عن الطلاق لذلك قال الله عز وجل { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً } { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } .
جعل الله عز وجل التقوى تذييل لآيات الطلاق لان الإنسان لو اتقى الله عز وجل ونظر في الحلال والحرام وعلم انه يحرم عليه الطلاق في هذه الحالة وامسك الطلاق في هذه الحالة فيجعل له من هذه التقوى مخرجا ويجعل له من أمره يسرا .

فهناك ثلاث أشياء يحرم على الرجل أن يطلق فيهما :
1-    أن يطلقها في حيض .
2-    أن يطلقها ثلاث بلفظ واحد .
3-    أن يطلقها في طهر جامعها فيه .
فلو أن الزوج أراد أن يطلق زوجته ووجد شيء من الثلاث فعليه الإمساك.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق