>

الاثنين، 17 سبتمبر 2012

شهر العبادات






بسم الله
إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره و نعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وبعد
نسأل الله سبحانه وتعالى أنه كما بلغنا رمضان أن يتقبل منا الصيام والقيام وقراءة القرآن وأن يعيننا على ذلك وأن ييسر لنا كل طريق يؤدى إلى أن نكون من عتقائه في هذا الشهر الكريم:
إذا أردت أن أتكلم عن شهر رمضان
فإنني أتكلم عن شهر العبادات والله سبحانه وتعالى يقول(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) النحل
36
وقال تعالى(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِين * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ  ) يس 60,61
فالعباد حاجتهم إلى الله سبحانه وتعالى أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب لماذا؟؟؟
لأن الإيمان بالله سبحانه وتعالى وعبادة الموالى سبحانه وتعالى ومحبته سبحانه وتعالى هو.......الغذاء الحقيقي للإنسان
به يقوي وبه يصلح وبه يتم الأمر في أن يرضى المولى سبحانه وتعالى
لذلك ليست عبادة الله تكليف ومشقه لأجل الابتلاء فقط أو لأجل الأجرة فقط إنما المقصود بالعبادة هو:
أن نريد وجه الله سبحانه وتعالى؛ أن نتوجه إليه؛ أن ننيب له؛ أن نعبده سبحانه وتعالى ؛أن تطمئن القلوب له وحده سبحانه وتعالى فالإنسان عندما يُسر قلبه بالعبادة فهو في ذلك الوقت قد وصل إلى المراد ..  كثير من الناس يجعل هذه العبادات عبارة عن مشقه وفقط
إذا أقول عندما نتكلم عن رمضان نتكلم عن العبادات الإنسان يريد أن يصل إلى مبتغاه والمبتغى هو رضي الله سبحانه وتعالى ومن ثم الجنة   والإنسان لا يصل إلى هذا المبتغى إلا بعد أن يعرف مولاه يعرفه ويؤمن به
يعرف أن مولاه هو الخالق الرازق المحي المميت  هو الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء هو الذي يجعل الناس تحت حكمة قبضة حاكم طاغوتى فترة طويلة من الزمن ثم الناس يرفعون الأيدي له سبحانه وتعالى حتى يطلبوا منه أن يعجل بهلاك هذا الرجل ولكن سبحان الله لتقصير ما عند الناس ولإرادته الخير بالناس فالله سبحانه وتعالى يؤخر هذا الطلب يؤخره سنين عديدة يؤخره سنوات طويلة ولكن لماذا يؤخره؟  لأنه بعلمه سبحانه وتعالى يعلم أن في تأخيره خير كبير لهؤلاء الناس  عندما يرون قوة الطغيان وفى نفس الوقت يرون سقوط الطغيان فيقولون حينها ربنا أمنا فاكتبنا مع الشاهدين سبحان الله عندما يرى الإنسان مثل هذه الأشياء يعلم أن الله سبحانه وتعالى هو القوى ؛يعلم أن الله سبحانه وتعالى هو القاهر فوق عباده ؛يعلم أن الله سبحانه وتعالى هو جبار السماوات والأرض عندما يُقتل وزير الدفاع ووزير الداخلية في سوريا الذين أذاقوا الناس الويل ويل ظلمات السجون وظلمات التعذيب وظلمات الاختفاء سبحان الله في يوم واحد وفي دقيقة واحدة يُودع كل منهما الدنيا غير مأسوفٍ عليه هؤلاء الناس الذين كانوا يخافون من أسمائهم ويرتعدون إذا علموا أنهم قادمون إلي أماكنهم أو إلي بلادهم أو إلى مدنهم سبحان الله إلي أين ذهبوا ؟ عندما يفكر الإنسان في مثل هذه الأشياء ما الذي يحدث في قلبه ؟؟؟؟؟؟؟؟ 
القلب يمتلئُ حباً وتعظيماً للمولى سبحانه وتعالى يعلم حينها أنه هو جبار السماوات والأرض ؛هو القاهر فوق عباده ؛ هو الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء ؛هو الذي بيده الخير وهو الذي على كل شيء قدير ؛سبحانه وتعالى هو المُدبر؛هو الذي يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء ولكل له عنده حكمة فهو ذو حكمة بالغة سبحانه وتعالى
عندما يسكن العبد إلى الله ؛عندما يطمئن به سبحانه وتعالى ؛عندما يريد أن يتنعم يتوجه إليه سبحانه وتعالى :يتوجه إليه بقراءة القرآن؛ يتوجه إليه بالصلاة ؛يتوجه إليه بالقيام؛ يتوجه إليه بالصدقة يتوجه إليه بكل أنواع العبادات  سبحان الله يحصل له الحب الحب في قلبه ويحصل له مودة في قلبه تجاه خالقِه تجاه معبُوده سبحان الله يحدث له لذة وسرور وهذه اللذة وهذا السرور يحدث في الدنيا فما بالكم ما الذي يحدث في الآخرة؟؟؟؟؟؟
لذلك كل من أحب غير الله عُذب به ولو اجتمع فيه الجمال والكمال لماذا؟ لأن كل مخلوق ليس بيده شيء وليس عنده لنفسه ولا لغيره لا نفع ولا ضرر لا يستطيع أن يعطى ولا أن يمنع إلا بمشيئة الله سبحانه وتعالى لا هدى ولا ضلال؛ لا نصر ولا خذلان؛ لا راحة ولا عذاب كل ذلك متوقف على مشيئة المولى سبحانه وتعالى إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل سبحانه وتعالى لذلك كل من أحب غير الله عُذب به لم يجد عنده شيء فلماذا لا نتوجه إليه سبحانه وتعالى؟؟؟ ؟؟؟ لأن كل شيء بيده هو الذي خلق العبد فأحسن خلقه وخُلقه وهو الذي رزقه وهو الذي هداه سبحانه وتعالى هو الذي أسبغ على العباد النعم افيليق بالإنسان أن يتوجه لغيره بل ليس له إلا أن يتوكل على الله سبحانه وتعالى الذي بيده كل شيء ويستعين به ويحبه ويعبده وحده لا شريك له كما قال سبحانه وتعالى (  وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) ليس هذا وفقط بل ( وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) بل (    بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ) لذلك نقول:
إن هذا الشهر فرصة عظيمة لهذه المعاني أن تعود مرة ثانية إلى القلوب  
أيها الأخوات الكرام صلاح العبد في عبادة ربه والاستعانة به ومضرته وهلاكه في عبادة ما سواه والاستعانة بما سواه فكل من توكل على غير الله خاب وخذل من جهته وكل من استنصر بغير الله خُذل لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا  
الآن الرئيس ينتظر الموت فقد مات عمر سليمان وأبناء الرئيس في الحبس ووزراءه وأقربائه كذلك بمن كانوا يستعينون؟ هل كانوا يستعينون بالله؟ لا بل كانوا يستعينون بالشيطان؛ يستعينون بأسباب الفساد ؛ فكل من توكل على غير الله خاب وخسر وخُذل من جهته كان يعطى للجيش كل ما يريدون وكان يعطى للأمن كل ما يريدون هل هؤلاء نصروه؟ لا تركوه ذليلا وحيدا خسيسا يعيش لحظات الاكتئاب التي لا تمر إلا بشق الأنفس سبحان الله  لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا
الله سبحانه وتعالى غنى حميد يُحسن إلى عباده مع أنه غنى عنهم؛الله سبحانه وتعالى يريد للعبد الخير ؛ يُحسن إليه يكشف الضر عنه مع أن العبد لا يجلب منفعة إلى ربه ولا يدفع مضره بل أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يرحم العبد ؛يريد أن يُحسن إليه
لذلك عندما بلغنا ربنا رمضان فلابد أن نفرح فرحاً شديداً أن الله سبحانه وتعالى بلغنا هذا الشهر الكريم هذا الشهر مليء بالنفحات وكما تعلمون هو شهر القرآن؛ شهر الصيام؛ شهر القيام؛والصدقة هذه هي العلامات الأساسية في هذا الشهر
الله سبحانه وتعالى عندما بلغنا هذا الشهر هو يريد منفعتنا؛ هو يريد أن يكشف عنا الضر ؛ يريد أن يُحسن إلينا فنقول لكل إنسان يسمعنا الآن أنه لابد له أن ينتبه إلى ذلك لماذا ينتبه إلى ذلك؟  لأنك وصلت إلى هذا الشهر فلا تترك فيه لحظة إلا  طاعة الله سبحانه وتعالى وفي عبادة الله سبحانه وتعالى .
الإنسان إذا أصابته مضرة أي مضرة جوع أو مرض من الذي يدفعه عنه؟ الله سبحانه وتعالى ؛ وعندما تذهب إلى الطبيب لماذا يدفع عنك المضرة يدفعها لأنه له مصلحة في ذلك الأجرة يريد مالاً ؛ ولو كان الإنسان خائف وطلب من شخص قوى أن يحميه لماذا يحميه؟ لأنه له مصلحة من ذلك وهكذا لو أنى ذهبت لإنسان وأنا جائع وأطعمني لماذا يطعمني؟   لأنه أخذ منى مالاً أو يريد مني شيئا مقابل الإطعام
أما المولى سبحانه وتعالى فهو الذي يشفى ؛وهو الذي يسقى سبحانه وتعالى بغير منفعة من وراء ذلك إلا أنه رحيم بعباده ؛لطيف بعباده؛يريد أن يُحسن إلى عباده سبحانه وتعالى
لذلك نقول أن هذا فرصة كبيرة فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحداً  أُأكد على هذا المعنى لأن الشهر نحن في بدايته ولعلنا نعيش فيه يوم أو يومين أو ثلاثة أو أسبوع وقد نحياه كله فإذا وصلنا إلى أي قدر منه أو إلى أي جزء منه فلابد أن نغتنمه أشد الاغتنام
هذه معاني عامة وهناك معاني أخرى:
المعاني الأخرى: أن الأعمال عموماً الأعمال الصالحة كلها من أولها وأخرها هي من توفيق الله منه وفضله وصدقته على عبده فالله سبحانه وتعالى هو الذي يُوفق العبد إليها ؛الله سبحانه وتعالى هو الذي يُعينه عليها ؛هو الذي يُحببها إليه ؛هو الذي يُزينها في قلبه ؛هو الذي يُكره إليه ضدها  يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ
إذا نحن في هذا الشهر إن وفقنا الله سبحانه وتعالى إلى ختمه أو اثنتين أو ثلاث أو أكثر ؛إذا وفقنا إلى كثرة القيام؛ إذا وفقنا إلى كثرة الصدقة ؛ إذا وفقنا إلى صيام لا لغو فيه ولا زور ولا كذب ولا أمر بمنكر ولا نهى عن معروف كل هذا توفيق من الله  إياكم ثم إياكم أن تعتقدن أن الأخت التي تعمل أو الأخت التي تجتهد في طاعة الله سبحانه وتعالى أن هذا من مهارتها أو هذا من حرصها لا بل هذا كله بتوفيق من الله سبحانه وتعالى وفضل من الله سبحانه وتعالى وهذه صدقة الله عز وجل على عباده فالله سبحانه وتعالى هو الذي يُعين على ذلك وهو الذي يُحبب إلى ذلك هو الذي يُزين ذلك في القلب ومع هذا كله هذه الأعمال ليست ثمنا لجزائه وكرمه لماذا؟  لأن الإنسان إذا تعبد كل أنواع العبادة على أكمل الوجوه فهذه ما هي إلا شكر لله سبحانه وتعالى على بعض نعمه علينا فو أننا مثلا طوال النهار ليس لدينا إلا قراءة القرآن والصدقة والصيام وطوال الليل ليس لدينا إلا القيام وقراءة القرآن والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والشهر كله بهذه الطريقة وهذا هو أكمل الوجوه بالنسبة لنا هذا كله عبارة عن نوع أو بعض شكر لله عز وجل على بعض نعمه سبحانه وتعالى بل لو أن الله سبحانه وتعالى طالبنا بحقه ؛طالبنا بالعدل ماذا سنفعل؟ لن نستطيع أن نوفى حقه سبحانه وتعالى ؛لن نستطيع أن نعبده كما يريد سبحانه وتعالى أو أن نعبده جزاء لما أعطانا سبحانه وتعالى .
فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا وأن يُعيننا على ذلك
الأمر الأخير أن هذا الشهر هو شهر العبادة وشهر العبادة من أهم شيء فيه بعد الصيام والقيام والقرآن :
الدعاء:  فالله سبحانه وتعالى يسأله من في السماوات والأرض بل يسأله الأولياء ويسأله الأعداء وسبحانه وتعالى يمد يده لهؤلاء وهؤلاء فالله سبحانه وتعالى يرحم ويُعطى الفاسق والكافر ويعطى أيضا الكافر والفاجر ويُعطى أيضا التقى والنقي ولكن هناك فرق بين هذا وهذا وبين هذا وذاك
فالله سبحانه وتعالى في شهر رمضان يُعطى لعبده المؤمن ما يحب وزيادة
فاعلم أن هذا الشهر تُصفد فيه الشياطين وتُفتح فيه أبواب السماء وتُغلق فيه أبواب النار في هذه الأنحاء العبد لا يحتاج إلا أن يرفع يديه إلى السماء ؛يرفع يديه إلى ربه سبحانه وتعالى ويسأله يسأله بصدق كما علم عن طريق النبي الكريم الأمين محمد صلي الله عليه وسلم أن لله عتقاء من النار في هذا الشهر فيسأله بصدق أن يكون من هؤلاء والله سبحانه وتعالى كل يوم له عتقاء من النار فرصة لا تعوض خصيصة خاصة بهذا الشهر   فلابد أن يرفع العبد يديه في هذا الشهر ليل نهار كل يوم كل ليله يدعو الله سبحانه وتعالى أن يكون من عتقائه من النار وسبحان الله
أيضا في هذا الشهر الإنسان عندما يُكثر من قراءة القرآن؛الصلاة؛القيام والصيام فقلبه يرق ولسانه أيضا يرق فيكون أكثر شفافية وأكثر عذوبة وأكثر وصولا إلى مولاه فإن المولى سبحانه وتعالى لا يصل إليه إلا من كان رقيقاً؛ محباً؛ مطيعاً ؛ مخبتاً ؛ مستسلماً لأوامره؛ منتهياً بنواهيه فإذا وصل العبد إلى ذلك فرق قلبه وعذب لسانه سبحان الله فإن دعاؤه يكون له مفعولا غير العبد الذي يعصي ويشقي وينسى ويغتاب وينم ويشتم ويُسفه ويزدرى ويستهزئ ويسخر........ فرق شاسع بين هذا وذاك .
فهذا الشهر فرصة عظيمة لأمثال هؤلاء الذين يُكثرون من طاعة الله فترق قلوبهم
هؤلاء الذين إذا رفعوا أيديهم إلى السماء فكانوا أهلا لأن يُغفر لهم ؛ أهلاً لأن يعتقهم المولى سبحانه وتعالى من النار ؛ أهلاً لأن يغفر لهم ذنوبهم ما تقدم منها وما تأخر ؛
أهلاً لأن يدخلوا الجنة بغير حساب ولا عذاب
نسأل الله سبحانه وتعالى أن نكون من هؤلاء ونسأل الله سبحانه تعالى أن نكون من عتقائه في هذا الشهر وأن يتقبل منا الصيام والقيام وقراءة القران     


 




 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق