>

الاثنين، 16 أبريل 2012

***الخسران المبين ***




الخسران المبين

تكلمنا عن قوله تعالى " إِنّ َالْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ" الإنسان أي جنس الإنسان لفي خسر أي في نقصان وهلكة "إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات ِوَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ" فكل الإنسان يكون في خسر وفي نقصان وهلكة إلا الذين استثناهم الله عز وجل وهم " الَّذِين َآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات ِوَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ" وهؤلاء أصحاب هذه الصفات اصطلحنا على أن نسمي صفاتهم أركان الشخصية المسلمة المتكاملة وتكلمنا على هذه الشخصية المسلمة وان إيجاده هو اللبنة الأولى في صرح الإسلام وانه هو الدرجة الأولى في سلم التغيير .
تكلمنا عن قوله تعالى "  إِنَّ الْإِنْسَان َلَفِي خُسْرٍ"



واستعرضنا صور الخسران التي يقع فيها الناس في الدنيا من فقدان الإنس بالله عز وجل ومن وحشة القلب ومن قسوة القلوب وشقوتها ومن تعسير الأمور عليه وحرمان الرزق والبعد عن ملائكة الرحمن ومن الذلة والهوان والصغار على الله عز وجل ومنها ضياع العمر ونقص البركة وقلنا أن الخسران الأعظم أن يخسر الإنسان آخرته أو يخسر المرء خاتمته في الدنيا نعوذ بالله من حال أهل البلاء .
نستكمل اليوم إن شاء الله الكلام عن الخسران وقلنا أن قول الله سبحانه وتعالى"  إِنَّ الْإِنْسَان َلَفِي خُسْرٍ"أي أن هناك بحر متلاطم من الخسران يسع كل بني آدم من الخسران وانه لا نجاة من هذا البحر المتلاطم من الخسران إلا من تعلق بطوق النجاة وهذا الطوق هو الذي شرح الله لنا صفاته وأبعاده وهو الأربعة صفات المستثناة بعد ذلك

لكن هل هناك خسران آخر يتعرض له الإنسان؟
 نعم هناك خسران في البرزخ والبرزخ هو اليابس الذي يصل بين ماءين ويطلق البرزخ على الحياة في القبر لأنها هي التي تصل بين  الدنيا والآخرة تسمى حياة البرزخ .
نقف اليوم مع حديث عظيم القدر جلي الشأن حديث ما منا من احد إلا وقد تأثر بهذا الحديث وكثير منا كان منطلقه في السير على الطريق مثل هذه الأحاديث ومثل هذه الوقفة التي يقفها الإنسان مع نفسه ومثل هذه المعاني التي يخلفها في القلب .
عن البراء بن عازب قال خرجنا في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر و لما يلحد(اللحد هو الميل )لذا نقول للإنسان الذي لا يؤمن بالله ويحيد عن إتباع الحق ملحد فاللحد هذا الطريقة الشرعية للدفن وهو أن نحفر في الأرض حفرة عميقة والحفرة يكون لها جنبان ونأتي على جنب منهم ونحفر حفرة أفقيه ولذا يسمى لحد ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم" اللحد لنا والشق لغيرنا" قال فجلس رسول الله وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير فجعل ينظر إلى السماء و ينظر إلى الأرض وجعل يرفع بصره ويخفضه ثلاثاً ،فقال: "استعيذوا بالله من عذاب القبر" مرتين أو ثلاثا ًوهنا فائدة وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتفاعل مع الصحابة ويتفاعل مع المواقف المتجددة كان يربي الصحابة رضوان الله عليهم بالآية الشرعية وهي آيات القرآن وبالآية الكونية مثل كسوف الشمس وخسوف القمر ويربيهم بقصص الأولين كثيرا ما كان يقص عليهم  قصص بني إسرائيل وقصص الأنبياء مع أقوامهم ويربيهم والمواقف أمامهم فابن مسعود رضي الله عنه يتسلق الشجرة ليأتي النبي صلى الله عليه وسلم بالسواك فيضحك الصحابة 
 ويسأل النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة عن سبب الضحك فيخبروه أنهم يضحكون من دقة ساقيه فلا يترك هذا الأمر ويخبرهم أن الموازين عند الله لها شأن آخر قال هما أثقل في الميزان من جبل أحد لذا من اجل النعم التي ينعم الله بها على الإنسان أن يلازم أهل التدين يجلس معهم وبصحبهم ويزورهم ماذا يستفيد أول فائدة يستفيدها أن يتربى على معاني التربية



 بعض الأخوات تحكي مثلا أنها كانت في مدينة جامعية ورزقت بغرفة فيها أخوات تخبر أن هذه كانت اجل أوقاتها لماذا؟ لأنها تلازمهم طوال الوقت وترى الأخوات على الإيمان سواء قيام حلقات علم قراءة قرآن ليس هناك غيبة ونميمة الحرص على اغتنام الأوقات وتقليل ساعات النوم الزهد في الدنيا فالإنسان يكون مصاحب لأهل الصلاح استفاد من صحبتهم جدا فالإنسان يختار من يصحبه ومن يلازمه ويختار من يجعل جلوسه واستشارته إليه والعكس بالعكس فالإنسان إذا صاحب البطالين وأصحاب الهمة المتدنية وأصحاب الاستهانة بالمعاصي يوشك أن يتردى ويخسر جزء كبيرا من تربيته   ،وفي يده عود ينكت به قال فرفع رأسه وقال استعيذوا بالله من عذاب القبر فإن الرجل المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا تعطي الإنسان الأشعار بقيمة الانقطاع انقطاع من المال انقطاع من الزوج والانقطاع من الأبناء وانقطاع من الأعمال الصالحة لذا كان يقول يزيد النقشي يقول " يا يزيد من يستغفر بعدك لك من يترضى ربك عنك " ويذكر نفسه أن هناك انقطاع فإذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعوا له فإذا كان الإنسان في انقطاع من الدنيا تنقطع العلائق تنقطع الصلات "فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَت ِالْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذ ٍتَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُم ْوَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ(85) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُم ْغَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
فالإنسان مهما كان له من يحبه وله من يحرص عليه ومهما كان له من أموال ومهما طال بقاءه سيأتي عليه وقت فيه انقطاع من الدنيا وإقبال على الآخرة وإقبال من الآخرة والقبر أول منازل الآخرة لذا يقال من مات قامت قيامته فالإنسان يسمع عن الدنيا وحقارة الدنيا لا يتعامل مع الدنيا التي هي منذ خلق آدم إلى قيام الساعة فكل إنسان دنياه منذ أن ولد إلى أن يموت ودنياه التي يحاسب عليه شرعا هي منذ أن كلف شرعا إلى أن يموت ما قبل ذلك لم يره وما بعد ذلك لن يره
نزل إليه من السماء ملائكة بيض الوجوه حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس المطمئنة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فيا لها من بشرى و يا له من وصف وإذا سمع المرء هذا الوصف الإلهي في هذا الموقف المهيب استبشر وزال فزعه واطمئن قلبه وانقشع عنه الخوف لانقطاعه من الدنيا "إِنَّ الَّذِين َقَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وابشروا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ" فيا لها من كلمة طيبة لنفس طيبة نفس طيبة طابت أعمالها ونفس طيبة طاب باطنها ونفس طيبة طابت عبادتها وطابت همتها فلها أن تبشر في مثل هذا الموقف العصيب وقوله "أيتها النفس المطمئنة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان" بشرى كما قال عز وجل " وَرِضْوَانٌ مِن َاللَّهِ أَكْبَرُ" أي اكبر شيء يناله العبد هو رضوان الله قال فتخرج نفسه فتسيل كما تسيل القطرة من السماء أي لا يشعر بالسكرات ولا الم السكرات فتنزل ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن على وجوههم الشمس فهو في انقطاع من الدنيا يرى حوله أشياء أخرى مازا يرى؟  يرى ملائكة وجوههم مشرقة كالشمس معهم حنوط من حنوط الجنة وكفن من كفن الجنة مد البصر أي انه لا يرى إلا الملائكة مد البصر فيستبشر فأخذها فإذا أخذها لم يدعوها طرفة عين استبشارا به فذلك قوله تعالى"تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ" حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ثم يخرج منها كأطيب نفحة ريح مسك وجدت على ظهر الأرض فلا يمرون بملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الريح الطيبة فيقولون فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا فيفتح له في شيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها موكب مهيب وموكب عظيم قائم على هذه النفس التي ربما لا يعرف الناس في هذه الدنيا قدرها

 
قد يكون صاحب هذه النفس فقير  قد يكون مغمور رب أشعث اغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب الناس لا تستشرفه ولا تستقبله ويدفعونه بالأبواب رب أشعث اغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب  لو اقسم على الله لأبره من جلال قدره وعظمه عند الله يقول والله يا رب لتفعلن كذا لأبر الله هذا القسم حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة فيقول الله عز و جل اكتبوا كتاب عبدي في عليين وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون في السماء السابعة وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى فتعاد روحه في جسده  فيأتيه ملكان شديد الانتهار فينتهرانه فيجلسانه فيقولان من ربك فيقول ربي الله فيقولان ما دينك فيقول ديني الإسلام فيقولان ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هو رسول الله فيقولان ما يدريك فيقول قرأت كتاب الله عز و جل فآمنت به وصدقت قال وذلك قوله تعالى "يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت ِفِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَل ُاللَّهُ مَا يَشَاءُ "وهذا اختبار ونحن الآن على أبواب اختبارات المعاهد أو اختبارات أخر العام وكل منا يعلم ما معنى امتحان من المحنة  أي يوضع الإنسان في محنة لذا كان يقول البعض لا تسموا اختبارات الدراسة امتحان لكن اختبار فنقول أن ما يحدث في القبر هو امتحان حقيقي يوضع الإنسان في محنة حقيقية يوضع في القبر ولا ننسى انه يوضع وحده والقبر مظلم 24 ساعة أي ليس في القبر ليل ونهار إنما هو ظلام دامس موحش والمرء يسكن فيه وحده فيأتيه في ذلك الوقت ملكان والله عز وجل يقول " الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِل ِالْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي َجْنِحَة ٍمَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيد ُفِي الْخَلْق ِمَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"  فالملائكة شديدة القوة وهذان الملكان يتصفان بشدة الصوت والانتهار والهيبة التي تقذف الرعب في النفوس ورد في هيئتهم بعض الآثار أنهم ملائكة زرق أو لون شديد السواد فالأمر شديد ويكرران على المرء السؤال وينتهرانه أي ليس صوت فقط صوت ملائكة كما ورد في بعض الآثار ( أصواتهن كالرعد القاصي وعيونهما كالبرق الخاطف يجيدان السؤال  

 
والمرء يرقد وحده وسبحان الله كل منا معه السؤال والجواب قبل الاختبار فالله اخبرنا عنهم لكن الإجابة لا تكون مجردة أنما تكون بالأعمال فإذا سأل الإنسان من ربك فالإجابة الصحيحة ربي الله فمن عاش في هذه الدنيا  يعبد ربه ويعرف معنى العبادة ويعرف معنى الله ويعرف معنى الرب عاش في هذه الدنيا يقول بأفعاله وأقواله ربي الله لم يعبد من دونه أحدا ولم يشرك به أحدا فالله سبحانه وتعالى كريم ويثبت عباده الصالحين ولكن بقدر ثبوت أعمالهم كيف عاش حياته كيف كان علاقته بالله هل راقب ربه سرا وجهرا هل خاف من ربه واتقاه هل تعبد له وتتذ لل هل تحاكم لشرعه وأطاع أمره هل افرده بالتوحيد والعبادة إلى غير هذا مما يستحقه الرب سبحانه وتعالى فالذي عاش في الدنيا وقضى الأيام والأوقات والساعات ويقول ربي الله قولا وعملا وحالا يجيب في هذا الوقت المهيب فيقول ربي الله فإذا زلزلوه في السؤال وأعادوا عليه السؤال مرة أخرى يقول ربي الله لأنه كان في الدنيا أيضا مزلزل ومعرض للفتن ويبتلى ويمحص ويحاول أعداء الدين وأعداء الله عز وجل أن يحرفوه عن عبادة ربه وان يصرفوه عن استقامة العبودية لله عز وجل بشتى الطرق والله سبحانه وتعالى ثبته ويثبته في هذا الموقف أيضا ويسألونه ما دينك يقول ديني الإسلام هل من سب الإسلام يوما يمكن أن يقول ديني الإسلام هل من عاش في هذه الدنيا لا يقدم للإسلام شيئا لا وقتا ولا مالا ولا جهدا هل يستطيع أن يقول ديني الإسلام هل من عاش في هذه الدنيا لا يسعى لرفعة الإسلام ولا يحمل هم الدين هل سيقول ديني الإسلام إنما يجيب في ذلك الوقت بأعماله وأقواله وأفعاله والذي عاش حياته يعظم السنة ويعظم النبي صلى الله عليه وسلم ويستمسك بغرزه ويقبض على الجمر حقا كما في الحديث« فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ ، الصَّبْرُ فِيهِنَّ كَقَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خمسين"وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال "يأتي على أمتي زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر " من شدة الغربة فالذي قبض على الجمر واحتمل حرارتها واحتمل الغربة إلى أن يلقى ربه سبحانه حري أن يوفق في مثل هذا الموقف

 

 
(وينادى منادى من السماء أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وأروه منزله فيها ويفسح له مد بصره (اى في القبر) ويمثل عمله له في صورة رجل حسن الوجه طيب الرائحة حسن الثياب فيقول:ابشر بما اعد الله لك ابشر برضوان من الله وجنات فيها نعيم مقيم,فيقول:بشرك الله بخير من أنت فوجهك الوجه الذي جاء بالخير,فيقول:هذا يومك الذي كنت توعد أو الأمر الذي كنت توعد أنا عملك الصالح فو الله ما علمتك إلا كنت سريعا في طاعة الله بطيئا عن  معصية الله فجزاك الله خيرا,فيقول:يا رب أقم الساعة كي ارجع إلى أهلي  ومالي),ياله من رفيق هذا الذي يرافق الإنسان في قبره ويرافق الإنسان في هذا الموطن المهيب فيأتيه فيصوره رجل حسن الوجه وطيب الرائحة وحسن الثياب وحسن الكلام يبشره ابشر بالخير ابشر برضوان من الله وجنات فيها نعيم مقيم فوجهك الوجه الذي جاء بالخير فيقول هذا يومك ألا يعرفه!! ألا يعرف صيامه وظمأه في الهوا جر ألا يعرف القران الذي قراءه وتدبره وأبكاه ألا يعرف الصدقات التي أعطاها وهو صحيح شحيح يأمن الغنى ويخشى الفقر ألا يعرف غض البصر عن الحرام ألا يعرف بذل النصح للمسلمين ألا يعرف الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الايعرف بر الوالدين الايعرف الصبر على إيذاء المسلمين له! ألا يعرف الدعاء والاستغفار ألا يعرف الحج والعمرة ,يعرف كل هذا في هذا الموطن فيعرفه بعد أن يعرفه بنفسه,أنا عملك الصالح ثم يصفه بهذا الصفات والله ما علمتك إلا كنت سريعا في طاعة الله بطيئا عن معصية الله فجزاك الله خيرا فيقول: يا رب أقم  الساعة لما يظنو لما يستبشرك لهذا تعطى المرء بشريات ويأمل في ربه خير أو قد امن العذاب في القبر ولكن بقى له امتحان آخر وهو امتحان يوم القيامة فهو يستبشر انجاز هذه الخطوة ومر منها بسلام  فلعل الله سبحانه وتعالى يمنع ليه في باقي الخطوات وهذه تمهيد ومقدمة لما بعدها أهون ,فيقول - صلى الله عليه وسلم-:(فان كان فاجر أو كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة جاء ملك فجلس عند رأسه وقال اخرجي أيتها النفس الخبيثة ابشري بسخط من الله وغضب فتنزل الملائكة سود الوجوه معهم مسوح (الأثواب الغليظة) من النار فإذا قبضها الملك أي الروح قاموا لم يدعوها  في يده طرفة عين قال فتفرقوا في جسده فيستخرجها تقطع منها العروق والعصب أي اللحم كالسفود الكثير الشعب في الصوف المبتلة وتأخذ من الملك فتخرج كأنتن جيف أوجدت على وجه الأرض فلا تمر على جندي فيما بين السماء والأرض إلا قالوا ما هذه الروح الخبيثة! كله فيتعجب من صاحب هذه الروح الخبيثة الذي اوبق نفسه و أوردها المهالك فيقولون هذا فلان بأسوأ أسمائه أقبح ما كان يسمى به في الدنيا حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا فلا يفتح لهم فيقول ردوه إلى الأرض  فاني وعدتهم أنى منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى فيرمى به من السماء قال و تلا هذه الآية " وَمَن ْيُشْرِكْ بِاللَّه ِفَكَأَنَّمَا خَرَّمِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْر ُأَو ْتَهْوِي بِهِ الرِّيح ُفِي مَكَان ٍسَحِيقٍ"قال فيعاد إلى الأرض وتعاد فيه روحه ويأتيهم لكان شديدة الانتهار فينتهرانه ويجلسانه ويقولان:من ربك وما د ينك في قول:لا أدرى , فيقول أن :فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم فلا يهتدي مثله فيق ولان محمد, فيقول:لا أدرى سمعتا لنا سيقولون ذلك),

مشكلة كبيرة أن يتخلى الإنسان عن دينه وان يفارق منهج  العبودية وطريق الغرباء
ويأنس بطر يق الهالكين و يأنس بالمجرمين فسمع الناس يقولون شيئا فقال مثلهم ,وذلك يوم القيامة يوم الحشر في العرض الله عز وجل ينزل بحسن قضائه بين الخلق فبعد ما يقول الله عز و جل لتتبع كل أمة ما كان تتعبد فيمثل للنصارى شيطان على هيئة المسيح فيتبعونه حتى يلقيهم في النار وكذلك اليهود وغير هذا فتبقى هذه الأمة وفيها منافقوها فيأتيهم ربهم في سورة غير التي يعرفونها فيقول: أنا ربكم فيقولون: لست ربنا ,أن بيننا وبين ربنا علامة ,ثم يقولون فارقنا الناس أحوج ما كنا إليه ونحن اليوم نفارقك , المعنى : في الدنيا كنا محتاجين نسمع كلامهم لكنا فرقناهم , فأتباع الناس سمعت الناس يقولون شيئا فقلته لا يغنى عن المرء شيئا يوم القيامة قال تعالى"وَلَنْ يَنْفَعَكُم ُالْيَوْم َإِذ ْظَلَمْتُم ْأَنَّكُم ْفِي الْعَذَاب ِمُشْتَرِكُونَ " ,(قال فيقال لا دريت , فيضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ويمثل له عمله في صورة رجل قبيح الوجه منتن الريح قبيح الثياب, فيقول : ابشر بعذاب الله وسخطه , فيقول: من أنت ؟ فوجهك الذي جاء بالشر,فيقول : أنا عملك الخبيث فو الله ما علمتك إلا ما كنت بطيئا عن طاعة الله سريعا على معصية الله).
العمل الخبيث من الكلام المحرم النظر المحرم وفعل الموبقات و تضيع الواجبات والاستخفاف بنظر الله عز و جل وغير هذا من موجبات الهلاك و العياذ بالله.
هذا الحديث له روايات متعددة أخرجه الإمام ابوداود  و الإمام  احمد وصححه الألباني رحمه الله في أحكام الجنائز.
فهذا الخسران في البرزخ وما يقابله من فوز وكل بني أدم يخسر في البرزخ الأمن استثناهم الله عز وجل وليت الخسران اقتصر على هذا فهناك الخسران في الآخرة , والآخرة نعني بها اهو اليوم القيامة وما يعانى الناس فيها , فمن الخسران يوم القيامة والعياذ بالله ما ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم – فيما رواه عنه المقداد قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يقول : تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل, قال سليم بن عامر الراوي عن المقداد : فو الله ما ادري ما يعنى بالميل أمسافة الأرض أم الميل الذي تكتحل به العين قال : سيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق فمنهم من يكون إلى كعبيه ومنهم من يكون إلى ركبتيه ومنهم من يكون إلى حقويها يوسطه ومنهم من يلجمه العرق إلجاما وأشار الرسول-  صلى الله عليه وسلم – بيده إلى فيه أي فمه, وعن أبى هريرة – رضي الله عنه-قال:يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعا ويلجمهم حتى يبلغ أذانه).
يوم شديد تذهل فيه المرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد , في هذا اليوم يخسر المعرض عن طاعة الله عز وجل يخسر الذي فرط في أمر دينه يخسر الذي اقتحم نفسه في المهالك أو في هذا البحر من الخسران هناك من ينجيهما لله عز و جل ومن يأمنهم قال تعالى" الَّذِين َآمَنُوا وَلَم ْيَلْبِسُوا إِيمَانَهُم ْبِظُلْم ٍأُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم ْمُهْتَدُونَ".

 

لهم الأمن في وسط هذا الفزع ويهتدون في وسط هذا الضلال وهذا بشرى لهم وعد في الدنيا و الآخرة والأمن في الدنيا الأمن في قلوبهم ومهما عذبوا أو سجنوا قلوبهم أمنة وهم مهتدون في الدنيا إلى طريق الاستقامة والحقوا الأمن وفى الآخرة لهما لا منكما قال عز و جل" لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ "ولهم الأمن يبشرون بحسن المنقلب إلى مساكنهم في الجنة كما قال عز و جل" وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ",ولكن هناك من يخسر في هذا الموطن كما قال عز و جل" يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا" وهناك من يخسر في هذا الموقف فيأخذ كتابه بشماله و هناك من يسود وجه في يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ,وهناك من يخسر في هذا اليوم بالفضيحة والعياذ بالله يفضح على رؤوس الأشهاد –نسأل الله رب العالمين أن يسترنا في الدنيا والآخرة- ينادى عليه على رؤوس الأشهاد ويقرر عليه بعمله وذنوبه ومعاصيه وهناك من يرفع له لواء الغدر كل غدره يغدرها   يرفع به اللواء يوم القيامة وهناك من يصد عن حوض النبي-صلى الله عليه وسلم-وهناك من لا يستطيع السجود فيعود ظهره طبقا واحده فيهوى في النار والعياذ بالله و هناك من يخسر خسران عظيم فيوضع في النار,كما في الحديث : (يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيصبغ في النار صبغة واحدة ثم يقول الله يا ابن ادم هل مربك نعيما قط؟فيقول: لا والله يا رب) ,حينها يدرك حقيقة الخسران ويدرك حقيقة ما فعله في دنياه كم تساوى هذه الصبغة ,أنعم واحد في الدنيا لا يحتمل أن يوضع في النار صبغة ثم يخرج مرة أخرى علام يبيع الإنسان دينه وعلام يبيع المرء دينه وعلام يترك أمر الله-عز و جل-؟!
 النفس تدعو صاحبها إلى الهلاك
 ويحيدها في ذلك تزين الشيطان
 ولا يدرى المرء إلا وقد أوبق
وخسر الخسران المبين.
ثم بعد ذلك ينادى على أهل الجنة فيدخلون الجنة ثم ينادى على أهل النار فيدخلون النار,(فينادى الله-عز وجل- يأهل الجنة فيشرئبون وينظرون فيقول:هل تعرفون هذا؟ويأهل النار فيشرئبون وينظرون فيقول:هل تعرفون هذا؟ فيؤتى بالموت على هيئة كبش أملح وكلهم عرفه لأنهم كلهم رآه  حين مات, فيقولون:نعم,فيذبح الموت بين الجنة والنار ويقول الله يا أهل الجنة خلود بلا موت و يا أهل النار خلود بلا مات, قال تعالى" وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذ ْقُضِيَ الْأَمْر ُوَ هُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُم ْلَا يُؤْمِنُونَ")
فهذا يوم الحسرة لان خلاص ذبح الموت فمن دخل النار فلا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف  عليهم من عذابهم ويصلون إلى حال والعياذ بالله فيتمنون فيه الموت قال-عز وجل-" وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ" يجيبهم بعد سنوات متطاولة أنكم لماكثون يدعون الملائكة أن يدعوا ربهم ليخفف عنهم يوما من العذاب وهل تخفيف يوما من العذاب يخفف عنهم شيء!!والله لا يغنى عنهم شيئا وأنهم لفي عذاب مقتصد ولا يجابون لهذا اليوم أيضا,طعامهم الزقوم وشرابهم الحميم وغطائهم النار لهم جهنم مهادا ومن فوقهم غواش كذلك نجزى الظالمين
فهذه المسألة في غاية الخطورة وهذا خسران كما قال-عز وجل-" إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُم ْوَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ",فحينها يعرف الإنسان قدر خسارته ونعوذ بالله أن نكون من الخاسرين فلا تكن من الخاسرين هذا تحذير حذرنا الله فيقوله" إِنَّ الإِنسَان َلَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ"  فلعلي هنا أن نقف مع كل الأوصاف التي استثنها الله-عز و جل-من هذا الخسران.  



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق