>

الاثنين، 8 يوليو 2013

{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ






ما زال حديثنا مع آية من سورة هود والتي ورد في ذكرها أنها شيبت النبي صلى الله عليه وسلم وهي قول الله سبحانه وتعالى  "{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير"
وتكلمنا عن الاستقامة معناها أصلها ومحلها "وهو القلب " ويتفرع منه على البدن وعلى اللسان .
ثم ذكرنا في الدرس الثاني أن كيف يستقيم المرء وقلنا إن كيفية الاستقامة لابد أن تكون كما أمروا فلا يكفي فيها مجرد العزم حتى يتعلم أمر الله سبحانه وتعالى وحتى يتعلم شريعة رب العالمين فيستقم كما أمر .
واليوم إن شاء الله نستكمل هذا الحديث والإجابة عن هذا السؤال : مع من نستقم ؟
أنا أريد أن أستقيم واسلك الطريق مع من ؟
يقول الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم " فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ "
فيها عدة فوائد :
وصفهم الله سبحانه وتعالى  بالتائبين وهذا الوصف قد تكرر ذكره مع الاستقامة أكثر من مرة كما في قوله تعالى في سورة فصلت " فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ "
لماذا ؟
لأنه كما صح عن النبي صلى الله عيه وسلم انه قال "استقيموا ولن تحصوا " أي لن تلتزموا بالاستقامة مئة بالمائة  "ولكن خلق الإنسان مخطئ توابا نسيا أي خلق المؤمن يخطأ ويتوب ينسى ويتذكر يذنب ويستغفر ويرجع خلق على هذه الهيئة .
"استقيموا فلن تحصوا " فما نفعل قال " فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُو وأملوا خيرا .
إذا الإنسان لابد أن يتعلم أمر الله سبحانه وتعالى ولابد وان يعزم على الاستقامة ولابد أن يستقيم قلبه وتستقيم جوارحه ويستقيم لسانه لكن ما يقوم به من أخطاء ما يفعل فيها فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ " وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال " إن عبدا أصاب ذنبا فقال يا رب إني أذنبت ذنبا فاغفره لي ، فقال له ربه : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له . ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا آخر وربما قال ثم أذنب ذنبا آخر فقال يا رب إني أذنبت ذنبا آخر فاغفره لي ، قال ربه : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به فغفر له . ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا آخر وربما قال ثم أذنب ذنبا آخر فقال يا رب إني أذنبت ذنبا فاغفره لي ، فقال ربه : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به فقال ربه : غفرت لعبدي فليعمل ما شاء  }
وما معنى فليعمل ما شاء أي انه متى تاب..  تاب الله عز وجل عليه فكلما يتوب التوبة المستجمعة لشرائطها يتوب الله عليه..
إذا النبي صلى الله عليه وسلم خوطب بهذا الخطاب " فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ "
" والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خطاب لامته "" فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ "
إذا من تاب معك مخاطبون أيضا بالاستقامة .
هناك سؤال مهم جدا يسأله كل واحد لنفسه وأظن أن الكثير من أخوات يسألن أنفسهن هذا السؤال الآن "أنا اسلك إلى الله عز وجل والتزم وأتدين وعندما اسمع مواعظ قلبي ينصدع واستجيب وبعدها أنسى وارجع ولي ذنوب أقع فيها ماذا افعل "
الناس أمام هذا الأمر أقسام بعضهم عنده حالة من الإحباط وييأس من نفسه لأنه من البداية يفهم نفسه خطأ ويفهم الإنسان خطأ فالله عز وجل يقول في سورة الشمس "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا*قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا " ..
الإنسان خلق فيه وازع الخير والشر والنفس تهوى وتشتهي وتتمنى والمرء أقيمت عليه الحجة بالوحي المنزل من رب العالمين وأقيمت عليه الحجة بالعقل وهو منوط بالتكليف أقيمت عليه الحجة بالوعاظ الذين يذكرونه بالله أقيمت عليه الحجة بمن يأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر ..
إذا الإنسان مبتلى وممتحن ومختبر في هذه الدنيا مبتلى وممتحن ومختبر بشهواته التي ركبت فيه والتي تنازعه وتجنح به للبعد عن الاستقامة..
وبين واعظ الله في قلبه وهو الملك والخير الذي في قلبه والوحي الذي يبين له الحق ويأمره وينهاه ويعرفه كيف يفعل وماذا يفعل ..
فالإنسان يحسن التعامل مع نفسه ويعلم انه بشر وان النبي صلى الله عليه وسلم قال " استقيموا  وَلَنْ تُحْصُوا "..
فانا قد تقع مني أخطاء فكيف أتعامل مع هذه الأخطاء ؟
هناك ما يسمى بفقه الذنب ..
سأضرب لكم مثال تقريبي ..
الإنسان منا أليس حريصا على نظافة بدنه ! دائما يتنظف ويضع الشامبوهات  ومزيلات العرق والعطور بصورة دوريه ولكن بعد أن يتنظف يخرج إلى الحياة ويمشي في الشارع فيبدأ العرق يخرج منه بطبيعة جسده ليس لمرض ويتقذر جسده فيحتاج مرة أخرى أن يغتسل ويتخلص من الأدران مرة أخرى ويتنظف مرة أخرى ويتعطر مرة أخرى وهكذا وهذا ما نريد أن نوضحه ..
إن الإنسان خلق على هذه الهيئة لذلك الله عز وجل قال في سورة النور " {‏‏وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} " لم يقل أيها الفاسقون لان التوبة لا تحتاج فقط إلى الفاسق ولكن التوبة كما يقول ابن القيم "هي أول المنازل وأوسطها وآخرها "الإنسان لا غنى له عن التوبة مهما سك طريق الالتزام ..يتوب من ماذا ؟ نعم قد تتغير التوبة ..ممكن يتوب من الخواطر السيئة ..يتوب من التقصير في المستحبات ..فعل بعض المكروهات .. التوسع في المباحات ..أو يتوب مما تغلبه عليه نفسه فالإنسان لا يخلوا من المعاصي قد تغلب عليه نفسه فيعصي فيجب عليه أن يتوب ..
فهناك فقه للتعامل مع النفس فنجد آيات كثيرة مدحت التوبة والتائبين فالله عز وجل لما ذكر المثال الطيب والمشرق للذين باعوا أنفسهم لله " ﴿إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ  يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّه فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ  "
من الذين باعوا أنفسهم لله ومن الذين اشترى الله منهم أنفسهم ومن الذين يقاتلون ويقتلون ومن الذين استبشروا ببيع الله وصدقوا وعده وصدقوا موعود الله  من ..."التائبون .." إذا أول صفة لهم التوبة فوصف التوبة وصف ملازم للإنسان مثل لا يوجد إنسان يقول أنا نظيف لا احتاج إلى أن اغتسل لا احتاج استخدام الصابون أو المنظفات ..لماذا يقول أصل أنا نظيف ..لان هذا خطأ فبطبيعة الحال أنت كإنسان تحتاج أن تجدد هذا التنظف يوميا واحي تجدده في اليوم أكثر من مرة ..
والإنسان يحتاج أن ينقي قلبه يوميا من الأدران التي تعلق به وهذا المثال ضربه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح حديث أبي هريرة قال " أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَىْءٌ؟ قالوا لا لا يبقى من دَرَنِهِ شَىْءٌ فذلك مثل الصلوات الخمس ، يمحو الله بهن الخطايا "أو كما قال صلى الله عليه وسلم ..
أي أن الإنسان سيتعامل مع الصلاة على أنها محطات تنقية ومحطات إزالة شوائب تنقي القلب وتنقي الإيمان وتزيد الإيمان .
لذا من أراد أن يحقق الاستقامة حقا لن يستطيع بدون توبة .
فالاستقامة على طريق الله عز وجل وهي استقامة القلب واستقامة اللسان واستقامة الجوارح لابد معها من ضمينه لا تفارقها وهي ضمينة التوبة .
لذا أنا ادعوا نفسي وادعوا الأخوات أن نأخذ واجب اليوم لا نفارقه من اليوم وهو أن لا يمر علينا يوم إلا ونأتي أخر اليوم ويصلي ركعتان يحسبهم من القيام فيصلي ركعتين يتوب إلى الله عز وجل فيهم وما معنى أن يتوب ؟ ....أي يرجع إلى الله سبحانه وتعالى ..
التوبة الرجوع رجوع حقيقي أي أن الإنسان يقول "اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك أي ارجع إليك أي إن كنت أسير خطأ في كذا كنت أخطئ في بعض النظرات فبعد أن سرت في هذا الطريق الخاطئ وشعرت أني أخطأت في حق نفسي وخالفت أمر الله عز وجل فأقف مع نفسي وقفة واحزن أن خالفت هذه المخالفة فاقلع عن الذنب واندم على ما عملته واحزن عليه حزن شديد ..
ورد في تفسير قوله تعالى " لَا يَزَال بُنْيَانهمْ الَّذِي بَنَوْا رِيبَة فِي قُلُوبهمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبهمْ وَاَللَّه عَلِيم حَكِيم } " في سورة التوبة ..قال سفيان . أن تقطع قلوبهم بالتوبة أي أن هؤلاء المنافقون الذين بنو مسجدا ضرار والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وار صادا لمن حارب الله ورسوله من قبل هؤلاء لا يزال بنيانهم هذا ريبة في قلوبهم سبب ريبة وسبب ضعف في القلب وسبب مرض في القلب وسبب نفاق عندهم إلا أن تقطع قلوبهم  ..
على احد التفسيرات إلا أن تتقطع قلوبهم من التوبة فالإنسان يتوب توبة يتقطع لها قلبه وهذا هو حقيقة التوبة التي وصفها تعالى في قوله "فاستقم كما امرت ومن تاب معك " اللي هيستقيم هو التائب .
لا يتصور عقلا ولا شرعا استقامة بدون توبة كما لا يتصور حياة كاملة بدون اغتسال وتطهر وتطيب فهو امر لا يتصور فكما ان التطيب والتعطر يتكرر التوبة ايضا تتكرر .
وكما اخبرتكم اننا بحاجه لان نقوم بعمل واجب ان لا يمر علينا يوم في هذه الايام الا ويصلي ركعتان يتوب فيهما الى الله عز وجل .
بل الصحيح ان نعم فقه العبادات الموضوعه لهذه التوبة ..
مثلا الوضوء في الحديث الصحيح "اعلموا ان خير اعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء الا مؤمن " وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال " الطهور شطر الايمان "
فهل تفكرنا نحن في أسرار هذه الطهارة من قبل؟؟
ربنا سبحانه وتعالي شرّع لنا الوضوء من أجل تنظيف ظاهر البدن وأخبرنا علي لسن نبيه صلّي الله عليه وسلّم أنه تنظيف لظاهر البدن استعدادا للدخول إلي الصلاة وهو تنظيف وتطهير للسيئات أيضا
وصح عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال: " إِذَا تَوَضَّأَ العَبْدُ المُسْلِمُ، أو المُؤْمِنُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ، خَرَجَتْ مِنْ وَجْهِهِ كلُّ خَطِيئَةٍ، نَظَرَ إليها بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ، أو مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ، أو نَحْو هَذَا، وَإذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَتْ مِنْ يَدَيْهِ، كلُّ خَطِيئَةٍ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ، أو مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ، حتَّى يَخْرُجَ نَقِيَّاً مِنْ الذُّنُوبِ) وهكذا في كل عضو يغسله
إذا لو أردنا أن نرتقي مرتبة (بعد ما ثبّتنا مع بعض ركعتين التوبة يوميا أو حتى لو ركعتين قيام أو ركعتين تهجد أو أي حاجه بس لازم الركعتين يحتووا علي توبة صحيحة) , فالدرجة الأعلى من ذلك إن إحنا نتفاعل مع العبادات فالله عز وجل شرع لنا التطهر قبل الصلاة وحضّنا علي التطهر طيلة الوقت فيجب علي الإنسان أن يحافظ علي وضوئه طيلة الوقت كلما انتقض وضوءه توضأ قدر الاستطاعة ما لم يلاقي ذلك عنده مشقه أو لا يحدث له نوع من الوسوسة
فلا بد من التفاعل مع العبادات فالإنسان عندما يبدأ بالصلاة تذهب رأسه في حوارات شتي ولا يفوق حتى يقول الإمام : السلام عليكم ورحمة الله
هذا في حق من يصلّي جماعة وإن كان الحديث ضعيف إن ترفع الصلاة علي قلب أتقي رجل وصلاة الجماعة بالأصل يقل فيها هذا الانشغال
فما بال النساء اللاتي يصلون صلاة فردية؟؟
لكن في النهاية ماذا تفعل: ستجدي الوساوس تستبد فيها والشيطان عمال يوديها ويجيبها ويطلّعها ويدخّلها ( أعاذنا الله) ويفكّرها بكل المشاكل اللي هي زعلانة منها ولو زعلانة من الأولاد مثلا أو لو زعلانة من زوجها فكل ذلك يخرج في الصلاة والمفروض كنتي تردّي تقولي كذا وكذا فالشيطان لا يترك الإنسان حتى تنتهي صلاته فلا تفوق امرأة إلا هي تقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعدها تفوق علي حصيلة من الشك,, يا تري أنا صليت ثلاثة أو أربعة؟؟ طب سجدت مرتين ولا مرة واحدة؟
هل هذا ينفع؟؟ هذا الكلام خاطئ جدا
فهذا الأمر مهم جدا إننا نتفاعل مع هذه العبادات.. حديث: " َرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَىْءٌ؟, قالوا لا يبقي من درنه قال فذلك مثل الصلوات الخمس "
إذا نحن نحتاج إلي أن نتعامل مع العبادات بمعاملة الأسرار,, ما سر تلك العبادة؟؟
فبلاش نقف علي إن الوضوء عبارة عن شوية مياه بنزّلهم علي وشي وجسمي وخلاص, نريد أن نتعامل مع الوضوء علي إنه عباده (نريد أن نتعبّد بالوضوء)
نتعبّد بالامتثال الشرعي, نتعبّد بالوقوف بين يدي الله عز وجل,, فهذه العبادات هي محطات إيمانية يتزود بها وقود الإنسان
فعشان تسافر بالعربية لابد أن  تملأ البنزين,, وطول طريق السفر بجد أكثر من محطة بنزين علي مسافات متقاربة
وفيه مكان اسمه مكان الراحة,, الناس تنزل ترتاح فيه
يبقي الإنسان محتاج وهو مسافر لله سبحانه وتعالي والله عز وجل يعرف طبيعة الإنسان وأنه بداخله الخير والشر والله سبحانه وتعالي يعلم أن الإنسان يصيبه القصور والضعف وفيه النسيان والفتنة فشرع له هذه المحطات الإيمانية ليتزوّد منها
فكل شوية ينزل بمحطة ويقف وينزل يتزوّد منها.. يركن السيارة ويقعد يستريح في الظل شوية ويشرب ما يرطب عليه  ويبدأ يأخذ نفسه  ويهدأ ويرتاح وبعد كده يواصل السفر مرة أخرى
إحنا نريد أن نتعامل هكذا مع أنفسنا
"فاستقم كما أمرت ومن تاب معك" فالتوبة ملازمة للاستقامة ولا تصح الاستقامة بدونها,, وبعدين التائب ده إنسان مقامه عالي جدا,, فبعض الناس يظنون إن الإنسان التائب ده هو المذنب فقط وهذا المعني أصلا يحتاج مننا توبة
يظنون إن الإنسان التائب ده المقصر فقط وهذا معني قبيح جدا ولكن التوبة مقامها عالي جدا
فقال الله عز وجل" فاستقم كما أمرت ومن تاب معك" فلا يفوز الإنسان بمعيّة الرسول صلي الله عليه وسلّم والسير علي طريق الاستقامة والصلاح إلا التائب
وقال تعالي " وتوبوا إلي الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون"
وقال تعالي في سورة التوبة " َذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ " الآية
وقال تعالي" ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون"
فمننا فعلا من يريد تحقيق الاستقامة دي وأعتقد كلنا وأنا قبلكم نريد تحقيق تلك الاستقامة (استقامة القلب علي التوحيد والطاعة وحب الله عز وجل واستقامة اللسان واستقامة الجوارح والاستقامة فعلا من السنّة كما أُمر النبي صلي الله عليه وسلّم) فعلا عشان نحقق الاستقامة فلابد إننا نحقق التوبة
فالإنسان عندما يذنب ويتوب إلي الله سبحانه وتعالي يرجع حالته أعظم من قبل ذلك حتى
والعكس إنسان آخر يفعل الذنب ويستهين به ويفرح به وده علي خطر بالتأكيد
الخطر الثاني: اليأس ,و فالإنسان يقع في الذنب ويتوب ويقع ويتوب ويقع ويتوب فبالتالي ييأس فيقول: الالتزام جميل و الاستقامة جميلة لا شك  ولكن (أنت لا تصلحي للالتزام) فتبكي شوية علي حالك انك لا تصلحي للالتزام وبعد ذلك تستسلمي وتقولي خلاص سأدخل النار (أعاذنا الله وإياكم)
فهذا خطر حقيقي ولكن الإنسان عندما يذنب ويضعف ويقصر ثم يتوب فعندئذ تكون توبته جزء من استقامته فيستقيم علي التوبة والعبودية
وهذا هو كان هدي النبي صلي الله عليه وسلّم
فمثلا كان عليه الصلاة والسلام يقول: "أيها الناس توبوا إلي الله واستغفروه فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة"
فالنبي صلي الله عليه وسلّم سيد الخلق وأكرمهم يًعدّ له في المجلس الواحد أكثر من سبعين اللهم إني أستغفرك وأتوب إليك
فالتوبة هنا توبة نبي صلي الله عليه وسلم,, فليست توبة سطحية أو توبة الغافلين أمثالنا ولكنها توبة حقيقية
فلو كل واحد فينا شاغل نفسه فعلا بالمعني ده ويسأل نفسه أنا بتوب لربنا في اليوم كم مرة؟؟
يعني لو 100 مرة في اليوم وحسبناها بعد أن نزيل ساعات النوم يبقي يمكن يكون الإنسان يتوب في الساعة الواحدة حوالي 8 مرات أو أكثر,, فهذا قمة التعبد والعبودية أن يجعل الإنسان همه الشاغل التوبة ,,,
وقال المحاضر عبد الكريم بكار قبل ذلك في أحد المحاضرات: "إذا استطعت ألا يمر عليك نصف ساعة إلا وقد وقفت مع نفسك دقيقة تجدد فيها نية يحدث فيها استغفارا" فهذا من لوازم الاستقامة
فالله عز وجل أنزل علي نبيه بعد إتمام رسالته "إذا جاء نصر الله والفتح.. ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا.. فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا"
فإذا كان النبي صلي الله عليه وسلم يحتاج إلي الاستغفار ويؤمر به وقد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وكان يكثر من ركوعه وسجوده ويقول سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي
وكان الصحابة يعدون له في المجلس أكثر من سبعين مرة "رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم"
وكان صلي الله عليه وسلم إذا استغفر كان له شهود حقيقي واستشعار حقيقي بالتقصير والتوبة والاستغفار فهو كان ينظر في حال نفسه فيراها مقصرة عن القيام بحق الله سبحانه وتعالي
وكان من ذكره صلي الله عليه وسلم " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي، وَجَهْلِي، وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي هَزْلِي وَجِدِّي، وَخَطَئي، وَعَمْدِي، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي,, اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ، وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ، وَما أَسْرَفْتُ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَخَطَايايَ كُلَّها،, وأنت علي كل شئ قدير"
فلا بد من الإنسان أن يتوب دوما ويستغفر بهذا الاستغفار
فإذا كان هذا استغفار النبي صلي الله عليه وسلم وهو أعلم الخلق بالله عز وجل وأشدهم خشية,, فما بالكم أيتها الأخوات الكريمات بحالنا
نحن مساكين جدا,, الواحد فينا مضحوك عليه,, يتقالّه أنت ملتزم ويتقالّها أنت ملتزمة وأنت متدينة والناس تنظر إلينا علي إننا في غاية الاستقامة وإن إحنا بحر من بحور العلم وإن علطول نبذل لهذا الدين وشغل في هذا الدعوة,, فكل هذه المعاني مع ما فيها من تزوير ومع ما فيها من مخالفة الواقع ومجانبة الصواب وما هو إلا ستر الله علينا والابتلاء والاختبار بهذا الثناء الكاذب حتى يري الله سبحانه وتعالي من منا يسقط في فخ الغرور ويصدّق هذا الكذب وهو يعلم أن حاله مع الله لا يرضي
لذلك فنحن محتاجين أن نفوق ونستيقظ ونشفق علي أنفسنا ومحتاجين نشعر إن إحنا مساكين وإننا محتاجين ربنا سبحانه وتعالي أن بتغمّدنا برحمته وببركته ومحتاجين نلازم الاستغفار ونلازم التوبة
ودي علي مقامين:
 1.المقام الأول: إن الإنسان يستحضر الذنب اللي عمله ,, يعني مصلا إنسان يتكلم فابتدي يغلط واغتاب واحد مثلا ف هذا ذنب ومعالجته أنه يقول علطول "اللهم اغفر لي وتب عليّ" ,, وقع في قلبها مثلا سوء ظن بأحد من أخواتها ف ده ذنب تقول علطول اللهم اغفر لي وتب علي,, وأنا قاعد بتوب لابد من استحضار الذنب اللي أنا بتوب منه
ده فضلا عن الكبائر (أعاذنا الله وإياكم),, فمن وقع في كبيرة يحتاج إلي توبة مستقلة وأن الإنسان يتوب من هذا الذنب بعينه فيستحضره بمعاني التوبة كلها وهي الإقلاع عن الذنب والشعور بالندم والعزم الأكيد علي عدم العودة مستقبلا إلي هذا الذنب
هناك توبة أمرنا بها في أعقاب العبادات وهي التوبة مثلا بعد الصلاة نقول استغفر الله العظيم ثلاثا لأن هذه الصلاة التي هي عبادة وقع فيها تقصير أو من انشغال وذهول وغفلة,, وفي الحج فقد شرع الله عز وجل للحاج بعد أن يفيض من عرفات أن يستغفر
2.المقام الثاني وهي التوبة العامة في نهاية اليوم علي ما وقع من الإنسان من ذنوب وتقصير في حق الله عز وجل
إذا فلا بد للإنسان أن يعلم أن الاستقامة لا تتحقق له إلا إذا تحققت التوبة بمعانيها
" فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ " نقف هنا بإذن الله






























هناك تعليق واحد: