>

الثلاثاء، 9 ديسمبر 2014

الحديث السابع والعشرين باب تحريم كفران العشير










السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله تعالى نحمده  ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله تعالى فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله ثم أما بعد
نستكمل كتاب الأربعين النسائية وكنا قد توقفنا عند كتاب النكاح 
الحديث السابع والعشرين باب تحريم كفران العشير 

عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم (أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ يَكْفُرْنَ قِيلَ أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ قَالَ يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ) 
حديث أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما 
وهذا الحديث مدرج في كتاب النكاح باب عشرة النساء والعشرة بين الزوج والزوجة من أركان ثبات النكاح والنكاح لا يثبت إلا بحسن العشرة بين الزوج والزوجة 
وحسن العشرة  معناه القانون الذي يوضع في البيت بحيث أنه يسير عليه كل أفراد البيت  هذا هو حسن العشرة فلا أحد يظلم أحد ولا أحد  يبغي على أحد  وكل واحد يأخذ حقه الذي فرضه الله عز وجل له  فهذه الأمور تكون قاعدة في البيت ومن هذه القاعدة  كفران العشير للمرأة  
فهذه القواعد وضعها الله عز وجل ولم يجعلها لأحد من البشر ليجتهد فيها  بل الله عز وجل وهو ملك الأرض وضع هذه القوانين لاستقامة الأسرة  وضعها بنفسه عز وجل وأوحاها إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ونبيه صلى الله عليه وسلم بلغها لصحابته  والصحابة رضوان الله عليهم بلغوها لنا 
ما هذا القانون 
أن المرأة تفعل كبيرة من الكبائر داخل البيت وجعلها الله عز وجل  كبيرة حفاظا على حرمة هذا البيت  ماهي هذه الكبيرة؟
هذه الكبيرة هي كفران العشير وكفران الإحسان 
((كان النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم يصلى الكسوف والصحابة رأوه يتقدم ويتأخر وهو يصلي ويمد يده يأخذ شيئا وهو في الصلاة ثم يتقهقر وهو في الصلاة  فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك 
قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ هَذَا ثُمَّ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ فَقَالَ : " إِنِّي رَأَيْتُ الْجَنَّةَ أَوْ : أُرِيتُ الْجَنَّةَ ، فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا وَلَوْ أَخَذْتُهُ لأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيتِ الدُّنْيَا ، وَرَأَيْتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ مَنْظَرًا أَفْظَعَ ، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ " . قَالُوا : لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لِكُفْرِهِنَّ ، قِيلَ : أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ ؟ قَالَ : يَكْفُرْنَ بِالْعَشِيرِ وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكِ شَيْئًا قَالَتْ : مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ"
أسوء الأخلاق اللؤم وهو إنكار الجميل  وأفضل الأخلاق الكرم وهو حمل الجميل
فالمرأة اللئيمة وكأن هذا اللؤم من طبعها إذا أحسن إليها زوجها  وقال النبي صلى الله عليه وسلم (لَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا)
وذلك من عظم حقه عليها  ورغم هذا الحق العظيم للزوج إذا رأت المراة منه شيئا وهو بشر يأخذ ويعطي ويظلم ويعطي الحق فالإنسان ظلوم جهول هكذا خلقه الله عز وجل ولا يوجد أحد على هذه الدنيا لا يجهل على أحد ولا يظلم أحد ومنهم زوجته كذلك المرأة بشر تظلم زوجها فإذا رأت منه شيئا أنكرت كل شيئ وتقول ما رأيت منك خيرا قط 
خيرا نكرة للتقليل أى أي خير وقط تأكيد لهذا التقليل أي لم أر منك أى خير أبدا  فهذا الكلام نسمعه دائما من النساء وكأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن شيئ موجود إلى يوم القيامة  فهذا خلق موجود في خلقة المرأة إلى يوم القيامة لأن الله عز وجل خلقها هكذا 
وهذا الحديث ذكره النبي صلى الله عليه وسلم لشيئين 
الشيئ الأول المراد من هذا الحديث
 أن تعلم المرأة أن هذا الخلق لئيم وسيئ وكبيرة من الكبائر لابد أن تتخلص منها  فالله عز وجل ابتلاها بهذا الخلق ودورها أن تجاهد نفسها للتخلص منه  وتحذير للنساء من كبيرة من الكبائر أن تقول لزوجها ما رأيت منك خيرا قط ،
وقال الإمام النووي فيه أن كفران العشير والإحسان كبيرة من الكبائر والنبي صلى الله عليه وسلم توعدهم بالنار بل إنه رآهم بعينه وهو يصلي رأى النار وقال رأيت أكثر أهلها النساء فهل هناك يقين أكثر من ذلك بأن يراهم النبي صلى الله عليه وسلم بعينه وجعل الله عز وجل هذا الأمر هكذا ليكون أكبر درجة من درجات اليقين فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يخبرهم عن أمر غيبي أو أمر سمعه بل أخبرهم عن أمر شاهده والرؤية والمشاهدة من أعظم البراهين والحجج (رأيت أكثر أهلها النساء) أمر يقيني بأن هذه الكلمة تدخل المرأة النار فإذا علمت المراة ذلك فيكون المطلوب منها التخلص من هذا الخلق  الرزيل وأن تكثر من الطاعات عوضا عن الأخطاء التي تفعلها إذا قالت هذا الكلام لعظم حق الزوج عليها  وقد ذكر الإمام النووي أنها كبيرة من الكبائر وخص كفران العشير من بين أنواع الذنوب بدقيقة بديعة  كما قالها ابن حجرفي قول النبي صلى الله عليه وسلم (لَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا) فهذا إقرار بحق الزوج على الزوجة فإذا كفرت المرأة حق زوجها كان ذلك دليلا على التهاون في حق الله  ويطلق عليه كفر لأن السجود لا يكون إلا لله عز وجل  وحقه من حق الله حتى أن الصحابة قالوا أيكفرن بالله قال يكفرن العشير ويكفرن الإحسان 
والفرق بين العشير والإحسان 
العشير هو العشرة بين الرجل وزوجته بوجه عام أما كفر الإحسان فهو اللؤم بان تنكر جميل زوجها عليها فهو ينفق عليها ويحميها ويحمي أولاده وأولادها ويقيها من شرور الدنيا فكل هذه من حقوق الزوجة على زوجها كل هذا مقامه مقام الواجبات ولذلك الإسلام ارتقى بالمرأة ارتقاءا عاليا جدا لدرجة أنها في هذا الوضع تخدم  فينفق عليها زوجها وهي في بيتها ومسئوليتها هي البيت والأولاد ليس لها شيئ خارج البيت الزوج هو المسئول عن كل شيئ وهذه الواجبات لا توجد في أي شريعة إلا شريعة الإسلام  فالإسلام جعل المرأة ملكة متوجة وبيتها هو مملكتها  وزوجها يأتي لها بالنفقة
أحد المشايخ  يحكي قصة حدثت له بنفسه  عندما كان في أمريكا يقول أوقفت سيارة أجرة وعندما ركبت فوجئت أن سائق السيارة امرأة فدفعني الفضول لأسألها لما تعمل وهذا الشيخ يظهر عليه من ملامحه أنه عربي فقالت عندنا في الغرب المرأة تنفق على نفسها وزوجها ينفق على نفسه أي أن البيت شركة بينهما فهما يعيشان معا في بيت واحد  ولكن يحددون نفقات شهرية معينة كل منهما يدفع نصفها وأحدهما يتولى إدارة هذه النفقات ، حياتهم هكذا لأنهم ليس لديهم دين ينظم هذه الحياة ،،فقل لها الشيخ عندنا في الإسلام المرأة تجلس في بيتها وزوجها يعمل ويأتيها بالمال فتنفق كيف شاءت فقالت له المرأة أنت مجنون لايوجد أحد يفعل ذلك قال لها هذا هو الإسلام فالإسلام هو الذي يأمر الرجال بذلك فقالت له بدافع الفضول أنها تريد أن تطلع على شريعة الإسلام فإن وجدت ذلك فعلا ستعتنق الإسلام فورا فأثبت لها الشيخ ذلك بالأحاديث والأدلة بأن النفقة واجبة على الزوج فأسلمت المراة
فهذه أشياء موجودة عندنا في الإسلام يتعطش لها العالم ويريد أن يطبقها  ولكنه الجهل بهذا الدين  
من هذه الأمور أن الزوج يأخذ حقوقه من زوجته ويعطيها حقوقها  ومن حقوق المرأة النفقة أن ينفق عليها 
فعلى المرأة أن تحذرمن هذا الخلق وتحاول أن تتخلص منه وتعالجه بكل ما يمكن من أساليب تربية النفس وحماية النفس وأن تكثر المرأة من الطاعات حماية لها من هذا الذنب العظيم
الشيئ الثاني المراد من هذا الحديث
أن هذا الخبر للرجال ذكره النبي صلى الله عليه وسلم لهم ليوضح لهم أن هذا الأمر من أخلاق النساء فلا يغضب الرجل من هذا الخلق وهذا الأمر مهم جدا ولابد أن نستنبطه من الحديث وأن هناك فرق بين خلقة الرجل وخلقة المرأة فالرجل مخلوق من طين والمرأة مخلوقة من ضلع أعوج وهو ضلع ضلع آدم عليه السلام وكذلك هناك فرق بين طباع الرجل وطباع المرأة فهناك طباع مشتركة بين جميع النساء وهناك طباع مشتركة بين جميع الرجال وهناك طباع زائدة فوق طبيعة النساء وهناك طباع زائدة فوق طبيعة الرجال فعلى المرأة أن تفهم طبيعة عموم الرجال ثم تفهم الطباع الزائدة عند زوجها والرجل أيضا عليه أن يفهم طبيعة عموم النساء ثم يفهم الطباع الزائدة عند زوجته لكي يستطيع كل منهما أن يسير في هذا الأمر 
فمن طباع النساء التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم أن المرأة تكثر من كفران العشير فالرجل إذا علم ذلك يصبر عليها لأن الله عز وجل خلقها هكذا فيصبر عليها  ولا يرد عليها فهو ربان السفينه وعقله يجعله  من خلال هذه الموجات الصادمة أن يقي السفينة شر الغرق فلابد للرجل وللمرأة أن يفهما ذلك 
وهناك علم لابد من معرفته وفهمه لدى الرجال والنساء وهو عمق نفسية النساء فلابد للرجل أن يفهم نفسية المرأة وكذلك المرأة عليها أن تفهم نفسية الرجل وكيفية التعامل معه ،فالرجل تفكيره عقلاني بحت لا يحب الدخول في تفاصيل الأمور ولا يستطيع الصبر على الروايات التفصيلية الدقيقة للأشياء  فهو يريد فقط أن يأخذ الخطوط العريضة للموضوع والنتائج النهائية فهذه طبيعة الرجل،، أما المرأة فطبيعتها أنها تحب  كثيرا رواية التفاصيل الدقيقة حتى أن الرجل يمل من كثرة الاستطرادات أثناء الحكاية  استطرادات داخل استطرادات فالمرأة تريد أن تحكي موقف  وهذا الموقف ينبسق منه مواقف كثيرة أخرى فإذا أراد أن يصل لنهاية الموقف يكون قد شت ذهنه هذا أن استطاع أن يصل  فرواية تلو رواية تلو رواية يمل الرجل من كثرة كلامها  فهذه هي طبيعة المرأة لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبر كثيرا على حكايات عائشة  لأنها من النساء ،،والمرأة إذا حكى لها زوجها قصة مقتضبة التفاصيل تظن أنه لا يهتم بها فهذه طبيعة المرأة ولو أن الرجل فهم طبيعة المرأة وكذلك المرأة لو فهمت طبيعة الرجل يستطيع كل منهما التعايش مع الآخر وأن هذا ليس خلقا خاصة به بل هو أمرعام الله عز وجل قدره هكذا 
وهناك كتاب يناقش هذا الباب بالتفصيل وهو كتاب مهم جدا ليس له نظير في بابه لأنه يناقش عمق النفسيات بين الرجل والمرأة وهو كتاب(حتى يبقى الحب) للدكتور محمد البدري   
وهو كتاب رائق وممتاز كل من يقرأه يستفيد منه استفادات عظيمة 
وهناك كتب غربية بديله عنه مثل كتاب ( رجال من الزهرة ونساء من المريخ) كتاب غربي مترجم 
ولكن ولله الحمد والمنة هناك كتب عربية مؤلفة ذات إتجاه إسلامي تستدل من الكتاب والسنة مثل كتاب الدكتور محمد البدري (حتى يبقى الحب) المرأة تقرأه والرجل يقرأه  سيفهم الرجل كثيرا من طباع النساء  والتي ربما هو يغفل عنها ويظن أنها من سوء أداء زوجته إليه مثل كفران العشير فهذا الأمر يغضب الرجل عندما يحسن إلى زوجته ثم تقول له أن كل شيئ فعلته ليس له قيمة 
هذا الحديث له بابان الباب الأول باب المرأة والباب الثاني باب الرجل 
وهناك شيئ آخر لابد من فهمه وأخذ الحكم منه 
 ورد في حديث عن ابن عباس (جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق ، إلا أني أخاف الكفر . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم . فردتها عليه ، وأمره ففارقها .)
ثابت بن قيس بن شماس رجل ذو دين وخلق وكذلك امرأته ذات دين ولكن لا تستطيع أن تعيش معه لأن طباعه مختلفة  وفي رواية أخرى (لا أعتب عليه في خلق ولا دين ) 
لذلك ننصح الرجال والنساء إذا أقدموا على الزواج أن يكون المعيار ثلاثي وليس معيار ثنائي  (معيار الدين ومعيار الخلق ومعيار الطبع) والخلق من الدين وخصص في الكلام لأنه أعظم شيئ تقوم به المرأة 
فوائد الحديث
1-جواز إطلاق لفظ الكفر على بعض المعاصي ولا يخرج صاحبها من الملة
فالنبي صلى الله عليه وسلم في سنته قال عن كثير من المعاصي بلفظ الكفر مثل (من ترك الصلاة فقد كفر)والعلماء اختلفوا هل هذا كفر أكبر أم أصغر والجمهور على أنه كفر أصغر 
2- النار مخلوقة موجودة الآن
لأن النبي صلى الله عليه وسلم رآها  ورأى أن أكثر أهلها النساء 
3- مراجعة المتعلم للعالم فيما يشكل عليه
فالصحابة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أيكفرن العشير 
4- العالم يجيب على سؤال المتعلم المستكشف ولا يعنفه ولا يوبخه 
لأن النبي صلى الله عليه وسلم علمهم دون تعنيف 
5- جحد المعروف ونسيان الفضل وإنكارالجميل من أخلاق النساء وليس من أخلاق الرجال 
6- وجوب إحسان العشرة بين الزوجين
7-تحريم كفران العشير
نقف عند هذا الحد


هناك تعليق واحد: