>

الخميس، 17 نوفمبر 2011

العشر الأوائل من ذي الحجة


السلام عليكن ورحمة الله وبركاتة







إنّ الحمد لله نحمده و نستعين به  و نستغفره و نعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا إنّه من يهده الله فلا مضلّ له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله .
أمّا بعد,
اليوم إن شاء الله تعالى سنتكلم عن الأيّام العشرة من ذي الحجة و هي أفضل أيّام الدنيا .

نبدأ أوّلا بمقدمة

وهو أنّ الحجّ من أفضل العبادات و أنّ الله عز و جل فرض على الناس الحج و هو ركن من أركان الإسلام و الحجّ في الحقيقة عبادة خاصة لها أركان و واجبات و سنن و شروط ,كلّ هذه تخصّ الحجّ و الحجّ فيه سرّ عظيم وهو سرّ العبودية.


من حجّ لله عز و جلّ تنفجر في قلبه أسرار كثيرة من أسرار العبودية. هذه الأسرار التي تنفجر في قلبه لا يحس بها إلاّ الحاج فقط ,هو الذي يحس بهذه الأسرار فمهما يبلغ الإنسان و يصف لا يستطيع أن يصفها لأنّها تنفجر في القلوب ,فالإنسان إذا حجّ اختلط بدمه و بلحمه و بكل ذرّة في بدنه هذه المعاني و حبّ العبودية لله عز و جل . إذا سمع التلبية في يوم من الأيام بعد أن حجّ وجد قلبه يشتاق إلى هذا البيت العظيم و قلبه يطير من صدره و يذهب ليقف على عرفات أو يقف في المسعى أو يطوف و كلّ ذلك باشتياق و حب و شوق و ذلك مصداق

قول الله عز و جل وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى " و إذ جعلنا البيت مثابة"

 و المثابة أن يثوب إليه الناس ,يذهبون و يرجعون فإذا رجعوا اشتاقوا إليه فذهبوا و رجعوا و هكذا يثوبون إليه , يذهبون ذهابا و رجوعا , ذهابا و رجوعا , كلّ هذا خاص بالحج.

 الحج عبادة عظيمة , الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة  (رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه) و قال النبي صلى الله عليه و سلم في الرجل الذي يحجّ من حج هذا البيت ، فلم يرفث ، ولم يفسق ، رجع كيوم ولدته أمه

(رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه) ليس له أيّ ذنب أو أيّة معصية ,هذا هو الحج

و لكنّ الله عزّ و جلّ لم يحرم الذين لم يستطيعوا الحج من ثواب آخر عظيم جدا و هو ثواب العشرة من ذي الحجة , أفضل أيام الدنيا .

 الإنسان بين أمرين :إمّا حاجّ فيُغفر له ذنوبه و يرجع كيوم ولدته أمّه أو يبقى و ينال خير أيام الدنيا , العمل الصالح فيها لا يدانيه عمل


 و اليوم إن شاء الله سنتكلم عن الذين قعدوا و لم يحجّوا و عن هذه الأيام العشرة و كيف للمسلم أن يغتنم هذه الأيام و يخرج منها بأعمال صالحة تساوي الحج أو أكثر من الحج

لأنّ النبي صلى الله عليه و سلم قال :" ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه . قالوا : ولا الجهاد ؟ قال : ولا الجهاد ، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله ، فلم يرجع بشيء .

 (رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنه). العبادة في هذه الأيام لا يدانيها و لا يساويها عبادة في أيّ يوم آخر .

أقسم الله عز و جل بهذه الأيام و قال وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ قال ابن عباس و مجاهد و قتادة و الضحاك و عِكرمة : الليالي العشر هي عشر ذي الحجة . وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ أقسم الله عز و جل بالفجر و بالليالي العشر و الفجر صلاة لا يتركها إلاّ منافق

كما قال النبي صلى الله عليه و سلم إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر (أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه) و كذلك الليالي العشر , الله عز و جل أقسم بها و قال ابن عباس وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ يعني عشر ذي الحجة وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ قال عكرمة و الضحّاك الشفع هو عيد الأضحى لأنّه يوم عشرة و الوتر هو يوم عرفة , أقسم الله عز و  جل بهذه الأيام .

 كذلك ذكرها الله عز و جل في كتابه بقوله وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ قال ابن عباس : هذه الأيام هي عشر ذي الحجة و أقسم الله أيضا بيوم عرفة في قوله سبحانه و تعالى :" وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قال عكرمة و الضحّاك " شَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ المشهود هو يوم عرفة فيوم عرفة أقسم الله عز و جل به و له خصائص سنأتي إليها إن شاء الله تعالى .

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:" أفضل أيام الدنيا أيام العشر" (أخرجه الألباني في الصحيح الجامع) يعني عشر ذي الحجة و هناك نزاع شديد بين الفقهاء و هو هل أنّ هذه الأيام أفضل أم أيام العشرة الأخيرة من رمضان, ؟

تلك عشرة و هذه عشرة ,تلك أيام فاضلة و هذه أيام فاضلة . ماهي فضيلة هذه الأيام و فضيلة هذه الأيام؟

 قال بعض الفقهاء أنّ الأيام العشر الأخيرة من رمضان أفضل لأنّ فيها ليلة القدر و هي خير من ألف شهر بنص آيات القرآن  و فيها ليلة قيامها أفضل من قيام كل ليالي الدهر و هي ليلة القدر , الله عز و جل رفع قدرها

و قال الفريق الآخر أيام عشر ذي الحجة فيها يوم عرفة و ما أدراك ما يوم عرفة . يوم عرفة يباهي به الله عز و جل الملائكة و الله عز و جل يعتق فيه الرقاب من النار و الله عز و جل يتنزل عشية عرفة و يباهي الملائكة في هذا اليوم و فيه دعاء مستجاب و في عرفة أخذ الله الميثاق فيوم عرفة أفضل أيام الدنيا بلا استثناء و بعده يوم النحر و بعده أيام التشريق و هذه أيام فاضلة

 فما الحل؟

هذه فيها أيام فاضلة و هذه فيها ليلة فاضلة. جمع بعض العلماء بين القولين و قالوا : هذه تفضل بالليل و هي آخر أيام رمضان و أيام ذي الحجة تفضل بنهارها , فيها يوم عرفة الذي يبدأ من الظهر و ينتهي عند الغروب و ليلة القدر تبدأ من المغرب و تنتهي عند الفجر . هذه الليالي العشرة تفضل عن بقية ليالي العام بليلة القدر و هذه الأيام تفضل بقية العام بيوم عرفة .


لو أنّ الإنسان أدرك هذه العشرين يوما : العشر الأخيرة من رمضان و اجتهد فيها و العشر الولى من ذي الحجة و اجتهد فيها لنال خيرا كثيرا و بركة كبيرة جدا .

قال النبي صلى الله عليه و سلم :" ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من أيام عشر ذي الحجة أو قال هذه الأيام فأكثروا فيهن من التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل" (حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه, قال ابن حجر حديث حسن)

يعني الأيام العشر يستحب فيها ذكر الله عز و جل و الإكثار من هذا الذكر .
عن ابن عباس رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه و سلم قال:" ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء" (أخرجه أبو داود و قال الألباني حديث صحيح).

الجهاد أعظم عبادة على الإطلاق و الفقهاء قالوا أفضل التطوع الجهاد بلا استثناء بين العبادات. الجهاد فيه فتح عظيم , إذا فتح الله عز و جل على المجاهدين دخل الناس في دين الله عز و جل أفواجا .

 تخيّل مثلا مصر , تربو الآن عن الثمانين مليونا و فيها أكثر من سبعين مليون مسلم , كيف دخل الإسلام مصر؟ بالجهاد و لولاه لبقيت مصر كبقية البلاد التي لم تتنور بنور الإسلام

 , الهند و الصين .الصين كانت دولة مسلمة . ألان فيها مليار. لولا أنّ المسلمين تخاذلوا عن نصرة دينهم و توقفوا عن الجهاد و رضخوا لأعداء الله عز و جل و استكانوا  ورضوا بالهوان لما كانت الصين تخرج عن دولة الإسلام و لكان أكثر سكانها مسلمون , مليار شخص في بلاد واحدة , لو كان الجهاد لكان هذا المليار يدخل في دين الله أفواجا. الجهاد من أعظم العبادات لله عز و جل لأنّها تفتح قلوب الناس إلى نور الله عز و جل و تفتح قلوب الناس إلى النور الذي أتى به النبي صلى الله عليه و سلم و مع ذلك
فإنّ النبي صلى الله عليه و سلم يقول أنّ العمل الصالح في هذه الأيام أفضل من الجهاد في سبيل الله إلاّ رجل مجاهد خرج بماله كله و نفسه و قتل في سبيل الله و لم يرجع من ماله شيء. هذا أعظم درجة . أمّا المال فإنّ الله عز و جل قال بأنّ الإنسان شديد الحب للمال وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ الخير يعني المال, وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا وأمّا  النفس ما أعظم قدر النفس عند الشخص و مع ذلك  فهذا الرجل خرج بماله و نفسه , هذين المحبوبين فقدهما في سبيل الله و جل . هذا العمل يساوي العمل في هذه الأيام العشرة , إلاّ رجل خرج بماله و نفسه في سبيل الله فلم يرجع منهما بشيء. العمل الصالح في هذه الأيّام يحتاج حقا إلى جهاد من الشخص حتى يحافظ على هذه الأيّام . كان سعيد بن جبير رضي الله عنه يقول :" لا تطفئوا السرج في هذه الأيّام و استمروا صياما بالنهار و قياما بالليل ".


ما هي الأمثلة من الطاعات التي يمكن للإنسان أن يستغلها في هذه الأيّام العشر؟

أولها و أعظمها هو الصيام
 فعن حفصة رضي الله عنها قالت :"ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يدع صيام عاشوراء و عشر ذي الحجة و ثلاثة أيام من كل شهر"
 (رواه الامام احمد ) يوم عاشوراء يكفّر سنة و عشر ذي الحجة ,يعني تسعة أيّام لأنّ اليوم العاشر هو يوم العيد لا يُصام و لكن نقول عشر ذي الحجة  يعني عشر ليال من ذي الحجة يعني تسعة أيّام , فيها يوم عرفة. يكفّر الله سبحانه و تعالى بهذا اليوم سنتين . هناك حديث آخر عن عائشة تقول :" ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط " (رواه مسلم في صحيحه).
و جمع العلماء بين حفصة و عائشة فقالوا أنّ حفصة زوجة النبي صلى الله عليه و سلم و عائشة زوجة النبي صلى الله عليه و سلم كلاهما ترى أفعال النبي صلى الله عليه و سلم فالولى أثبتت و الثانية نفت فقال العلماء المثبت أولى من النّافي  لأنّ حفصة شهدت و عائشة لم تر و بعض أهل العلم قال : ما رأيت الرسول صلى الله عليه و سلم صائما العشر قط يعني أن يكمل العشر  ,يصوم بعضها , و حفصة قالت كان النبي صلى الله عليه و سلم لا يدع عشر ذي الحجة هذا على التغليب أكثر الأوقات  فصيام هذه الأيام كانت من سنة النبي صلى الله عليه و سلم و هي من العمل الصالح .


يستحب أيضا للمسلم في هذه الأيّام العشر أن يكبّر.

 كان سعيد بن الجبير و مجاهد و عبد الرحمن بن أبي ليلى و كذلك بن عمر و أبو هريرة إذا دخلوا السوق كبّروا فيكبّر الناس بتكبيرهم . خلال هذه الأيام العشر يستحبّ للمسلم أن يكبّر , التكبير دون الصلوات  فهذا تكبير آخر , تكبير مطلق , هذا هو التكبير المطلق. يذكر الله عز و جل بصوت مرتفع . كما أنّ الحاج في عرفة يلبّي بصوت مرتفع و يعجّ بصوته و يقول لبّيك اللهم لبّيك كذلك المسلم الذي تخلّف و لم يستطع الحج يعجّ بصوته و يقول " الله أكبر الله أكبرالله أكبر  لا إله إلاّ الله الله أكبر الله أكبر و لله الحمد " كان الصحابة يسيرون في الطرقات و يرفعون أصواتهم و يقولون ذلك و الناس تفعل ذلك فيمكن للمسلم أو للأخت أن تسمع في بيتها شريطا عن التكبير دائما في هذه الأيّام و كذلك أصحاب المحلات يضعون الأبواق و نسمع التكبير في الطرقات . أمر عظيم , شعيرة من شعائر الله عزّ و جلّ يضع الله عز و جل بها البركة فيستمع الناس في هذه الأيام إلى التكبير . هناك أيضا تكبير آخر اسمه تكبير مقيّد و هذا التكبير مختص بالصلوات الخمس . عندما تنتهي الأخت من صلاتها تكبّر بعد كلّ صلاة ثلاث مرّات " الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلاّ الله الله أكبر الله أكبر الله أكبر و لله الحمد" . بعد كل صلاة , الأخت تكبّر و هذا يسمّى التكبير المقيّد لكن هذا يكون في وقت محدد و هو من فجر يوم عرفة إلى آخر أيّام التشريق يعني من أوّل فجر يوم عرفة إلى غاية صلاة العصر من رابع أيّام العيد  و هي أخر صلاة يكبّر فيها المسلم في هذه الأيام . بعد أن ينتهي من صلاة عصر آخر أياّم من أيّام التشريق الذي هو الثالث عشر من ذي الحجة تنتهي الأخت من التكبير المقيّد .

أيضا في هذه الأيّام يوم عرفة و نقف وقفة قليلة مع يوم عرفة, أفضل أيّام الدنيا .
قال النبي صلى الله عليه و سلم :" خير الدعاء دعاء يوم عرفة" (أخرجه الالباني في صحيح الترغيب و الترهيب و قال حسن لغيره) و قال النبي صلى الله عليه و سلم :" صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده" ( أخرجه ابن ماجه من حديث أبي قتادة رضي الله عنه و قال الالباني صحيح) و هذا لغير الحاج و أمّا الذي يحجّ  لا يسنّ له صيام يوم عرفة لأنّ النبي صلى الله عليه و سلم كان يوم عرفة مفطرا حتى يستطيع أن يجتهد في الدعاء في هذا اليوم . قال النبي صلى الله عليه و سلم :" ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار ، من يوم عرفة . وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة . فيقول : ما أراد هؤلاء " ( أخرجه الإمام مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها) فالله عز و جل يعتق في هذا اليوم عبادا كثيرا ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار ، من يوم عرفة و ذلك لمن يجتهد في صيامه و يقبل على الله بقلبه و يدعو و يكثر من الدعاء و يسأل الله عز و جل أن يكون من عتقاء هذا اليوم فيا سعده من نال هذا المنال و يا سعده من كتب عند الله من المعتقين في هذا اليوم . و أيضا في هذا اليوم يباهي الله بهم أهل السماء فيقول لأهل السماء ما أراد هؤلاء و حديث " إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء ، فيقول لهم : انظروا إلى عبادي جاءوني شعثا غبرا ." (صححه الاباني في الترغيب و الترهيب و هو من حديث ابي هريرة رضي الله عنه) .

أيضا في هذا اليوم أخذ الله الميثاق على بني آدم ,

 قال الله عز و جل :" وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ "

فقال النبي صلى الله عليه و سلم :" إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان ( يوم عرفة )، و أخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر(كالنمل) ، ثم كلمهم قُبلا قال : { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ } (الالباني في الصحيح الجامع من حديث ابن عباس رضي الله عنه) .

 هذا هو الميثاق الأول الذي اخذه الله عز و جل على بني آدم . بعدما خلق الله آدم مسح على ظهر آدم فأخرج كلّ نسمة هي كائنة إلى يوم القيامة و كلّمهم قُبلا و قال لهم لكلّ نسمة –نسمة يعني كلّ كائن من بني آدم مخلوق إلى يوم القيامة- كلّ هذه الذريّة أخرجهم من ظهر آدم كالذرّ  , كالنمل, فقال الله عز و جل لهم قُبُلا , يعني كلّمهم , أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ كلّم  البشرية , و كان هذا على عرفة , في عرفة أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ فقال الناس كلهم   بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ  يعني لألاّ تقولوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ حينما يذكّرهم الله عز و جلّ بهذا الميثاق يقولون كنّا عن هذا غافلين أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ قلّدنا آباءنا ما نحن إلاّ ذريّة ما فعلنا إلاّ ما أمرنا به آباؤنا بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ . فهو يوم عظيم .
في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنّ النبي صلى الله عليه و سلم قال :" ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار ، من يوم عرفة . وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة . فيقول : ما أراد هؤلاء " قال ابن عبد البَر : هذا يدلّ على أنّه مغفور لهم لأنّ الله عز و جل لا يباهي إلاّ بعد التوبة من الذنوب . لفتة قالها ابن عبد البر .

الدعاء يوم عرفة أيضا مقبول

فإنّ النبي صلى الله عليه و سلم قال :" خير الدعاء يوم عرفة"




( أخرجه الألباني من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما في الصحيح الجامع و قال حسن) .





يستحبّ للمسلم أيضا في هذا اليوم أن يضحّي .

 قال النبي صلى الله عليه و سلم :" من أراد أن يضحي ، فلا يقلم من أظافره ، و لا يحلق شيئا من شعره ، في عشر الأول من ذي الحجة" (أخرجه النسائي من حديث أم سلمة رضي الله عنها , قال الالباني صحيح)  .

الأضحية سنة ليست واجبة

و هي ما تذبح من بهيمة الأنعام أيّام العيد .

آخر وقت للأضحية
هو آخر أيّام التشريق يعني وقت المغرب من اليوم الثالث عشر .


يُشترط أيضا في الأضحية

 أن تكون من بهيمة الأنعام يعني من بقر أو إبل أو ضأن يعني من الغنم

أقلّ ما يُجزئ منها

 في الإبل خمس سنوات و في البقر سنتين و في الضأن ستة أشهر و في المعز سنة

 و قال النبي صلى الله عليه و سلم " لا تذبحوا إلا مسنة . إلا أن يعسر عليكم ، فتذبحوا جذعة من الضأن" (رواه مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه ) جَذَعَة يعني عندها ستة أشهر ,مسنة يعني عندها سنة

 و لا يكون فيها من العيوب : العور البيّن و المرض البيّن و الهزال الشديد و

يُستحبّ أن يضحّي بعد الصلاة

, قبل الصلاة لن تجزئه إنّما لا بدّ أن تكون بعد الصلاة . قال النبي صلى الله عليه و سلم " من ذبح قبل أن يصلي فليذبح أخرى مكانها ، ومن لم يذبح فليذبح باسم الله ." (رواه البخاري من حديث جندب بن عبد الله رضي الله عنه ) .


يوم العيد


قال النبي صلى الله عليه و سلم :" إنّ أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر ثمّ يوم القرّ  " (أخرجه أيبو داود من حديث عبد الله بن قرط الازدي , صححه الالباني)  يوم القرّ هو أوّل أيّام التشريق و يسمّى قرّ لأنّ المسلم يستقر فيه في منى و لا يخرج . أعظم أيّام الدنيا عند الله عز و جل هو يوم النحر .

من الآداب أيضا هو أنّه يحرم صيام يوم العيد و يحرم صيام أيّام التشريق .

 هناك خمسة أيّام في السنة لا يجوز لمسلم أن يصومها و هي عيد الأضحى و عيد الفطر و ايام التشريق الثلاث .

صلاة العيد

يستحب للمسلم أن يبكّر إلى  صلاة العيد  لقول النبي صلى الله عليه و سلم في يوم النحر " إنّ أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي" أخرجه البخاري في صحيحه من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه  و يلبس أحسن الثياب بدون إسراف و يذهب إلى المصلّى و أمّا المرأة فيُشرع لها الخروج إلى مصلى العيد بدون تبرج و لا تطيب

قال أمّ عطية و الحديث عند البخاري:" أمرنا أن نخرج العواتق وذوات الخدور . وعن أيوب ، عن حفصة بنحوه ، وزاد في حديث حفصة : قال ، أو قالت : العواتق وذوات الخدور ، ويعتزل الحيض المصلى"

 و يستحب الصلاة في مصلى العيد لفعل النبي صلى الله عليه و سلم و لا يصلي شيئا قبل العيد و لا بعده , ليست لها سنة قبلية و لا بعديّة .
بعد صلاة العيد يستحب للمسلم أن يرجع من طريق آخر غير الذي ذهب منه و يستحب له أن يذبح أضحيته بيده و يستحبّ له أن يوسّع على نفسه و على عياله في هذا اليوم و أن يفرّج عن نفسه دون أن يأتي بما يُغضب الله عز و جل .

 بعض الناس في العيد تسمع الأغاني بصوت عال جدا و بعضهم في المحلات يضعون الأغاني و هل هذه هي الأعمال الصالحة التي نتقرب إلى الله عز و جل بها؟! أمر عجيب.
بهذا تنتهي أيام العيد و هذه الأيام الفاضلة و ينبغي للمسلم أن يغتنم هذه الأيام فإنّ الأيام الفاضلة كسحابة صيف السعيد فيها من ملئ وعاءه بالماء لأنّه يتزود به إلى أيام أخر . هذه نصيحة لنفسي و للأخوات أن يغتنمن هذه الأيام.


أخيرا هذه الأيام فاضلة في نفسها و العمل الصالح فيها أفضل من غيرها .

الأيام الفاضلة نوعان :-
أيام فاضلة في نفسها فقط دون العمل الصالح
و أيام فاضلة في نفسها و العمل الصالح فيها أفضل من غيرها

كرمضان و العشر الأخيرة من رمضان و العشر الأول من ذي الحجة , هذه أيام فاضلة في نفسها و العمل الصالح فيها أيضا فاضل .

 هناك أيام أخرى فاضلة و لم يثبت أن العمل الصالح فيها أفضل من غيرها كليلة النصف من شعبان لها فضل فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه و سلم ذكر لها فضلا و هو أنّ الأعمال ترفع فيها و لم يثبت أنّ فيها عملا فاضلا , لم يُذكر عن النبي صلى الله عليه و سلم أنّه كان يجتهد في هذه الليلة و يصلّي هذه الصلوات المخترعة التي اخترعها بعض الصوفية و غيرهم في هذا اليوم فالنبي صلى الله عليه و سلم لم يثبت عنه فعل فيها أكثر من غيرها فالعلماء قالوا أنّ هذه الأيام فاضلة في نفسها فقط دون غيرها. أمّا الأيام العشر فهي فاضلة في نفسها و العمل الصالح فيها أيضا فاضل .
سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا اله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق